أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
2881
التاريخ: 3-03-2015
1242
التاريخ: 3-03-2015
18663
التاريخ: 3-03-2015
14495
|
قال صاحب الكتاب (وتأنيث الجمع ليس بحقيقي ولذلك اتسع فيما أسند إليه إلحاق العلامة وتركها ، تقول فعل الرجال ، والمسلمات والأيام فعلت).
ص191
قال الشارح : قد تقدم القول إن الجمع يكسب الاسم تأنيثاً لأنه يصير في معنى الجماعة، وذلك التأنيث ليس بحقيقي لأنه تأنيث الاسم لا تأنيث المعنى ، فهو بمنزلة الدار والنعل ونحوهما ، فلذلك إذا أسند إليه فعل جاز في فعله التذكير والتأنيث ، فالتأنيث لما ذكرناه من إرادة الجماعة والتذكير على إرادة الجمع ولا اعتبار بتأنيث واحده أو تذكيره ، ألا تراك تقول : قامت الرجال ، وقام النساء ، فتؤنث فعل الرجال مع أن الواحد منه مذكر وهو رجل ، وتذكر فعل النساء مع أن الواحد امرأة ، قال الله تعالى (قالت الأعراب)(1) (وقال نسوة)(2) ولا فرق بين العقلاء وغيرهم ؛ فالرجال والأيام في ذلك سواء ، لأن التأنيث للاسم لا للمسمى .
والكوفيون يزعمون ان التذكير للكثرة والتأنيث للقلة ، ويؤيد عندك أن تأنيث الجمع ليس بحقيقي أنك لو سميت رجلاً كلاباً أو كعاباً أو فلوساً أو عنوقاً(3) لصرفته ، ولو كان تأنيثه حقيقياً لكان حكمه حكم عقرب ـ إذا سمي به ـ وسعاد في الصرف .
والجمع على ضربين ؛ مكسر وصحيح ، واعلم أن الجموع تختلف في ذلك ، فما كان من الجمع مكسراً فأنت مخير في تذكير فعله وتأنيثه نحو " قام الرجال " من غير ترجيح ، لأن لفظ الواحد قد زال بالتكسير وصارت المعاملة مع لفظ الجمع ، فإن قدرته بالجمع ذكرته إن قدرته
ص192
بالجماعة أنثته ، قال الشاعر.(4)
أخذ العذارى عقدها فنظمنه
وقال الراجز : (5)
إذا الرجال ولدت أولادها واضطرت من كبر اعضادها
وجعلت أوصابها تعتادها فهي زروع قد دنا حصادُها
وما كان منه مجموعاً جمع السلامة فما كان منه لمؤنث نحو المسلمات والهندات كان الوجه تأنيث الفعل ،وإن كان الجمع للمذكرين بالواو والنون فالوجه تذكير الفعل فيه نحو قام الزيدون ، وإنما كان الوجه فيما كان مؤنثاً تأنيث الفعل لرجحان التأنيث فيه على التذكير ، وذلك أن التأنيث فيه من وجهين ؛ من جهة أن الواحد مؤنث وهو باق على صيغته وهو مع ذلك مقدر بالجماعة ، والتذكير من جهة واحدة وهو تقديره بالجمع.
وجمع المذكر بالعكس التذكير فيه من جهتين؛ من جهة أن الواحد باق وهو مذكر ، والثاني أنه مقدر بالجمع وهو مذكر ، والتأنيث من جهة واحدة وهو تقديره بالجماعة فرجح على التأنيث وقد ذكر بعضهم الأول وهو قليل ، قرأ حمزة والكسائي وابن عامر (قبل أن ينفد
ص193
كلمات ربي )(6) بالياء ، وقال الشاعر :(7)
وقام اليّ العاذلاتُ يلمسني يقلن ألا تنفك ترحلُ مرحلا
وقد أنث بعضهم الثاني وهو من قبيل الضرورة ، قال الشاعر:(8)
قالت بنو عامرٍ خالو بني أسدٍ يا بؤس للحرب ضراراً لاقوام
قال صاحب الكتاب (وأما ضميره فتقول في الإسناد إليه : الرجال فعلت وفعلوا ، والمسلمات فعلت وفعلن ، وكذلك الأيام ، قال :
وإذ العذارى بالدخان تقنعت واستعجلت نصب القدور فملتِ
قال الشارح : قوله " وأما ضميره " يريد ضمير الجمع ، فإذا أسند الى ضمير الجمع فلا يخلو الجمع من أن يكون مكسراً أو غير مكسر ، فإن كان مكسراً وكان المذكر ممن يعقل نحو الرجال والغلمان كان لك فيه وجهان : أحدهما أن تلحقه تاء التأنيث نحو الرجال قامت فتؤنثه وتفرده لأنه يرجع الى تقدير الجماعة وهي حقيقة واحدة مؤنثة ، ويجوز
ص194
أن يرجع الى اللفظ وهو جمع مذكر عاقل فتظهر علامة ضميره بالواو نحو الرجال قاموا لأن الواو للمذكر ممن يعقل ، فأما قوله : (9)
شربتُ بها والديكُ يدعو صباحه إذا بنو نعش دنوا فتصوبوا
دنون لأنه جمع لما لا يعقل ، إلا أنه أجراها مجرى من يعقل إذ كان دورها يجري على تقدير لا يختلف وصار كقصد العاقل لشيء يعلمه فجمعها بالواو والنون فقال بنو نعش ولم يقل بنات نعش ، فإذن عاد فجمعها بالواو والنون فقال بنو نعش ولم يقل بنات نعش ، فإذن عاد الضمير بالواو على حد جمعه إياه ، ومثله قوله تعالى (قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم )(10) لما أخر عنهن بالخطاب الذي يختص بمن يعقل جمعها بالواو المختصة بمن يعقل .
وإن كان المُسكر لغير أولي العقل نحو الأيام والحُمر فلك فيه وجهان :
أحدهما أن تلحق الفعل التاء فتقول (الأيام فعلتْ) على تقدير جماعة الأيام ، وإن شئت قلت (فعلن) لأن الأيام مما لا يعقل فجمعه
ص195
وضمير جمعه كالمؤنث وإن كان مذكراً نحو " ثيابك مزقن وجمالك اقبلن " قال الشاعر: (11)
وإن تكن الأيام فرقن بيننا فقد بان محمودٌ أخي يوم ودعا
والذي يؤيد عندك ان ما لا يعقل يجري عندهم مجرى المؤنث انك اذا صغرت نحو جمال ودراهم فإنك ترده الى الواحد ثم تجمعه بالألف والتاء كالمؤنث فتقول في تصغير جمال ودرهم جميلا ودريهمات .
والمؤنث السالم نحو الهندات ، تقول " الهندات قامت " على معنى الجماعة وقمن على اللفظ ، وكذلك مكره نحو الهنود قامت وقمن إن شئت . فأما قول الشاعر : وإذا العذارى ... الخ (12) ـ البيت لسلمى بن
ص196
ربيعة الضبي والشاهد فيه قوله تقنعت وملت حيث كان عائدا الى العذارى والعذارى جمع عذراء وهي البكر . يصف إكرام أهله الضيوف وأنه لفرط إكرامهم تباشر الصبيات الأبكار ما يباشره الآباء .
وأما الجمع المذكر السالم فمضمره بالواو نحو " الزيدون قاموا " لا غير .
قال صاحب الكتاب (وعن أبي عثمان : العرب تقول الأجذاع انكسرن لأدني عدد ، والجذوع انكسرت ، ويقال لخمس خلون ولخمس عشرة خلت ، وما ذاك بضربة لازب).
قال الشارح : اعلم أن هذا الشيء قد استعمله العرب استحساناً للفرق بين القليل والكثير، فيقولون : الأجذاع انكسرن والجذوع انكسرت ، فيؤنثون الكثير بالتاء والقليل بالنون ، ومنه قولهم في التاريخ " لخمس خلون وأربع بقين " و " ولخمس عشرة خلت ، ولثلاث عشرة بفيت " ، وقد قيل في تعليل ذلك أقوال ، أقربها ما ذهب إليه الجرجاني وهو أن التأنيث فيها لمعنى الجماعة والكثرة أذهب في معنى الجمعية من القلة ، والتاء حرف مختص بالتأنيث فجعلت علامة فيما كان أذهب في الجمعية ، والنون فيما هو أقل حظاً في الجمعية ، لأن النون لا ترد للتأنيث خصوصاً وإنما ترد على ذوات صفتها التأنيث . والذي عندي في ذلك أن بناء القلة قد جرى عليه كثير من أحكام الواحد ، من ذلك جواز تصغيرها على ألفاظها من نحو أجيمال وأثياب ومنها وجواز وصف المفرد من نحو : بُرمة أكسار(13) وثوب اسمال ، ومنها عود الضمير
ص197
اليه مفرداً من قوله تعالى (وان لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه) (14) فلما غلبت على القلة أحكام المفرد عبروا عنها في التأنيث بالنون المختصة بالجمع لئلا يتوهم فيها الإفراد ، وقوله "وما ذاك بضربة لازب " يريد بأمر ثابت يلزمك أن تأتي به بل أنت مخير ان اتيت به فحسن وان لم تأت به فعربي جيد ، وهو من قولهم لزب الشيء يلزب لزوباً اذا ثبت ، ولازب أفصح من لازم .
ص198
_________________________
(1) الحجرات 14 والشاهد في الآية تأنيث الفعل (قالت) مع الفاعل المذكر لأنه جمع تكسير ، وجمع التكسير قد يفيد التأنيث باعتبار أنه جماعة .
(2) يوسف 30 والشاهد تذكير الفعل (قال) مع الفاعل المؤنث (نسوة) لأنه جمع تكسير، والجمع يمكن أن يكون مذكرا باعتباره يدل على لفظة (جمع) .
(3) فُلُوس جمع فَلْس وهو مذكر ، وعنوق جمع عناق وهي الأنثى من المعز .
(4) الشاهد فيه قوله (أخذ العذارى) فلم يؤنث الفعل رغم إسناده الى ما هو مؤنث ، والذي سوغ ذلك أن الفاعل جمع تكسير ، وجمع التكسير يمكن اعتباره مذكراً على أنه يدل على لفظة (جمع) .
(5) في البيتين أكثر من شاهد على تأنيث الفعل مع الفاعل إن كان جمع تكسير رغم أن مفرده مذكر وذلك باعتباره يدل على لفظه (جماعة) . وهذه المواضع هي :
ولدت أولادها ـ اضطربت أعضادها ـ جعلت أوصابها .
(6) الكهف 109 ، والقراءة الغاشية (تنفد) . والشاهد في القراءة المروية من حمزة والكسائي وابن عامر أنه يجوز تذكير الفعل مع الفاعل إن كان جمع مؤنث سالما باعتباره دالا على لفظه (جمع).
(7) الشاهد في البيت قوله : وقام إلي العاذلات . حيث جعل الفعل مذكراً مع الفاء الذي هو جمع مؤنث سالم ، وذلك على أنه يدل على لفظه (جمع) .
(8) موضع الشاهد قوله (قالت بنو عامر) فأنث الفعل رغم أن الفاعل ملحق بجمع المذكر السالم ، والمفروض أن جمع المذكر السالم أرجح في دلالته على التذكير منه في دلالته على التأنيث ، ولذلك قرر ابن يعيش أن تذكير هذا الفعل إنما هو من قبيل الضرورة .
(9) بنو نعش أصلها : بنات نعش وهي سبعة كواكب ، المفرد منا ابن نعش لأن الكوكب مذكر . وقال الأزهري : الشاعر إذا اضطر أن يقول : بنو نعش . ، موضع الشاهد قوله : إذا ما بنو نعش دنوا . الفعل (دنا) مسند الى ضمير عائد على جمع ، صحيح أنه جمع مذكر سالم ، لكنه لا يدل على عاقل ، ومن ثم كان المفروض أن يقول، دنت أو دنون لكنه لا يدل على عاقل ، ومن فعل ذلك لأنه رأى غير العاقل يصدر عنه ما يصدر عن العقلاء .
وشربت بها : الباء حرف جر زائد ، والتقدير : شربتها .
(10) سبقت الإشارة الى الشاهد في الآية الكريمة .
(11) موضع الشاهد قول : وإن تكن الأيام فرقن .
فأسند الفعل (فرق) الى نون النسوة وهي ضمير عائد على الأيام ، مع أن الأيام مفردة مذكر (يوم) فدل ذلك على أن الجمع غير العاقل في حكم المؤنث ، وكذلك الضمير الراجع إليه .
(12) هذا هو البيت الذي أورده الزمخشري :
واذا العذارى بالدخان تقنعت واستعجلت ، وملت .
فألحق بالأفعال تاء التأنيث وجعل الفاعل فيها الضمير المستتر (هي) . وهذا دليل على ان جمع المؤنث السالم أو تكسيره يمكن أن يسند الفعل بعده الى النون او الى الضمير المستتر . فنقول : تقنعن وتقنعت . واستعجلن واستعجلت . ومللن وملت .
وملت من قولهم : مللت الخبز واللحم اذا جعلته على الملة وهي الرماد الحار او الجمر يخبز او يطبخ فيه او عليه .
(13) البرمة : القدر ، وبرمة اكسار : عظيمة موصلة لكبرها أو قدمها ، كأنهم جعلوا كل جزء منها كسراً ثم جمعوه .
(14) النحل 66 والشاهد في الآية الكريمة عود الضمير المفرد المذكر في (بطونه) على (الأنعام) وهو جمع قلة ، فدل على أن جمع القلة يعامل معاملة المفرد .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|