المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

جغرافية بلاد العرب
22-1-2017
اشتراط الإسلام في وجوب القضاء.
19-1-2016
التحول Metamorphosis
7-2-2016
الشيخ احمد المنجم بن الشيخ محمد حسن المنجم
21-9-2020
قاعدة « الأقرب يمنع الأبعد‌ »
21-9-2016
العنصر الموضوعي لليقين القضائي
2023-05-24


محمد بن البعيث  
  
2437   04:06 مساءً   التاريخ: 20-6-2019
المؤلف : د .شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : تاريخ الأدب العربي ـالعصر العباسي الثاني
الجزء والصفحة : ص: 407ـ409
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-06-2015 2585
التاريخ: 26-06-2015 2607
التاريخ: 13-08-2015 9872
التاريخ: 27-1-2016 2867

 

محمد (1) بن البعيث

من فتيان بني أسد نزلت عشيرته في أذربيجان، واشتهر أبوه بأنه كان من الفتّاك الصعاليك، واستطاع محمد أن يمتلك في تلك الديار قلعتين: قلعة تسمى شاهي وأخرى تسمى بكدر، وكانت شاهي أشد مناعة فكان يقيم فيها كثيرا.

واشتهر أمره في عصر المعتصم وحروب بابك، فإنه كان يحاول أن يكون محايدا بين الطرفين المتخاصمين، فإذا نزلت سرايا أحدهما أضافها وأحسن الضيافة، وهو في أثناء ذلك يراوغ، وقد ينقل للجيش العباسي وقواده أخبار بابك، وقد ينقل إلى بابك

ص407

أخبار الجيش العباسي. وكان هواه مع العباسيين، غير أن وقوفه متفرجا دون أن يقحم نفسه في تلك الحروب وينصر العباسيين جعل إسحق بن إبراهيم المصعبي أحد قواد المعتصم يقبض عليه ويلقي به في غياهب السجون. ويتوسط له بعض القُواد، فيفرج عنه، على ألا يبرح سامرّاء حتى إذا كانت سنة 234 لعصر المتوكل هرب إلى دياره وحصونه فيها، واختار حصن مرند، فجمع فيه عدده وأسلحته وأنصاره وزادهم، ورمّ ما كان وهي من سورها، وكان في داخلها وخارجها بساتين، تدور من حولها أشجار كثيرة. ووجّه إليه المتوكل بعض الجيوش فلم تستطع أن تصل إليه، ثم وجّه إليه بغا الشرابي، فزحف إلى الحصن وقطع ما حوله من الشجر نحوا من مائة ألف شجرة، ونصب عليه المجانيق، ويئس ابن البعيث من مطاولة الحصار، ففرّ على وجهه وهو ينشد:

كم قد قضيت أمورا كان أهملها … غيري وقد أخذ الإبلاس بالكظم (2)

لا تعذليني فيما ليس ينفعني … إليك عنى جرى المقدار بالقلم

سأتلف المال في عسر وفي يسر … إن الجواد الذي يعطى على العدم

وتبعه نفر من الجيش العباسي، فلحقوه، وهو راكب دابة متقلد سيفا يريد أن يصير إلى نهر عليه رحى ليستخفي في الرّحى، وأخذوه أسيرا ذليلا، وانتهب الجند داره ودور أصحابه وبعض دور المدينة، ونادى مناد بالامتناع عن النهب. وأتى بابن البعيث إلى المتوكل، فأمر بضرب عنقه، فطرح على نطع، وجاء السّيّافون فلوّحوا له بسيوفهم، وقال له المتوكل حانقا غاضبا: ما دعا يا محمد إلى ما صنعت؟ فأجابه: الشقوة وأنت الحبل الممدود بين الله وبين خلقه، وإنّ لي فيك لظنّين أسبقهما إلى قلبي أولاهما بك، وهو العفو، ثم اندفع ينشده:

أبى الناس إلا أنك اليوم قاتلي … إمام الهدى والصّفح بالحرّ أجمل

وهل أنا إلا جبلة من خطيئة … وعفوك من نور النبوة يجبل (3)

تضاءل ذنبي عند عفوك قلّة … فمنّ بعفو منك والعفو أفضل

فإنك خير السابقين إلى العلا … ولا شك أن خير الفعالين تفعل

ص408

فقال المتوكل: أفعل خيرهما وأمنّ عليك، ارجع إلى منزلك، وخفّف عنه الحكم من الإعدام إلى الحبس وظل فيه حتى وافاه الموت. وفي الطبري أنه كما كان ينظم بالعربية بعض أشعار له كان ينظم بالفارسية أشعارا أخرى. وكان جوادا ممدّحا طالما قصده الشعراء بمدحهم، وأجزل لهم في عطائه، وممن ذكر منهم المرزباني في معجمه يحيى (4) بن أحمد من أهل مدينة الرّحبة في الموصل، وفيه يقول: «كان في ناحية محمد بن البعيث، ومدحه مدحا كثيرا» منه قصيدة أولها:

لا زال محسودا على أفعاله … وحسوده في الناس غير محسّد

شطراه بين معاقب أو غافر … أو عائد متفضّل أو مبتدى

شفعا ووترا كلّ ذاك فعاله … كالدهر إلا أنه لا يعتدى

فالناس تحت لوائه من راغب … أو راهب أو رائح أو مغتدى

وكان ابن البعيث يستخدم يحيى في الدعاية له، وهو يصوره فارسا رائحا غاديا على أعدائه، والناس بين راهب من بطشه وراغب في كرمه الفياض، وتارة يعاقب أعداءه عقابا أليما، وتارة يعفو عفوا رحيما، ويدعو له أن يظل محسودا متسنما لذروة المجد الرفيعة. ومن قوله فيه:

متى ألق من آل البعيث محمّدا … أحلّ رياضا للعلا بمحمّد

وتضحك أم البشر عني بنيله … فأرجع محسودا بنيل محسّد

ويبدو أن ابن البعيث كان شخصية ممتازة، فهو جواد، وهو شجاع من أهل البأس والفتوة، وهو أديب يحسن العربية والفارسية. وبلغ من ثبات جأشه وجنانه أن أنشد المتوكل الأبيات السالفة وهو على النطع والسيّاف شاهر سيفه يريد أن ينقضّ عليه وأن يحزّ رأسه ويزهق روحه، وشرر الغضب يتطاير من عيني المتوكل وقد انتفخت أوداجه. وكأن ذلك كله لم يملأ نفسه خوفا ولا هلعا، فظل رابط الجأش مجتمع القلب، لا تخونه الكلمة في اللحظة الحرجة، بل لا يخونه البيت

ص409

الذى يستلّ الغضب من نفس المتوكل. وقد بلغ منه مبلغا خطيرا، حتى أوشك أن يقضى عليه قضاء مبرما. وهي قدرة نفسية كانت تمتزج بقدرته البيانية.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر في ثورة محمد بن البعيث وأخباره الطبري 9/ 25، 27، 164، 165، 170، 171 ومروج الذهب 4/ 41 ومعجم الشعراء ص 385.

(2) الكظم: مخرج النفس من الحاق. الإبلاس: انقطاع الحجة.

(3) الحبلة: الخلقة والطبيعة.

(4) انظر في ترجمته وأشعاره معجم الشعراء ص 491.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.