أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
1636
التاريخ: 13-02-2015
1590
التاريخ: 2023-07-25
1042
التاريخ: 8-4-2016
3181
|
لا شكّ أنّ لفظة السلام ممّا تلتذّ بسماعها الاذان ، وتهوى إلى حقيقتها الأفئدة والقلوب ، ولذلك تتستّر ورائها الدول الكبرى لتضليل الشعوب.
وقد أصبح ( السلام العالمي ) اليوم أكبر مشكلة في المجال الدوليّ حيث تتبارى القوى العظمى في تسليح نفسها بأخطر الأسلحة ، وأفتكها. ولذلك تجري محاولات كبيرة وجهود جبّارة للحفاظ على السلام العالميّ وإقامته ، ومن هذا الباب عقدت مؤتمرات نزع السلاح ، والحدّ من صنع ( الأسلحة النووية ) وانتشارها ، ولكن هل تُرى استطاعت البشريّة أن تحقّق أيّة خطوات إيجابيّة في هذا المجال أو أخفقت ؟ إنّ الوقائع الدامية في أرجاء العالم هي التي تجيب عن هذا السؤال. نعم لقد استطاع الإسلام بما وضع من اُسس وقواعد إنسانيّة أن يحقّق أمل البشريّة في السلام.
ويكفي دلالة على عناية الإسلام بالسلام اشتقاق اسمه من السلم قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } ( البقرة : 208).
ثمّ هو يدعو إلى الصلح والمسالمة إذا جنح العدو لذلك ، قال سبحانه : { وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا } ( الأنفال : 61).
وهو يدعو إلى اقرار السلام حتّى في المحيط العائلي لأنّه مقدّمة لإقرار الصلح في المحيط الاجتماعيّ ، قال : { وَالصُّلْحُ خَيْرٌ } ( النساء : 128).
ثمّ هو يعتبر جميع المؤمنين والمؤمنات اخوة فإذا حدث بينهم نزاع أوجب على المسلمين المبادرة إلى المصالحة بين المتنازعين ، فقال : { إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ } ( الحجرات : 10).
وإذا ما حدث نزاع واقتتال بين طائفتين من المسلمين أمر بإصلاح أمرهم ودعا إلى الضرب على أيدي الباغي منهما فقال : { وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ } ( الحجرات : 9).
وقد شاء الإسلام كلّ ذلك وأراده حفاظاً على السلام والتعايش السلميّ ، بحيث يأمل الإسلام في أن تحصل المودّة حتّى بين المؤمنين ومن يعادونهم ويخالفونهم في العقيدة ، قال سبحانه : { عَسَى اللهُ أَن يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُم مِّنْهُم مَّوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( المممتحنة : 7) .
وبالتالي فإنّ الإسلام يدعو إلى اقرار السلام في جميع أرجاء الحياة البشريّة.
وقد سار النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) على هذا النهج الإنسانيّ ، فقد فعل ـ عند فتح مكّة ـ ما يكون اُسوة حسنة بعده للحكومات الإسلاميّة حال الفتح فقد أعطى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) رايته ـ يوم فتح مكّة ـ سعد بن عبادة ، وهو أمام الكتيبة فلمّا مرّ سعد براية النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) على أبي سفيان نادى : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحلّ (1) الحرمة اليوم أذلّ الله قريشاً.
فأقبل رسول الله حتّى إذا حاذى أبا سفيان ناداه :
يا رسول الله أمرت بقتل قومك ، زعم سعد ومن معه حينما مرّ بنا فقال : يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحلّ الحرمة اليوم أذلّ الله قريشاً وإنّي أنشدك الله في قومك ، فأنت أبرّ الناس وأرحم الناس وأوصل الناس.
قال عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان : ما نأمن سعداً أن يكون منه في قريش صولة ، فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « اليومُ يومُ المرحمة اليومُ أعزّ الله فيه قُريشاً ».
[ قال ] : وأرسل رسول الله إلى سعد فعزله ، وجعل اللواء إلى قيس بن سعد (2)
وأقدم دليل على توخّي الإسلام للتعايش السلميّ ، والسعي إليه بكلّ وسيلة ممكنة ما دام الخصم لا يريد العدوان ، تلك الوثيقة المعروفة التي وقّعها الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) مع قريش في ( الحديبيّة ) ، فإنّ فيها مواداً تدلّ على مدى اهتمام الإسلام بقضيّة السلام ، والتعايش السلميّ ومدى سعيه لإقراره ما أمكنه ، فإنّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) لمّا أراد أن يكتب وثيقة الصلح بينه وبين أهل مكّة ، دعا (صلى الله عليه واله وسلم) عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقال : « اكتُب بسم الله الرّحمن الرّحيم ».
فقال سهيل : لا أعرف هذا ولكن اكتب : باسمك اللّهمّ.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « اكتُب باسمك اللّهُمّ » فكتبها.
ثمّ قال : « اكتُب هذا ما صالح عليه مُحمّد رسولُ الله سُهيل بن عمرو ».
فقال سهيل : لو شهدت أنّك رسول الله لم اقاتلك ، ولكن اكتب : اسمك واسم أبيك.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « اكتب هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، اصطلحا على وضع الحرب عن النّاس عشر سنين يأمن فيهنّ النّاس ويكفّ بعضهم عن بعض على أنّه من أتى محمّداً من قريش بغير إذن وليّه ردّه عليهم ، ومن جاء قريشاً ممّن مع محمّد لم يردّوه عليه ، وأنّ بيننا عيبةً مكفوفةً وأنّه لا أسلال ولا أغلال ، وأنّه من أحبّ أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه » (3).
انظر كيف رضي النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) بحذف لقبه توخّيا للسلام وطلباً للصلح.
وانظر كم بلغت مرونة الإسلام حتّى أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) رضي في عهده أن يعيد الهارب من صفوف الكفّار ، في حين التزم بأن لا يعيدوا إليه من ترك صفوف المسلمين وهرب إلى قريش ، وهو غاية في التنازل بهدف إقرار السلام.
والعجيب أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) عمل بهذا البند من الوثيقة في نفس المجلس تدليلاً على حسن نيّته ، والتزامه بما كتب ، وحرصه على السلام ، فبينا رسول الله يكتب هذا الكتاب هو وسهيل بن عمرو إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد ، قد انفلت إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فلمّا رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ، وأخذ بتلبيبه ثمّ قال : يا محمّد قد لجّت [ تمّت ] القضيّة بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا ، قال : « صدقت » ، فجعل يجذبه جذباً شديداً ويجرّه ليردّه إلى قريش ، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأردّ إلى المشركين يفتننوني في ديني ؟ فزاد ذلك الناس إلى ما بهم فقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « يا أبا جندل ، اصبر واحتسب فإنّ الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً إنّا قد عقدنا بيننا وبين القوم صُلحاً ، وأعطيناهُم على ذلك
وأعطُونا عهد الله ، وإنّا لا نغدُر بهم » (4) .
وهذا هو نموذج أو نماذج معدودة في هذا المجال وكتب التاريخ والسير والفقه والحديث طافحة بأمثالها.
______________
(1) في رواية : تسبى.
(2) مغازي الواقديّ 2 : 821 ـ 822 وأعلام الورى للطبرسيّ : 197.
(3) سيرة ابن هشام 4 : 318 ، والكامل للجزريّ 2 : 138 ، وأعلام الورى للطبرسيّ : 97.
(4) سيرة ابن هشام 2 : 318 ، والكامل للجزريّ 2 : 138 ، وأعلام الورى للطبرسيّ : 97.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|