أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-4-2018
![]()
التاريخ: 28-4-2018
![]()
التاريخ:
![]()
التاريخ: 30-4-2018
![]() |
اذا اردنا ان نعرف جزءا مهما من المعلومات التي تفيدها اللغة علينا التزود بنظرية ترصد معاني الكلمات، هذا بالإضافة الى التصور الدلالي العام الذي يرتبط بطبيعة المعنى،
ص99
وذلك للخروج بتصور عام عن المعلومات التي تفيدها الوحدات المعجمية والهندسة التي تنتظم فيها. الا انه من الضروري ان نحدد ما نعنيه بالمعجم والتحليل المعجمي. ان المعجم عبارة عن نحو واطراد. "فالمفردات تفرز خصائص واطرادات فرعية او تامة تمكن من وضعها في طبقة عامة او فرعية لها خصائص يمكن استخلاصها من مبادئ عامة تضبط الملكة اللغوية العامة للإنسان، او الملكة الخاصة بلغة من اللغات"(1).
فمعاني الالفاظ في اللغة لها دلالة معجمية، وهذه الدلالة نابعة من المستوى الذهني الذي يكيف التقاطنا للتجربة، فيعبر عنها في اللغة. وهذا المستوى متسق ومطرد مثلما تتسق القواعد النحوية وتطرد، بل ان هذا المستوى الذهني نفسه يدخل في اطار المعرفة النحوية العامة التي تتوافر للإنسان. وعلى النظرية الدلالية، باعتبارها نظرية فرعية في النظرية اللغوية، ان تحدد المبادئ الدلالية التي تتحكم في التأويل الدلالي للجمل ( وهو الوجه الاخر لإنتاجها )، وترصد القواعد التي تتيح التوسع في معاني الوحدات المعجمية، وما الى ذلك من القضايا المرتبطة بالمعنى مثل الالتباس والغموض والترادف والتباين... الخ، ويفترض ان هذه القواعد تشكل بنية نسقية، وذلك لسبب بسيط، وهو ان هناك معاني ممكنة واخرى غير ممكنة: هناك، اذن، قواعد تتيح هذا الممكن وتلغي في الان نفسه غير الممكن. وهذا الممكن هو ما نتصوره ووجد كإمكان في بنيتنا التصورية المرتبطة بطبيعة الادراك وخصائصه عند الجنس البشري.
وتضع الادبيات اللسانية، من المنظور المعجمي، عدة قيود على النظرية الدلالية. من هذه القيود قيد التعبيرية. فعلى النظرية التي تروم رصد البنية الدلالية ان تكون كافية ملاحظينا، وذلك بأن تكون قادرة على التعبير عن كل التباينات الدلالية التي تسلكها لغة طبيعية ما. ليس ممكنا، من الناحية العملية، ان نروز كل الجمل الممكنة في لغة ما، الا اننا نفترض ان بعض الظواهر الدالة في اللغة هي التي يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار.
القيد الثاني الذي تشترطه الادبيات اللسانية هو قيد الكلية. ويمكن ان نستدل على ورود هذا القيد كما يلي: فلكي نرصد امكان الترجمة بين اللغات، يجب ان نسلم بان مجموع البيانات الدلالية المسموح باستعمالها في اللغات بنيات كلية. في الترجمة، هناك لغة مصدر يترجم منها ولغة هدف يترجم اليها. فاذا كانت الترجمة الحرفية لجملة ما في اللغة المصدر الى اللغة الهدف عملية ممكنة، فانه يجب ان تكون الجملتان ( اي المترجمة والمترجَمة) مشتركتين في البنية الدلالية. وهذا لا يعني، من جهة اخرى، انه بمقدور اية لغة ان تعبر عن اي معنى. فكل لغة محصورة بمعجمها وبنيتها النحوية وقواعدها الاسقاطية ( اي التي تسقط التركيب في الدلالة، او الشكل في المعنى ). الا انه، في اطار قيد الكلية هذا، نفترض ان ذلك امر وسيطي ( parattietric ) يرتبط بكيفية تحقق المبادئ الكلية.
ص100
القيد الثالث هو قيد التأليفية. وقد حظي هذا القيد بمناقشات كثيرة في الادبيات اللسانية نظرا الى تحديده الصريح لطبيعة المعنى في اللغة، وبالتالي لطبيعة التحليل المعجمي الذي يجب ان ترتبط به النظرية الدلالية وتدافع عنه. وتبعا لقيد التأليفية يعتبر معنى الوحدة المعجمية تأليفا لعدد من السمات الدلالية التي ينتج ضمنها معنى الوحدة ككل. وهذا الامر لا يقتصر على الوحدات المعجمية بل يسري على الجمل ايضا، اذ ان معنى الجملة ناتج عن عملية ضم معاني الوحدات التي تكونها (2). ومن الاشياء التي يشترط رصدها تأليفا ما يسمى بالخصائص الدلالية، وذلك يشكل صوري، وينبغي تعليل ظواهر مثل الترادف والانحراف الدلالي والاشتراك والتعدد.. الخ. وقد انبرى عدد من الباحثين في الدلالة الى انتقاد النظريات ذات التصور التأليفي ( انظر بوتنام (1975) Putnam, مثلا ) اعتمادا على معطيات ووقائع لا ينسحب عليها قيد التأليفية. فتنوع الالوان مثلا، لا يوازيه تنوع ممكن على مستوى السمات الدلالية. وبمعنى اخر، فانه لا يوجد سمات معينة تمايز الالوان رغم انها متمايزة. فما هي السمة التي نجدها في " احمر " مثلا، ولا نجدها في " اخضر " او " ازرق " او " اصفر"... الخ؟ ومعلوم ان ما يجعل تصور " رجل " ينماز عن " ولد " هو القيمة المسندة الى سمة (بالغ) ( اي [+بالغ] للأول، و [- بالغ ] للثاني ). وما يميز بين " رجل " و " امرأة " ان للأول السمة [+ذكر] وللثاني السمة [– ذكر]. وهذا النوع من التحليل المعتمد على هندسة السمات في رصد المتباين من المعاني انطلاقا من تباين السمات لا يمكن تنبه بالنسبة للألوان.
الا ان هذه الانتقادات لا يمكن ان تذهب الى حد هدم النظريات التأليفية. فهي تبرز بعض المعطيات المضادة للتأليف، وهي محدودة جدا (3). فالدفاع عن نظريات غير تأليفية امر عسير نظرا الى تعارضه، اولا وقبل كل شيء، مع النظرية اللغوية ككل والنتائج التي توصلت اليها في مستوى التركيب والصواته والصرف، اذ لا مندوحة عن التصور التأليفي في هذه المجالات ( ارجع الى نظرية ياكبسون حول السمات الصوتية، مثلا ). اذن، فالمطلوب تطوير هذه النظريات الدلالية من خلال احلال مفاهيم اكفى مثل اقتراض مستوى البنية التصويرية المرتكزة على مقولات انطولوجية وثقافية وادراكية. ومعلوم ان الوحدات المعجمية لا توجد منعزلة، ولذلك لا يمكن الاقتصار على وصفها منعزلة. ولعل التركيز على ما يدعى تركيب الدلالة يعيننا على استخراج السمات الدلالية التامة سواء في الاستعمال العادي او في الاستعمال المجازي للفظ معين (4).
ص101
_______________________
(1) انظر الفاسي الفهري (1986)، ص 6-7، وما يليها.
(2) انظر كاتز وفودور (1963)، وكاتز وبوسطل (1964)، وشومسكي (1965)، وكاتز (1972، من بين اخرين. وقد عرضنا لمسألة الضم في الفصل الثالث.
(3) انظر جاكندوف (1983).
(4) وبعد عمل غروبر (1965) من الاعمال الاولى في هذا الاطار.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|