التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الكاظم (عليه السلام)
حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي
بن الحسن الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا الحسين بن عبيد الله، عن هارون بن موسى،
قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر، قال: حدثنا حمدان بن المعافى، قال: حدثني العباس
بن سليمان، عن الحارث بن التيهان، قال: قال لي ابن شبرمة: دخلت أنا وأبو حنيفة على
جعفر بن محمد (عليهما السلام)، فسلمت عليه، وكنت له صديقا، ثم أقبلت على جعفر
(عليه السلام) فقلت: أمتع الله بك، هذا رجل من أهل العراق له فقه وعقل. فقال له
جعفر (عليه السلام): لعله الذي يقيس الدين برأيه؟ ثم أقبل علي فقال: هذا النعمان بن
ثابت؟ فقال أبو حنيفة: نعم، أصلحك الله (تعالى). فقال (عليه السلام): اتق الله ولا
تقس الدين برأيك، فإن أول من قاس إبليس إذ أمره الله بالسجود فقال: ﴿أنا خير منه
خلقتني من نار وخلقته من طين﴾ .
ثم قال له جعفر (عليه السلام): هل تحسن أن
تقيس رأسك من جسدك؟ قال: لا.
قال: فأخبرني عن الملوحة في العينين، وعن
المرارة في الاذنين، وعن الماء في المنخرين، وعن العذوبة في الشفتين، لأي شئ جعل
ذلك؟ قال: لا أدري.
قال جعفر (عليه السلام): إن الله (عز وجل)
خلق العينين فجعلهما شحمتين، وجعل الملوحة فيهما منا منه على ابن آدم، ولولا ذلك
لذابتا، وجعل المرارة في الاذنين منا منه على ابن آدم ولولا ذلك لقحمت الدواب
فأكلت دماغه، وجعل الماء في المنخرين ليصعد النفس وينزل، ويجد منه الريح الطيبة من
الريح الردية، وجعل (عز وجل) العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة طعمه وشربه.
ثم قال له جعفر (عليه السلام): أخبرني عن
كلمة أولها شرك، وآخرها إيمان. قال: لا أدري. قال: لا إله إلا الله.
ثم قال له: أيما أعظم عند الله (عز وجل)،
قتل النفس، أو الزنا؟ قال: بل قتل النفس.
قال له جعفر (عليه السلام): فإن الله
(تعالى) قد رضي في قتل النفس بشاهد، ولم يقبل في الزنا إلا بأربعة.
ثم قال له: أيما أعظم عند الله، الصوم، أو
الصلاة؟ قال: لا، بل الصلاة. قال. فما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصيام، ولا تقضي
الصلاة؟
اتق الله يا عبد الله، فإنا نحن وأنتم غدا
ومن خالفنا بين يدي الله (عز وجل)، فنقول:
قلنا: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)،
وتقول أنت وأصحابك: حدثنا وروينا، فيفعل بنا وبكم ما شاء الله (عز وجل).
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 645
تاريخ النشر : 2024-04-05