بالإسناد عن وهب قال : إن الريح العقيم
تحت هذه الأرض التي نحن عليها قد زمت بسبعين ألف
زمام من حديد، قد وكل بكل زمام سبعون ألف ملك، فلما سلطها الله عزوجل على عاد استأذنت
خزنة الريح ربها عزوجل أن تخرج منها مثل منخري الثور، ولو أذن الله عزوجل لها
ما تركت شيئا على ظهر الأرض إلا أحرقته فأوحى الله عزوجل إلى خزنة الريح أن أخرجوا
منها مثل ثقب الخاتم فاهلكوا بها، وبها ينسف الله عزوجل الجبال نسفا " والتلال
والآكام والمدائن والقصور يوم القيامة، وذلك قوله عزوجل: " ويسألونك عن الجبال
فقل ينسفها ربي نسفا " * فيذرها قاعا " صفصفا " * لا ترى فيها عوجا
" ولا أمتا " " والقاع: الذي لا
نبات فيه. والصفصف: الذي لا عوج فيه: والأمت: المرتفع: وإنما
سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب وتعقمت عن الرحمة كتعقم الرجل إذا كان عقيما "
لا يولد له، وطحنت تلك القصور والحصون والمدائن والمصانع حتى عاد ذلك كله رملا
" دقيقا " تسفيه الريح، فذلك قوله
عزوجل: " ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم "
وإنما كثر الرمل في تلك البلاد لأن الريح طحنت تلك البلاد، عصفت عليهم " سبع ليال
وثمانية أيام حسوما " فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية "
والحسوم: الدائمة، ويقال: المتنابعة الدائمة. وكانت ترفع
الرجال والنساء فتهب بهم صعدا " ثم ترمي
بهم من الجو فيقعون على رؤوسهم منكبين، تقلع الرجال والنساء من تحت أرجلهم ثم
ترفعهم، فذلك قوله عزوجل: " تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر " والنزع:
القلع، وكانت الريح تعصف الجبل كما تعصف المساكن
فتطحنها ثم تعود رملا " دقيقا "، فمن هناك
لا يرى في الرمل جبل، وإنما سميت عاد إرم ذات العماد من أجل أنهم كانوا يسلخون العمد
من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه ثم
ينقلون تلك العمد فينصبونها، ثم يبنون القصور عليها فسميت ذات العماد لذلك .
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [355]