أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/اثبات وجود الله تعالى ووحدانيته/الإمام الجواد عليه السلام
محمد بن
أبي عبد الله رفعه إلى أبي هاشم الجعفري قال: كنت عند أبي جعفر الثاني عليه السلام
فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه؟ وأسماؤه
وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفر عليه السلام: إن لهذا الكلام وجهين إن كنت تقول: هي
هو أي أنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك وإن كنت تقول: هذه الصفات والأسماء لم
تزل فإن " لم تزل " محتمل معنيين فان قلت: لم تزل عنده في علمه وهو
مستحقها، فنعم، وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن
يكون معه شئ غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه، يتضرعون
بها إليه ويعبدونه وهي ذكره وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم
الذي لم يزل. والأسماء والصفات مخلوقات، والمعاني والمعني بها هو الله الذي لا
يليق به الاختلاف ولا الائتلاف، وإنما يختلف وتأتلف المتجزئ فلا يقال: الله مؤتلف
ولا الله قليل ولا كثير ولكنه القديم في ذاته، لان ما سوى الواحد متجزئ والله واحد
لا متجزئ ولا متوهم بالقلة والكثرة وكل متجزئ أو متوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق
دال على خالق له. فقولك. إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شئ، فنفيت بالكلمة العجز
وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل وجعلت الجهل سواه
وإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصورة والهجاء والتقطيع ولا يزال من لم يزل عالما.
فقال
الرجل : فكيف سمينا ربنا سميعا؟ فقال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع ، ولم
نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار
، من لون أو شخص أو غير ذلك، ولم نصفه ببصر لحظة المعين، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه
بالشئ اللطيف مثل البعوضة وأخفى من ذلك، وموضع النشوء منها، والعقل والشهوة للفساد
والحدب على نسلها ، وإقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في
الجبال والمفاوز والأودية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية
للمخلوق المكيف، وكذلك سمينا ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كانت
قوته قوة البطش المعروف من المخلوق لوقع التشبيه ولاحتمال الزيادة، وما احتمل
الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم وما كان غير قديم كان عاجزا،
فربنا تبارك وتعالى لا شبه له ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا تبصار بصر،
ومحرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده وعلى الضمائر أن تكونه، جل وعز
عن أدات خلقه وسمات بريته وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 116
تاريخ النشر : 2023-11-23