أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/الطينة والميثاق/الامام الباقر عليه السلام
ابي رحمه الله،
عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن أحمد السياري، عن محمد بن عبد
الله بن مهران الكوفي ؟ عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت
لابي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام: يا بن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر
إذا بلغ في المعرفة وكمل هل يزني ؟ قال: اللهم لا، قلت: فيلوط ؟ قال: اللهم لا،
قلت: فيسرق ؟ قال: لا، قلت: فيشرب الخمر ؟ قال: لا ; قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر
أو فاحشة من هذه الفواحش ؟ قال: لا ; قلت: فيذنب ذنبا ؟ قال: نعم وهو مؤمن مذنب
مسلم ; قلت: ما معنى مسلم ؟ قال: المسلم بالذنب لا يلزمه ولا يصير عليه، قال فقلت:
سبحان الله ما أعجب هذا ! لا يزني ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي
كبيرة من الكبائر ولا فاحشة ؟ ! فقال: لا عجب من أمر الله، إن الله عز وجل يفعل
ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون ; فمم عجبت يا إبراهيم ؟ سل ولا تستنكف
ولا تستحسر فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحسر ; قلت: يا بن رسول الله
إني أجد من شيعتكم من يشرب، ويقطع الطريق، ويحيف السبيل، ويزني ويلوط، ويأكل الربا،
ويرتكب الفواحش، ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة، ويقطع الرحم. ويأتي الكبائر،
فكيف هذا ؟ ولم ذاك ؟ فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ غير هذا ؟ قلت: نعم
يا بن رسول الله اخرى أعظم من ذلك ; فقال: وما هو يا أبا إسحاق قال: فقلت:
يا بن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام،
ويخرج الزكاة، ويتابع بين الحج والعمرة، ويحض على الجهاد، ويأثر على البر وعلى
صلة الارحام، ويقضي حقوق إخوانه، ويواسيهم من ماله، ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط
وسائر الفواحش، فمم ذاك ؟ ولم ذاك ؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه
فقد والله كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي ! قال: فتبسم صلوات الله عليه ثم قال:
يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت، وعلما مكنونا من خزائن علم الله وسره،
أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما ؟ قلت: يا بن رسول الله أجد محبيكم
وشيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو اعطي أحدهم
مما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن ولايتكم ومحبتكم إلى موالات غيركم
وإلى محبتهم ما زال، ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم، ولو قتل فيكم ما ارتدع
ولا رجع عن محبتكم وولايتكم ; وأرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم
لو أعطي أحدهم ما بين المشرق والمغرب ذهبا وفضة أن يزول عن محبة الطواغيت وموالاتهم
إلى موالاتكم ما فعل ولا زال ولو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم، ولو قتل فيهم ما
ارتدع ولا رجع، وإذا سمع أحدهم منقبة لكم وفضلا اشمأز من ذلك وتغير لونه، ورئي كراهية
ذلك في وجهه، بغضا لكم ومحبة لهم. قال: فتبسم الباقر عليه السلام ثم قال: يا
إبراهيم ههنا هلكت العاملة الناصبة، تصلى نارا حامية، تسقى من عين آنية، ومن
أجل ذلك قال عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً
مَنْثُورًا} [الفرقان: 23] ويحك يا إبراهيم أتدري ما السبب والقصة في ذلك؟ وما الذي قد خفي
على الناس منه ؟ قلت: يا بن رسول الله فبينه لي واشرحه وبرهنه. قال: يا إبراهيم
إن الله تبارك وتعالى لم يزل عالما قديما خلق الاشياء لا من شئ ومن زعم أن الله
عز وجل خلق الاشياء من شئ فقد كفر لأنه لو كان ذلك الشيء الذي خلق منه الاشياء قديما
معه في أزليته وهويته كان ذلك أزليا ; بل خلق الله عز وجل الاشياء كلها لا من شئ،
فكان مما خلق الله عز وجل أرضا طيبة، ثم فجر منها ماءا عذبا زلالا، فعرض عليها ولايتنا
أهل البيت فقبلتها، فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها وعمها، ثم نضب ذلك
الماء عنها، وأخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الائمة عليهم السلام، ثم
أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا، ولو ترك طينتكم يا إبراهيم على حاله كما ترك
طينتنا لكنتم ونحن شيئا واحدا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 228 ]
تاريخ النشر : 2023-09-02