أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
كنز الفوائد
للكراجكي: نسخة كتاب معاوية بن أبي سفيان إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه
السلام: أما بعد فإن الهوى يضل من اتبعه والحرص يتعب الطالب المحروم وأحمد
العاقبتين ما هدي إلى سبيل ومن العجب العجيب ذام مادح أو زاهد راغب ومتوكل حريص
كلاما ضربته لك مثلا لتدبر حكمته بجمع الفهم ومباينة الهوى ومناصحة النفس فلعمري
يا ابن أبي طالب لولا الرحم التي عطفتني عليك والسابقة التي سلف لك لقد كان اختطفك
بعض عقبان أهل الشام فصعد بك في الهواء ثم قذفك على دكادك شوامخ الابصار فألفيت
كسحيق الفهر على مسن الصلابة لا يجد الذر فيك مرتقا ولقد عزمت عزمة من لا تعطفه
رقة إن لا تذر ولا تباين ما قربت به أملك وطال له طلبك لاوردنك موردا تستمر مداقه
إن فسح لك في الحياة بل نظنك قبل ذلك من الهالكين وبئس الرأي رأي يورد أهله
المهالك ويمنيهم العطب إلى حين لات مناص وقد قذف بالحق على الباطل وظهر أمر الله
وهم كارهون ولله الحجة البالغة والمنة الظاهرة والسلام. جواب أمير المؤمنين صلوات
الله وسلامه عليه: من عبد الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إ ؟ معاوية بن أبي
سفيان.
أما بعد فقد
أتاني كتابك بتنويق المقال وضرب الامثال وانتحال الاعمال تصف الحكمة ولست من أهلها
وتذكر التقوى وأنت على ضدها قد اتبعت هواك فحاد بك [عن] المحجة ولحج بك عن سواء
السبيل فأنت تسحب أذيال لذات الفتن وتخبط في زهرة الدنيا كأنك لست توقن بأوبة
البعث ولا برجعة المنقلب قد عقدت التاج ولبست الخز وافترشت الديباج سنة هرقلية
وملكا فارسيا ثم لم يقنعك ذلك حتى يبلغني أنك تعقد الامر من بعدك لغيرك فيملك دونك
وتحاسب دونه. ولعمري لئن فعلت ذلك فما ورثت الضلالة عن كلالة وإنك لابن من كان
يبغي على أهل الدين ويحسد المسلمين. وذكرت رحما عطفتك علي فأقسم بالله الاعز الاجل
أن لو نازعك هذا الامر في حياتك من أنت تمهده له بعد وفاتك لقطعت حبله ولبتت
أسبابه.
وأما تهديدك لي
بالمشارب الوبيئة والموارد المهلكة فأنا عبد الله علي بن أبي طالب أبرز إلي صفحتك
كلا ورب البيت ما أنت أبي عذر عند القتال ولا عند منافحة الابطال وكأني بك لو شهدت
الحرب وقد قامت على ساق وكشرت عن منظر كريه والارواح تختطف اختطاف البازي زغب
القطا لصرت كالمولهة الحيرانة تصربها العبرة بالصدمة لا تعرف أعلى الوادي عن
أسفله. فدع عنك ما لست من أهله فإن وقع الحسام غير تشقيق الكلام فكم عسكر قد شهدته
وقرن نازلته ورأيت اصطكاك قريش بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أنت
وأبوك ومن هو أعلا منكما لي تبع وأنت اليوم تهددني.
فأقسم بالله أن لو تبدي الايام عن صفحتك لنشب
فيك مخلب ليث هصور لا يفوته فريسته بالمراوغة كيف وأنى لك بذلك وأنت قعيدة بنت
البكر المخدرة يفزعها صوت الرعد وأنا علي بن أبي طالب الذي لا أهدد بالقتال ولا
أخوف بالنزال فإن شئت يا معاوية فابرز والسلام. فلما وصل هذا الجواب إلى معاوية بن
أبيي سفيان جمع جماعة من أصحابه وفيهم عمرو بن العاص فقرأ عليهم فقال له عمرو: قد
أنصفك الرجل كم رجل أحسن في الله قد قتل بينكما ابرز إليه فقال له: أبا عبد الله
أخطأت استك الحفرة أنا أبرز إليه مع علمي أنه ما برز إليه أحد إلا وقتله لا والله
ولكني سأبرزك إليه.
- نسخة كتاب
[آخر] من معاوية بن أبي سفيان إلى أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد فإنا لو
علمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعضنا على بعض وإن كنا قد غلبنا على
عقولنا فقد بقي لنا منها ما نرم به ما مضى ونصلح ما بقي وقد كنت سألتك الشام على
أن لا تلزمني لك طاعة فأبيت ذلك علي وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس فإنك
لا ترجو من البقاء إلا ما أرجو ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف وقد والله رقت
الاجناد وذهبت الرجال ونحن جميعا بنو عبد مناف ليس لبعضنا فضل على بعض يستذل به
عزيز ولا يسترق به حر. جواب أمير المؤمنين عليه السلام: من عبد الله أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب إلى معاوية بن أبي سفيان.
أما بعد، فقد
جاء في كتابك تذكر أنك لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجنها بعضنا على
بعض. وإنا وإياك نلتمس غاية منها لم نبلغها بعد. وأما طلبك إلي الشام فإني لم أكن
لاعطيك اليوم ما منعتك أمس. وأما استواؤنا في الخوف والرجاء فلست بأمضى على الشك
مني على اليقين ولا أهل الشام على الدنيا بأحرص من أهل العراق على الآخرة. وأما
قولك: إنا بنو عبد مناف. فكذلك نحن [و] لكن ليس أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب
ولا أبو سفيان كأبي طالب ولا الطليق كالمهاجر ولا المبطل كالمحق. وفي أيدينا فضل
النبوة التي قتلنا بها العزيز وبعنا بها الحر والسلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 127 ]
تاريخ النشر : 2025-09-21