إن قال قائل :
فما حقيقة الال في اللغة عندك دون المجاز؟
هل هو خاص
لأقوام بأعيانهم أم عام في جميعهم متى سمعناه مطلقا غير مقيد؟ فقل : حقيقة الال في
اللغة القرابة خاصة دون سائر الامة ، وكذلك العترة ولد فاطمة عليها السلام خاصة ،
وقد يتجوز فيه بأن يجعل لغيرهم كما تقول : جاءني أخي ، فهذا يدل على إخوة النسب ،
وتقول : أخي ، تريد في الاسلام ، وأخي في الصداقة ، وأخي في القبيل والحي ، قال
تعالى : « وإلى ثمود أخاهم صالحا » ولم يكن أخاهم في دين ولا صداقة ولا نسب ،
وإنما أراد الحى والقبيل ، والاخوة : الاصفياء والخلصان وهو قول النبي (صلى الله
عليه وآله) لعلي عليه السلام : إنه أخوه ، قال علي عليه السلام : « أنا عبد الله
وأخو رسول الله لا يقولها بعدي إلا مفتر » فلولا أن لهذه الاخوة مزية على غيرها ما
خصه الرسول صلى الله عليه وآله بذلك ، وفي رواية : لا يقولها بعدي إلا كذاب ،
ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن لوط : « هؤلاء بناتي هن أطهر لكم » ولم يكن بناته
لصلبه ولكن بنات امته فأضافهن إلى نفسه رحمة وتعطفا وتحننا ، وقد بين رسول الله
صلى الله عليه وآله حيث سئل فقال : إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي
فانظروا كيف تخلفونني فيهما.قلنا : فمن أهل بيته؟ قال : آل علي وآل جعفر وآل عقيل
وآل عباس. وسئل تغلب لم سميا الثقلين؟ قال لان الاخذ بهما ثقيل قيل : ولم سميت
العترة؟ قال : العترة : القطعة من المسك والعترة أصل الشجرة.
قال أبو حاتم
السجستاني : روى عبدالعزيز بن الخطاب عن عمرو بن شمر عن جابر قال : اجتمع آل رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم على الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وعلى أن لا
يمسحوا على الخفين.
قال ابن خالويه
: هذا مذهب الشيعة ومذهب أهل البيت.
وقد يخصص ذلك
العموم قال الله تعالى : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا » (6) قالت ام سلمة رضي الله عنها : نزلت في النبي و علي وفاطمة والحسن
والحسين صلوات الله عليهم.
عن انس قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يمر ببيت فاطمة بعد أن بنى عليها علي عليهما
السلام ستة أشهر ويقول : الصلاة أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل
البيت.
قال : وكان علي
بن الحسين عليهما السلام يقول في دعائه : اللهم إن استغفاري لك مع مخالفتي للؤم ،
وإن تركي الاستغفار مع سعة رحمتك لعجز ، فياسيدي إلى كم تتقرب إلى وتتحبب وأنت عني
غني ، وإلى كم أتبعد منك وأنا إليك محتاج فقير؟ اللهم صلى على محمد وعلى أهل بيته
، ويدعو بما شاء.
فمتى قلنا : آل
فلان مطلقا فأنما نريد من آل إليه بحسب القرابة ، ومتى تجوزنا وقع على جميع الامة
، ويحقق هذا أنه لو أنه أوصى بماله لال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يدفعه
الفقهاء إلا إلى الذين حرمت عليهم الصدقة.
وكان بعض من
يدعي الخلافة يخطب فلا يصلي على النبى صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل له في
ذلك ، فقال : إن له اهيل سوء إذا ذكرته اشرأبوا.
فمن المعلوم أنه
لم يرد نفسه ، لانه كان من قريش ولما قصد العباس الحقيقة قال لابي بكر : النبي صلى
الله عليه وآله شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها. وآل أعوج وآل ذي العقال : نسل
أفراس من عتاق الخيل يقال : هذا الفرس من آل أعوج : إذا كان من نسلهم ، لان
البهائم بطل بينها القرابة والدين ، كذلك آل محمد من تناسله فاعرفه ، قال تعالى :
« إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم و آل عمران على العالمين » أي عالمي زمانهم
، فأخبر أن الآل بالتناسل لقوله تعالى : « ذرية بعضها من بعض » قال النبي صلى الله
عليه وآله : سألت ربي أن لا يدخل بيتي النار فأعطانيها. وأما قولهم : قرأت آل حم
فهي ، السور السبعة التي أولهن حم ، ولا تقل : الحواميم ، وقال أبو عبيدة :
الحواميم سور في القرآن على غير القياس وآل يس آل محمد وآل يس حزبيل وحبيب النجار
وقد قال ابن دريد مخصصا لذلك العموم وإن لم يكن بنا حاجة إلى الاحتجاج بقوله.لان
النبي صلى الله عليه وآله قد ذكره في عدة مواضع كآية المباهلة وخص عليا وفاطمة
وحسنا وحسينا عليهم السلام بقوله : « اللهم هؤلاء أهلي » وكما روي عن ام سلمة رضي الله
عنها أنه أدخل عليا وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السلام في كساء وقال : اللهم هؤلاء
أهلي أو أهل بيتي ، فقالت ام سلمة : وأنا منكم؟ قال : أنت بخير أو على خير كما
يأتي في موضعه.
وإنما ذكرنا ما
قاله ابن دريد من قبل إنه بشعر :
إن النبي محمدا
ووصيه
وابنيه
وابنته البتول الطاهرة
أهل العباء
فإنني بولائهم
أرجو
السلامة والنجا في الاخرة
وأرى محبة من
يقول بفضلهم
سببا
يجير من السبيل الجائرة
أرجو بذاك رضى
المهيمن وحده
يوم
الوقوف على ظهور الساهرة
قال : الساهرة :
أرض القيامة.
وآل مرامر : أول
من وضع الكتابة بالعربية وأصلهم من الانبار والحيرة فقد أمللت : آل الله وآل محمد
وآل القرآن وآل السراب ، والآل : الشخص ، و آل اعوج : فرسا. وآل جبلا وآل يس وآل
حم وآل زنديقة ، وآل فرعون آل دينه ، وآل مرامر. والال : البروج. والال : الخزانة
والخاصة والال : قرابة ، والال : كل تقي.
وأما الاهل فأهل
الله وأهل القرآن وأهل البيت النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام على
ما فسرته ام سلمة رضي الله عنها وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله) بينا هو ذات
يوم جالسا إذا أتته فاطمة عليها السلام ببرمة فيها عصيدة فقال النبي (صلى الله
عليه وآله) : أين علي وابناه؟ قالت : في
البيت ، قال : ادعيهم لي ، فأقبل علي والحسن والحسين بين يديه وفاطمة أمامه ، فلما
بصر بهم النبي صلى الله عليه وآله تناول كسآء كان على المنامة خبيريا فجلل به
نفسه وعليا والحسن والحسين وفاطمة ، ثم قال :
اللهم إن هؤلاء أهل بيتي؟ أحب الخلق إلى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا
فأنزل الله تعالى : إنما يريد الله ليذهب. الآية وفي رواية اخرى : قالت : فقلت
يارسول الله ألست من أهل بيتك؟ قال : إنك علي خير ، أو إلى خير.
ومن مسند أحمد
بن حنبل عن ام سلمة رضي الله عنها قالت : بينما رسول الله (صلى الله عليه
وآله) في بيتي يوما إذ قالت الخادم : إن
عليا وفاطمة والحسن والحسين بالسدة قالت :
فقال لي : قومي فتنحي لي عن أهل بيتي ، قالت : فقمت فتنحيت من البيت قريبا فدخل
علي وفاطمة والحسن والحسين وهما صبيان صغيران.فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره
فقبلهما ، قالت : فاعتنق عليا باحدى يديه وفاطمة باليد الاخرى ، فقبل فاطمة وقبل
عليا ، فأغدف عليهم خميصة سوداء فقال : اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي ،
قالت : قلت : وأنا يارسول الله؟ فقال : وأنت.
فإن سأل سائل
فقال : إنما انزلت هذه في أزواج النبي صلى الله عليه وآله لان قبلها :« يانساء
النبي » فقل ذلك غلط رواية ودراية ، أما الرواية فحديث ام سلمة وفي بيتها نزلت هذه
الآية.
وأما الدراية
فلو كان في نساء النبي صلى الله عليه وآله لقيل : ليذهب عنكن ويطهركن فلما نزلت
في أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) جاء على التذكير لانهما متى اجتمعا غلب
التذكير وأهل الكتاب : اليهود والنصارى.
وأما قوله تعالى
: « اعملوا آل داود شكرا » فانه يعني ما وهب لهم من النبوة والملك العظيم ، وكان
يحرس داود في كل ليلة ثلاثون ألفا ، وألان الله له الحديد ورزقه حسن الصوت
بالقراءة ، وآتاه الحكمة وفصل الخطاب ، قيل : فصل الخطاب أما بعد ، والجبال يسبحن
معه والطير ، واعطي سليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده وسخرت له الريح والجن وعلم
منطق الطير. والال جمع آلة وهي خشبة. والال : قرية يصاد بها السمك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 237 ]