كتب التفسير/تفسير علي بن إبراهيم(تفسير القمي)/نفخ الصور وفناء الدنيا
قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ
مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ
فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } [الزمر: 68] فإنه حدثني أبي، عن
الحسن بن محبوب، عن محمد بن النعمان الاحول، عن سلام بن المستنير، عن
ثوير بن أبي فاختة، عن علي بن الحسين عليهما
السلام قال: سئل عن النفختين كم بينهما ؟ قال: ما شاء الله، فقيل له: فأخبرني
يابن رسول الله كيف ينفخ فيه ؟ فقال: أما النفخة الاولى فإن الله يأمر إسرافيل
فيهبط إلى الدنيا ومعه صور، وللصور رأس واحد وطرفان، وبين طرف كل رأس منهما
ما بين السماء والارض، قال: فإذا رأت الملائكة إسرافيل وقد هبط إلى الدنيا ومعه الصور
قالوا: قد أذن الله في موت أهل الارض وفي موت أهل السماء، قال: فيهبط
إسرافيل بحظيرة بيت المقدس ويستقبل الكعبة، فإذا رأوا أهل الأرض قالوا:
أذن الله في موت أهل الارض، قال: فينفخ فيه نفخة فيخرج الصوت من الطرف الذي يلي
الارض فلا يبقى في الارض ذو روح إلا صعق ومات، ويخرج الصوت من إسرافيل، قال: فيقول
الله لإسرافيل: يا إسرافيل مت، فيموت إسرافيل، فيمكثون في ذلك ما شاء الله، ثم يأمر
الله السماوات فتمور، ويأمر الجبال فتسير، وهو قوله: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا
* وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا } [الطور: 9، 10] يعني تبسط، و {تُبَدَّلُ الْأَرْضُ
غَيْرَ الْأَرْضِ } [إبراهيم: 48] يعني بأرض لم يكتسب
عليها الذنوب بارزة ليس عليها الجبال ولا نبات، كما دحاها أول مرة، ويعيد عرشه
على الماء كما كان أول مرة مستقلا بعظمته وقدرته، قال: فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله
بصوت جهوري يسمع أقطار السماوات والارضين: " لمن الملك اليوم
" ؟ فلا يجيبه مجيب، فعند ذلك ينادي الجبار جل جلاله مجيبا لنفسه: " لله الواحد
القهار " وأنا قهرت الخلائق كلهم وأمتهم، إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي، لا شريك
لي ولا وزير، وأنا خلقت خلقي بيدي وأنا أمتهم بمشيتي، وأنا احييهم بقدرتي،
قال: فنفخ الجبار نفخة في الصور يخرج الصوت من أحد الطرفين الذي يلي السماوات
فلا يبقى في السماوات أحد إلا حي وقام كما كان، ويعود حملة العرش، ويحضر الجنة
والنار، ويحشر الخلائق للحساب، قال: فرأيت علي بن الحسين صلوات الله عليهما يبكي
عند ذلك بكاءا شديدا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 324 ]
تاريخ النشر : 2023-05-31