كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/الصراط
تفسير
الإمام عليه السلام مع : المفسر بإسناده
إلى أبي محمد العسكري عليه السلام في قوله ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ )
قال يقول أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل
أعمارنا والصراط المستقيم هو صراطان صراط في الدنيا وصراط في الآخرة فأما الصراط
المستقيم في الدنيا فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير واستقام فلم يعدل إلى
شيء من الباطل وأما الطريق الآخر فهو طريق المؤمنين إلى الجنة الذي هو مستقيم لا
يعدلون عن الجنة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة قال وقال جعفر بن محمد
الصادق عليه السلام في قوله عز وجل : (اهْدِنَا
الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) قال يقول أرشدنا إلى الصراط المستقيم أرشدنا للزوم
الطريق المؤدي إلى محبتك والمبلغ إلى دينك والمانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو
نأخذ بآرائنا فنهلك.
ـ تفسير
الإمام عليه السلام مع : بهذا الإسناد
عنه عليه السلام في قول الله عز وجل : (
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) أي قولوا اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم
بالتوفيق لدينك وطاعتك وهم الذين قال الله عز وجل ( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ
وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ
النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ
رَفِيقاً ) وحكي هذا بعينه عن أمير المؤمنين
عليه السلام قال ثم قال ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحة البدن وإن كان
كل هذا نعمة من الله ظاهرة ألا ترون أن هؤلاء قد يكونون كفارا أو فساقا فما ندبتم
إلى أن تدعوا بأن ترشدوا إلى صراطهم وإنما أمرتم بالدعاء بأن ترشدوا إلى صراط
الذين أنعم عليهم بالإيمان بالله وتصديق رسوله وبالولاية لمحمد وآله الطيبين
وأصحابه الخيرين المنتجبين وبالتقية الحسنة التي يسلم بها من شر عباد الله ومن
الزيادة في آثام أعداء الله وكفرهم بأن تداريهم ولا تغريهم بأذاك وأذى المؤمنين وبالمعرفة
بحقوق الإخوان من المؤمنين فإنه ما من عبد ولا أمة والى محمدا وآل محمد وأصحاب
محمد وعادى من عاداهم إلا كان قد اتخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنة حصينة وما من
عبد ولا أمة دارى عباد الله بأحسن المداراة فلم يدخل بها في باطل ولم يخرج بها من
حق إلا جعل الله عز وجل نفسه تسبيحا وزكى عمله وأعطاه بصيرة على كتمان سرنا
واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا [ و ] ثواب المتشحط بدمه في سبيل الله وما من
عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه فوفاهم حقوقهم جهده وأعطاهم ممكنه ورضي عنهم بعفوهم
وترك الاستقصاء عليهم فيما يكون من زللهم واغتفرها لهم إلا قال الله له يوم يلقاه
يا عبدي قضيت حقوق إخوانك ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم فأنا أجود وأكرم وأولى
بمثل ما فعلته من المسامحة والكرم فأنا لأقضينك اليوم على حق وعدتك به وأزيدك من
فضلي الواسع ولا أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي قال فيلحقهم بمحمد وآله
وأصحابه ويجعله في خيار شيعتهم.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 24 / صفحة [ 9 ]