الامة على قولين
في معنى « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم »
أحدهما أنها في أئمتنا ، والثاني أنها في امراء السرايا ، وإذا بطل أحد الامرين
ثبت الآخر ، وإلا خرج الحق عن الامة والذي يدل على أنها في أئمتنا عليهم السلام أن ظاهرها يقتضي عمون طاعة اولى
الامر ، من حيث عطف الله تعالى الامر بطاعتهم على الامر بطاعته وطاعة رسوله ، ومن
حيث أطلق الامر بطاعتهم ولم يخص شيئا من شئ لانه سبحانه لو أراد خاصا لبينه ، وفي
فقد البيان منه تعالى دليل على إرادة الكل ، وإذا ثبت ذلك ثبتت إمامتهم ، لأنه لا أحد
تجب طاعته على ذلك الوجه بعد النبي إلا الامام ، وإذا اقتضت وجوب طاعة اولي الامر
على العموم لم يكن بعد من عصمتهم ، وإلا أدى أن يكون تعالى قد أمر بالقبيح ، لان
من ليس بمعصوم لا يؤمن منه وقوع القبيح ، فإذا وقع كان الاقتداء به قبيحا ، وإذا
ثبتت دلالة الآية على العصمة وعموم الطاعة بطل توجهها إلى امراء السرايا ، لارتفاع
عصمتهم ، واختصاص طاعتهم وقال بعضهم : هم علماء الامة العامة ، وهم مختلفون وفي
طاعة بعضهم عصيان بعض ، وإذا أطاع المؤمن بعضهم عصى الآخر ، والله تعالى لا يأمر
بذلك ، ثم إن الله تعالى وصف اولي الامر بصفة تدل على العلم والامرة جميعا ، قوله
تعالى : « وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى
اولى الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم » فرد الامن أو الخوف للامراء ،
والاستنباط للعلماء ، ولا يجتمعان إلا لامير عالم.
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
المصدر : بحار الأنوار
الجزء والصفحة : جزء 23 / صفحة [ 296 ]