ذكر زكريا في كتاب الفتن أيضا، قال: حدثنا إسحاق بن موسى، قال: حدثنا المقدمي، قال: حدثنا جعفر، قال: حدثتني خالتي أم سالم بنت مسلم، قالت: لما قتل الحسين بن علي مطرنا كالدم على البيوت والجدر، فبلغنا أنه كان بالشام والكوفة وخراسان .وذكر زكريا حديثين عن ابن عباس أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام ومعه قارورة فيها دم، قلت: ما هذا الدم يا رسول الله؟ قال: (دم الحسين وأصحابه قد أتعبني منذ اليوم وأنا ألتقطه). قال ابن عباس: فحفظت وعددت فإذا هو اليوم الذي قتل الحسين .وذكر حديثا آخر بإسناده عن هرثمة بن سلمى، قال: خرجت مع علي مخرجه إلى صفين، فمروا بكربلاء، فصلى بنا العصر إلى شجرة، فلما انصرف رفع ترابا إلى أنفه فشمه، ثم قال: (ويحك من تربة ليقتلن عليك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب) فلما انصرف انصرفت معه، وكانت امرأتي شيعة لعلي، فقلت لها: يا هذه ألا تعجبين من صديقك أبي الحسن، مر بكربلاء فصلى بنا العصر فلما انصرف رفع ترابا إلى أنفه فشمه، ثم قال:
(ويحك من تربة ليقتلن عليك أقوام يدخلون الجنة بغير حساب) فقالت: والله ما قال إلا ما قد قيل له، ثم قضي أنني خرجت مع عبيد الله على الخيل ونسيت الحديث حتى مررت بالشجرة التي صلى إليها علي، فكأني أنظر إليه، فضربت خاصرة فرسي حتى صرت إلى الحسين فقصصت عليه القصة، فقال: (يا هرثمة علينا أم معنا؟) قلت: لا عليك ولا معك، قال: (ولم؟) قلت: إني تركت خلفي ذرية ضعفاء أخاف من ابن زياد عليهم، فقال: (أما فالحق بهم فإنه لا يسمع واعيتنا رجل لا يجيبنا إلا أكبه الله في النار) .وذكر زكريا في كتاب الفتن حديثا، فقال: حدثنا الحسين بن عمرو العنقزي، قال: حدثنا أبو غسان عن عبد السلام بن حرب عن عبد الملك بن كردوس حاجب عبيد الله بن زياد، قال: دخلت القصر مع عبيد الله ابن زياد، فاضطرم القصر نارا، فجعل عبيد الله يتقي بكمه عن وجهه، ثم قال: لا تخبر بهذا أحدا .وذكر حديثا آخر، قال: حدثنا العنقزي، قال: حدثنا شهاب ابن عباد، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير، قال: رأيت رؤوس عبيد الله وأصحابه قد نصبت في الرحبة، فجاءت حية تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله ثم خرجت ثم جاءت، فقالوا: قد جاءت قد جاءت، فدخلت فلم تخرج .وذكر زكريا في كتاب الفتن حديثا آخر، فقال: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا مهدي بن ميمون، قال: حدثني مروان مولى هند، قال: حدثني بواب ابن زياد، قال: لقد نظرت إلى حيطان دار الامارة يوم جيء برأس الحسين وكأنها تسيل دما .
وذكر حديثا في أحجار بيت المقدس بعد قتل الحسين صلوات الله عليه، قال:
حدثنا أحمد بن سعيد، قال: حدثنا سليمان، قال: حدثنا حماد عن معمر، قال: إن أول ما عرف الزهري أنه كان عند عبد الملك بن مروان، فسأل جلساءه من منكم من يعلم ما صنعت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين؟ فلم يكن عند أحد منه علم، فقال الزهري: بلغني أنه لم يقلب يومئذ منها حجر إلا وجدوا تحت دما عبيطا .
وذكر زكريا حديثا آخر في ذلك، فقال: حدثنا علي بن سلمة، قال: حدثنا أسباط عن أبي بكر الهذلي عن الزهري، قال: لما قتل الحسين ابن علي لم تقلب ببيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط .وذكر زكريا، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن شهاب، قال: ما قلب حجر بالشام يوم قتل الحسين إلا عن دم .
وذكر زكريا أيضا، قال: حدثنا علي بن الحسن، قال: حدثنا محمد بن القاسم، قال: حدثنا هشام بن سعد عمن حدثه عن سعيد بن المسيب: أن عبد الملك بن مروان كتب إليه: هل تعلم آية كانت يوم قتل الحسين بن علي؟ قال سعيد: نعم، ما قلبت حصاة في بيت المقدس يوم قتل الحسين إلا وجد تحتها دم عبيط .وروى زكريا في (باب جوامع في الفتن) قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا أبو تميلة عن الحسين بن واقد، وحدثنا الدوري، قال: حدثنا علي بن الحسن عن الحسين بن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إذا أقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، قال: فنزل من المنبر ورفعهما، ثم قال: (صدق الله ﴿إنما أموالكم وأولادكم فتنة﴾ نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حمدي ورفعتهما) .
المؤلف : رضي الدين علي بن طاووس
المصدر : الملاحم والفتن (التشريف بالمنن في التعريف بالفتن)
الجزء والصفحة : ص 331