اليوم : الأثنين ٢٢ شوال ١٤٤٦هـ المصادف ۲۱ نيسان۲۰۲٥م

أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر
أحاديث وروايات عامة
أحداث الظهور وآخر الزمان
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقايس
الأخلاق والآداب
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
التقوى والعمل والورع واليقين
التقية
التوبة والاستغفار
الجنة والنار
الحب والبغض
الحديث والرواية
الخلق والخليقة
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العقل
العلم والعلماء
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
القلب
المعاشرة والمصاحبة والمجالسة والمرافقة
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
بلدان واماكن ومقامات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
فرق وأديان
وصايا ومواعظ
مواضيع متفرقة
الفقه وقواعده
الاسراء والمعراج
الإيمان والكفر
الأنصاف والعدل والظلم بين الناس
الاسلام والمسلمين
الاطعمة والاشربة
أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير مجمع البيان
علا في الارض وجعل أهلها شيعا...
تاريخ النشر : 2024-08-14
قال الطبرسي نور الله ضريحه: " علا في الارض " أي بغى وتجبر في أرض مصر " وجعل أهلها شيعا " أي فرقا يكرم أقواما ويذل آخرين، أو جعل بني إسرائيل أقوما في الخدمة والتسخير " يستضعف طائفة منهم " يعني بني إسرائيل " يذبح أبناءهم و يستحيي نساءهم " يقتل الابناء ويستبقي البنات ولا يقتلهن، وذلك أن بعض الكهنة قال له: إن مولودا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك، وقيل: رأى فرعون في منامه أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بني إسرائيل، فسأل علماء قومه فقالوا: يخرج من هذا البلد رجل يكون هلاك مصر على يده " ونريد أن نمن على الذين استضعفوا " أي أن فرعون كان يريد إهلاك - بني إسرائيل و نحن نريد أن نمن عليهم " ونجعلهم أئمة " أي قادة ورؤساء في الخير " ونجعلهم الوارثين " لديار فرعون وقومه وأموالهم " ونمكن لهم في الارض " أي أرض مصر " منهم " أي من بني إسرائيل " ما كانوا يحذرون " من ذهاب الملك على يد رجل منهم، قال الضحاك: عاش فرعون أربعمائة سنة وكان قصيرا دميما، وهو أول من خضب بالسواد، وعاش موسى عليه السلام مائة وعشرين سنة. " وأوحينا إلى ام موسى " أي ألهمناها وقذفناها في قلبها، وليس بوحي نبوة، وقيل: أتاها جبرئيل عليه السلام بذلك، وقال: كان الوحي رؤيا منام عبر عنها من تثق به من علماء بني إسرائيل " أن أرضعيه " ما لم تخافي عليه الطلب " فإذا خفت عليه " القتل " فألقيه في اليم " أي في البحر وهو النيل " ولا تخافي " عليه الضيعة " ولا تحزني " عن فراقه " إنا رادوه إليك " سالما عن قريب. قال وهب: لما حملت بموسى امه كتمت أمرها عن جميع الناس، ولم يطلع على حملها أحد من خلق الله، وذلك شئ ستره الله لما أراد أن يمن به على بني إسرائيل، فلما كانت السنة التي تولد فيها موسى بعث فرعون القوابل وتقدم إليهن أن يفتشن النساء تفتيشا لم يفتشنه قبل ذلك، وحملت ام موسى فلم ينتأ بطنها، ولم يتغير لونها ولم يظهر لبنها، فكانت القوابل لا يعرضن لها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها موسى ولدته امه ولا رقيب عليها ولا قابلة ولم يطلع عليها أحد إلا اخته مريم، وأوحى الله تعالى إليها " أن أرضعيه " الآية، قال: وكتمته امه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك، فلما خافت عليه عملت له تابوتا مطبقا ومهدت له فيه ثم ألقته في البحر ليلا كما أمرها الله تعالى. " فالتقطه آل فرعون " أي أصابوه وأخذوه من غير طلب " ليكون لهم عدوا وحزنا " أي ليكون لهم في عاقبة أمره كذلك، لا أنهم أخذوه لذلك، وكانت القصة في ذلك أن النيل جاء بالتابوت إلى موضع فيه فرعون وامرأته على شط النيل، فأمر فرعون به وفتحت آسية بنت مزاحم بابه، فلما نظرت إليه ألقى الله في قلبها محبة موسى، وكانت آسية بنت مزاحم امرأة من بني إسرائيل استنكحها فرعون، وهي من خيار النساء، ومن بنات الانبياء، وكانت اما للمؤمنين ترحمهم وتتصدق عليهم يدخلون عليها، فلما نظر فرعون إلى موسى غاظه ذلك فقال: كيف أخطأ هذا الغلام الذبح ؟ ! قالت آسية وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الوليد أكبر من ابن سنة، وإنما أمرت أن تذبح الولدان لهذه السنة فدعه يكن قرة عين لي ولك، وإنما قالت ذلك لأنه لم يكن له ولد فأطمعته في الولد " وهم لا يشعرون " أن هلاكهم على يديه " فارغا " أي خاليا من ذكر كل شئ إلا من ذكر موسى، أو من الحزن سكونا إلى ما وعدها الله به، أو من الوحي الذي اوحي إليها بنسيانها " إن كادت لتبدي به " أي أنها كادت تبدي بذكر موسى فتقول: يا ابناه من شدة الوجد، أوهمت بأن تقول أنها امه لما رأته عند دعاء فرعون إياها للإرضاع لشدة سرورها به " وقالت " أي ام موسى " لأخته " أي اخت موسى واسمها كليمة " قصيه " أي اتبعي أثره وتعرفي خبره " فبصرت به عن جنب " تقديره: فذهبت اخت موسى فوجدت آل فرعون أخرجوا موسى " فبصرت به عن جنب " أي عن بعد، وقيل: عن جانب تنظر إليه وجعلت تدخل إليهم كأنها لا تريده " وهم لا يشعرون " أنها اخته أو جاءت متعرفة عن خبره " وحرمنا عليه المراضع " أي منعناهن منه وبغضناهن إليه فلا يؤتى بمرضع فيقبلها " من قبل " أي من قبل مجيء امه " فقالت هل أدلكم " وهذا يدل على أن الله تعالى ألقى محبته في قلب فرعون فلغاية شفقته عليه طلب له المراضع، وكان موسى عليه السلام لا يقبل ثدي واحدة منهن بعد أن أتاه مرضع بعد مرضع، فلما رأت اخته وجدهم به ورأفتهم عليه قالت لهم: " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم " أي يقبلون هذا الولد، ويبذلون النصح في أمره، ويحسنون تربيته " وهم له ناصحون " يشفقون عليه، قيل: إنها لما قالت ذلك قال هامان: إن هذه المرأة تعرف أن هذا الولد من أي أهل بيت هو، فقالت هي: إنما عنيت أنهم ناصحون للملك فأمسكوا عنها. " ورددناه إلى امه " فانطلقت اخت موسى إلى أمها فجاءت بها إليهم، فلما وجد موسى ريح امه قبل ثديها وسكن بكاؤه، وقيل: إن فرعون قال لامه: كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك ؟ قالت: لأني امرأة طيبة الريح، طيبة اللبن، لا أكاد اوتى بصبي إلا ارتضع مني، فسر فرعون بذلك " ولكن أكثرهم لا يعلمون " أن وعد الله حق. " ولما بلغ أشده " أي ثلاثا وثلاثين سنة " واستوى " أي بلغ أربعين سنة " آتيناه حكما وعلما " أي فقها وعقلا وعلما بدينه ودين آبائه، فعلم موسى وحكم قبل أن يبعث نبيا، وقيل: نبوة وعلما " ودخل المدينة " يريد مصر، وقيل: مدينة ميق من أرض مصر، وقيل: على فرسخين من مصر " على حين غفلة من أهلها " أراد به نصف النهار والناس قائلون، وقيل: بين العشائين، وقيل: كان يوم عيد لهم وقد اشتغلوا بلعبهم، واختلفوا في سبب دخوله فقيل: إنه كان موسى حين كبر يركب في مواكب فرعون، فلما كان ذات يوم قيل له: إن فرعون قد ركب فركب في أثره، فلما كان وقت القائلة دخل المدينة ليقيل، وقيل: إن بني إسرائيل كانوا يجتمعون إلى موسى ويسمعون كلامه، ولما بلغ أشده خالف قوم فرعون فاشتهر ذلك منه، وأخافوه فكان لا يدخل مصرا إلا خائفا " فدخلها على حين غفلة " وقيل: إن فرعون أمر بإخراجه من البلد فلم يدخل إلا الآن " يقتتلان " أي يختصمان في الدين، وقيل: في أمر الدنيا " هذا من شيعته وهذا من عدوه " أي أحدهما إسرائيلي والآخر قبطي يسخر الاسرائيلي ليحمل حطبا إلى مطبخ فرعون، وقيل: كان أحدهما مسلما والآخر كافرا " فاستغاثه الذي من شيعته " استنصره لينصره عليه. وروى أبو بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ليهنئكم الاسم، قال: وما الاسم ؟ قال: الشيعة، أما سمعت الله سبحانه يقول: " فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى " أي دفع في صدره بجمع كفه، وقيل: ضربه بعصاه " فقضى عليه " أي فقتله وفرغ من أمره. " قال رب إني ظلمت نفسي " يعني في هذا القتل فإنهم لو علموا بذلك لقتلوني " رب بما أنعمت علي " أي بنعمتك علي من المغفرة وصرف بلاء الاعداء عني " فلن أكون ظهيرا للمجرمين " أي فلك علي أن لا أكون مظاهرا ومعينا للمشركين " فأصبح " موسى في اليوم الثاني " في المدينة خائفا " من قتل القبطي " يترقب " أي ينتظر الاخبار، يعني أنه خاف من فرعون وقومه أن يكونوا عرفوا أنه هو الذي قتل القبطي، وكان يتجسس وينتظر الاخبار في شأنه " فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه " معناه أن الاسرائيلي الذي كان قد خلصه بالأمس ووكز القبطي من أجله يستصرخ ويستعين به على رجل آخر من القبط خاصمه، قال ابن عباس: لما فشا قتل القبطي قيل لفرعون: إن بني إسرائيل قتلوا رجلا منا، قال: أتعرفون قاتله ومن يشهد عليه ؟ قالوا: لا، فأمرهم بطلبه فبينا هم يطوفون إذ مر موسى عليه السلام من الغد ورأى ذلك الاسرائيلي يطلب نصرته ويستغيث به " قال له موسى إنك لغوي مبين " أي ظاهر الغواية، قاتلت بالأمس رجلا وتقاتل اليوم آخر، ولم يرد الغواية في الدين، والمراد أن من خاصم آل فرعون مع كثرتهم فإنه غوي أي خائب فيما يطلبه، عادل عن الصواب فيما يقصده. " فلما أراد أن يبطش " أي فلما أخذته الرقة على الاسرائيلي وأراد أن يدفع القبطي الذي هو عدو لموسى والاسرائيلي عنه ويبطش به، أي يأخذه بشدة ظن الاسرائيلي أن موسى قصده لما قال له: " إنك لغوي مبين " فقال: " أتريد أن تقتلني " وقيل: هو من قول القبطي لأنه قد اشتهر أمر القتل بالأمس وأنه قتله بعض بني إسرائيل " إن تريد إلا أن تكون جبارا في الارض " أي ما تريد إلا أن تكون جبارا عاليا في الارض بالقتل والظلم، ولما قال الاسرائيلي ذلك علم القبطي أن القاتل موسى، فانطلق إلى فرعون فأخبره به، فأمر فرعون بقتل موسى وبعث في طلبه. " فخرج منها " أي من مدينة فرعون " خائفا " من أن يطلب فيقتل " يترقب " الطلب قال ابن عباس: خرج متوجها نحو مدين وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه، وقيل: إنه خرج بغير زاد ولا حذاء ولا ظهر وكان لا يأكل إلا من حشيش الصحراء حتى بلغ ماء مدين " ولما توجه تلقاء مدين " قال الزجاج: أي لما سلك في الطريق الذي يلقى مدين فيها، وهي على مسيرة ثمانية أيام من مصر، نحو ما بين الكوفة إلى البصرة، ولم يكن له بالطريق علم ولذلك قال: " عسى ربي أن يهديني سواء السبيل " أي يرشدني قصد السبيل إلى مدين، وقيل: إنه لم يقصد موضعا بعينه ولكنه أخذ في طريق مدين. وقال عكرمة: عرضت لموسى أربع طرق فلم يدر أيتها يسلك، ولذلك قال: " عسى ربي أن يهديني " فلما دعا ربه استجاب له ودله على الطريق المستقيم إلى مدين، وقيل: جاء ملك على فرس بيده عنزة فانطلق به إلى مدين، وقيل: إنه خرج حافيا ولم يصل إلى مدين حتى وقع خف قدميه عن ابن جبير " فلما ورد ماء مدين " وهو بئر كانت لهم " وجد عليه امة من الناس " أي جماعة من الرعاة يسقون مواشيهم الماء من البئر " تذودان " أي تحبسان وتمنعان غنمهما من الورود إلى الماء، أو عن أن تختلط بأغنام الناس، أو تذودان الناس عن مواشيهما " قال " موسى لهما: " ما خطبكما " أي ما شأنكما ؟ ومالكما لا تسقيان مع الناس ؟ " قالتا لا نسقي " عند المزاحمة مع الناس " حتى يصدر الرعاء " قرأ أبو جعفر وأبو عمرو وابن عامر يصدر بفتح الياء وضم الدال، أي حتى يرجع الرعاء من سقيهم، والباقون يصدر بضم الياء وكسر الدال، أي حتى يصدروا مواشيهم عن وردهم فإذا انصرف الناس سقينا مواشينا من فضول الحوض " وأبونا شيخ كبير " لا يقدر أن تولى السقي بنفسه من الكبر، ولذلك احتجنا ونحن نساء أن نسقي الغنم، وإنما قالتا ذلك تعريضا للطلب من موسى أن يعينهما على السقي أو اعتذارا في الخروج بغير محرم " فسقى لهما " أي فسقى موسى غنمهما الماء لأجلهما، وهو أنه زحم القوم على الماء حتى أخرجهم عنه ثم سقى لهما، وقيل: رفع لأجلهما حجرا عن بئر كان لا يقدر على رفع ذلك الحجر إلا عشرة رجال وسألهم أن يعطوه دلوا فنالوه دلوا وقالوا له: انزح إن أمكنك، وكان لا ينزحها إلا عشرة فنزحها وحده، وسقى أغنامهما ولم يسق إلا ذنوبا واحدا حتى رويت الغنم " ثم تولى إلى الظل " أي ثم انصرف إلى ظل سمرة فجلس تحتها من شدة الحر وهو جائع " فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير " قال ابن عباس: سأل نبي الله اكلة من خبز يقيم به صلبه، وقال ابن إسحاق: فرجعتا إلى أبيهما في ساعة كانا لا ترجعان فيها فأنكر شأنهما وسألهما فأخبرتاه الخبر، فقال لإحداهما: علي به، فرجعت الكبرى إلى موسى لتدعوه فذلك قوله: " فجاءته إحديهما تمشي على استحياء " أي مستحيية معرضة عن عادة النساء الخفرات، وقال: غطت وجهها بكم درعها " قالت إن أبي يدعوك ليجزيك " أي ليكافئك على سقيك لغنمنا. وأكثر المفسرين على أن أباها شعيب عليه السلام، وقال وهب وابن جبير: هو يثروب  أخي شعيب، وكان شعيب قد مات قبل ذلك بعدما كف بصره ودفن بين المقام وزمزم، وقيل: يثروب هو اسم شعيب، قال أبو حازم: لما قالت: " ليجزيك أجر ما سقيت لنا " كره ذلك موسى عليه السلام وأراد أن لا يتبعها ولم يجد بدا أن يتبعها لأنه كان في أرض مسبعة وخوف فخرج معها، وكانت الريح تضرب ثوبها فيصف لموسى عجزها، فجعل موسى يعرض عنها مرة ويغض مرة، فناداها: يا أمة الله كوني خلفي فأريني السمت بقولك، فلما دخل على شعيب إذا هو بالعشاء مهيأ فقال له شعيب: اجلس يا شاب فتعش فقال له موسى: أعوذ بالله، قال شعيب: ولم ذاك ؟ ألست بجائع ؟ قال: بلى ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما، وإنا من أهل بيت لا نبيع شيئا من عمل الآخرة بملء الارض ذهبا، فقال له شعيب: لا والله يا شاب ولكنها عادتي وعادة آبائي، نقري الضيف ونطعم الطعام، قال: فجلس موسى يأكل. " نجوت من القوم الظالمين " يعني فرعون وقومه فإنهم لا سلطان لهم بأرضنا ولسنا من مملكته " قالت إحديهما " أي إحدى ابنتيه واسمها صفورة وهي التي تزوج بها، واسم الاخرى ليا، وقيل: اسم الكبرى صفراء، واسم الصغرى صفيراء " يا أبت استأجره " أي اتخذه أجيرا " القوي الامين " أي من يقوى على العمل وأداء الأمانة " على أن تأجرني " أي على أن تكون أجيرا لي ثمان سنين " فمن عندك " أي ذلك تفضل منك وليس بواجب عليك " وما اريد أن أشق عليك " في هذه الثماني حجج وأن اكلفك خدمة سوى رعي الغنم، وقيل: وما أشق عليك بأن آخذك بإتمام عشر سنين " ستجدني إن شاء الله من الصالحين " في حسن الصحبة والوفاء بالعهد، وحكى يحيى بن سلام أنه جعل لموسى كل سخلة توضع على خلاف شية امها، فأوحى الله تعالى إلى موسى في المنام: أن ألق عصاك في الماء، ففعل فولدن كلهن على خلاف شبههن، وقيل: إنه وعده أن يعطيه تلك السنة من نتاج غنمه كل أدرع وإنما نتجت كلها درعاء. وروى الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سئل أيتهما التي قالت: " إن أبي يدعوك " ؟ قال: التي تزوج بها، قيل: فأي الاجلين قضى ؟ قال: أوفاهما وأبعدهما عشر سنين، قيل: فدخل بها قبل أن يمضي الشرط أو بعد انقضائه ؟ قال: قبل أن ينقضي، قيل له: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لأبيها إجارة شهرين أيجوز ذلك ؟ قال: إن موسى عليه السلام علم أنه سيتم له شرطه، قيل: كيف ؟ قال: إنه علم أنه سيبقى حتى يفي. " قال " موسى " ذلك بيني وبينك " أي ذلك الذي شرطت علي فلك، وما شرطت لي من تزويج إحداهما فلي وتم الكلام، ثم قال: " أيما الاجلين " من الثماني والعشر " قضيت " أي أتممت وفرغت منه " فلا عدوان علي " أي فلا ظلم علي بأن اكلف أكثر منها " والله على ما نقول وكيل " أي شهيد فيما بيني وبينك " فلما قضى موسى الاجل " أي أوفاهما، وروى الواحدي بإسناده عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا سئلت أي الاجلين قضى موسى ؟ فقل: خيرهما وأبرهما، وإذا سئل أي المرأتين تزوج ؟ فقل: الصغرى منهما وهي التي جاءت فقال: " يا أبت استأجره ". وقال وهب: تزوج الكبرى منهما، وفي الكلام حذف وهو: فلما قضى موسى الاجل وتسلم زوجته ثم توجه نحو الشام وسار بأهله " آنس من جانب الطور نارا " وقيل: إنه لما زوجها منه أمر الشيخ أن يعطى موسى عصا يدفع السباع عن غنمه بها فأعطي العصا، وقيل: خرج آدم بالعصا من الجنة فأخذها جبرئيل عليه السلام بعد موت آدم وكانت معه حتى لقي بن موسى عليه السلام ليلا فدفعها إليه، وقيل: لم تزل الانبياء يتوارثونها حتى وصلت إلى شعيب عليه السلام فأعطاها موسى وكانت عصي الانبياء عنده. وروى عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كانت عصا موسى قضيب آس من الجنة أتاه به جبرئيل لما توجه تلقاء مدين. وقال السدي: كانت تلك العصا استودعها شعيبا ملك في صورة رجل فأمر ابنته أن تأتيه بعصا فدخلت وأخذت العصا فأتته بها، فلما رآها الشيخ قال: ايتيه بغيرها، فألقتها وأرادت أن تأخذ غيرها فكان لا تقع في يدها إلا هي، فعلت ذلك مرارا فأعطاها موسى. وقوله: " سار بأهله " قيل: إنه مكث بعد انقضاء الاجل عند صهره عشرا اخرى تمام عشرين، ثم استأذنه في العود إلى مصر ليزور والدته وأخاه فأذن له فسار بأهله، عن مجاهد، وقيل: إنه لما قضى العشر سار بأهله أي بامرأته وبأولاد الغنم التي كانت له وكانت قطيعا فأخذ على غير الطريق مخافة ملوك الشام، وامرأته في شهرها فسار في البرية غير عارف بالطريق فألجأه المسير إلى جانب الطور الايمن في ليلة مظلمة شديدة البرد، وأخذ امرأته الطلق، وضل الطريق وتفرقت ماشيته وأصابه المطر فبقي لا يدري أين يتوجه، فبينا هو كذلك إذ آنس من جانب الطور نارا. وروى أبو بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما قضى موسى الاجل وسار بأهله نحو بيت المقدس أخطأ الطريق ليلا فرأى نارا " إني آنست نارا " أي أبصرت بخبر، أي من الطريق الذي اريد قصده وهل أنا على صوبه أو منحرف عنه، وقيل: بخبر من النار هل هي لخير نأنس به أو لشر نحذره " أو جذوة " أي قطعة من النار، وقيل: بأصل شجرة فيها نار " لعلكم تصطلون " أي تستدفئون بها " من شاطئ الواد الايمن " أي من الجانب الايمن للوادي " في البقعة المباركة " وهي البقعة التي قال الله تعالى فيها لموسى: " اخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى " وإنما كانت مباركة لأنها معدن الوحي والرسالة وكلام الله تعالى، أو لكثرة الأشجار والثمار والخير والنعم بها، والاول أصح " من الشجرة " إنما سمع موسى عليه السلام النداء والكلام من الشجرة لان الله تعالى فعل الكلام فيها، وجعل الشجرة محل الكلام، لان الكلام عرض يحتاج إلى محل، وعلم موسى بالمعجزة أن ذلك كلامه تعالى، وهذه أعلى منازل الانبياء، أعني أن يسمعوا كلام الله من غير واسطة ومبلغ وكان كلامه سبحانه: " أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين " أي أن المكلم لك هو الله مالك العالمين تعالى وتقدس عن أن يحل في محل، أو يكون في مكان لأنه ليس بعرض ولا جسم " وأن ألق عصاك " إنما أعاد سبحانه هذه القصة وكررها في السور تقريرا للحجة على أهل الكتاب واستمالة بهم إلى الحق، ومن أحب شيئا أحب ذكره، والقوم كانوا يدعون محبة موسى عليه السلام، وكل من ادعى اتباع سيده مال إلى ذكره بالفضل، على أن كل موضع من مواضع التكرار لا يخلو من زيادة فائدة " فلما رآها تهتز " أي تتحرك " كأنها جان " من سرعة حركتها أو شدة اهتزازها " ولى مدبرا " موسى " ولم يعقب " أي لم يرجع، فنودي: " يا موسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين " من ضررها " اسلك يدك " أي أدخلها " من غير سوء " أي من غير برص " واضمم إليك جناحك من الرهب " أي ضم يدك إلى صدرك من الخوف فلا خوف عليك، عن ابن عباس ومجاهد، والمعنى أن الله سبحانه أمره أن يضم يده إلى صدره فيذهب ما أصابه من الخوف عند معاينة الحية، وقيل: أمره سبحانه بالعزم على ما أراده منه وحثه على الجد فيه لئلا يمنعه الخوف الذي يغشاه في بعض الاحوال فيما أمره بالمضي فيه، وليس يريد بقوله: " اضمم يدك " الضم المزيل للفرجة بين الشيئين، وقيل: إنه لما ألقى العصا وصارت حية بسط يده كالمتقي وهما جناحاه فقيل له: " اضمم إليك جناحك " أي ما بسطته من يدك لأنك آمن من ضررها، ويجوز أن يكون معناه اسكن ولا تخف فإن من هاله أمر أزعجه حتى كأنه يطيره، وآلة الطيران الجناح، فكأنه عليه السلام قد بلغ نهاية الخوف فقيل له: ضم منشور جناحك من الخوف واسكن، وقيل: معناه: إذا هالك أمر يدك لما تبصر من شعاعها فاضممها إليك لتسكن " فذانك برهانان " أي اليد والعصا حجتان من ربك على نبوتك مرسلا بهما إلى فرعون وملائه. قوله: " هو أفصح مني لسانا " إنما قال ذلك لعقدة كانت في لسانه " فأرسله معي ردءا " أي معينا لي على تبليغ رسالتك " يصدقني " أي مصدقا لي على ما أوديه من الرسالة وقيل: أي لكي يصدقني فرعون " قال سنشد عضدك بأخيك " أي سنجعله رسولا معك وننصرك به " ونجعل لكما سلطانا " أي حجة وقوة وبرهانا " فلا يصلون إليكما بآياتنا " أي لا يصل فرعون وقومه إلى الاضرار بكما بسبب ما نعطيكما من الآيات وما يجري على أيديكما من المعجزات، وقيل: إن قوله " بآياتنا " موضعه التقديم، أي ونجعل لكما سلطانا بآياتنا فلا يصلون إليكما " أنتما ومن اتبعكما الغالبون " على فرعون وقومه، القاهرون لهم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [14] 
تاريخ النشر : 2024-08-14


Untitled Document
دعاء يوم الأثنين
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُشْهِدْ أَحَداً حِينَ فَطَرَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ، وَلا اتَّخَذَ مُعِيناً حِينَ بَرَأَ النَّسَماتِ، لَمْ يُشارَكْ فِي الاِلهِيَّةِ، وَلَمْ يُظاهَرْ فِي الوَحْدانِيَّةِ. كَلَّتِ الأَلْسُنُ عَنْ غَايَةِ صِفَتِهِ، وَالعُقُولُ عَنْ كُنْهِ مَعْرِفَتِهِ، وَتَواضَعَتِ الجَبابِرَةُ لِهَيْبَتِهِ، وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِخَشْيَتِهِ، وَانْقادَ كُلُّ عَظِيمٍ لِعَظَمَتِهِ، فَلَكَ الحَمْدُ مُتَواتِراً مُتَّسِقاً ومُتَوالِياً مُسْتَوْسِقاً، وَصَلَواتُهُ عَلى رَسُولِهِ أَبَداً وَسَلامُهُ دائِماً سَرْمَداً، اللّهُمَّ اجْعَلْ أَوَّلَ يَوْمِي هذا صَلاحاً وَأَوْسَطَهُ فَلاحاً وَآخِرَهُ نَجاحاً، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمٍ أَوَّلُهُ فَزَعٌ، وَأَوْسَطُهُ جَزَعٌ، وَآخِرُهُ وَجَعٌ. اللّهُمَّ إِنِّي أسْتَغْفِرُكَ لِكُلِّ نَذْرٍ نَذَرْتُهُ، وَكُلِّ وَعْدٍ وَعَدْتُهُ، وَكُلِّ عَهْدٍ عاهَدْتُهُ ثُمَّ لَمْ أَفِ بِهِ، وَأَسأَلُكَ فِي مَظالِمِ عِبادِكَ عِنْدِي، فَأَيُّما عَبْدٍ مِنْ عَبِيدِكَ أَو أَمَةٍ مِنْ إِمائِكَ كانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُها إِيّاهُ فِي نَفْسِهِ، أَوْ فِي عِرْضِهِ أَوْ فِي مالِهِ أَوْ فِي أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ، أَوْ غيْبَةٌ اغْتَبْتُهُ بِها، أَوْ تَحامُلٌ عَلَيْهِ بِمَيْلٍ أَوْ هَوَىً أَوْ أَنَفَةٍ أَوْ حَمِيَّةٍ أَوْ رِياءٍ أَوْ عَصَبِيَّةٍ غائِباً كانَ أَوْ شاهِداً، وَحَيّاً كانَ أَوْ مَيِّتاً، فَقَصُرَتْ يَدِي وَضاقَ وُسْعِي عَنْ رَدِّها إِلَيْهِ والتَحَلُّلِ مِنْهُ، فَأَسْأَلُكَ يا مَنْ يَمْلِكُ الحاجاتِ وَهِي مُسْتَجِيبَةٌ لِمَشِيئَتِهِ وَمُسْرِعَةٌ إِلى إِرادَتِهِ، أَنْ تُصَلِّيَّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُرْضِيَهُ عَنِّي بِما شِئْتَ، وَتَهَبَ لِي مِنْ عِنْدِكَ رَحْمَةً، إِنَّهُ لا تَنْقُصُكَ المَغْفِرَةُ ولا تَضُرُّكَ المَوْهِبَةُ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. اللّهُمَّ أَوْلِنِي فِي كُلِّ يَوْمِ اثْنِينِ نِعْمَتَيْنِ مِنْكَ ثِنْتَيْنِ: سَعادَةً فِي أَوَّلِهِ بِطاعَتِكَ، وَنِعْمَةً فِي آخِرِهِ بِمَغْفِرَتِكَ، يامَنْ هُوَ الإِلهُ وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ سِواهُ.

زيارات الأيام
زيارة الحسن والحسين (عليهما السلام) يوم الإثنين
زِيارةُ الحَسَنِ (عليه السلام): اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ رَبِّ الْعالَمينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ فاطِمَةَ الزَّهْراءِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حُجَّةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا نُورَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِراطَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا بَيانَ حُكْمِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا ناصِرَ دينِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا السَّيِدُ الزَّكِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْبَرُّ الْوَفِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْقائِمُ الْاَمينُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْعالِمُ بِالتَّأْويلِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْهادِي الْمَهْديُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الطّاهِرُ الزَّكِيُّ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا التَّقِيُّ النَّقِيُّ السَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الْحَقُّ الْحَقيقُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ اَيُّهَا الشَّهيدُ الصِّدّيقُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَبا مُحَمَّد الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ. زِيارة الحُسَينِ (عليه السلام) : اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ رَسُولِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يَا بْنَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ اَشْهَدُ اَنـَّكَ اَقَمْتَ الصلاةَ وَآتَيْتَ الزَّكوةَ وَاَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَيْتَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً وَجاهَدْتَ فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ فَعَلَيْكَ السَّلامُ مِنّي ما بَقيتُ وَبَقِيَ اللَّيْلُ وَالنَّهارُ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، اَنَا يا مَوْلايَ مَوْلىً لَكَ وَلاِلِ بَيْتِكَ سِلْمٌ لِمَنْ سالَمَكُمْ وَحَرْبٌ لِمَنْ حارَبَكُمْ مُؤْمِنٌ بِسِرِّكُمْ وَجَهْرِكُمْ وَظاهِرِكُمْ وَباطِنِكُمْ لَعَنَ اللهُ اَعْداءَكُمْ مِنَ الْاَوَّلينَ وَالاْخِرينَ وَاَنـَا أبْرَأُ اِلَى اللهِ تَعالى مِنْهُمْ يا مَوْلايَ يا اَبا مُحَمَّد يا مَوْلايَ يا اَبا عَبْدِ اللهِ هذا يَوْمُ الْاِثْنَيْنِ وَهُوَ يَوْمُكُما وَبِاسْمـِكُما وَاَنـَا فيهِ ضَيْفُكُما فَاَضيفانى وَاَحْسِنا ضِيافَتي فَنِعْمَ مَنِ اسْتُضيفَ بِهِ اَنْتُما وَاَنـَا فيهِ مِنْ جِوارِكُما فَاَجيرانى فَاِنَّكُما مَأْمُورانِ بِالضِّيافَةِ وَالْاِجارَةِ فَصَلَّى اللهُ عَلَيْكُما وَآلِكُمَا الطَّيِّبينَ.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+