أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه
السلام في قوله: " ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان
يختصمون " يقول: مصدق ومكذب، قال الكافرون منهم: " أتشهدون أن صالحا
مرسل من ربه " قال المؤمنون: " إنا
بما ارسل به مؤمنون " فقال الكافرون " إنا بالذي آمنتم
به كافرون * وقالوا يا صالح ائتنا بآية إن كنت من الصادقين " فجاءهم بناقة فعقروها
وكان الذي عقرها أزرق أحمر ولد الزنا، وأما
قوله: " لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة " فإنهم سألوه قبل أن تأتيهم
الناقة أن يأتيهم بعذاب أليم، فقال: " يا
قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة " يقول: بالعذاب
قبل الرحمة. قول: " اطيرنا بك وبمن معك " فإنهم أصابهم جوع شديد فقالوا: هذا
من شؤمك وشؤم من معك أصابنا هذا وهي الطيرة " قال إنما طائركم عند الله
" يقول خيركم وشركم من عند الله "
بل أنتم قوم تفتنون " أي تبتلون. قوله: " وكان في
المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " كانوا يعملون في الأرض
بالمعاصي. قوله: " تقاسموا بالله " أي
تحالفوا " لنبيتنه وأهله ثم لنقولن " لنحلفن " لوليه " منهم
" ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون " يقول: لنفعلن فأتوا صالحا "
ليلا " ليقتلوه وعند صالح ملائكة يحرسونه فلما
أتوه قاتلتهم الملائكة في دار صالح رجما " بالحجارة
فأصبحوا في داره مقتلين، وأخذت قومه الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين.
- " هضيم " أي ممتلئ " فارهين " أي حاذقين، ويقرء فرهين أي بطرين " تمتعوا حتى حين " قال: الحين ههنا ثلاثة أيام " فتنة لهم " أي اختبارا " " فنادوا صاحبهم " قدرا " الذي عقر الناقة " كهشيم المحتظر " قال: الحشيش والنبات " كذبت ثمود وعاد بالقارعة " قال: قرعهم العذاب " جابوا الصخر " حفروا الجوبة في الجبال.
- قوله: " وإلى ثمود أخاهم صالحا
" قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو
أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب "
إلى قوله: " وإننا لفي شك مما تدعونا
إليه مريب " فإن الله تبارك وتعالى بعث صالحا " إلى
ثمود وهو ابن ست عشر سنة لا يجيبونه إلى خير، وكان لهم سبعون صنما " يعبدونها
من دون الله، فلما رأى ذلك منهم قال لهم: يا قوم بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر
سنة، و قد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم أمرين: إن شئتم فاسألوني حتى أسأل
إلهي فيجيبكم، وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني خرجت عنكم، فقالوا: أنصفت فأمهلنا
فأقبلوا يتعبدون ثلاثة أيام ويتمسحون الأصنام ويذبحون لها، وأخرجوها إلى
سفح الجبل، وأقبلوا يتضرعون إليها، فلما كان يوم الثالث قال لهم صالح عليه السلام:
قد طال هذا الأمر فقالوا له: سل ما شئت، فدنا إلى أكبر صنم لهم فقال له:
ما اسمك ؟ فلم يجبه، فقال (لهم خ): ماله لا يجيبني ؟ قالوا له: تنح عنه، فتنحى عنه
فأقبلوا إليه يتضرعون ووضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا: فضحتنا ونكست رؤوسنا،
فقال صالح: قد ذهب النهار، فقالوا: سله، فدنا منه فكلمه فلم يجبه، فبكوا وتضرعوا
حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبه بشئ، فقالوا: إن هذا لا يجيبك، ولكنا نسأل
إلهك، فقال لهم: سلوا ما شئتم، فقالوا: سله أن يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء
شقراء عشراء، أي حاملة، تضرب منكبيها طرفي الجبلين، وتلقي فصيلها من ساعتها،
وتدر لبنها، فقال صالح: إن الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام فصلى
ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دويا " شديدا
" فزعوا منه وكادوا أن يموتوا منه، فطلع رأس الناقة وهي تجتر، فلما خرجت ألقت
فصيلها، ودرت بلبنها فبهتوا، وقالوا: قد علمنا يا صالح إن
ربك أعز وأقدر من آلهتنا التي نعبدها، وكان لقريتهم
ماء وهي الحجر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وهو قوله: " كذب أصحاب الحجر المرسلين
" فقال لهم صالح: لهذه الناقة شرب، أي تشرب ماءكم يوما " وتدر لبنها
عليكم يوما "، وهو قوله عزوجل: "
لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب
يوم عظيم " فكانت تشرب ماءهم يوما "، وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم
فلا يبقى في القرية أحد إلا حلب منها
حاجته، وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة
النمل " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " فعقروا
الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل، فلما
عقروا الناقه قالوا لصالح: " ائتنا بما تعدنا
إن كنت من الصادقين " قال صالح: " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد
غير مكذوب " ثم قال لهم: وعلامة
هلاككم أنه تبيض وجوهكم غدا "، وتحمر بعد غد وتسود يوم الثالث،
فلما كان من الغد نظروا إلى وجوههم قد ابيضت مثل القطن، فلما كان يوم الثاني
احمرت مثل الدم، فلما كان يوم الثالث اسودت وجوههم، فبعث الله عليهم صيحة وزلزلة
فهلكوا، وهو قوله تعالى: " فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في ديارهم جاثمين "
فما تخلص منهم غير صالح وقوم مستضعفين
مؤمنين وهو قوله: " فلما جاء أمرنا نجينا صالحا " والذين
آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا
الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا " كفروا ربهم
ألا بعدا لثمود ".
- في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله: " كذبت ثمود بطغواها
" يقول: الطغيان حملها على التكذيب، قال علي بن إبراهيم في قوله: "
أشقها " قال: الذي عقر الناقة. وقوله: "
فدمدم عليهم " قال: أخذهم بغتة وغفلة بالليل " ولا يخاف
عقباها " قال: من بعد هؤلاء الذين أهلكناهم لا يخافون.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [377]
تاريخ النشر : 2024-08-10