أحاديث وروايات حول القرآن الكريم/تعلم القرآن الكريم وحفظه وحمله/الإمام الباقر (عليه السلام)
علي بن محمد، عن بعض أصحابه، عن آدم بن إسحاق، عن عبد الرزاق بن مهران، عن
الحسين بن ميمون، عن محمد بن سالم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن [أ] ناسا
تكلموا في هذا القرآن بغير علم وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول: {هُوَ الَّذِي
أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ
وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ
فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ
تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ } [آل عمران: 7] الآية
فالمنسوخات من المتشابهات، والمحكمات من الناسخات، إن الله عزوجل بعث نوحا إلى
قومه { أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ } [نوح: 3] ثم دعاهم إلى
الله وحده وأن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم بعث الأنبياء (عليهم السلام) على
ذلك إلى أن بلغوا محمدا (صلى الله عليه وآله) فدعاهم إلى أن يعبدوا الله ولا
يشركوا به شيئا وقال: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا
وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى
وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى
الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ
وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13] فبعث الأنبياء إلى قومهم بشهادة أن
لا إله إلا الله والاقرار بما جاء [به] من عند الله فمن آمن مخلصا ومات على ذلك
أدخله الله الجنة بذلك وذلك أن الله ليس بظلام للعبيد وذلك أن الله لم يكن يعذب
عبدا حتى يغلظ عليه في القتل والمعاصي التي أوجب الله عليه بها النار لمن عمل بها،
فلما استجاب لكل نبي من استجاب له من قومه من المؤمنين، جعل لكل نبي منهم شرعة
ومنهاجا والشرعة و المنهاج سبيل وسنة وقال الله لمحمد (صلى الله عليه وآله): {إِنَّا
أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ
بَعْدِهِ} [النساء: 163] وأمر كل نبي بالأخذ بالسبيل والسنة وكان من السنة و
السبيل التي أمر الله عز وجل بها موسى (عليه السلام) أن جعل الله عليهم السبت وكان
من أعظم السبت ولم يستحل أن يفعل ذلك من خشية الله، أدخله الله الجنة ومن استخف
بحقه واستحل ما حرم الله عليه من عمل الذي نهاه الله عنه فيه، أدخله الله عز وجل
النار وذلك حيث استحلوا الحيتان واحتبسوها وأكلوها يوم السبت، غضب الله عليهم من
غير أن يكونوا أشركوا بالرحمن ولا شكوا في شئ مما جاء به موسى (عليه السلام)، قال
الله عز وجل: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ
فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} [البقرة: 65] ثم بعث الله عيسى
(عليه السلام) بشهادة أن لا إله إلا الله والاقرار بما جاء به من عند الله وجعل
لهم شرعة ومنهاجا فهدمت السبت الذي أمروا به أن يعظموه قبل ذلك وعامة ما كانوا
عليه من السبيل والسنة التي جاء بها موسى فمن لم يتبع سبيل عيسى أدخله الله النار
وإن كان الذي جاء به النبيون جميعا أن لا يشركوا بالله شيئا، ثم بعث الله محمدا
(صلى الله عليه وآله) و هو بمكة عشر سنين فلم يمت بمكة في تلك العشر سنين أحد يشهد
أن لا إله إلا الله و أن محمدا (صلى الله عليه وآله) رسول الله إلا أدخله الله
الجنة باقراره وهو إيمان التصديق ولم يعذب الله أحدا ممن مات وهو متبع لمحمد (صلى الله عليه وآله) على ذلك إلا من أشرك
بالرحمن وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة بني إسرائيل بمكة { وَقَضَى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}
[الإسراء: 23] - إلى قوله تعالى - { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا}
[الإسراء: 30] أدب وعظة وتعليم ونهي خفيف ولم يعد عليه ولم يتواعد على اجتراح شئ
مما نهى عنه وأنزل نهيا عن أشياء حذر عليها ولم يغلظ فيها ولم يتواعد عليها وقال: {وَلَا
تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ
إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا * وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ
كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا * وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا * وَلَا
تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ
أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا * وَأَوْفُوا
الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ
وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا * وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ
السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا *
وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ
تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ
مَكْرُوهًا * مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ
مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا }
[الإسراء: 31 - 39] وأنزل في {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1]
{فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى * الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل:
14، 16] فهذا مشرك وأنزل في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1] {
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا *
وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا * إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ
لَنْ يَحُورَ * بَلَى} [الانشقاق: 10 - 15] فهذا مشرك وأنزل في [سورة] تبارك {كُلَّمَا
أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ *
قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ
مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8، 9] فهؤلاء مشركون وأنزل في الواقعة {وَأَمَّا إِنْ كَانَ
مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ * وَتَصْلِيَةُ
جَحِيمٍ} [الواقعة: 92 - 94] فهؤلاء مشركون وأنزل في الحاقة {وَأَمَّا مَنْ
أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ *
وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا
أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ} [الحاقة: 25 - 28] - إلى قوله - {إِنَّهُ كَانَ لَا
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ } [الحاقة: 33] فهذا مشرك، وأنزل في طسم {
وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ
تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ *
فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}
[الشعراء: 91 - 95] جنود إبليس ذريته من الشياطين وقوله: {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا
الْمُجْرِمُونَ } [الشعراء: 99] يعني المشركين الذين اقتدوا بهم هؤلاء فاتبعوهم
على شركهم وهم قوم محمد (صلى الله عليه وآله) ليس فيهم من اليهود والنصارى أحد
وتصديق ذلك قول الله عز وجل: {ذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} [الحج: 42]
{كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ} [الشعراء: 176] {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ}
[الشعراء: 160] ليس فيهم اليهود الذين قالوا: عزير ابن الله ولا النصارى الذين
قالوا: المسيح ابن الله، سيدخل الله اليهود والنصارى النار ويدخل كل قوم بأعمالهم،
وقولهم : {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ } [الشعراء: 99] إذ دعونا إلى
سبيلهم ذلك قول الله عز وجل فيهم حين جمعهم إلى النار: {أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ
رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ}
[الأعراف: 38] وقوله: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا
ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا } [الأعراف: 38] برئ بعضهم من بعض ولعن بعضهم بعضا،
يريد بعضهم أن يحج بعضا رجاء الفلج فيفلتوا من عظيم ما نزل بهم وليس بأوان بلوى
ولا اختبار ولا قبول معذرة ولات حين نجاة والآيات وأشباههن مما نزل به بمكة ولا
يدخل الله النار إلا مشركا، فلما أذن الله لمحمد (صلى الله عليه وآله) في الخروج
من مكة إلى المدينة بني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا (صلى
الله عليه وآله) عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر
رمضان وأنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها
النار لمن عمل بها وأنزل في بيان القاتل { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا
فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ
وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } [النساء: 93] ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز
وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ
فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا } [الأحزاب: 64، 65] وكيف
يكون في المشيئة وقد ألحق به - حين جزاه جهنم - الغضب واللعنة وقد بين ذلك من
الملعونون في كتابه وأنزل في مال اليتيم من أكله ظلما {إِنَّ الَّذِينَ
يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ
نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10] وذلك أن آكل مال اليتيم يجيئ يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه حتى يخرج لهب النار من فيه حتى يعرفه كل أهل
الجمع أنه آكل مال اليتيم وأنزل في الكيل {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1]
ولم يجعل الويل لاحد حتى يسميه كافرا، قال الله عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [مريم: 37] وأنزل في العهد {إِنَّ
الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا
يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ } [آل عمران: 77] والخلاق: النصيب، فمن لم يكن له نصيب في الآخرة فبأي شئ
يدخل الجنة وأنزل بالمدينة {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ
مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ
ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [النور: 3] فلم يسم الله الزاني مؤمنا ولا الزانية
مؤمنة وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): - ليس يمتري فيه أهل العلم أنه قال -:
لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن فإنه إذا فعل
ذلك خلع عنه الايمان كخلع القميص، ونزل بالمدينة { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ
ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا
فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [النور: 4، 5] فبرأه الله ما كان مقيما على
الفرية من أن يسمى بالايمان، قال الله عز وجل: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ
كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } [السجدة: 18] وجعله الله منافقا، قال الله عز
وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67] وجعله عز وجل من
أولياء إبليس، قال: { إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ
رَبِّهِ} [الكهف: 50] وجعله ملعونا فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ
الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا
وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ
أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النور:
23، 24] وليست تشهد الجوارح على مؤمن إنما تشهد على من حقت عليه كلمة العذاب، فأما
المؤمن فيعطى كتابه بيمينه قال الله عز وجل: " فأما من أوتي كتاب بيمينه فأولئك يقرؤن كتابهم ولا يظلمون فتيلا " وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء وتصديق ذلك أن الله عز وجل أنزل عليه في سورة
النساء {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا
عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ
حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}
[النساء: 15] والسبيل الذي قال الله عز وجل: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا
وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ
وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 1، 2].
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج2 ، ص 28
تاريخ النشر : 2023-05-21