النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/آدم وحواء صلوات الله عليهما وأولادهما /سجود الملائكة وتعليمه لهم ومدة مكثه عليه السلام في الجنة /الإمام العسكري (عليه السلام)
بالأسناد إلى أبي محمد العسكري
عليه السلام في خبر طويل يذكر فيه أمر العقبة: إن المنافقين قالوا لرسول الله
صلى الله عليه وآله: أخبرنا عن علي عليه السلام أهو أفضل أم ملائكة الله المقربون
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: وهل شرفت ملائكة الله إلا بحبها لمحمد
وعلي، وقبولها لولايتهما ؟ إنه لا أحد من محبي علي عليه السلام نظف قلبه من قذر
الغش والدغل والغل ونجاسة الذنوب إلا لكان أطهر وأفضل من الملائكة، وهل أمر الله
الملائكة بالسجود لآدم إلا لما كانوا قد وضعوه في نفوسهم أنه لا يصير في الدنيا
خلق بعدهم إذا رفعوا عنها إلا وهم - يعنون أنفسهم - أفضل منهم في الدين فضلا
"، وأعلم بالله وبدينه علما "، فأراد
الله أن يعرفهم أنهم قد أخطؤوا في ظنونهم واعتقاداتهم، فخلق آدم وعلمه الأسماء
كلها ثم عرضها عليهم فعجزوا عن معرفتها، فأمر آدم أن ينبئهم بها وعرفهم فضله في العلم
عليهم. ثم أخرج من صلب آدم ذرية منهم الأنبياء والرسل والخيار من عباد
الله أفضلهم محمد ثم آل محمد، ومن الخيار الفاضلين منهم أصحاب محمد وخيار امة محمد،
وعرف الملائكة بذلك أنهم أفضل من الملائكة إذا احتملوا ما حملوه من الأثقال وقاسوا
ما هم فيه من تعرض أعوان الشياطين، ومجاهدة النفوس واحتمال أذى ثقل العيال
والاجتهاد في طلب الحلال ومعاناة مخاطرة الخوف من الأعداء من لصوص مخوفين،
ومن سلاطين جورة قاهرين، وصعوبة في المسالك في المضائق والمضائق والمخاوف والأجزاع
والجبال والتلال لتحصيل أقوات الأنفس والعيال من الطيب الحلال، عرفهم الله عزوجل
أن خيار المؤمنين يحتملون هذه البلايا ويتخلصون منها، ويتحاربون الشياطين ويهزمونهم
ويجاهدون أنفسهم بدفعها عن شهواتها، ويغلبونها مع ما ركب فيه من شهوة الفحولة
وحب اللباس والطعام، والعز والرئاسة والفخر والخيلاء، ومقاساة العناء والبلاء
من إبليس لعنه الله وعفاريته، و خواطرهم وإغوائهم واستهوائهم، ودفع ما يكيدونه
من ألم الصبر على سماع الطعن من أعداء الله، وسماع الملاهي والشتم لأولياء
الله، ومع ما يقاسونه في أسفارهم لطلب أقواتهم، والهرب من أعداء دينهم، أو الطلب
لما يألمون معاملته من مخالفيهم في دينهم، قال الله عزوجل: يا ملائكتي وأنتم
من جميع ذلك بمعزل: لا شهوات الفحولة تزعجكم، ولا شهوة
الطعام تحفزكم، ولا خوف من أعداء دينكم ودنياكم ينخب في قلوبكم، ولا لإبليس في ملكوت
سماواتي وأرضي شغل على إغواء ملائكتي الذين قد عصمتهم منهم، يا ملائكتي فمن أطاعني
منهم وسلم دينه من هذه الآفات والنكبات فقد احتمل في جنب محبتي ما لم تحتملوا،
واكتسب من القربات إلي ما لم تكتسبوا، فلما عرف الله ملائكته فضل خيار امة محمد
صلى الله عليه وآله وشيعة علي وخلفائه عليهم السلام عليهم، واحتمالهم في جنب محبة
ربهم ما لا يحتمله الملائكة أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم ثم قال: فلذلك
فاسجدوا لآدم لما كان مشتملا " على أنوار هذه الخلائق الأفضلين، ولم يكن سجودهم
لآدم، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عزوجل وكان بذلك معظم " مبجلا
" له، ولا ينبغي لأحد أن يسجد لاحد من دون الله، يخضع له خضوعه لله، ويعظمه بالسجود
له كتعظيمه لله، ولو أمرت أحدا " أن يسجد هكذا لغير الله لأمرت ضعفاء شيعتنا
وسائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا لمن توسط في علوم رسول الله صلى الله
عليه وآله، و محض وداد خير خلق الله علي بعد محمد رسول الله، واحتمل المكاره والبلايا
في التصريح بإظهار حقوق الله، ولم ينكر علي حقا " ارقبه عليه قد كان جهله أو أغفله.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [ 136 ]
تاريخ النشر : 2024-05-28