الحرب النفسية في العصور الوسطى
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 28- 29
2025-11-26
34
الحرب النفسية في العصور الوسطى:
بحسب المؤرخ الهولندي "يوهان هويزنجا" فإن "الدين" و"الحرب" و "الفروسية" ثلاث كلمات تشكل ما يعرف "بقانون الفروسية"، ولا يمكن فهم القرن الحادي عشر عقل العصور الوسطى المتأخرة من دونها، وهي الأقوى بين جميع المفاهيم الأخلاقية التي سيطرت على عقل وقلب إنسان العصور الوسطى المتأخرة، فمنذ القرن الحادي عشر وحتى القرن الخامس عشر كان قانون الفروسية هو ما يحدد أسلوب قتال النبلاء الغربيين وسلوكهم في ميادين المعارك، وكان مثلاً أعلى أو مفهوماً ينبغي أن يطمح الرجال إليه على الرغم أن قدرتهم على أن يعيشوا طبقاً له بالفعل كانت أمراً آخر.
لقد كان الفرسان - وهم في خدمة الملك - أداة لا تقدر بثمن لامتلاك السلطة، وقد وجد الفرسان أنهم يستطيعون في بعض الظروف أن يمارسوا عملهم الوحشي ببركة من الرب خاصة بعد عهد البابا "جريجورى السابع" (1073-1085).
كان من الضروري أن يقوم المرء بأكثر من مجرد الخروج إلى القتال، لقد كان عليه أن يظهر البسالة والشجاعة في الالتحام، كانت هذه واحدة من طرق قليلة لحيازة الشرف والمجد في المجتمع ولكسب المكافآت المالية والترقي الاجتماعي.
لقد مزقت الحروب القرنين الحادي عشر والثاني عشر وكان لقانون الفروسية دور كبير في ذلك، حيث أدى في ـ كثير من الأحيان إلى الولع بالحرب للحرب في ذاتها، وإلى نوع من التمجيد الرومانسي لمهارات القتال حتى أن معجباً - زائد الحماس - لذلك القانون كتب في وقت متأخر يقول: "يا للحرب من شيء بهيج، اعتقد أن الرب بفضل أولئك الذين يخاطرون بحياتهم من خلال استعدادهم لشن الحرب حتى يُخضعوا للعدالة كل الأشرار والطغاة والغزاة والمتكبرين وكل من ينكرون المساواة الحقة، إنك تحب رفيقك في الحرب كل الحب وتفيض عيناك بالدموع حين تشعر بأن خصومتك عادلة وإن دمائك تثور كما ينبغي أن تثور ويمتلئ قلبك بشعور عظيم الحلاوة عندما تبصر صديقك وهو يعرض جسمه بكل بسالة لكي ينجز وينفذ أمر الله فتكون عندئذ مستعداً لأن تنطلق لتموت أو تحيا معه، لئلا تتخلى عنه في سبيل الحب، فتنبثق بهجة طاغية لا يستطيع من لا يجربها أن يكون قادراً على وصف أي نوع من البهجة هي".
وقد عبرت أغاني الفروسية بشكل جيد عن التبصر بما كان يدفع رجال العصور الوسطى إلى القتال، ولقد لعب الدين - كما تجلى لنا من قبل – دوراً مهماَ في هذا السبيل - حيث كانت الصلوات العامة تقام قبل كل معركة حيث يتعين على الجنود يمارسوا كامل شعائرهم الدينية، وربما يحددون وصاياهم أيضاً، وكانت الأغنيات نفسها تنشد لكي تقوى عزائمهم في مسيراتهم الطويلة بكلمات تذكرهم بواجباتهم الدينية وبأسلافهم الأمجاد وكانت تلك الأغنيات عاملاً مهماً من عوامل رفع المعنويات.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة