ميدان الحرب النفسية
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 15- 16
2025-11-26
30
ميدان الحرب النفسية:
يعتبر الإنسان بما فيه من روح وعقل وجسم هو الميدان الحيوي للحرب النفسية بقصد توجيهه والتحكم فيه كما تشاء القوى المستعملة للحرب، فالله سبحانه وتعالى زود الإنسان بعناصر قوة ومصادر طاقة تؤهله ليواجه صعاب الحياة بكل أشكالها، ومن هذه الطاقات ما يأتي:
1- الطاقة الروحية: وهي أهم قوة في الإنسان والتي تعتبر بمثابة واقي الصدمات والذي يجعله يتسامى بمعنوياته إلى العلي، متمسكا بقدرة الخالق التي تزيده شعورا بالاعتزاز بالذات والاطمئنان بحيث لا يتزعزع عند الشدائد، وهذه الطاقة الخارقة هي التي تجعل أفراد المجتمع يملكون القدرة على التحمل والصبر لكل المحن والشدائد ولما أدرك غيرنا أهميتها أصبحوا يستعملون كل الوسائل الدعائية (بما فيها الأعمال الإرهابية) للتشكيك والتشويه بكل ما له صلة بهذا المصدر الإيماني.
2- الطاقة النفسية: (قوة الإرادة والعزيمة): فهي ثاني مصدر قوة الإنسان التي تجعله صانع حقيقي لمستقبله ونجاح مسار حياته، وبواسطتها يحقق طموحاته وسعادته، فقوة الإرادة والعزيمة على الفعل والعمل هي مولد طاقة الحركة لدى الإنسان وتجعله لا يعترف بالمستحيل أو بالصعب، ودائماً ما يتغلب صاحب الإرادة على خصمه وعدوه رغم عدده وعدته، ونظراً لأهمية هذا الجانب أصبحت الحرب النفسية تستهدف تحطيم إرادة الخصم بالتخويف والتهويل والوعيد وغيرها من أدوات شل الإرادة.
3. قوة التجمع والاتحاد: وهو يمثل مجموع القوى الفردية التي تتشكل وتنشأ عن الوحدة والاتحاد في الاتجاهات والقيم والشعور بالانتماء والمصير المشترك على شاكلة المعادن عندما تتحد عناصرها المختلفة لتكون عنصراً واحداً قوياً وصلباً، فالمعروف في دراسات علماء النفس وعلم الاجتماع أن الفرد ضعيف لوحده وقوي بإخوانه، لذلك أصبحت غريزة التجمع اجتماعي بالطبع والحاجة إلى الغير والانتماء إليه من حاجاته النفسية الأساسية، ونظراً لأهمية هذه القوة لدى كل المجتمعات أصبحت الدول الاستعمارية تعتمد سياسات فرق تسد باسم الجغرافيا وباسم العرق وباسم الدين والمذهب أو الحزب أو الأقلية.. الخ، وهو ما نشاهده ونعيشه يومياً في مختلف مناطق العالم العربي والعالم المتخلف من نزاعات مسلحة وحروب عرقية ودينية وانتفاضات وحركات انفصالية مدعمة غربياً، وهو ما تحاول تجسيده في أغلب الدول العربية بمختلف العناوين العرقية تارة والمذهبية والدينية.
4. قوة الاقتصاد: فالمجتمع الذي يحقق اكتفاؤه الذاتي ويطور ثرواته الطبيعية ليرقى بمستوى معيشة أفراد مجتمعه، يكون بمنأى عن الابتزاز السياسي والتدخلات الخارجية، ويكون في موقع القدرة على فرض الشروط بل يتمتع أكثر باستقلالية قراراته وسياساته.
5- قوة العلم والتكنولوجيا: كلما تطورت أي دولة علمياً وتكنولوجياً كلما فرضت وجودها بين الأمم والعكس صحيح.
نستخلص من كل ما سبق أن عناصر الفرد والمجتمع هي نفسها عناصر قوة أي دولة ولذلك فالحرب النفسية تعمل أساساً على إضعاف وتحطيم عناصر القوة في الإنسان والمجتمع والدولة، وتستثير وتنشط عناصر الضعف فيه كالشهوات والغرائز بالإغراءات والترغيب (الرشاوى) تارة والترهيب تارةً أخرى لتحطيم القيم والأخلاق كما يحدث بالنسبة للمساعدات الاقتصادية والأزمات المالية والاجتماعية والبرامج الثقافية.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة