علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
فوائد متفرّقة / ما رواه ابن إدريس عن نوادر البزنطيّ.
المؤلف: أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
المصدر: قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة: ج3، ص 664 ـ 666.
2024-08-12
389
ما رواه ابن إدريس عن نوادر البزنطي (1):
تقدّم الكلام مفصّلاً حول تصحيح ما أخرجه ابن إدريس في مستطرفات السرائر عمّا سمّاه بـ(نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي)، بدعوى صحة طريق الشيخ إلى كتاب النوادر في الفهرس من جهة وصحة طريق ابن إدريس إلى ما رواها الشيخ في الفهرس من جهة أخرى، فيتمّ بذلك طريق صحيح له إلى هذا الكتاب ولا مانع من التعويل عليه، كسائر الأسانيد المعتبرة إلى روايات البزنطي، ولكن سبق (2) أنّ هذا الوجه غير تام، ولا حاجة إلى إعادة ما تقدّم ذكره في نقده.
وهناك وجه آخر في تصحيح بعض ما أورده ابن إدريس عن الكتاب المذكور ودفع شبهة الإرسال عنه ذكره بعض الأعلام حيث قال (3): (والنقاش في الخبر بكونه مرسلاً ـ أي من جهة عدم ذكر ابن إدريس طرقه إلى كتاب النوادر ليس في محله؛ لأنّ ابن إدريس ينقل الحديث عن نوادر أحمد بن محمد، وظاهر الشهادة كونها حسيّة هذا من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن وصول كتاب النوادر بيده).
ومبنى هذا الكلام هو: أنّ المذكور في محلّه أنّ الخبر الوارد في الحسيّات إذا شك في استناده إلى الحس أو الحدس يبنى على كونه مستندًا إلى الحس بمقتضى السيرة العقلائيّة الجارية على ذلك، والملاحظ أنّ ابن إدريس قال في السرائر: (ومن ذلك ما استطرفته من نوادر أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي صاحب الرضا عليه السلام) ومقتضى هذا الكلام هو أنّه أخبر عن الكتاب الذي كان بين يديه أنّه كتاب النوادر للبزنطي، وهذا خبر وارد في أمر حسي فإذا شك في اعتماده في نسبة ذلك الكتاب إلى البزنطي على قرائن حدسيّة أو على نقل ثقة عن ثقة يتعيّن البناء على الثاني من جهة الكبرى العقلائيّة المذكورة.
وبذلك يمكن الاعتماد على ما أورده عن البزنطي من الكتاب المذكور وإن لم يعرف كيف بنى على كون ذلك الكتاب له.
ولكن هذا الكلام ضعيف:
أولاً: بالنقض، فإنّ هذا البيان إن صحّ أتى مثله في موارد أخرى أبرزها مراسيل المشايخ الثلاثة (الكليني والصدوق والشيخ) إذا كانت بصيغة جزميّة، سواء أكانت عن الإمام (عليه السلام) مباشرة أو مع الواسطة، فإذا ابتدأ الكليني في الكافي باسم من ليس من مشايخه أو قال الصدوق: قال أبو عبد الله (عليه السلام) أو روى فلان عنه (عليه السلام) ولم يذكر طريقه إليه في المشيخة، وكذلك إذا ابتدأ الشيخ باسم من لم يذكر طريقاً إليه في مشيخة التهذيبين، فإنّ في جميع ذلك لمّا كان يحتمل وصول تلك الأخبار إلى المشايخ الثلاثة بطريق ثقة عن ثقة وجب الاعتماد عليها للوجه المذكور نفسه. وهكذا في سائر ما يراد في كلمات السابقين كعلي بن بابويه وابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد وأضرابهم منسوبًا إلى المعصوم (عليه السلام) أو إلى بعض أصحابه بصورة جزئيّة، واحتمل وصوله إليهم بطريق ثقة عن ثقة. وهل هذا مما يمكن الالتزام به؟!
وثانيًا: بالحلّ، وهو أنّ ما ذكر من أنّ الخبر الوارد في الحسيّات يبنى على كونه مستنداً إلى الحس ما لم يثبت خلافه إنّما هو ـ كما تقدّم ـ من جهة بناء العقلاء على ذلك، ومورد بنائهم أو القدر المتيقّن منه هو الخبر الذي لا يكون مع الواسطة، فإذا أخبر شخص عن مجيء زيد مثلاً واحتمل أنّه رأى زيداً بنفسه واحتمل أيضاً أنّه اعتمد على بعض القرائن الحدسيّة في الإخبار عن مجيئه يبنى على كون خبره مستنداً إلى الحس دون الحدس، أمّا في ما يعلم بأنّه إنّما وصل إليه مع لواسطة، أي أنّه لم يدرك بأحد حواسه الخمس ما أخبر عنه ودار الأمر بين اعتماده في الإخبار عن وقوعه على خبر ثقة عن ثقة وبين الاعتماد فيه على بعض القرائن والشواهد الحدسيّة - الموجبة للاطمئنان له أو ولو من دون أن توجب ذلك ـ فلا يوجد هناك بناء عقلائي على أنّه يبنى على الأول. وقد أوضحت هذا في بحثي حول حجيّة مراسيل الصدوق (4) فليراجع.
وفي ضوء ذلك أقول: إنّ نسبة النسخ إلى المؤلفين قد تستند إلى تداولها واشتهارها بين أهل العلم بحيث يغني ذلك عن البحث عن سندها كما في الكتب الأربعة في الأعصار الأخيرة، وأخرى تستند إلى نقل ثقة عن ثقة وهو فيما يكون تلقّيها بالقراءة أو المناولة أو السماع أو نحوها، وثالثة تستند إلى تجميع الشواهد والقرائن كما يلاحظ ذلك فيما صنعه صاحب الوسائل في العديد من الكتب التي اعتمد عليها في موسوعته كمسائل علي بن جعفر ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى وغيرهما، فإنّ نسخه ـ من جملة منها - موجودة إلى اليوم وقد كتب عليها بخطّه ما يؤكّد أنّه لم يحصل عليها بنقل كابر عن كابر، بل عثر على نسخ منها وراجعها وقارن بينها وبين الروايات الواردة في سائر المصادر عمّن تنسب تلك النسخ إليهم وحيث حصل له الاطمئنان بصحّتها من جهة الحدس وتجميع القرائن اعتمد عليها.
ويبدو أنّ ابن إدريس أيضاً كان قد وصل إليه نسخ من كتب روائيّة واجتهد في نسبة عدد منها إلى مؤلفيها ولذلك وقع في بعض الخطأ والاشتباه كما في الكتاب الذي نسبه إلى أبان بن تغلب، ويجوز أن يكون ما نسبه إلى البزنطي من هذا القبيل، وقد مرّ الكلام فيه في موضع آخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بحوث في شرح مناسك الحج ج: 16 (مخطوط).
(2) لاحظ بحوث في شرح مناسك الحج ج: 4 ص: 315، ج: 10: ص: 255. وقبسات من علم الرجال ج: 2 ص: 616.
(3) مصباح الناسك في شرح المناسك ج 2 ص 132.
(4) لاحظ ج 2 ص 33.