علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول كتاب بصائر الدرجات.
المؤلف: الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
المصدر: سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 261 ـ 264.
5/12/2022
2655
من جملة أقدم كتب الأصحاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، والمتوفّى سنة 290 في مدينة قم، كتاب يمكن أن يُقال فيه: إنّه من أوسع وأشمل الكتب التي تحدّثت عن المعصومين (عليهم السلام) من جهات كثيرة، فهو يشتمل على أكثر من خمسمائة صفحة، معظم أخباره في حال المعصومين (عليهم السلام) في حياتهم وبعد مماتهم وأنّهم معدن العلم، وورثة الأنبياء، وأنّهم أهل الذكر وورثة الكتاب، وأنّهم حجة الله وباب الله، وأنّهم شهداء الله على خلقه وغيرها من الأبواب الكثيرة الدالّة على عظم شأنهم وعلوّ مرتبتهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
البحث في صحة الكتاب:
قد اختلف الأصحاب في صحّته وسقمه وكون الموجود بين أيدينا كلّه للصفّار أو أنّ بعضه له والآخر منسوب إليه، إذ أنّ الموجود في السوق نسختان، إحداهما الكبيرة والأخرى الصغيرة، وقد صرّح بذلك الحرّ في وسائله إذ قال (رحمه الله): " ورواه الصفّار في بصائر الدرجات الكبير عن القاسم بن محمد عن محمد بن سنان نحوه" (1).
وقد قال أيضا في آخر كتابه عند تعداد كتب الوسائل: "كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة الصدوق محمد بن الحسن الصفّار، وهي نسختان كبرى وصغرى".
فالموجود من البصائر للصفّار نسختان كبرى وصغرى، بل قال آغا بزرك الطهراني في الذريعة: "رأيت منه نسخاً عديدة مطابقة مع ما قد طبع بإيران مع نفس الرحمن سنة 1285 وهو في أربعة أجزاء، أوّله باب العلم وأنّ طلبه فريضة على النّاس، وهذا المطبوع هو البصائر الكبير الكامل، ورأيت نسخة أخر مخالفة مع المطبوع في الأجزاء والأبواب والترتيب، ولعلّها مختصرة..." (2).
وعليه، ينبغي الكلام في كون ما وصل إلينا هو كتاب الصفّار من عدمه.
بداية يقال: إنّ النجاشي والشيخ (رحمهما الله) قد ترجما الصفّار وذكرا أنّ له كتاباً يُعرف ببصائر الدرجات، وهو غير بصائر الدرجات لسعد بن أبي خلف الأشعريّ، وهو عبارة عن عدّة كتب طبعت في كتاب واحد.
قال النجاشي في رجاله: "محمد بن الحسن بن فروخ الصفّار، مولى عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيد الله بن السائب بن مالك بن عامر الأشعري، أبو جعفر الأعرج، كان وجه في أصحابنا القميّين، ثقة، عظيم القدر، راجحاً، قليل السقط في الرواية.. أخبرنا بكتبه كلّها ما خلا بصائر الدرجات أبو الحسين علي بن أحمد بن محمد بن طاهر الأشعريّ القمي، قال: حدّثنا محمد بن الحسن بن الوليد عنه بها" (3).
وقال الشيخ في الفهرست: "محمد بن الحسن الصفّار، قمّي، له كتب مثل كتب الحسين بن سعيد، وزيادة كتاب بصائر الدرجات وغيره، وله مسائل كتب بها إلى أبي محمد الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام)، أخبرنا بجميع كتبه ورواياته ابن أبي جيد عن ابن الوليد عنه، وأخبرنا بذلك أيضا جماعة عن ابن بابویه عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفّار عن رجاله، إلا كتاب بصائر الدرجات فإنّه لم يروه عنه ابن الوليد، وأخبرنا به الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى عن أبيه عن الصفار" (4).
ومن جاء بعدهما كابن شهر آشوب في المعالم وغيره ذكر البصائر تبعا لهما.
لكن الملاحظ هاهنا أنّ ابن الوليد أعرض عن البصائر دون بقيّة كتبه، وقد ذكر ذلك النجاشي والشيخ ومن تبعهما، وهذه هي المشكلة الثانية التي تعترض صحّة الكتاب، إذ احتمل البعض أنّ الإعراض لعدم الاتفاق على الكتاب، وقد نقل الشيخ المامقانيّ في التنقيح حكاية عن المولى الوحيد عن جده المجلسي: "أنّه استظهر كون عدم رواية ابن الوليد لبصائر الدرجات لتوهّمه أنّه يقرب من الغلو، والحق أنّ ما فيه دون رتبتهم (عليهم السلام)، ويمكن أن يكون لعدم الاتفاق، وهو استظهار موجّه بكلا احتماليه" (5).
أمّا الإشكال الأول - أي أنّ الموجود هو كتاب الصفّار أو عدمه - فيمكن دفعه بشهرة الكتاب وأنّ الكلينيّ قد روى عنه وكذا الصدوق في كتبه والعيّاشي وفي الاختصاص، وأنّ أخباره على النحو الغالب مرويّة في تلك الكتب وغيرها إمّا لفظا وإمّا معنى، وأنّه ما من علمائنا من شكّك بنسبة الكتاب إلى صاحبه، حتّى أنّ الحرّ قد روى عنه في وسائله، ووصفه في البحار بأنّه من "الأصول المعتبرة" بعدما قال بحق الكتاب والكاتب: "كتاب بصائر الدرجات للشيخ الثقة العظيم" فشهرة الكتاب عند القدماء وروايتهم عنه والعمل بمضمون أخباره إلى أيامنا هذه دون نكير من أيّ من علمائنا يكفي للاطمئنان بكون الموجود بين أيدينا هو كتاب الصفّار، وعلى من راجع الكتاب وتصفّحه يرى أنّه ما من أخبار فيه شاذّة، فهو مميّز في ترتيبه، صحيح في مضامينه، قوي سبكه، صحيحة أسانيده - أي: لا اضطراب فيها. فهو كتاب مشهور قوي كافٍ للاعتماد عليه.
وأمّا الإشكال الثاني - أي: إعراض ابن الوليد عن الكتاب - فلوضوح أنّ ابن الوليد كان متشدّداً بما يحتمل فيه الغلو، ولذا كان يرى أنّ من يقول بعدم سهو النبي (صلى الله عليه وآله) فهو مغالٍ، فالغلو بدايته - على رأيه - نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا ما لم يركن إليه أحد في أيامنا هذه، بل اعترض عليه وعلى تلميذه الصدوق الأصحاب كالمفيد وغيره في كتابة كتاب في الرد على شيخه، وبما أنّ كتاب البصائر من بدايته إلى نهايته - على نحو الغالب - فيه أخبار عن فضائل المعصومين (عليهم السلام) ومكانتهم وما يقدرون عليه من إحياء الموتى من الإنس والحيوان وأنّهم يرجعون إلى الدنيا حيث يشاؤون وأنّ [أمير المؤمنين] عليا (عليه السلام) كان يحاجج أبا بكر وعمر بالرسول الأعظم (صلوات الله عليه وآله) بعد وفاته وكان الرسول يخاطبهم ويكلّمهم من قبره، وأنّ بعض الأصحاب للمعصومين كانوا يشتاقون لبعض الأئمة (عليهم السلام) فكان الإمام الحاضر يريهم الإمام المتوفّى حاضراً وماثلا أمامه، وأنّ الإمام المتوفّى كان يأتي الإمام الحي ويعظه أو يذكّره وهكذا، فلهذا كان ابن الوليد يرى ذلك غلوّاً فأعرض عن خصوص كتابه هذا دون بقيّة كتبه، وليس ذلك للتشكيك بنسبة الكتاب لصاحبه أبدا، ولذا روى النجاشيّ والشيخ الكتاب من غير طريق ابن الوليد إليه، ولو كان هناك أدنى شك لظهر وبان، واشتهر أمره ولما صحّت روايته من غير طريق ابن الوليد كما هو بيّن.
وقد تلخّص من كل ذلك أنّ كتاب البصائر من الكتب المشهورة والمعوّل عليها، وقد اعتمده القدماء والمتأخّرون، وإعراض ابن الوليد لا يضرّ لما ذكرنا، فنبقى حينها نحن وأسانيد الأخبار، فإن صحّت اعتمدت، وإلا ضعفت لضعف الإسناد لا الكتاب والله العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وسائل الشيعة، ج 11، ص235.
(2) الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 3، ص125.
(3) رجال النجاشي، ج 2، ص252.
(4) الفهرست، ص213.
(5) مقدمة كتاب البصائر، ص11.