علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول كتاب قرب الإسناد.
المؤلف: الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
المصدر: سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 239 ـ 243.
29/11/2022
2448
نقصد من قرب الإسناد المبحوث عنه خصوص كتاب عبد الله بن جعفر الحميري، وأنّ سبب تسميته بقرب الإسناد لقربه سندا من المعصوم (عليه السلام)، فبدل أن يكون بأربع أو خمس وسائط مثلا يكون بواسطة أو واسطتين عادة.
هذا وإنّ عدّة من الأصحاب عُرفت كتبهم بقرب الإسناد، إلا أنّ كلاًّ منهم يتميّز بصاحبه، ولذا كتابنا هذا يعرف ب "قرب الإسناد للحميريّ" وهو ثلاثة أقسام، القسم الأول مروي عن الصادق (عليه السلام)، والقسم الثاني مروي عن الكاظم والقسم الثالث مروي عن الرضا (عليه السلام) (1).
ومن المعروف بين الأصحاب أنّ الكتاب المذكور هو لعبد الله بن جعفر الحميريّ وإن قيل: إنّه لابنه محمد، إلا أنّه سيتبيّن لك من خلال البحث أنّ الكتاب للأب برواية ابنه محمد.
وعلى كلٍّ ليس للبحث هذا ثمرة وذلك لوثاقة الأب والابن معاً بلا كلام ما بين الرجاليّين.
كما أنّه سيتبيّن لك أنّ المرويّ منه عن الكاظم (عليه السلام) هو عين كتاب مسائل علي بن جعفر "النسخة المبوّبة" فمن التزم بصحّة المسائل ينبغي التزامه بصحّة المروي عن الكاظم في قرب الإسناد وسيأتي تفصيل هذا كله فانتظر.
ترجمة عبد الله بن جعفر:
قال النجاشي في رجاله: "عبد الله بن جعفر بن الحسن بن مالك بن جامع الحميريّ، أبو العباس القمي، شيخ القميّين ووجههم، قدم الكوفة سنة نيّف وتسعين ومائتين، وسمع أهلُها منه فأكثروا، صنّف كتبا كثيرة، يعرف منها: كتاب الإمامة، كتاب الدلائل، كتاب العظمة والتوحيد.. كتاب قرب الإسناد إلى الرضا (عليه السلام)، كتاب قرب الإسناد إلى أبي جعفر بن الرضا، كتاب قرب الإسناد إلى صاحب الأمر (صلوات الله وسلامه عليه وعجّل الله فرجه) ..." (2).
وقد لاحظت أنّ النجاشي قد نسب إلى الحميري ثلاثة كتب عُرفت بـ " قرب الإسناد" الأول عن الرضا والثاني عن الجواد والثالث عن الحجة (عليهم جميعا ألف صلاة وسلام).
أمّا الشيخ في الفهرست فقد قال: "عبد الله بن جعفر الحميري القمي، يكنّى أبا العباس ثقة، له كتب منها كتاب الدلائل، وكتاب الطب.. وكتاب قرب الإسناد، وكتاب المسائل والتوقيعات..." (3).
ومن الملاحظ أنّ الشيخ لم يفصّل في كتب قرب الإسناد، وإنّما قال: "وكتاب قرب الإسناد" دون إسناده إلى أي من المعصومين (عليه السلام).
وأمّا في رجاله فقال: "عبد الله بن جعفر الحميري قمي ثقة" ولم يذكر شيئا عن كتاب قرب الإسناد.
وفي معالم العلماء لابن شهر آشوب: "عبد الله بن جعفر الحميري القمي أبي العباس ثقة، من كتبه كتاب الدلائل.. قرب الإسناد..." وهذا أيضا أطلق ولم يفصّل بقرب الإسناد.
وقد تبيّن لك وثاقة عبد الله بن جعفر الحميري بلا إشكال فيه.
حال كتابه قرب الإسناد:
بعدما قرأتَ ترجمة الحميريّ على ألسنة القدماء تبيّن لك أنّ قرب الإسناد المذكور مفصّلا إنّما هو عن الرضا والجواد والحجة (عليه السلام)، وأمّا عن الصادق والكاظم فلم يذكرهما من فصّل في ذكر وبيان كتبه، في حين أنّ قرب الإسناد الموجود بين أيدينا إنّما هو عن الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)، وهذا لم يذكره أحد على نحو الصراحة من القدماء، وإنّما غاية ما يقال أنّ الشيخ أجمل في ذكره وقال: "له قرب الإسناد" ولم يبيّن أنّه عن الصادق والكاظم والرضا (عليهم السلام)، ولعلّ مراده ما ذكره النجاشي أي: عن الرضا والجواد والحجة.
ومن المحتمل أنّ الإجمال المذكور في كلام الشيخ مرجعه إلى ما ذكره النجاشي وذلك لتتلمذهما معا على المشايخ وإن كان طريق كل منهما إلى قرب الإسناد مغايراً لما ذكره الآخر.
وممّا يؤيّد ما أقول: أنّ الشيخ لم يروِ عن قرب الإسناد عن الصادق في التهذيبين حتى رواية واحدة على ما تتبّعت جميع أخبارهما.
نعم، ما رواه فيها عن الحميريّ إنّما رواه إمّا عن غير الصادق (عليه السلام) وإمّا عن غير قرب الإسناد من كتب الحميري كالدلائل وغيره من كتبه الكثيرة، أمّا خصوص قرب الإسناد عن الصادق (عليه السلام) فلم يروِ عنه حتى رواية واحدة.
وهذا يشير إمّا لعدم اشتهاره في أيّام القدماء، وإمّا لعدم وجوده بالمرة، والثاني أقرب. وما يؤيّد ما ذكرت أنّي تتبّعت أخباره في الكافي والفقيه وعلل الشرائع ومعاني الأخبار وعيون أخبار الرضا فلم أجد إلا روايتين عن عبد الله بن جعفر وبنفس أسانيد قرب الإسناد عن الصادق (عليه السلام).
لكن أقول: إنّني وبعد تتبّعي هذا لأكثر من ثلاثين ألف رواية من الكتب المذكورة لم أجد سوى خبرين موجودين في قرب الإسناد ما يعلم معه أنّ والد الصدوق إنّما رواه عن الحميريّ مشافهة وليس عن كتابه قرب الإسناد وإلا فالكتاب عن الصادق (عليه السلام) يحوي على ستمائة وخمس وأربعين رواية ومن المعلوم عادة لمن له طريق إلى الكتاب أو أنّه رواه مع أهميّته لكونه "قرب الإسناد" أن يروي عنه دون أن يعرض عنه سوى عن روايتين منه، ما يُعلم معه أنّ علي بن بابویه إنّما رواهما عن الحميريّ مشافهة.
إن قلتَ: إنّ الكتب الأربعة مليئة بأخبار عبد الله بن جعفر الحميري.
قلتُ: إن دقّقتَ النظر رأيت أنّ المروي منهم عن الصادق (عليه السلام) لم يُروَ عن قرب الإسناد، وإنّما عن كتبه الأخرى أو أنّه واسطة في إسناد أخبار غيره عن غير تراثه.
وبذلك يُعلم أنّ شهرة قرب الإسناد عن الصادق (عليه السلام) ادّعاه صاحب البحار في مقدّمة البحار أو تواترہ كما ادّعاه صاحب الوسائل في غير محلّها، وإنّما الثابت عندنا هو المروي عن الكاظم (عليه السلام)، بل هو عين مسائل علي بن جعفر كما صرّح بذلك النجاشي في ترجمة علي بن جعفر حيث قال بأنّ له - مسائل علي بن جعفر - نسختين، نسخة مبوّبة وأخرى غير مبوّبة، فأمّا المبوّبة فهي المعروفة بمسائل علي بن جعفر، وأمّا غير المبوّبة فهي المعروفة بقرب الإسناد للحميري (4).
وأمّا المروي عن الرضا (عليه السلام) فقد ذكره النجاشي كما تبيّن لك في ترجمة الحميريّ، وهو موجود عندنا ومرويّ عنه.
وقد تلخّص حتى هاهنا أنّ الكتاب الموسوم بقرب الإسناد للحميريّ عن الصادق (عليه السلام) لم يذكره القدماء، بل لم يروِ عنه المحمّدون الثلاثة في الكتب الأربعة، ما يعني عدم وجوده ذكراً وعملا ولذلك لم يثبت لا تواتره ولا شهرته، وبذلك يعتبر عندنا وجادة لا تفيد علما ولا عملا.
نعم، قرب الإسناد عن الكاظم (عليه السلام) ثابت من حيث طريقه وشهرته والرواية عنه، وهو كما قلنا عين مسائل علي بن جعفر وإن كانت النسبة بينها العموم من وجه، وأنّ الموجود في قرب الإسناد أوسع ممّا وصلنا من طريق المسائل.
نعم، يبقى الكلام في أسانيد أخباره، وكذا المرويّ عن الرضا (عليه السلام).
أمّا قرب الإسناد عن الجواد والحجة (صلوات الله عليها) فلم يصلا إلينا ككتابين مستقلّين وإن كانت هناك أخبار ومكاتبات متفرّقة مذكورة في طيّات الكتب.
وأمّا سند أخبار قرب الإسناد عن الكاظم (عليه السلام) فقد وصلنا بطريق عبد الله بن الحسن بن علي بن جعفر الصادق (عليه السلام)، والكلام حينها ينتقل إلى عبد الله بن الحسن.. فإن قيل بوثاقته.. أمكننا العمل بأخباره كلّها، وإلا فتسقط عن الاعتبار كما ذهب إليه المشهور، ومنهم السيد الخوئي (رحمه الله)، والله العالم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من الرواية الأولى حتى رقم 645 مروي عن الصادق (عليه السلام)، ومن الرواية رقم 646 حتى رواية رقم 1248 مروي عن الكاظم (عليه السلام)، ومن الرواية 1249 حتى رواية رقم 1387 مروي عن الرضا (عليه السلام).
(2) رجال النجاشي، ج 2، ص18.
(3) الفهرست، ص160.
(4) لعلّ الاشتباه من النساخ، إذ المبوّبة هي نسخة الحميريّ وغير المبوّبة هي نسخة المسائل، أي أن المذكور بالعكس.