علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول أحاديث الصادق (عليه السلام) وكتاب عوالي اللئالي.
المؤلف: محمد علي صالح المعلّم.
المصدر: أصول علم الرجال بين النظريّة والتطبيق.
الجزء والصفحة: ص 229 ـ 240.
2023-12-11
1051
أولا: أحاديث الصادق (عليه السلام)
وهي الأحاديث المروية عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، فقد يقال بصحة جميع هذه الروايات اعتمادا على ما ورد في اجازة الشيخ إبراهيم القطيفي للخليفة شاه محمود، واجازته أيضا للشيخ شمس الدين بن ترك رحمهم الله، وقد ذكر فيهما طريق ابن العلامة فخر المحققين قدس سره الى الأحاديث المروية عن الامام الصادق عليه السلام، قال في الاجازة الاولى:
واعلم أنّ فخر الدين محمد بن الحسن ذكر أنّ له طرقا الى الصادق عليه السلام تزيد على المائة، فمنها ما رواه عن والده، عن جده يوسف بن المطهر، عن السيد أحمد بن يوسف الحسيني ... إلى أن يصل إلى الشيخ أبي جعفر، عن الشيخ المفيد، عن ابن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن أحمد العلوي، عن العمركي، عن علي بن جعفر، عن أخيه موسى عليه السلام عن جعفر بن محمد عليه السلام، وهذا الطريق بعينه مع باقي الطرق لي إليه عليه السلام، ولا يخفى إيصال طريقه بالله تعالى لأنّه المرجع (1).
وقال في الاجازة الثانية: واعلم انّ لي إلى جعفر بن محمد الصادق عليه السلام طرقا تزيد على المائة، وأنا أذكر منها طريقا واحدا وهي الطريق التي لي إلى الشيخ أبي جعفر الطوسي عن المفيد ... إلى أن يقول: وانّما اقتصرت على هذا الطريق؛ لأنّ الطرق الأخرى مذكورة في الروايات (2).
فيظهر من هاتين الاجازتين، أنّ جميع أحاديث الصادق صحيحة، سواء كانت في الكتب الأربعة، أو غيرها ممّا يكون من مرويّات الشيخ المفيد، والشيخ الطوسي، وإلا فذكر الطرق بلا فائدة؛ لأنّ كلّ أحد من المشايخ أو الرواة له طريق صحيح عن أحد الأئمة عليهم السلام أو جميعهم ولو في مورد واحد.
فهذه الطرق اما أن تكون لجميع الروايات، عنه عليه السلام، وأمّا لبعضها غير المعيّن، وأمّا لبعضها المعيّن والأخير خلاف الفرض، والثاني بلا فائدة، فيتعيّن الأول.
وممّن استظهر ذلك الشيخ محمد بن أبي جمهور الاحسائي، فقد ذكر في إجازته للسيد محسن الرضوي، سبعة طرق للروايات، ثم قال: فجميع هذه الطرق لجمال المحقّقين ينتهي الى شيخ الطائفة ومحدّثهم وفقيههم أعني الشيخ محمد بن الحسن الطوسي، وهو أعني الشيخ يروي عن الائمة الطاهرين عليهم السلام وله في روايته طريقان.. وهنا طريق آخر.. فبهذه الطرق، وبما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة الصحيحة الاسناد المشهورة الرجال بالعدالة والعلم، وصحة الفتوى، وصدق اللهجة، أروي جميع ما أرويه وأحكيه من أحاديث الرسول وائمة الهدى عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام المتعلقة بالفقه والتفسير والحكم والادب والمواعظ وسائر الفنون، الدنيوية والأخروية، بل وبه أروي جميع مصنّفات العلماء من أهل الاسلام، وأهل الحكمة، وأقاويلهم في جميع فنون العلم، وفتاويهم واحكامهم المتعلقة بالفقه وغيره من السير، والتواريخ، والأحاديث، فجميع ما أنا ذاكره في هذا الكتاب (3) من الأحاديث النبوية والامامية، طريقي في روايتها واسنادها وتصحيحها هذه الطرق المذكورة عن هؤلاء المشايخ المشهورين بالعلم والفضل والعدالة والله ملهم الصواب (4).
فبهذه الطرق المتصلة بأسانيدها الصحيحة يروي ابن أبي جمهور جميع الروايات التي أوردها في كتابه عوالي اللئالي فتكون صحيحة ومعتبرة.
الا أنّه وقع الخلاف في هذا الكتاب ومؤلفه، بين الافراط والتفريط، فبعضهم ضعّف الكتاب، وقدح في المؤلف، ولم يعتبر بشيء من روايات الكتاب، وصحح آخر الكتاب بجميع رواياته.
والتحقيق في المقام يقتضي التكلّم من جهتين:
1 ـ الطرق المذكورة ودلالتها على صحة جميع الروايات.
2 ـ حجيّة دعوى صاحب العوالي بالنسبة إلينا.
أمّا الجهة الاولى: فقد يقال إنّ جميع الروايات التي ينتهي سندها إلى الصادق عليه السلام ـ بالطرق الثلاثة التي ذكر الشيخ القطيفي اثنين منها، وأضاف الشيخ الاحسائي الثالث ـ صحيحة ومعتبرة، وإلا فأيّ فائدة في ذكر هذه الطرق ولا سيما أنّ لفخر المحقّقين ما يربو على مائة طريق، وقد أشرنا آنفا الى تعيّن الفائدة في صحة جميع الروايات.
والصحيح في المقام: أنّ هذا مجرد احتمال، ولا يبعد أن يكون مراد القائل هو ورود الطرق على نحو التوزيع والتقسيم، فيكون بعض الاسناد لبعض الروايات، وآخر لآخر، وهكذا ولا تكون كل هذه الطرق لكل رواية رواية، فالدعوى بأنّ جميع أحاديث الصادق عليه السلام صحيحة بهذه الطرق غير تامّة.
لا يقال: بناء على ذلك لا فائدة في ذكر الطرق.
لأنّا نقول:
أولا: إنّ ذكر الأسانيد قد يكون للتيمّن والتبرّك، والتخصيص بالطريقين اللذين ذكرهما فخر المحقّقين لعلّو سندهما، وصحتهما، وليست الفائدة في ذكر السند منحصرة في الحكم بصحة الروايات، بل قد يكون للتيمّن والتبرّك ـ كما ذكرنا ـ حتى انّ بعضهم يفتخر بهذه السلسلة من السند، وعليه فلا يمكن القول باعتبار اسناد جميع الروايات وصحتها.
وثانيا: إنّنا لو قلنا بأنّ كل الطرق لكل رواية رواية فلازم ذلك أن تكون كل الروايات عن الصادق عليه السلام متواترة، فينتفي خبر الواحد من البين، وذلك لا يتصور الالتزام به، حتى من مدعيه.
وثالثا: انّه لا يمكن أن يكون مائه طريق أو أكثر لكل رواية رواية؛ لأنّ لازمه أن تكون كلّ رواية يرويها أكثر من مائة شخص، مع أنّ بعض الروايات منحصرة في راوٍ واحد، فهذا الاحتمال بعيد جدا.
نعم يمكن أن يقال: بأنّ عبارة الشيخ القطيفي في الاجازة الثانية، دالة على المدعى، حيث قال: (وانّما اقتصرت على هذا الطريق؛ لأنّ الطرق الأخرى مذكورة في الروايات (5)، فيكون مفادها أنّه لكل رواية مائة طريق أو أكثر مذكورة في الروايات).
ولكن يقال في جوابه: بعدم دلالة العبارة على ذلك، بل دلالتها على ما استظهرناه أقوى، من أنّ المراد هو المجموع من حيث المجموع على نحو التوزيع والتقسيم، والا لزمت المحاذير المتقدمة.
ثم إنّ هناك وجها آخر ذكر لتوثيق جميع من روى عن الامام الصادق عليه السلام وسيأتي الحديث عنه عند الكلام في التوثيقات العامة.
ثانيا: كتاب عوالي اللئالي
وأمّا الجهة الثانية: وهي اعتبار دعوى صاحب العوالي بالنسبة الينا، فالكلام فيها يقع في ثلاث نقاط:
1 ـ شخص المؤلف.
2 ـ في مضمون الكتاب.
3 ـ في الشهادة ودلالتها.
النقطة الاولى: وهو الشيخ محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن حسام الدين إبراهيم بن حسين بن إبراهيم بن أبي جمهور الهجري الاحسائي، واختلف في شخص المؤلف قدحا ومدحا، فذهب الاكثر إلى مدحه وعدم القدح فيه.
1 ـ فقد قال صاحب آمل الآمل رحمه الله: «كان عالما فاضلا راوية (6)» وفي موضع آخر «فاضل محدّث» (7).
2 ـ وقال صاحب اللؤلؤة رحمه الله: «كان فاضلا مجتهدا متكلما (8)».
3 ـ وقال المحقق الكاظمي رحمه الله في كتاب المقابيس: «العالم الفقيه النبيل المحدث الحكيم المتكلم الجليل محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور، سقاه الله يوم النشور من الشراب الطهور (9)».
4 ـ وقال العالم الجليل الامير محمد حسين الخاتون آبادي في مناقب الفضلاء وعن الشيخ الموثّق العلّامة محمد بن علي بن إبراهيم الأحسائي طيب الله ضرائحهم (10)».
5 ـ وقال السيد الجليل السيد حسين القزويني قدس سره في مقدمات شرح الشرائع: «فاضل، جامع بين المعقول، والمنقول، راوية للأخبار ذكره الفاضل الاسترابادي في الفوائد المدنية، والفاضل المجلسي، وشيخنا الحر في أمل الآمل (11) ».
6 ـ وقال في الرياض «وهو الفقيه، الحكيم، المتكلّم، المحدّث، الصوفي، المعاصر للشيخ علي الكركي.. صاحب كتاب عوالي اللئالي وغيره من المؤلفات ذو الفضائل الجمة لكن التصوف المفرط قد أبطل حقه (12) ».
ولم نرَ في كلام القادحين ما يوجب اسقاط اعتباره ووثاقته، وأقصى ما رمي به ميله إلى العرفان والتصوف، وهذا لا يضرّ بوثاقته مع أنّ بعضهم برّأه من هذه النسبة كصاحب المستدرك، فإنّه تعرّض له ونفى الشبهات عنه (13)، وعلى هذا فلا إشكال في شخص المؤلف.
النقطة الثانية: ولا يخفى أنّه اختلف أيضا في اسم الكتاب، فبعضهم يسميه غوالي اللئالي (بالإعجام)، وبعضهم يسميه عوالي اللئالي (بالإهمال) ويذهب صاحب الذريعة إلى ان الأول مما لا أصل له (14)، وعلى أي حال فالذي يهمنا في هذه النقطة بيان ما اشتمل عليه الكتاب، فإنّنا بعد الوقوف على الكتاب وجدنا أنّ رواياته مختلفة، وليست على نسق واحد، فبعض رواياته نقلها عن العامة كمسند ابن حنبل والجمع بين الصحيحين، وبعض روايات أبي هريرة وعائشة، كما يشتمل الكتاب على روايات مخالفة للمذهب، ممّا ظاهرها التجسيم كما في رواية «فوضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامه» أو «ترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر» أو «ان الله تعالى خلق آدم على صورته» أو ما يوافق العامة، كما روى عن عائشة: «افرك المني عن ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله فيصلي فيه» (15) الى غير ذلك من الروايات. وهذه هي عمدة الاشكالات على الكتاب، فإن تمكنّا من التوجيه والجمع بين شهادته وبين ذكره لهذه الروايات فهو، والا فالمناقشة في محلّها والظاهر امكان الجمع، وحاصله انّ الواقف على الكتاب يرى اختلافا في تعابيره عند نقله الاحاديث والروايات، ففي بعض الموارد يسنده الى النبي صلى الله عليه وآله، أو الامام عليه السلام بقوله: قال النبي (صلى الله عليه وآله) أو قال علي (عليه السلام)، أو قال الصادق (عليه السلام)، وفي بعض الموارد ينقله بنحو روي عنه (عليه السلام)، أو روي في حديث عنه (عليه السلام)، أو روى فلان عنه (عليه السلام)، أو رووا عنه (عليه السلام)، أو يقول في بعضها: في حديث صحيح، أو في الجمع بين الصحيحين، أو غير ذلك من الاختلاف في التعبير والذي ستقف عليه إن شاء الله تعالى ـ ممّا يوجب الظن القوي ـ بانّ ما كان مشمولا وداخلا في طريقيه المذكورين في اول الكتاب هو ما ينقله هو ويسنده الى النبي (صلى الله عليه وآله)، أو إلى أحد الأئمة (عليهم السلام)، وأمّا غير ذلك فلا يكون داخلا فيهما، وبهذا يمكن الجواب عن الاشكال فإنّ هذه الروايات كلّها غير مستندة إلى نفسه، وتأكيدا لما نقول لا بدّ لنا من عرض موجز لما يحويه الكتاب، وحاصله: انّ الكتاب يشتمل على مقدمة وبابين وخاتمة، أمّا المقدمة فهي تحتوي على عشرة فصول:
الأول في بيان طرقه السبعة ومشايخه.
الفصل الثاني في ذكر أحاديث دالة وجوب انقاذ المؤمنين، وهو السبب الداعي لوضع الكتاب، وجميع الأحاديث كلّها عن الامام العسكري (عليه السلام) ـ وهما خارجان عن الموضوع ـ.
الفصل الثالث فيما ذكره من الأحاديث المتّصلة الاسناد (المعنعنة) بأحد طريقيه، وذكر منها ستّة أحاديث على هذا النحو، وأما الأحاديث التالية إلى آخر الفصل فإنّه رواها بأسناد أخر وكلها ضعيفة.
الفصل الرابع وذكر فيه أحاديث قال عنها انّها بطرقه المذكورة لا أنّها محذوفة الأسناد، ولكن الذي يظهر انّه قد أضاف اليها روايات اخرى غير مشمولة لطرقه المذكورة، كالرواية عن أبي هريرة، وعائشة وبعض العامة، كما أنه أورد روايات على نحو الارسال، كقوله روى أو رووا عنه عليهالسلام وغير ذلك وفي هذا القسم أورد الروايات الدالة على التجسيم في آخر الفصل، فانها منقولة عنهم، وليست داخلة في قسم رواياته لعدم اسنادها إلى نفسه، فلا تكون داخلة تحت طريقه المذكور.
وأما الفصل الخامس ـ فانّ الأحاديث فيه كلّها مذكورة عن الاشخاص وليست داخلة تحت طريقه ويؤيده بل يدل عليه قوله في الحديث 25: «وفي حديث صحيح عنه عليه السلام» (16).
وأمّا الفصل السادس ـ فأكثره مروي عن الاشخاص وبعضه مستند إلى نفسه وهكذا الفصل السابع.
وأما الفصل الثامن ـ وتبلغ رواياته 283 رواية أكثرها مشمولة لطريقه الاول، وبعضها مرسل، وبعضها عن الأشخاص، والفصل التاسع والعاشر ـ كالثامن أكثرهما داخل تحت طريقه، وقد نقل في الفصل التاسع عن الجمع بين الصحيحين (17)، ـ وفي بعض الموارد قال: وفي الصحيح (18) وفي الفصل العاشر نقل عن مسند أحمد (19).
والباب الأول فيحتوي على أربعة مسالك.
الأول: ما يذكره من الأحاديث عن بعض متقدّمي الأصحاب ـ فهو ينقل عن كتاب من لا يحضره الفقيه ـ في موارد متعددة ـ وعن غيره.
الثاني ـ ما يذكر عن العلّامة الحلي بطريقه إليهم (عليهم السلام).
والمسلك الثالث ما ذكره من الأحاديث التي رواها الشهيد الأول (قدس سره).
وفي المسلك الرابع يذكر فيه الأحاديث التي رواها الفاضل المقداد أبي عبد الله السيوري، وهو وان ذكر انّه ينقل عن هؤلاء في هذه المسالك إلا أنّه لم يلتزم بذلك، فقد نقل عن غيرهم أيضا، حيث نقل عن التهذيب، وتفسير القمي، وذكر بعض الأخبار ووصفها بالصحة كما نقل عن العامة، وذلك في الحديث 348 و 349 و 350 من حرمة المتعة، وطعن في اسنادها ورماها بالإرسال، وروى عن البخاري الحديث 391، وعن مسلم الحديث 392، وعن الزمخشري الحديث 420، وناقش فيما نقله عن التهذيب في رواية الدية الحديث 445، بأن في سندها صالح بن عقبة وهو من الغلاة على ما قيل.
وأمّا الباب الثاني: فهو على قسمين ـ الاول ـ في الأحاديث التي رواها عن فخر المحقّقين قدس سره بواسطة تلاميذه.
والقسم الثاني: يشتمل على الروايات التي نقلها ورواها أحمد بن فهد الحلي أبو العباس قدس سره.
وأمّا الخاتمة فيذكر فيها روايات متفرقة زيادة على ما تقدم زهاء 231 رواية، من منابع مختلفة ـ ففي هذه المسالك والموارد أيضا يمكن تشخيص ما رواه بنفسه عن غيره، والتفريق بينهما.
والحاصل: انّ الروايات المذكورة في الكتاب تنقسم الى قسمين:
الأول: الروايات المشمولة للطريق الصحيح المذكور في اول الكتاب وحينئذٍ يحكم بصحتها واعتبارها.
الثاني: الروايات التي لا يشملها الطريق المذكور وحينئذٍ لا بدّ من ملاحظة اسنادها مستقلا، وعليه فالحكم بعدم اعتبار جميع روايات الكتاب لا وجه له ثم ان الكتاب من الكتب المشهورة المعلومة ولا يحتاج الى تكلف الطريق.
النقطة الثالثة: في دلالة الشهادة
صرّح الشيخ الاحسائي بأنّ له طرقا سبعة إلى الروايات التي أوردها في كتابه وقال: إنّ جميع هذه الطرق لجمال المحققين تنتهي الى الشيخ الطوسي، ومنه إلى الائمة (عليهم السلام) وذكر طريقين أحدهما عن العمركي، والآخر عن المفيد، ثم أضاف ثالثا ينتهي إلى الشيخ الصدوق.
وقال بعد ذلك: وبهذه الطرق وبما اشتملت عليه من الأسانيد المتصلة المعنعنة الصحيحة الاسناد المشهورة الرجال بالعدالة والعلم وصحة الفتوى وصدق اللهجة بالعلم والعدالة أروى (20) الخ.
فهل هذا شهادة منه على صحة جميع الروايات أو لا؟
والجواب: إنّ كلام الشيخ الاحسائي يحتمل وجوها ثلاثة:
الأول: انّ المراد رواية جميع هذه الأحاديث بالطرق السبعة وبما اشتملت عليه من الأسانيد الصحيحة.
وبناء على هذا الاحتمال تكون شهادته تامة وان جميع ما في الكتاب صحيح ومعتبر.
ويرد عليه اشتمال الكتاب على المنكرات إلا أن يقال باختصاص شهادته بما يرويه معنعنا لا ما ينقله من كتب العامة وغيرها.
فيشكل حينئذٍ بأنّ الروايات مختلطة فكيف يميز بين ما يرويه وما ينقله؟
ويجاب بإمكان تمييز ذلك بملاحظة كيفية ذكره للروايات، فإذا قال روى ... فهذا اشارة إلى النقل، وإذا قال: قال الباقر (عليه السلام) مثلا فهذا إشارة الى ما يرويه.
الثاني ان ّالمراد رواية جميع هذه الأحاديث بالطرق السبعة بسبب اشتمالها على الطرق الثلاثة المعنعنة الصحيحة ... الخ، ويفترق هذا الاحتمال عن الأول بأن الباء في قوله بما اشتملت سببية هنا وبيانية هناك والنتيجة في كلا الاحتمالين واحدة، لروايته بالطرق الثلاثة فيهما معا.
إلا ان يكون مراده هنا الأعم من الثلاثة فتكون النتيجة حينئذٍ روايته لجميع الأحاديث بالطرق الثلاثة وغيرها، فلا يدلّ كلامه على صحة جميع الاسانيد.
وعلى كلا الاحتمالين فتصحيحه للروايات لا ينفعنا، لكونه من المتأخّرين، فشهادته بالصحة غير معتبرة بالنسبة إلينا.
الاحتمال الثالث: انّ المراد رواية جميع هذه الأحاديث بهذه الطرق السبعة، مع ما اشتملت عليه من الأسانيد الصحيحة المعنعنة، فتكون الباء في قوله بما اشتملت بمعنى مع. وبناء على هذا الاحتمال لا تكون شهادته دالة على صحة جميع ما يرويه في كتابه لاحتمال انتهائها الى غير هذه الثلاثة.
والأقرب الى التحقيق هو الاحتمال الثالث بقرينة صدر الكلام وذيله.
وبهذا ينتهي الكلام حول هذا الفصل من الكتب (21) التي قد قيل أو يقال بصحتها، وتحصل من ذلك انّها يمكن أن تصنّف إلى خمسة أصناف:
الأوّل: ما كانت فيه شهادة المؤلّف تامّة ودلالتها شاملة لجميع رواة الكتاب كالقسم الخاصّ بتفسير علي بن إبراهيم، وكتاب المزار لابن المشهدي.
الثاني: ما كانت فيه شهادة المؤلّف تامّة من جهة مشايخه فقط دون بقية الرواة، مثل كتاب كامل الزيارات وكتاب بشارة المصطفى.
الثالث: ما كانت شهادة المؤلّف فيه غير تامّة، مثل كتاب مصباح الكفعمي، وكتاب الاحتجاج.
الرابع: ما كانت شهادة المؤلّف فيه غير تامّة إلّا أنّ روايات الكتاب فيها تفصيل مثل كتاب عوالي اللئالي.
الخامس: ما ثبت فيه اسناد الروايات مع قطع النظر عن وثاقة الرواة مثل مستطرفات السرائر. وقد أرجأنا البحث في الأول الى القسم الاول من مصادر كتاب الوسائل.
والبحث في الثاني الى فصل التوثيقات العامة؛ لاقتضاء المناسبة.
__________________
(1) البحار ج 108 ص 87 ـ 88، المطبعة الاسلامية.
(2) البحار ج 108 ص 100 ـ 101.
(3) أي كتاب عوالي اللئالي.
(4) البحار ج 108 ص 13 الطبعة الاسلامية.
(5) البحار ج 108 ص 100 ـ 101.
(6) أمل الآمل ج 2 الطبعة الاولى ص 253.
(7) ن. س ص 280.
(8) لؤلؤة البحرين مطبعة النعمان ـ النجف الاشرف ص 167.
(9) عن مستدرك الوسائل الطبعة القديمة ص 362.
(10) عن مستدرك الوسائل الطبعة القديمة ص 362.
(11) عن. ن. ص 362.
(12) رياض العلماء ج 6 مطبعة الخيام ـ قم ص 14.
(13) مستدرك الوسائل ج 3 الطبعة القديمة ص 363.
(14) الذريعة الى تصانيف الشيعة الطبعة الاولى ج 15 ص 358.
(15) كتاب عوالي اللئالي الجزء الاول الطبعة الاولى المحققة آخر الفصل الرابع ص 41، 47، 52.
(16) عوالي اللئالي ص 89 من الجزء الاول.
(17) عوالي اللئالي ص 202، 203، 205 من الجزء الاول وغيرها.
(18) عوالي اللئالي ص 207 من الجزء الاول.
(19) عوالي اللئالي ص 278 من الجزء الاول.
(20) البحار ج 108 ص 12 الطبعة الاسلامية.
(21) بقي البحث حول كتاب تحف العقول لابي محمد الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحراني، وكتاب المنتخبات لسعد بن عبد الله.