علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
طرائق توثيق الرواة / الطريقة العشرون / كون الراوي من رجال المقنع.
المؤلف: الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
المصدر: سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 165 ـ 168.
17/11/2022
1372
كون الراوي من رجال المقنع:
عنون بعض الرجاليّين البحث بـ "توثيق الصدوق رجال أحاديث المقنع" وعنون آخرون بـ "شهادة الصدوق بصحّة روايات المقنع" وواضح الفرق بين العنوانين، فإنّ الأول ناظر إلى صحة الراوي والثاني إلى صحة الرواية، وما ذاك الاختلاف إلا نتيجة عدم فهم المراد الواقعي من كلام الصدوق، حيث قال في بداية كتابه المقنع: " قال محمد بن علي: ثم إنّي صنّفت كتابي هذا وسميته كتاب المقنع" لقنوع من يقرأه بما فيه، وحذفت الأسانيد منه لئلا يثقل حمله، ولا يصعب حفظه، ولا يملّ قارئه، إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصوليّة موجوداً مبيّنا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات رحمهم الله، أرجو بذلك ثواب الله ..." (1).
ومحلّ الشاهد قوله (رحمه الله) "إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصوليّة موجوداً مبيّنا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات" فيها هو مراد الصدوق من قوله هذا؟
هل هو توثيق خصوص مشايخه على نحو المباشرة، أو جميع رجال السند حتى يصل إلى المعصوم، أو أصحاب الأصول أو تصحيح الأخبار خاصة؟ ذهب السيد الخوئي إلى الأول والداوري إلى الثاني والمازندرانيّ إلى الثالث، وقد استدلّ السيد الخوئي لقوله بقوله: "والذي يدلّ على ما ذكرناه أنّ الشيخ الصدوق وصف المشايخ بالعلماء الفقهاء الثقات، وقلّ ما يوجد ذلك في الروايات في تمام سلسلة السند، فكيف يمكن ادّعاء ذلك في جميع ما ذكره في كتابه" (2).
بينما استدلّ الداوري على صحة كلامه بقوله: "يمكن القول بأنّ مراد الصدوق هو جميع أفراد السند، وإلا فلا وجه لحذف الإسناد، فإنّ الحذف من دون صحة السند مخل"(3) يجلّ الصدوق عنه.
في حين استدلّ المازندرانيّ بظاهر كلام الصدوق إذ قال: "المتعيّن هو الاحتمال الثاني - أي أصحاب الأصول - والوجه فيه ظهور قوله: "إذ كان ما أبينه فيه في الكتب الأصوليّة موجوداً مبيّنا عن المشايخ العلماء الثقات، في كون هؤلاء المشايخ أصحاب تلك الكتب الأصولية الروائية" (4).
وقد تبيّن لك أنّ كل من استدلّ إمّا استدلّ بعبارة الصدوق ولم يستفد من قرائن خارجيّة لعدم وجودها، وعليه فالكلام كلّه مرجعه إلى كلام الصدوق، فإنّ عُلِمَ المراد منه فنعمّا هو وإلا يبقى كلامه مجملاً، ونتيجته عدم إمكان التوثيق لا للبعض ولا للكل ولا أصحاب الأصول للتضارب ما بين الأقوال الثلاث.
أقول: بعد غضّ النظر عن الخلاف الواقع في فهم العبارة ينبغي أن يعلم أنّ كتاب المقنع هو من الأصول المتلقاة الذي ذكر فيه متون الأخبار دون أسانيدها، وسواء قلنا إنّ الصدوق يقول بحجيّة خبر الثقة أم غيره فإنّ الأثر لا يترتّب إلا على القول بتصحيح الأخبار. أمّا ما أفاده السيد الخوئي أو المازندراني فإنّه لا أثر له وذلك لأنّ الصدوق في كتابه المقنع - وهو مطبوع موجود في الأسواق - لم يذكر في كتابه أيّا من أصحاب الأصول أبدا أو أن يُقال: إنّه لم يصرّح بأن من روى عنه هو صاحب الأصل أو لا، ولذا لو قلنا بأنّ الصدوق قصد وثاقة أصحاب الأصول فهو ممكن، لكنّه لم يذكر أيّا منهم حتى نقول بوثاقته.
أمّا على ما أفاده السيد الخوئي بالخصوص وأنّه أراد توثيق خصوص مشايخه، فإنّ الصدوق لم يذكر منهم ولو شيخا واحداً من بداية الكتاب إلى نهايته سوى أبيه وأمره أوضح من أن يوضّح من حيث الوثاقة والجلالة، ولهذا لو قلنا بوثاقة مشايخه المباشرين خاصةً لم يترتّب أثر عليه بالمرّة لعدم ذكرهم.
نعم، روي في كتابه عن أربع وعشرين راويا كلهم روي عن الإمام (عليه السلام) مباشرة ولم يصرّح بأيٍّ من أصحاب الأصول ولا أيٍّ من مشايخه سوى أبيه، ومنه يعلم أنّ القول بوثاقة أصحاب الأصول أو القول بوثاقة مشايخه المباشرين وإن كان ممكنا بحدّ نفسه، إلا أنّ الأثر الشرعي لا يترتّب عليه فيكون البحث لغوا.
نعم، إن قلنا إنّ مراد الصدوق هو وثاقة جميع رجال السند ترتّب عليه أثر وهو صحّة الرواية وإن كان السند محذوفاً، وذلك لتعهّد الصدوق في ديباجة الكتاب بأنّ الأخبار كلّها مرويّة عن الثقات العلماء الفقهاء.
لكن دون إثبات هذا القول صعوبة بالغة، وذلك لما أفاده السيد الخوئي من أن يكون جميع الكتاب مروياً عن الفقهاء الثقات أمر في غاية البعد، إذ لم نعهد كتاباً شاملا لجميع أبواب الفقه لم يروِ إلا عن الفقهاء بحيث يكون جميع رجال السند كذلك. هذا أولا.
ثانيا: إنّ الصدوق قد ذكر في كتابه أربعاً وعشرين راوية، ومنهم لم يعرف بالفقاهة، بل وبعضهم مجهول كزكريا بن مالك وحفص بن غياث وخريس الكناسي وعمران الزعفراني، وأنت خبير بالبون الواسع ما بين القول بأنّهم فقهاء وبين كونهم مجاهيل.
ثالثا: إن بعض ما أفتى به (رحمه الله) في كتابه المقنع لم يذهب إليه أحد من الطائفة - على ما وصلنا ۔ سواه، فتكون بعض أقواله مخالفة للإجماع، ومُعرضا عنها، فكيف يقال حينئذ بصحّتها، ومنها مثلا قوله: "وإذا نظر الرجل إلى امرأة نظر شهوة، ونظر منها إلى ما يحرم على غيره لم تحلّ لأبيه ولا لابنه" (5).
ومنها: "ولا تحلّ القابلة للمولود ولا ابنتها، وهي كبعض أمّهاته"(6) وغيرها من الموارد.
وقد تلخص ممّا تقدّم أنّ الأقوى إرادة تصحيح المشايخ المباشرين، إلا أنّه لم يذكر منهم في كتابه سوى أبيه رحمه الله وإيّاهم وإيّانا بمحمد وآله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المقنع، ص5.
(2) معجم رجال الحديث، ج1، ص53.
(3) أصول علم الرجال، ج1، ص330
(4) مقياس الرواة، ص206.
(5) المقنع، ص327.
(6) المقنع، ص326.