قد نسبت العامّة خذلهم الله إلى يوسف في هذا المقام أمورًا ورووا بها روايات مختلقة لا يليق للمؤمن من نقلها فكيف باعتقادها ونِعمَ ما قيل: إنّ الذين لهم تعلّق بهذه الواقعة هم يوسف والمرأة وزوجها والنسوة والشهود وربّ العالمين وإبليس وكلّهم قالوا ببراءة يوسف عن الذنب فلم يبقَ لمسلم توقّف في هذا الباب.
أمّا يوسف فقوله: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي} وقوله: {رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} وأمّا المرأة فلقولها: {وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ} وقالت: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} وأمّا زوجها فلقوله: {إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ} وأمّا النسوة فلقولهنّ: {امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} وقولهنّ: {حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} وأمّا الشهود قوله تعالى: {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا} الآية وأمّا شهادة الله بذلك فقوله عزّ من قائل: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} وأمّا اقرار إبليس بذلك فلقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} فأقرّ بأنّه لا يمكنه إغواء العباد المخلصين وقد قال الله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} فقد أقرّ إبليس بأنّه لم يغوه. وعند هذا نقول: إنّ هؤلاء الجهّال الذين نسبوا إلى يوسف (عليه السلام) الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله بطهارته وإن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا اقرار إبليس بطهارته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير الصافي، الفيض الكاشاني: ج3، ص 14 ـ 15.