1 ـ أهميّة العثور على قائد عالم والاستفادة من علمه، بحيث رأينا أنّ نبيًا من أولي العزم مثل موسى (عليه السلام) يسلك هذا الطريق الطويل، وقد بذل ما بذل لتحقيقه. وهذا درس لجميع الناس مهما كان علمهم وفي أيّ عمر كانوا.
2 ـ جوهرة العلم الإلهيّ تنبع من العبوديّة لله تعالى، كما قرأنا في الآيات أعلاه في قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65].
3 ـ يجب تعلّم العلم للعمل، كما يقول موسى (عليه السلام) لصاحبه {...مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] أي علّمني عملاً يقرّبني من هدفي ومقصدي، فأنا لا أطلب العلم لنفسه، بل للوصول إلى الهدف.
4 ـ يجب عدم الاستعجال في الأعمال، إذ العديد من الأمور تحتاج إلى الفرص المناسبة (الأمور مرهونة بأوقاتها) خاصّة في القضايا المهمّة، ولهذا السبب فإنّ الرجل العالم قد ذكر سر أعماله لموسى (عليه السّلام) في الفرصة المناسبة.
5 ـ الظاهر والباطن من المسائل المهمة الأخرى التي نتعلّمها من القصّة، إذ يجب علينا أن لا نصدر أحكامًا سريعة تجاه الحوادث التي تقع في مجرى حياتنا ممّا قد لا يعجبنا؛ إذ ما أكثر الحوادث التي نكرهها ولكن يتّضح بعد مدّة أنّ هذه الحوادث لم تكن سوى نوع من الألطاف الخفيّة الإلهيّة.
والقرآن يصرّح بمضمون هذه الحقيقة في قوله تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216].
6 ـ تأثير إيمان الآباء على الأبناء، لقد تحمّل الخضر (عليه السلام) مسؤوليّة حماية الأبناء في المقدار الذي كان يستطيعه، وذلك بسبب الأب الصالح الملتزم. بمعنى أنّ الابن يستطيع أن يسعد في ظل الإيمان وأمانة والتزام الأب، وإنّ نتيجة العمل الصالح الذي يلتزمه الأب تعود على الابن أيضًا.
7 ـ قصر العمر بسبب إيذاء الوالدين عندما يطال الموت الابن بسبب ما يلحقه من أذى بوالديه في مستقبل حياته، وبسبب ما يرهقهما به من أذى وطغيان وكفر قد يحرفهم به عن الطريق الإلهيّ.
8 ـ من الطبيعي أن يفقد الإنسان صبره إزاء ما لا يحيط به علمًا من الأحداث والقضايا، إلا أنّ الدرس المستفاد من القصة هو أن لا نتسرّع في إصدار الأحكام على مثل هذه القضايا حتّى تكتمل لدينا الرؤية التي نحيط من خلالها بجوانب وزوايا الموضوع المختلفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تفسير الأمثل: ج9، ص 342 ـ 345.