بقلم: الشيخ باقر شريف القرشي.
الشيء المحقّق انّ زيدًا (عليه السلام) لم يفجّر ثورته الكبرى أشرًا ولا بطرًا، ولا ظالمًا، ولا مفسدًا، وإنّما كان يبغي وجه الله، ويلتمس الدار الآخرة، فقد رأى ظلمًا شائعًا، وجورًا شاملاً، ورأى حكّام بني أمية لم يبقوا لله حرمة إلا انتهكوها، فخرج داعيًا إلى الله، وطالبًا بالحق، يقول الرواة: إنَّه لمّا أزمع على الخروج جاءه جابر بن يزيد الجعفي فقال له: إنّي سمعت أخاك أبا جعفر يقول: إنّ أخي زيد بن علي خارج ومقتول، وهو على الحق، فالويل لمن خذله، والويل لمن حاربه، والويل لمن يقتله، فقال له زيد: يا جابر لم يسعني أن أسكت، وقد خولف كتاب الله تعالى، وتحوكم بالجبت والطاغوت، وذلك انّي شاهدت هشامًا، ورجل عنده يسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت للساب: ويلك يا كافر أما إنّي لو تمكّنت منك لاختطفت روحك وعجّلتك الى النار، فقال لي هشام: مه جليسنا يا زيد، فوالله لو لم يكن إلا أنا ويحيى ابني لخرجت عليه، وجاهدته حتّى أفنى.
وأثنى الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) على عمّه ثناءً عاطرًا، ومجّد ثورته الاصلاحيّة فكان فيما يقول الرواة قد قال لأصحابه: لا تقولوا: خرج زيد، فانّ زيدًا كان عالمًا، وكان صدوقًا، ولم يدعكم الى نفسه، إنّما دعاكم الى الرضا من آل محمد (عليهم السلام) ولو ظهر لوفى بما دعاكم إليه إنّما خرج الى سلطان مجتمع لينقضه.
وقد دفع (عليه السلام) الى عبد الرحمن بن سيابة ألف دينار وأمره أن يقسمها في عيال مَن أصيب مع زيد (عليه السلام).