النفس البشرية ..هذا الكمبيوتر الإلهي العجيب ، لا تقل لي عقل ولا تقل لي قلب . قل لي نفس او روح . فالعقل يحتاج الى معاينة للشيء حتى يدركه ، والقلب يحتاج تنفيذ رغبة موجودة فيه ، لكن الروح تدرك الأشياء المجهولة ربما ادراكا كاملا دون الحاجة الى معاينة تلك الأشياء او الحاجة الى تنفيذ رغبة معينة . لذلك يؤكد الأطباء دوما على الحالة النفسية كأحد أهم مسببات الأمراض لدى الإنسان ، والنفس البشرية تدرك ما لا يدركه غيرها وتغوص بعمق كبير في ذات الإنسان لتملأ عقله الباطن بمعلومات نصفها من الإدراكات غير الواقعية او الملموسة فعلا ، لتشكل بعقلها الباطن انسانا آخر غير الانسان الذي يحركه عقله وقلبه . والنفس او الروح هذه متميزة جدا ، ومن عظمة تميزها انها نزلت في الأنسان من روح الخالق وتبقى فيه لتنسلخ عنه عند الموت فتتركه هو وقلبه وعقله طعاما للديدان ، بينما تغادر هي لتمتزج مرة أخرى بروح خالقها او على الأقل تحفظ عنده خالدة مطمئنة . في أحيان كثيرة تأتي السعادة فجأة ، وقد ترحل فجأة أيضا ، ويحل بدلا عنها نوع من الحزن الممزوج بآلام نفسية خفيفة تحول ذلك الحزن الى حزن عميق في ذات الإنسان الذي يعجز هو عن معرفة أسبابه الخفية ، وكتجسيد لهذا الحزن يلجأ الإنسان الى البكاء منعزلا منفردا ليجد لذة جميلة في هذا البكاء الخارج عن ارادته الذاتية . الحزن هو نوع من المشاعر النفسية السلبية التي تنشأ كتعبير فسيولوجي عن كارثة ما حلت على الإنسان وان جاز التعبير يمكننا ان نسمي الحزن معروف الأسباب بالحزن الطبيعي . لكن الذي يهمنا هو ذلك النوع من الحزن غير الطبيعي الذي ينتاب النفس البشرية دون سبب واضح او مؤثر خارجي ، بل هو يأتي نتيجة تخيلات جميلة يعيشها الأنسان ثم يصدم بزوالها فجأة ، او تخيلات حزينة مستمرة تودي به الى الوصول الى حالة الوسوسة ثم النهاية اما بمرض نفسي او بالانتحار .
من المؤكد بأن هذه المشاعر بالعادة هي مشاعر سلبية عندما يشعر بها الإنسان فيصبح الشخص هادئاً، قليل النشاط منفعلاً عاطفياً وانطوائياً. يصاحب الحزن أحياناً البكاء ولكن ليس بالضرورة. الحزن بالعادة يكون لفترة مؤقتة ليست بالطويلة أما الاكتئاب فقد يكون مزمناً يمتد لفترات طويلة. ويعرف الحزن في بعض الأحيان بأنه الشعور بعدم الرضى عمّا يحدث إما لمشاكل أو ظروف خارجة عن إرادة الإنسان تجعله تحت ضغط نفسي فلا يشعر معه بالراحة ولا بالطمأنينة.
يعتبر الحزن من المشاعر الستة الأساسية التي أقرّها العالم النفساني (بول إيكمان) وهي: السعادة، والحزن، والغضب، والدهشة، والخوف، والاشمئزاز، ودائماً ما يكون الحزن بسبب اشتياق إلى شخص أو شيءٍ ما أو بسبب موت شخص عزيز على الفرد أو بسبب مرض شديد أو خطير أو بسبب الغربة او بسبب جرح من اقرب الناس للشخص مثل احد افراد عائلته او أصدقائه او عدم التوفيق في حياته الشخصية الحزن هي كلمة صغيرة للتعبير عن معنى عميق وهذا ما يعرف بالحزن الطبيعي .
تأثير الحزن على الجسم البشري خطير، فتأثيره قد لا يصيب عضوًا بعينه فقط، بل ربما قد يمتد تأثير الحزن ليصل إلى باقي أعضاء الجسم، مما قد يؤثر بالسلب طبعًا- على حياة المرء بأكملها، ولأن الإنسان هشٌّ للغاية؛ فاختلال توازن عضو ما يؤثر على الجسم بأكمله، بل قد يصل إلى أعراض نفسية أخرى تؤدي بالمرء إلى العزلة، أو الإحباط، أو الاكتئاب، أو قد يصل به الظن إلى أن حياته توقفت أو دُمِّرت، فيؤثر الحزن على مسار حياة المرء إن استسلم له بالطبع، وصار واقعًا تحت تأثيره، فيصبح ضعيفًا قلبًا وقالبًا، خاويًا جدًا.