إذا نشأتِ العَلاقَةُ على الحُبِّ الطاهِرِ فإنَّهُ سيصعُبُ تمزيقُ رابطِ المُتَحابِّينَ ولن يوقِفَ حركتَهُم شيءٌ لا ترغيبَ ولا ترهيبَ ... هكذا اخترقَ مُحمَّدٌ قلوبَ الذينَ معَهُ ... إنَّهُم يذوبونَ لذكرِ اسمِهِ، ويستعذِبونَ صوتَهُ .. هل تتَذكَّرُ حُبَّكَ النّقيَّ لمُعلِّمِكَ المُخلصِ الذي أَثَّرَتْ أخلاقُهُ فيكَ كُنّا نتَلهَّفُ إليهِ في أيّامِ العُطَلِ، بل ذَرفنا الدموعَ عليهِ حينَ ساعةِ الفراقِ فكيفَ بِمَن رأى أفضلَ الخلقِ طُرّاً
وأَحسنُ مِنكَ لم ترَ قطُّ عَيني ... وَأجْمَلُ مِنْكَ لَمْ تَلِدِ النّسَاءُ
خُلِقْتَ مُبَرَّأً مِنْ كُلِّ عَيبٍ ... كأنَّكَ قدْ خُلِقتَ كما تَشَاءُ
الحُبُّ هوَ سِرٌّ تحمِلُهُ القلوبُ الصادِقَةُ فكيفَ بقَلبِ نبيِّنا مُحمَّدٍ صَلّى اللهُ عليهِ وآلهِ-"ما رآهُ أحَدٌ إلّا هابَهُ، ولا خالَطَهُ إنسانٌ إلّا أَحَبَّهُ" كما يقولُ واصِفُهُ.
كانتْ لُغَةُ نبيِّنا معَ الجَّميعِ هيَ الحُبُّ؛ فَهُوَ مأوى المُنقَطِعِ الحَيرانِ، ومُغيثُ المكروبِ اللَّهفانِ ... جاءَتهُ فتاةٌ خادِمَةٌ (جارية) وأَلَحَّتْ عليهِ أَنْ يصحَبَها الى المَنزِلِ الذي تخدِمُ فيهِ حتى يَقبَلوا عُذرَها بمحضَرِهِ ولا يَتَعَرَّضُوا لمُعاقَبَتِها..
خائفةً تلوذُ بِحِماهُ وتستَشعِرُ الأمانَ ما دامَ "مُحمّدٌ النّبيُّ " بجانِبِها وتسمَعُ أنفاسَهُ ... يطرُقُ رسولُ اللهِ البابَ ويرفَعُ صوتَهُ بالسَّلامِ ... فلَم يُجيبُوهُ كرَّرَ ذلكَ ثلاثاً كعادَتِهِ وأدَبِهِ المُباركِ في الاستئذانِ فلَمّا لم يُجيبوهُ؛ هَمَّ بالانصرافِ وإذا بهِ يسمَعُ قعقَعةَ فتحِ البابِ وخروجِ أهلِ الدّارِ.. الأبِ الأُمِّ والأبناءِ ومَن مَعَهُم مِنَ الخَدَمِ ... وهُم يقولونَ وعليكَ السّلامُ يا رسولَ اللهِ أهلاً ومَرحباً بِكَ يا حبيبَ القُلوبِ
هُنا يَعجَبُ " مُحمدٌ المُصطفى " -لماذا لم تَرُدّوا مِن أوّلِ سَلامٍ وتستجيبوا مِن أوّلِ طَرقَةٍ للبابِ
هُنا المفاجَئةُ هُنا لُغَةُ الحُبِّ
-كُنّا نُحِبُّ ونَوَدُّ سَماعَ صَوتِكَ
إذا كان صوتُ مُحمّدٍ تَتلهَّفُ إليهِ النّفوسُ وتستعذبهُ الأسماعُ فكيفَ بمُخالَطَتِهِ ورؤيةِ وَجهِهِ المُنيرِ .. الحُبُّ هوَ مَنطِقُ النَّجاحِ في العَلاقاتِ الاجتماعيّةِ ليسَ المالُ ولا السُّلطانُ ولا القُوّةُ والسَّطوةُ
كانَ " مُحمَّدٌ " أُسوَةٌ وقُدوةٌ للكُلِّ
انجَذَبَ إليهِ الشّبابُ وتَعَلَّقَتْ قلوبُهُم بهِ، وَوَقَّرَهُ الشّيوخُ وأكبَروهُ، وهابَهُ الأعداءُ وأمِنوا غَدرَهُ
والجميعُ يُنادونَهُ بالصّادقِ الأمينِ إذ هُما سِرُّ بدايةِ المَحبَّةِ ..
ودائماً كانَ يقولُ: " إنَّكُم لَنْ تَسَعُوا النَّاسَ بأموالِكُم ولكنْ يَسَعُهُم مِنكُم بَسْطُ الوَجهِ وحُسنُ الخُلُقِ"







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN