قبل البدء نود أن نذكر بعض الايات والاحاديث الخاصة بالنهي عن النظر المحرم الى المرأة الاجنبية منها :
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} النور: ٣٠
{لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} الحجر: ٨٨
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} الأحزاب: ٥٩
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : « النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن تركها خوفاً من الله ، أعطاه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه »
ومنها : عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إياك والنظرة بعد النظرة، فإن الاولى لك والثانية عليك وعنه (صلى الله عليه وآله): النظرة الاولى خطأ، والثانية عمد، والثالثة تدمر وعنه ايضا (صلى الله عليه وآله): لا تتبع النظرة النظرة، لك الاولى وعليك الآخرة , وعن الإمام علي (عليه السلام): لكم أول نظرة إلى المرأة،وعن الإمام الصادق (عليه السلام): أول النظرة لك، والثانية عليك ولا لك، والثالثة فيها الهلاك وعنه ايضا (عليه السلام): النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة ..
فأذا عرفنا ذلك نظرياً نجد إننا نعاني اليوم من أزمة كبيرة في فهم النصوص الواردة عن النبي (صلى الله عليه واله ) أو عن اهل بيته (عليهم السلام) وذلك يرجع الى قصور كبير في ادواتنا المعرفية التي لا تتناغم مع مقاصد الشرع الحنيف وقد يكون الخلل في اننا ركزنا النظر في هيكل المفردة اللغوية وبنائها في الجملة العربية أكثر من تركيزنا على مدلولاتها التي هي اكبر من الكلمة ومعناها الحرفي وخصوصا اذا كانت الكلمات صادرة عن معصوم كالنبي (صلى الله عليه واله) أو الائمة من أهل البيت (عليهم السلام) وهنا لابد أن تأخذ مدلولات الكلمة بعداً اخر غير المعنى الظاهري القريب للفهم البسيط ومن امثلة ذلك الروايات الشريفة التي تحثُّ وتحضُّ على عدم النظر للمرأة الاجنبية وتحذر بشدة من النظرة التي تعقبها حسرة وناراً تملأ عين الناظر .
وفي رأيي أن المرور على مثل هذه الاحاديث مروراً سريعا دون الوقوف عندها واستنطاق مضامينها جريمة لا تغتفر , لأن مثل هذه الاحاديث تحتاج الى توضيح كي لا يتهم من لا يفهم ديننا فيقول عنه أنه دين قمع لا يصلح للحياة , وبعيداً عن تفاسير القران الكريم التي تؤكد على أنّ (يغضوا من ابصارهم ) فيها تبعيض أي غضوا جزءا من ابصاركم وهذا الجزء هو ما يسميه الفقهاء (النظر بريبة أو النظر بشهوة )..
ويمكننا تحليل المراحل التي تمرّ بها النظرة بشكل عام ثم نمرُّ على النظرة المحرمة أو التي فيها (ريبة وشهوة ) .
وبدءاً نقول ان السرعة التي تدخل فيها الصور الى العين البشرية سرعة فائقة لا نكاد نتصورها فهي مقترنة بسرعة الضوء , اذ تنتقل هذه الصور عن طريق الجهاز العصبي الى الدماغ وفي الدماغ تجري عملية تحليل وعرض لهذه الصور وكل ذلك يجري في اجزاء من الثانية وهذه العملية تسمى (ادراك) وهي انتقال الصور حسيا الى الدماغ , ثم تأتي مرحلة ترتب اثر على ادراك هذه الصور بناءا على انعكاس يحرك في النفس عاطفة او شعورا وهذه المرحلة تسمى (انفعال) والمرحلة الاخيرة وهي مرحلة ترتب اثر حركي على هذه الصورة في الخارج ( اي خارج النفس) من خلال انعكاس هذه الصورة على سلوك الانسان وهذه المرحلة تسمى (الفعل) ومثال على ذلك لو ان شخصا يمشي في شارع وشاهد حادث تصادم سيارتين فأنه سيمر بهذه الحالات الثلاث وهي على الترتيب , ادراك ان هذا حادث سيؤدي الى اصابة اشخاص او موتهم ثم تتحرك في نفسه انفعالات كالتعاطف مع ركاب السيارتين ثم المرحلة الاخيرة وهي الركض باتجاه مكان الحادث لتقديم المساعدة .
ويتشابه هذا المثال مع النظرة بريبة او بشهوة (النظرة المحرمة ) حيث تبدأ هذه النظرة بـ (أدراك) ان هناك امرأة اجنبية ثم الانفعال من خلال تحرك نفس الناظر وشهوته بأتجاه هذه الصورة ثم تأتي المرحلة الاخيرة وهي مرحلة (الفعل) وهي ترتب أثر في الخارج والذي يأتي بعدة اشكال منها معاكسة المرأة أو فعل اي امر محرم اخر ..
ومن هنا نستنتج ان الرجل اذا نظر الى امرأة وادرك ان هذه المرأة مثيرة للشهوة ولم يغض بصره بل استمر بالنظر اليها ثم لم يكتفِ بالنظر بل وصل الامر انه تصرف تصرفا يخدش الحياء فهو بهذه النظرة قد جمع المراحل او المستويات الثلاث (الادراك) و (الانفعال) و (الفعل) فلا يمكن اطلاق مصطلح النظرة الاولى عليها عكس ماهو متعارف لدى بعض الشباب الذين يتصورون ان النظرة الاولى حلال فلا بأس من اطالتها وفي الحقيقية ان مثل هذه النظرة قد تحققت فيها المراحل الثلاث ..
وعلى هذا الاساس يمكن تسمية مرحلة الادراك بـ (النظرة الاولى)وكذا باقي المراحل بالنظرة الثانية والثالثة , وغضُّ البصر يشمل مرحلتي الانفعال والفعل ولا يشمل مرحلة الادراك ..
ويترتب على ما مرّ اعلاه واجب على المرأة يجب أن تحافظ عليه وهو أن لا تتبرج فتكون مثيرة للرجل فتتسبب بما ذكرناه آنفاً , فمن الضروري أن تدني المرأة عليها ثياب حيائها وستر مفاتنها كي لا تكون الطرف الاخر لمعادلة الاثارة والاستثارة وذلك بأختيار الملابس التي تمنع نظر الرجل من أن تمتد الى إدراك مفاتنها والتحلي بالآداب التي لاتوحي للرجال بأنها سلعة رخيصة من السهل الحصول عليها , كما ورد في الاية الكريمة : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {الأحزاب/59}







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN