اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة، ان للعشيرة ونظامها وتقاليدها واعرافها واحكامها دور مهم وفاعل في الحياة الاجتماعية في العراق، وان الكيان العشائري يمثل جزء مهم من التركيبة الرئيسة.
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (7/4/2017)، ان للعشائر الكثير من الصفات النبيلة والكريمة التي لابد من تدعيمها وترسيخها ونشرها بين مختلف العشائر والمجتمع، موضحا ان الكثير من الناس يلجأون للعشائر في حل مشاكلهم ونزاعاتهم وامور الاخرى لايجاد الحل المناسب لها.
واضاف ان للاعراف والتقاليد والاحكام العشائرية دور مهم، واصبح لها دور اكبر حساسية وخطورة في المجتمع العراقي اكثر من السابق وذلك للجوء الكثير من الناس لها والاحتكام بتقاليدها واعرافها.
وحذر الكربلائي خلال الخطبة من بروز ظاهرة شيوع بعض الاعراف والتقاليد والاحكام والاعراف في الاونة الاخيرة التي تتنافى مع القواعد الشرعية والضوابط القانوية مما شكل خطورة على الحياة الاجتماعية، منوها ان احدى تلك المخاطر تتمثل بتهديد التعايش السلمي بين افراد المجتمع، داعيا الى اللجوء الى الحكمة والحوار والتفاهم والتصالح في حال حدوث النزاعات والخالافات والصراعات لان ذلك يؤدي الى افشاء السلام في المجتمع، محذرا من تغليب العنف واستعمال بعض الاحكام الجائرة التي تشكل تهديدا للتعايش السلمي بين افراد المجتمع.
وتابع ان اللجوء الى الاحكام التي تتنافى مع القواعد الشرعية تؤدي الى وقوع الظلم والحيف والجور على بعض افراد المجتمع وازدياد حالات الهجران والتقاتل والتقاطع بين العشائر.
واكد الشيخ الكربلائي على ضرورة الابتعاد عن الاحكام والاعراف والتقاليد الضارة التي تهدد المجتمع وتغلب الفوضى على القانون والشرع، داعيا الى رصد التقاليد والاعراف والاحكام الضارة والسلبية وتميزها عن التقاليد النافعة، موضحا انه في بعض الاحيان يتم اللجوء الى الاحكام الضارة نتيجة عدم وضوح الرؤيا والتوهم بان تلك الاحكام جيدة مما يسبب الضرر للفرد وعشيرته ومجتمعه.
وسلط الشيخ الكربلائي خلال الخطبة الضوء على النظام العشائري ودوره في المجتمع، مبينا في المحور الاول الادوار الايجابية والبناءة للعشيرة في المجتمع، قائلا "تعد العشائر في العراق مدرسة للقيم التربوية النبيلة ومحامد الصفات ومكارم الاخلاق، فنلاحظ فيها الكرم والجود والشجاعة والشهامة والدفاع عن المظلوم واسترداد حقه واطعام الطعام واكرام الضيف واحلال السلام بين المتنازعين، وهذه صفات حميدة وهي ليست وليدة اليوم بل ان ابناء العشائر توارثوها عن اباءهم واجدادهم عبر التاريخ، فشكل ذلك لهم ارثا حضاريا لابد من الحفاظ عليه".
وتابع ان "اهم ماتميزت به العشائر الكريمة مساهمتها الفاعلة والمؤثرة والكبيرة في الدفاع عن الوطن والعرض والمقدسات، وتجلى ذلك واضحا في الاستجابة الكبيرة من قبل العشائر لفتوى وجوب الدفاع الكفائي للمرجعية الدينية العليا، فضلا عن ثوراتهم ضد الاحتلال الاجنبي ووقوفهم ضد الحكام والطواغيت، وهي امور يشهد لها التاريخ من الضروري الحفاظ عليها وعدم تعكيرها بالاعراف السلبية والضارة".
وتناول في المحور الثالث من الخطبة المبادئ الاساسية للدور الاصلاحي والايجابي للفرد والعشيرة، قائلا "انت ايها الفرد او العشيرة او اي كيان اجتماعي اذا اردت ان يكون هنالك دور ايجابي واصلاحي لك وللمجتمع لابد من الاعتماد على مبادئ ثلاث مهمة مستندة الى الضوابط والقواعد المُسلمة شرعا وعقلا ليكون للعشيرة او اي كيان اجتماعي دور بناء واصلاحي في المجتمع، فضلا عن الوضوح الكامل لدى شيوخ وافراد العشائر والمعرفة الدقيقة لما هو نافع وضار بالنسبة للعشائر والمجتمع.
واشار ان اولى تلك الامور يتمثل بعدم تجاوز الحدود الشرعية وثوابت احكام الاسلام، مؤكدا ان المسلم الصادق في اسلامه عليه ان لا يلتزم باداء الصلاة والصوم والحج والخمس فقط، بل عليه ان يلتزم بمبادئ الاسلام في جميع مجالات الحياة وفي النزاعات الاجتماعية داخل الاسرة وفي المجتمع، حتى تتحقق بذلك العدالة بين الناس وابعاد المجتمع عن الفوضى والتناحر والصراع والوقوع في الظلم، مستشهدا بقوله تعالى (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً.
وتابع ان المبدأ الثاني يتأتى برعاية الضوابط القانونية التي اقرت لتحقيق المصلحة العامة في المجتمع، مبينا ان المجتمعات لايمكن لها ان تتطور الا بالالتزام بالضوابط القانونية التي شرعت واقرت لتحقيق المصلحة العامة، وان التخلف عنها يؤدي الى حصول الفوضى، كما ان من الضروري الالتزام بالقانون بعيدا عن تغليب المصلحة الشخصية ومصلحة الاسرة والعشيرة في حل النزاعات العشائرية.
في حين اكد في المبدأ الثالث على ضرورة اعتماد منهج التسامح والعفو والتغاضي عن الاساءات وعدم الانقياد للاهواء العصبية والقبلية، موضحا لو تأملنا في الايات القرانية والاحاديث الشريفة سنجد هنالك عدد كبير منها اكد وحث على التسامح والعفو والابتعاد عن العنف لانها تؤدي الى تحقيق الاستقرار في المجتمع، مشيرا ان اساليب القتل والعنف والجراح والتهجير تعد اساليب نهى عن الاسلام كونها تغضب الله تعالى وتؤدي الى حالة من الظلم والجور والتقاطع.
ولاء الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة