المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
Untitled Document
أبحث في الأخبار


كلمة مراسم استبدال الرايات في ذكرى استشهاد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام


  

453       11:57 صباحاً       التاريخ: 2024-02-03              المصدر: .aljawadain.org
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين من الأولين والأخرين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
قال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) صدق الله العلي العظيم
اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَصَلِّ عَلى مُوسى بْنِ جَعْفَرٍ وَصِيِّ الأبْرارِ وَإِمامِ الأخْيارِ وَعَيْبَةِ الأنْوارِ وَوارِثِ السَّكِينَةِ وَالوَقارِ وَالحِكَم وَالاثارِ.. الَّذِي كانَ يُحْيِي اللَيْلَ بِالسَّهَرِ إِلى السَّحَرِ بِمُواصَلَةِ الاسْتِغْفارِ حَلِيفِ السَّجْدَةِ الطَّوِيلَةِ وَالدُّمُوعِ الغَزِيرَةِ وَالمُناجاةِ الكَثِيرَةِ والضَّراعاتِ المُتَّصِلَةِ وَمَقَرِّ النُّهى وَالعَدْلِ وَالخَيْرِ وَالفَضْلِ وَالنَّدى وَالبَذْلِ وَمَأْلَفِ البَلْوى وَالصَبْرِ وَالمُضْطَهَدِ بِالظُّلْمِ وَالمَقْبُورِ بِالجَوْرِ.. وَالمُعَذَّبِ فِي قَعْرِ السُّجُونِ وَظُلَمِ المَطامِيرِ ذِي السَّاقِ المَرْضُوضِ بِحَلَقِ القُيُودِ وَالجَنازَةِ المُنادى عَلَيها بِذُلِّ الاِسْتِخْفافِ.. وَالوارِدِ عَلى جَدِّهِ المُصْطَفى وَأَبِيهِ المُرْتَضى وَاُمِّهِ فاطَمَةَ سَيِّدَةِ النِّساءِ بِإِرْثٍ مَغْصُوبٍ وَوَلاءٍ مَسْلُوبٍ وَأَمْرٍ مَغْلُوبٍ وَدَمٍ مَطْلُوبٍ وَسَمٍّ مَشْرُوبٍ..
الصلاة والسلام عليك يا مولاي يا موسى بن جعفر يا باب الحوائج إلى الله تعالى ورحمة الله وبركاته.
الصلاة والسلام عليك يا سيدي محمد بن علي الجواد ورحمة الله وبركاته..
السلام على صاحب العزاء.. والمحزون على جده كاظم الغيظ إمام الأتقياء.. أعظم الله لك الأجر سيدي يا صاحب الزمان المسدد في الأرض والسماء..
الإخوة المعزون.. أصحاب السماحة والفضيلة.. الضيوف الأعزاء كل محفوظ بعالي قدره وكريم مقامه .. الزائرون الكرام جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
نقف اليوم في هذه الرحاب الطاهرة أصالة عن أنفسنا ونيابة عن كل من غاب عن هذا المشهد الحزين لتعذر حضوره أو لرحيله إلى الرفيق الأعلى من خدام العتبة المقدسة ومن الشهداء السعداء والجرحى والمرضى وعوائلهم وذويهم لنرفع أسمى آيات المواساة إلى النبي المختار وآله الاطهار وإلى مقام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف متمثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الشريف وإلى كل المنصفين في العالمين الإسلامي والإنساني  في هذا اليوم الأليم يوم استذكار مصيبة إمامنا وإمام الإنسانية جمعاء وهو الإمام السابع من أئمة الهدى من أهل بيت النبي صلوت الله عليهم.. المظلوم المسموم مولاي موسى بن جعفر الكاظم عليه الصلاة والسلام.
علينا في ذكرى استشهاد مولانا الكاظم عليه السلام أن نستشعر تلك الأحداث التي عاصرها إمامنا عليه السلام وبذل مهجته لإحياء كلمة الله تعالى ونصرة رسالته.. هذه الذكرى التي أخذت من الأدباء والمفكرين والمؤرخين مساحة كبيرة ليعبروا فيها عن ظلم وجور السلاطين وإباء وصبر المؤمنين فقالوا ما قالوا وحارت الأفكار في ترجمة صبر الإمام وكظم غيظه، فصار أنموذجا بصبره الذي ذل به سجانيه، إذ لم ينقطع خشوعه وتضرعه ومناجاته إلى الله قط متخدا الدعاء سلاحا لحرب أعدائه لحسن ظنه بالله تعالى في سرعة الإجابة قائلاً: (إِلهِي كَمْ مِنْ عَدوٍّ انْتَضى عَلَيَّ سَيْفَ عَداوَتِهِ، وَشَحَذَ لِي ظُبَةَ مِدْيَتِهِ وَأَرْهَفَ لِي شَبا حَدِّهِ، وَدافَ لِي قَواتِلَ سُمُومِهِ، وَسَدَّدَ إِلَيَّ صَوائِبَ سِهامِهِ وَلَمْ تَنَمْ عَنِّي عَيْنُ حِراسَتِهِ، وَأَضْمَرَ أَنْ يَسُومَنِي المَكْرُوهُ، وَيُجَرِّعَنِي ذُعافَ مَرارَتِهِ نَظَرْتَ إِلى ضَعْفِي عَنْ احْتِمالِ الفَوادِحِ وعَجْزِي عَنِ الاِنْتِصارِ مِمَّنْ قَصَدَنِي بِمُحارَبَتِهِ، وَوَحْدَتِي فِي كَثِيرٍ مِمَّنْ ناوانِي وَأَرْصَدَ لِي فِيما لَمْ أَعْمِلْ فِكْرِي فِي الارْصادِ لَهُمْ بِمِثْلِهِ فَأَيَّدْتَنِي بِقُوَّتِكَ وَشَدَدْتَ أَزْرِي بِنُصْرَتِكَ وَفَلَلْتَ لِي حَدَّهُ، وَخَذَلْتَهُ بَعْدَ جَمْعِ عَدِيدِهِ وَحَشْدِهِ وَأَعْلَيْتَ كَعْبِي عَلَيْهِ، وَوَجَّهْتَ ماسَدَّدَ إِلَيَّ مِنْ مَكائِدِهِ إِلَيْهِ، وَرَدَدْتَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَشْفِ غَلِيلَهُ، وَلَمْ تَبْرُدُ حَزازاتُ غَيْظِهِ، وَقَدْ عَضَّ عَلى أَنامِلِهِ، وَأَدْبَرَ مُوَلِّيا قَدْ أَخْفَقَتْ سَراياهُ، فَلَكَ الحَمْدُ يارَبِّ مِنْ مُقْتَدِرٍ لايُغْلَبُ، وَذِي أَناةٍ لا يَعْجَلُ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِي لِنَعْمائِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَلآلائِكَ مِنَ الذَّاكِرِينَ).
كان للإمام عليه السلام مواقف عظيمة وحازمة ضد طغاة عصره، فلم تنثني عزيمته في التصدى لظلم وجور بني العباس ولم يهادنهم ولم يجاريهم، وقد طُلِبَ منه أن يوافق الحاكم الجائر في بعض آرائه مقابل التخفيف عنه.. فرفض الإمام وردّ على الحاكم بصلابة بقوله: (إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء، حتى نقضي جميعاً الى يوم ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون).. فهذا الموقف والدرس الخالد من مدرسة الإمام موسى الكاظم عليه السلام يعبر عن قوة الإمام عليه السلام دون ضعفه وهو الذي يتناسب مع شخصيته الرسالية وتصديه لمواجهة القوى الضالة على الرغم من عدم اتخاذه الوسيلة المسلحة، بل غاية ما في الأمر أنه استخدم المواجهة السلمية.. وكان عليه السلام يرفض الخنوع والنزول على حكم الطغاة كأبائه وأجداده من قبله عليهم السلام.. ولله در الشيخ محمد علي اليعقوبي رحمه الله الذي قال:
 
ما أنصفتك بنو الأعمام إذ قطعتْ        أواصراً برسول الله تتحدُ
أبكيكَ رهن السجون المظلمات وقدْ     ضاقَ الفضا وتوالى حولك الرصدُ
تمسي وتغدو بنو العباس في مرح     وأنت في محبس السندي مضطهدُ
دسُّوا اليك نقيع السم في رطبٍ       فاخضرَّ لونكَ مذْ ذابتْ به الكبدُ
حتى قضيتَ غريبَ الدار منفرداً      لله ناءٍ غريبُ الدار منفردُ
أبكي لنعشك والأبصار ترمقه      ملقى على الجسر لا يدنو له أحدُ
أبكيك ما بين حمّالين أربعة     تُشال جهراً وكل الناس قد شهدوا
نادوا عليه نداء تقشعّر له      السبع الطباق فهلا زلزل البلد
لم تجتمع هاشم البطحا لديه ولا الأ    شراف من مضر الحمراء تحتشد
كأنها ما درت أن العميد مضى      ومن رُواقِ عُلاها قد هوى العمد
سئل أبو الحسن الرضا عليه السلام: ما لمن زار قبر أبيه وأي شيء فيه من الفضل قال: (فيه من الفضل كفضل من زار قبر والده) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله.. فنحن عندما نزوره عليه السلام إنما نشهد بما يأتي: الشهادة بأن الامام عليه السلام قد بلَّغ عن الله ما حُمّل وحفظ ما استودع وحلّل حلال الله وحرم حرامه، والشهادة له بأنه اقام أحكام الله وتلى كتاب الله، وأنه صبر على الأذى في جنب الله وجاهد في الله حق الجهاد كما نشهد بأنه عليه السلام قد مضى على ما مضى عليه آباؤه الطاهرون وأنه لم يؤثر عمىً على هدى ولم يمل من حق الى باطل وأنه نصح لله ورسوله ولأمير المؤمنين عليه السلام وأدى الأمانة واجتنب الخيانة وأقام الصلاة وآتى الزكاة وأمر بالمعروف ونهى المنكر. وبعد ذلك نعلن البراءة من أعدائه والتقرب إلى الله بولايته ولذلك بجب أن نكون من الملتزمين بما نشهد منهجا وسلوكا لأن مفردات الزيارة هي في الواقع أسلوب لتربية النفس وتزكيتها. 
أيها المعزون الأحبة
لا بد لنا من الإشارة إلى ضرورة استمرار واستثمار إقامة هذه الشعائر المباركة في التوجه إلى الله تعالى والإخلاص له في كل أمورنا ونحن نقيم مجالس عزاء استشهاد الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام، كما يجب أن نستلهم منه ومن سيرته كل معاني الخير والعطاء وأن يكون لنا قدوة ومثلا أعلى، فالإمام عليه الصلاة والسلام كان رمزاً ولا زال وسيبقى من رموز الأمة الإسلامية والإنسانية وعلماً من أعلام الهداية الربانية، ذو المقام السامي والمنزلة الرفيعة عند الله تعالى، كان يكظم غيظهُ ويحسن إلى غيرهِ ويقابل بإحسانه الإساءة ويعفو ويسامح مع القدرة، وهو المشهور بالتقوى وكثرة العبادة والنسك والحلم والصبر، وبإيمانه وبورعه حوّل ظلمات سجنه إلى محراب لعبادة الله ومركزا لهداية الناس.
إذن لزاما علينا ونحن نعيش هذه الذكرى الأليمة أن نستمد الخطوات الصحيحة من الإمام عليه السلام، آخذين من سيرته الطيبة وهو الطيب بن الطيبين دروساً ومنهجاً لحياتنا لشمولها على كل معاني الإنسانية، وأن نجعل من أقواله وأفعاله ووصاياه دليلاً ومنهجا لسلوكنا اليومي وسُلّماً ترقى فيه أعمالنا وتستقر عليه جوارحنا.
ومن جانب آخر يتذكر المؤمنون في هذه المناسبة خصوم الإمام بكل ما فيهم من غصب لمقام الحكومة الربانية وظلم أهلها الذين نصبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبأمر الله سبحانه وتتبع شيعتهم ومحبيهم ومواليهم ومطاردتهم وسجنهم وتقتيلهم وهذا من أعظم حرمات الله فمن انتهك تلك الحرمة سهُل عليه أن ينتهك كل حرمة غيرها فيكون ظلم الإخوان وغصب الحقوق وهتك الأعراض والطعن بشرف الناس والابتذال والتسقيط والغيبة والنميمة والنفاق والهتك وإنفاق أموال الأمة في غير محلها بل إنفاقها على شهوات الحكم وغيرها  كل هذه الأعمال تكون سهلة الارتكاب لمن ارتكب ما هو أشد حرمة منها بكثير، والقرآن الكريم لا يرضى للمؤمن أن يقف موقف الراضي بذلك ولا موقف المحايد أيضاً، بل يريد موقفاً من نوع آخر تجاه أولياء الله، يقول المولى سبحانه (لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وأيَّدَهم بِرُوحٍ مِنهُ ويُدْخِلُهم جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم ورَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ألا إنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ المُفْلِحُونَ) ومن هنا نعرف أن من بين أهم ما هو مطلوب في هذه المناسبة وكل مناسبات المعصومين شيئان اثنان: الولاء والبراءة معا.. لا الولاء وحده، ونحسب أن الكثير يهتمون بجانب ويهملون الآخر وهذا من التبعيض لكتاب الله.. فمن ادعى ولاء الإمام وهو مقبل على غصب الحقوق أو الطعن والغيبة والنميمة والنفاق وهتك الأعراض والافتراء على الآخرين لتسقيطهم أو الوشاية بالمؤمنين وحتى من يعينهم ويستمع إليهم ويصدقهم ويؤيدهم بل حتى الذي يسكت ولا يرد عليهم ذلك.. فضلا عن الحسد والبغض أو عدم الحياء وترك العفة والحجاب فأنه في واقع الحال موالٍ لأعداء الإمام الكاظم عليه السلام حتى وإن كان يدعي محبته.. لا جعلنا الله وإياكم من هؤلاء الذين يؤذون الإمام موسى بن جعفر عليه السلام.. قال تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَىٰ فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).
ويقول الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام وهو يشير إلى الذين يحسدون غيرهم، لأنَّ الله تعالى أعطاهم من النِعَم ما لم يعطهم، ويحقدون عليهم، لأنَّ الله جعل لهم فضلاً لم ينعم عليهم به إذ يقول عليه السلام: (اصبر على أعداء النِعَم فإنَّك لن تكافئ من عصى اللهَ فيك بأفضل من أن تطيع اللهَ فيه) ـ أي أنه قد عصى الله فيك، فحقد عليك وحسدَك، فأطِعِ الله فيه، بأن تكظم غيظك وتعفو عنه، فتكون من المحسنين.
لقد كان سلاطين الجور ينعمون في الوقت الذي فيه يظلمون الإمام الكاظم عليه السلام متناسين إن الله سبحانه وتعالى لهم بالمرصاد وهذا ما صرحت به بطلة كربلاء السيدة الحوراء زينب الكبرى عليها السلام في مجلس الطاغية يزيد عندما قالت: (أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأُسارى أنَّ بنا على الله هواناً وبك عليه كرامة، وإنَّ ذلك لعِظَمِ خَطَرِكَ عنده، فشمَخْتَ بأنفِكَ، ونظرت في عطفِك،جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متَّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله تعالى: وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ).
ومن أخلاقه عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن تتبع العورات واتهام المؤمنين وهتك الاعراض وتصديق الوشايات والاستهزاء بالآخرين.. قيل للإمام الكاظم عليه السلام: جعلت فداك الرجل من إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه فأسأله عنه فينكر ذلك وقد أخبرني عنه قوم ثقات، فقال عليه السلام: (كذّب سمعك وبصرك عن اخيك، فان شهد عندك خمسون قسامة وقال لك قولا فصدقه وكذّبهم، ولا تذيعنّ عليه شيئا تشينه به، وتهدم به مروته فتكون من الذين قال الله تعالى فيهم: إن الذينَ يُحِبُونَ أن تُشيعَ الفاحِشَة في الذينَ آمَنوا لَهُم عٌذاب أليمٌ في الدُنيا والآخِرَةِ).. وقال تعالى (يا أيُّها الَذينَ آمَنوا لا يَسْخَر قَومٌ مِنْ قَومٍ عَسى أنْ يَكونوا خَيراً مِنْهُم ، ولا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أنْ يَكُنَّ خيراً مِنْهُنَّ ولا تَلمِزوا أنْفُسَكُم ولا تَنابَزوا بألألقابِ).. وقال الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم: (يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان الى قلبه، لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته)، وقال الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام: (من كف نفسه عن أعراض الناس أقاله الله عثرته يوم القيامة، ومن كف غضبه عن الناس كفّ الله عنه غضبه يوم القيامة).
ومن أحاديثه التوجيهية والتربوية التي كان وما زال يربي شيعته ومحبيه عليها أنه قال: (إيّاك والكبر، فانّه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر، الكبر رداء الله، فمن نازعه رداءه أكبّه الله في النار على وجهه).. وقال: (ليس منا من لم يحاسب نفسه في كّل يوم، فإن عمل حسناً استزاد منه.وان عمل سيئاً استغفر الله منه وتاب إليه) وقال: (لن تكونوا مؤمنين حتى تعدوا البلاء نعمة والرخاء مصيبة، وذلك أن الصبر عند البلاء أعظم من الغفلة عند الرخاء) وقال: (إن الله عز وجل يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة السؤال) وقال: (التودد إلى الناس نصف العقل) وقال: (من حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره)، وقال عليه السلام: (كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعدّون).. وهذا يدعونا إلى مراجعة النفس ومحاسبتها وتقييم أفعالنا وسلوكنا والعودة إلى الله وإلى الثقلين كتاب الله وعترة نبيه فلا ضلال بمن تمسك بهما..
 إن من أبرز الدروس التي نستفيدها من حياة الإمام الكاظم عليه السلام هي روح التسامح والعفو، والرفق بالآخرين والقدرة على الصبر والتحمل في وجه الظروف الصعبة.. ومخالفة الهوى ومحاربة الأنا.. فقد عاش الإمام الكاظم في أحلك الظروف وأصعبها، إلا أنه لم يترك الضغينة والحقد يتسربان إلى قلبه الشريف، ولم يفكر يوما بالانتقام والانتصار لشخصه بل بقي محبًا رحيمًا متسامحًا حتى في أصعب اللحظات وهي خطوة عملية لتربية الأمة من دون الاكتفاء بالكلام فقط.
ولا بد من التذكير بوصايا المرجعية الدينية العليا المتمثلة بسماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله الشريف والخاصة بمثل هذه المناسبات ومنها: (الله الله في الصلاة فإنها عمود الدين ومعراج المؤمنين إن قُبِلت قُبِلَ ما سواها وإن رُدّت رُدَّ ما سواها، وينبغي الالتزام بها في أول وقتها).. (الله الله في الستر والحجاب فإنّه من أهمّ ما اعتنى به أهل البيت عليهم السلام وعلى الزوار جميعاً ولا سيّما المؤمنات مراعاة مقتضيات العفاف في تصرفاتهم وملابسهم ومظاهرهم والاختلاطات المذمومة).. كما (يجب الاهتمام بمراعاة تعاليم الدين مثل الإصلاح والعفو والحلم والأدب وحرمات الطريق وسائر المعاني الفاضلة).
 كما أكد سماحته على حماية حقوق الانسان والمحافظة على حياة الآخرين وكرامتهم مهما اختلف لونهم ودينهم واعتقادهم وقد ناشد أبناءه قائلا: ((الله الله في الحرمات كلّها، فإيّاكم والتعرّض لها أو انتهاك شيء منها بلسان أو يد واحذروا أخذ امرئ بذنب غيره، فإنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ) مؤكدا على حرمة الدم والمال والعرض من دون الالتفات إلى الديانة والمعتقد.. وهي رسالة واضحة للعالم كله على ان الاسلام النقي الأصيل الصحيح هو هذا الذي ينشده السيد المرجع في تلك الوصايا المهمة التي يمكن ان نعتبرها منهاجا لتربية وتعليم الاجيال على التسامح والسلام.. فالتزامنا بوصايا أئمتنا ومرجعيتنا ستؤدي حتما إلى عراق موحد يعمل على كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة فبناء العراق مسؤولية الجميع ولا يكون البناء إلا بتبادل المحبة والألفة والتكاتف بين أبنائه
وقبل الختام.. نتوجه بالشكر الجزيل والثناء الجميل إلى لله تعالى أولا لتوفيقه وإلى مقام صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف ثانيا وإلى مقام المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف ممثلة بسماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه الشريف)، وإلى الشهداء السعداء والشهداء الأحياء سيما الملبون لفتوى الدفاع الكفائي المشاركون في معارك الجهاد والتحرير والانتصار وإلى عوائلهم وإلى ديوان الوقف الشيعي بكل دوائره الساندة وإلى الأمانات العامة للعتباتِ المقدسة سيما خدمة العتبة الكاظمية المقدسة والشكر موصول إلى الأمانات الخاصة للمزارات الشيعية الشريفة، كل الشكر والتقدير إلى أساتذة الحوزة العلمية وفضلائها في المشروع التبليغي وإلى ممثلية المرجعية الدينية في مدينة الكاظمية المقدسة، كل الشكر والتقدير إلى أمناء العتبات المقدسة والمتولين الشرعيين وجميع القائمين على خدمة زوار مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام وذراريهم ومن نحن بحضرتهما الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام لمساندتهم وتعاونهم الكبير فالخدمة في العتبات المقدسة هي في الواقع تعدد أدوار ووحدة هدف لإحياء أمر محمد وآل محمد صلى الله عليهم أجمعين.
والشكر موصول إلى اللجنة المركزية العليا لتأمين المتطلبات الأمنية والخدمية للزيارة الرجبية وإلى حشود المتطوعين الملبين لفتوى وجوب الدفاع الكفائي للإمام السيستاني دام ظله دفاعا عن الأرض والعرض والمقدسات في صفوف قواتنا الأمنية بمختلف مسمياتها وصنوفها وتشكيلاتها والشكر موصول إلى كل الوزارات المشاركة بكافة تشكيلاتها لا سيما وزارات النقل والكهرباء والنفط والصحة والبيئة وإلى الدوائر الصحية والدوائر الخدمية لا سيما أمانة بغداد ودائرة بلدية الكاظمية والدوائر البلدية الساندة لها وسائر المؤسسات والدوائر الحكومية الرسمية وشبه الرسمية ومنظمات المجتمع المدني المباركة والمتطوعين الكرام.. كل الشكر والتقدير إلى أهلنا في مدينة الكاظمية المقدسة وإلى المساجد والحسينيات والمواكب والهيئات الحسينية كما نشكر جميع وسائل الإعلام والقنوات الفضائية والوكالات الإخبارية الموقرة التي ستغطي هذا الحدث المليوني المبارك بعدالة وإنصاف إحياءً لهذه الشعيرة المباركة وإسهاماً في إحياء أمر محمد وآل محمد.
فلنعاهد جميعاً الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه الصلاة والسلام على أن نكون عند حسن ظنه، وأن نكون في طاعة الله تعالى في ميادينه سائحين وبالأسحار مستغفرين وبالأذكار قائمين، وإليه منيبين راجين المولى القدير أن يوفقنا لذلك ببركة إمامنا موسى الكاظم عليه السلام وبشرف هذا الأيام التي أبكت أهل السماء قبل أهل الأرض، فسلام عليك سيدي يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً.
سيدي ومولاي نرجو منك أن ترفع يدك بالدعاء متضرعاً إلى الله تعالى ونحن نقدمك بين يدي حاجاتنا، متوسلين بك إليه عز وجل أن يحفظ العراق وأهله ومقدساته ومرجعيتنا الدينية العليا وعلمائنا الأعلام العاملين من كيد الكائدين ومكر الماكرين وأن يمُنّ علينا بالأمن والأمان إنهُ كريم منّان.. يا أَبا الحَسَنِ يا مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ، أَيُّها الكاظِمُ يا بْنَ رَسُولِ اللهِ يا حُجَّةَ اللهِ عَلى خَلْقِهِ يا سَيِّدَنا وَمَوْلاَنا، إنَّا تَوَجَّهْنا وَاسْتَشْفَعْنا وَتَوَسَّلْنا بِكَ إِلى اللهِ، وَقَدَّمْناكَ بَيْنَ يَدَيْ حاجاتِنا، يا وَجِيهاً عِنْدَ اللهِ اِشْفَعْ لَنا عِنْدَ اللهِ.
كما نلتمس من إخوتنا الزائرين أن يدعو بتعجيل فرج مولانا صاحب العصر والزمان بالفرج ويدعو بعضهم إلى بعضهم الآخر وهم في حضرة باب الحوائج موسى بن جعفر عليه السلام وأن لا ينسوا تلك الأرواح التي التحقت ببارئها، تغمد الله شهداءنا برحمته الواسعة وأسكنهم فسيح جناته وحشرنا وإياهم في رحال محمد وآل محمد، ولا تنسوا خَدَمة الإمامين الكاظمين الجوادين عليهما السلام ووالديهم ومتعلقيهم بخالص دعواتكم.
ولا ننسى أهلنا في غزة في هذه الليلة من الدعاء بالنصر على العدو المحتل الغاصب ونقول ما صدحت به المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف في بيان مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله) الذي قال: إنّ إنهاء مأساة هذا الشعب الكريم ـ المستمرة منذ سبعة عقود ـ بنيله لحقوقه المشروعة وإزالة الاحتلال عن أراضيه المغتصبة هو السبيل الوحيد لإحلال الأمن والسلام في هذه المنطقة ومن دون ذلك فستستمر مقاومة المعتدين وتبقى دوّامة العنف تحصد مزيداً من الأرواح البريئة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
ومن المناسب ونحن في هذا المقام وهذه المناسبة وصاحب الذكرى أن نهيب بالجميع (من دون استثناء) بالحفاظ على حرمة مدينة الكاظمية المقدسة وكل المدن المقدسة احتراما لأئمة أهل البيت صلوات الله عليهم والتي تؤكد عليها الشريعة المقدسة كالحجاب والحشمة ومكافحة ظاهرتي السفور والتبرج بلا فرق بين من يريد الزيارة أو جاء للتبضع.. قال تعالى: (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ)، وقال تعالى: (إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا)  مشيرين إلى ما جاء في الدستور العراقي المادة العاشرة مانصه: (العتبات المقدسة والمقامات الدينية في العراق كيانات دينية وحضارية، وتلتزم الدولة بتأكيد وصيانة حرمتها، وضمان ممارسة الشعائر بحرية فيها) وما جاء في قانون الوقف الشيعي رقم (57) لسنة (2012) المادة (24 فقرة ثالثاً) والتي تنص على أن (المدن المقدّسة لها حرمة لا يجوز انتهاكها بأي مخالفة للأدب أو الأخلاق العامة ويُحظر فيها ممارسة كل فعل مخلٍ بالحياء).. كما نؤكد على الجهات الحكومية المعنية وكذلك الجهات التشريعية والرقابية ونخص بالذكر لجنة الأوقاف الدينية النيابية الموقرة بضرورة بذل أقصى الجهود لتأمين تطبيق المواد الدستورية والقانونية التي أشرنا إليها قبل قليل وكذلك التعاون مع القضاء العراقي الموقر لمحاسبة مرتكبي الجرائم التي تمس بحرمة الأماكن المقدسة.. وندعو الزائرين الكرام الى الالتزام بالضوابط الشرعية في الملبس والمظهر والحركات والسكنات ومراعاة حرمة هذا المكان الطاهر.
قال الإمام الكاظم عليه الصلاة والسلام: (طوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبراءة من أعدائنا، أولئك منا ونحن منهم).
اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا صلواتك عليه واله وغيبة ولينا وكثرة عدونا وقلة عددنا وشدة الفتن بنا وتظاهر الزمان علينا فصل على محمد وآله وأعنا على ذلك بفتح منك تعجله وبضر تكشفه ونصر تعزه وسلطان حق تظهره ورحمة منك تجللناها وعافية منك تلبسناها برحمتك يا أرحم الراحمين.
ولا بد لنا ونحن في هذه الرحاب الطاهرة أن نتوجه إلى الله تعالى للدعاء إلى المعزى في هذا المصاب إمامنا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف (اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه في هذِهِ السَّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَة وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْنا حَتّى تُسْكِنَهُ اَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً برحمتك يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ) وصلّى اللهُ على محمدٍ وآلِ محمدٍ الطيبين الطاهرين.


Untitled Document
حسن الهاشمي
من أين لك هذا... خيال أم حقيقة؟!
د. فاضل حسن شريف
کتاب الإمام الصادق عليه السلام للشيخ المظفر والقرآن...
إسلام سعدون النصراوي
إمام المحدثين وجليس المساكين
د. فاضل حسن شريف
کتاب الإمام الصادق عليه السلام للشيخ المظفر والقرآن...
احمد الخرسان
ذكرى استشهاد الإمام العظيم جعفرِ بن محمد الصادق (عليه...
د. فاضل حسن شريف
اشارات قرآنية من كتاب فقه الإمام الصادق للشيخ مغنية (ح...
نجم الحجامي
صحابة باعوا دينهم – 10 عمرو بن حريث المخزومي
حسن السعدي
الصوت: دراسة فيزيائية
علي الحسناوي
هل تجوز إحالة الموظف الى التقاعد بناء على طلبه إذا...
منتظر جعفر الموسوي
التضخم الاقتصادي عبر التاريخ والدروس المستفادة
د. فاضل حسن شريف
اشارات قرآنية من كتاب فقه الإمام الصادق للشيخ مغنية (ح...
أنور غني الموسوي
سبب رفع كلمة (الصابئين) في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ...
د. فاضل حسن شريف
اشارات قرآنية من كتاب فقه الإمام الصادق للشيخ مغنية (ح...
منتظر جعفر الموسوي
الموازنة العامة : ادوارها وانواعها ومراحلها