"فترة طويلة من النمو المنخفض تلوح في الأفق".. هذا ما خلص إليه التقرير الجديد الصادر عن إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة حول آفاق الاقتصاد العالمي والذي توقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد العالمي خلال العام الحالي إلى 2.4 بالمئة، مقارنة بنحو2.7 خلال العام الماضي ودون معدلات فترة ما قبل الوباء البالغة 3 بالمئة.
استطاع الاقتصاد العالمي خلال العام الماضي تجنب أسوأ سيناريو للركود لكن التحديات الجديدة وأهمها التصعيد الحاصل في الشرق الأوسط وتواترات المضايق البحرية جعلت إمكانية دخوله في فترة طويلة من النمو المنخفص أكبر.
وأوضح التقرير أن استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة تصعيد الصراعات، وتباطؤ التجارة الدولية، وزيادة الكوارث المناخية، يشكل تحديات كبيرة أمام النمو العالمي.
وحذر التقرير من أن احتمالات وقوع فترة طويلة من تشديد شروط الائتمان وارتفاع تكاليف الاقتراض تمثل رياحا معاكسة قوية تواجه الاقتصاد العالمي المثقل بالديون، في ظل الحاجة إلى مزيد من الاستثمارات لإنعاش النمو ومكافحة تغير المناخ وتسريع التقدم على مسار تحقيق أهـداف التنمية المستدامة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن 2024 يجب أن يكون هو العام "الذي نخرج فيه من هذا المستنقع"، مضيفا أنه من خلال إطلاق العنان لاستثمارات كبيرة وجريئة، "يمكننا دفع عجلة التنمية المستدامة والعمل المناخي، ووضع الاقتصاد العالمي على مسار نمو أقوى للجميع".
وشدد غوتيريش على أنه "يجب أن نبني على التقدم الذي تم إحرازه في العام الماضي نحو تحفيز أهداف التنمية المستدامة بما لا يقل عن 500 مليار دولار سنويا في شكل تمويل طويل الأجل ميسور التكلفة للاستثمارات في التنمية المستدامة والعمل المناخي".
التباطؤ الاقتصادي سيضرب الدول المتقدمة والنامية
توقع التقرير أن يتباطأ النمو في العديد من الاقتصادات الكبرى المتقدمة وخاصة الولايات المتحدة، في عام 2024 نظرا لارتفاع أسعار الفائدة، وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي، وضعف أسواق العمل.
وأشار أيضا إلى أن آفاق النمو في الأمد القريب بالنسبة للعديد من البلدان النامية لا سيما في شرق آسيا وغربها وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تتدهور أيضا بسبب تشديد الشروط المالية، وتقلص الحيز المالي، وتباطؤ الطلب الخارجي.
وتواجه الاقتصادات منخفضة الدخل والضعيفة ضغوطا متزايدة في ميزان المدفوعات ومخاطر القدرة على تحمل الديون، وفقا لما ذكره التقرير.
وأكد كذلك أن الآفاق الاقتصادية للدول الجزرية الصغيرة النامية، على وجه الخصوص، مقيدة بأعباء الديون الثقيلة، وارتفاع أسعار الفائدة، وزيادة نقاط الضعف المرتبطة بالمناخ، مما يهدد بتقويض، بل وفي بعض الحالات، عكس المكاسب التي تحققت بشأن أهداف التنمية المستدامة.
هدوء التضخم
توقع التقرير الأممي أن ينخفض التضخم العالمي بشكل أكبر، من 5.7 بالمئة في عام 2023 إلى 3.9 بالمئة في عام 2024.
لكنه أشار إلى أن ضغوط الأسعار لا تزال مرتفعة في العديد من البلدان، وأن أي تصعيد إضافي للصراعات الجيوسياسية يهدد بتجدد الزيادات في التضخم. وأوضح التقرير أنه في حوالي ربع جميع البلدان النامية، من المتوقع أن يتجاوز التضخم السنوي 10 بالمئة في عام 2024.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لي جونهوا في بيان صحفي، إن استمرار ارتفاع التضخم أدى إلى مزيد من التراجع في التقدم المحرز في القضاء على الفقر، مع ما يترتب على ذلك من آثار خطيرة بشكل خاص في أقل البلدان نموا.
وشدد على أنه "من الضروري أن نعمل على تعزيز التعاون العالمي والنظام التجاري متعدد الأطراف، وإصلاح تمويل التنمية، والتصدي لتحديات الديون، وزيادة تمويل المناخ لمساعدة البلدان الضعيفة على التعجيل نحو مسار النمو المستدام والشامل".
ووفقا للتقرير، شهدت أسواق العمل العالمية انتعاشا متفاوتا من أزمة جائحة كوفيد-19، بينما ظلت أسواق العمل مرنة على الرغم من تباطؤ النمو في الاقتصادات المتقدمة. ونبه التقرير إلى أنه في العديد من البلدان النامية، لا سيما في غرب آسيا وأفريقيا، لم تعد بعد مؤشرات العمالة الرئيسية، بما في ذلك معدلات البطالة، إلى مستويات ما قبل الجائحة.
وأضاف أن فجوة التوظيف العالمية بين الجنسين لا تزال مرتفعة، كما أن فجوات الأجور بين الجنسين لا تستمر فحسب، وإنما أيضا اتسعت في بعض المهن.