بعد أن مر العراق بأزمات اقتصادية تارة وتارة سياسية وأمنية، فأنه يسعى لتأسيس صندوق الأجيال لمواجهة نضوب النفط.
هذا التوجه الحكومي لقي ترحيبا من الأوساط الاقتصادية والبرلمانية لما قد يحققه من فوائد للاقتصاد العراقي وللأجيال المقبلة.
وتعتزم الحكومة العراقية إنشاء أول صندوق ثروة سيادية تموله من فائض الموازنات المالية بهدف بناء حاجز مالي متماسك يمنع الانهيار الاقتصادي، فضلا عن إمكانية استثمار هذه الأموال في إنعاش الاقتصاد المحلي ومعالجة الأزمات التي قد تطرأ جراء هبوط أسعار النفط .
تحرّك نيابي لتفعيل الصندوق السيادي
دعا عضو الكتلة الصدرية رائد الفتلاوي، يوم الخميس، إلى ضرورة تفعيل الصندوق السيادي.
وقال الفتلاوي في تصريح خص به “المركز الخبري الوطني”: إنه “من المفترض أن ينشأ هذا الصندوق في وقت مبكر لحل الكثير من المشاكل الاقتصادية وايام حرب داعش”، مضيفاً أنه “الآن هناك فرصة جيدة بأوضاع النفط والوضع الاقتصادي بالنسبة للعراق أفضل في ظل حرب روسيا وأوكرانيا، التي لقيت في ضلالها بعض الشيء”.
وتابع أن “ارتفاع أسعار النفط يصب في مصلحة العراق وهذا الصندوق يكون لتأمين مستقبل الأجيال القادمة ويسد ايضا نقص الخدمات”، مشيرا إلى أن “هناك تحرك نيابي حول هذا الصندوق للعمل عليه بالقريب العاجل”.
وبين الفتلاوي، أن “أهم معوقات إنشاء هذا الصندوق سياسية وأخرى أمنية، وخلال الأعوام الماضية في الفترة بين 2014 – 2021 لم تكن تسمح بانشاء الصندوق بسبب عدم وجود وفرة مالية”.
ما الذي يوفره الصندوق السيادي للعراق
مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، يوضح لـ “المركز الخبري الوطني”، ان “صناديق الثروة السيادية أو صناديق الثروة الاجتماعية تنصرف الى الاستثمارات مملوكة للدولة والتي تستثمر فوائد البلاد النقدية المتاحة وتحويلها الى مختلف الموجودات او الاصول العقارية والمالية مثل الأسهم والسندات والمعادن الثمينة أو في استثمارات بديلة مثل الأسهم الخاصة وصناديق التحوط”.
وتابع بالقول: ان “صناديق الثروة السيادية وجدت من أجل تعظيم مصادر الثروة نفسها، اي بمعنى تمويل معظم صناديق الثروة السيادية في العالم من عائدات صادرات المواد الخام أو النفط المملوكة للدولة”.
وبين أن ، أنه “على صعيد العراق فقد وفر قانون الادارة المالية النافذ رقم ٦ لسنة ٢٠١٩ المعدل فرصة استثمار العائدات المالية التي تفوق تمويل المصروفات، في السنة المالية عن طريق تأسيس صندوق سيادي، اي بعبارة اخرى فان الاساس القانوني بات متاحا من خلال نص قانون الادارة المالية النافذ نفسه بهذا الشأن ولا توجد معوقات وان قانون البنك المركزي العراقي النافذ من خلال دائرة استثماراته الخارجية الرصينة يمتلك الوسائل والأدوات المالية وإدارة الاستثمار الكفوءة في ادارة الصندوق السيادي بمختلف الأدوات المالية والاستثمارية المتاحة وعلى غرار قدراته الكبيرة في ادارة احتياطيات البلاد من العملة الاجنبية حاليا التي تعد ادارته شبه صندوق ثروة سيادية”.
وأشار إلى أنه “على الرغم مما تقدم يمكن القول واستنادا الى قانون الادارة المالية النافذ والمشار اليه انفا، ستخضع الزيادة في الإيرادات الكلية (اساسها بالتأكيد عوائد النفط )، اي عندما تكون خارج حدود تمويل نفقات الموازنة العامة الاتحادية او تفوق حدود التمويل المخطط ، تخضع لاحكام المادة (١٩) /ثانيا من قانون الادارة المالية النافذ رقم (٦) السنة ٢٠١٩ التي نصت: عند تجاوز الإيرادات الفعلية التقديرات في قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية، وبعد تغطية العجز الفعلي إن وجد يتم توفير الفائض لاستخدامه في موازنات السنوات التالية في (صندوق سيادي )”.
وهذا يعني في الأحوال كافة توليد احتياطيات رسمية تستخدم للإنفاق في السنوات القادمة عبر صندوق توفير سيادي يدار على وفق أفضل الممارسات الدولية في ادارة واستثمار الاحتياطيات الرسمية للبلدان، والاستفادة من عوائد استثمار تلك الاحتياطيات الاجنبية الرسمية او التصرف بها في تمويل موازنات السنوات القادمة وتحقيق مايسمى بالاستدامة المالية ، وبالتاكيد فان الاولوية ستذهب نحو استدامة تمويل المشروعات الاستثمارية التي تسهم في تنمية الدخل الوطني والازدهار الاقتصادي لبلادنا.
اي بعبارة اخرى، لو انتهت السنة المالية ٢٠٢٢ على سبيل المثال من دون اقرار الموازنة العامة (والبدء بالإنفاق بنسبةً١٢/١ من النفقات الجارية الفعلية للعام الماضي) أي للعام ٢٠٢١ ، فان العائدات المالية تذهب إلى صندوق أو حساب احتياطي يمثل الثروة السيادية، وبالتأكيد فان الاولوية ستذهب نحو استدامة تمويل المشروعات الاستثمارية التي تسهم في تنمية الدخل الوطني والازدهار الاقتصادي لبلادنا.
اسباب سياسية لعدم إنشاء الصندوق
الى ذلك تشير الخبيرة في الشأن الاقتصادي سلامة سميسم، الى “الصندوق السيادي قبل أن يتكون يحتاج إلى إدارة السياسية يجب أن تكون الحكومات المتعاقبة من عام 2003 إلى الآن الإرادة السياسية لتأهيل هذا الصندوق مرة العراق بفترات كبيرة الازدهار المالي، بسبب زيادة الإيرادات النفطية”.
وأوضحت، ان “الحكومات المحلية لم تفكر على إنشاء هذا صندوق مؤكدة أن القضية سياسية وهناك ضرورة إلى إنشاء صندوق هناك”.
وتابعت سميسم، أن “هناك حقيقة مثبتة النفط ثروة قابل النفاذ تحول نمط الطاقة إلى أنواع أخرى بديلة أهمها الطاقة النظيفة، إذن لابد المسؤولية التاريخية والطلبة تستلزم إنشاء صندوق يخدم الأجيال القادمة مضيفاً أن الآن غير موجودة”، داعية “الحكومة إلى إنشاء الصندوق وطرح أسهم ومن خلال السوق المالية لتمويل هذا صندوق”.