المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17738 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Avogadro’s Law: The amount of gas
31-1-2017
تحتمس الثالث رجل حرب بطبعه.
2024-04-23
إقامة الحدود ليست تكفيراً عن المعاصي
11-8-2022
استخدام خطوط الطول- المواقيت
8-3-2022
Binary acids
11-6-2019
عوامل تتصل بطبيعة العقل الإنساني
7-8-2022


تفسير آية (25) من سورة النساء  
  
18769   05:17 مساءً   التاريخ: 7-2-2017
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017 5679
التاريخ: 10-2-2017 8038
التاريخ: 24-2-2017 4928
التاريخ: 10-2-2017 6923

قال تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [النساء : 25] .

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

بيّن تعالى نكاح الإماء ، فقال {ومن لم يستطع منكم طولا} : أي لم يجد منكم غنى عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة والسدي وهو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام﴿أن ينكح﴾ : أي يتزوج ﴿المحصنات المؤمنات﴾ : أي الحرائر المؤمنات يعني لم يقدر على شيء مما يصلح لنكاح الحرائر من المهر والنفقة ﴿فمن ما ملكت أيمانكم﴾ : أي فلينكح مما ملكت أيمانكم ﴿من فتياتكم المؤمنات﴾ : أي إمائكم فإن مهور الإماء أقل ومئونتهن أخف في العادة والمراد به : إماء الغير لأنه لا يجوز أن يتزوج الرجل بأمة نفسه بالإجماع وقيل إن المعنى من هوى الأمة فله أن يتزوجها وإن كان ذا يسار عن جابر وعطاء وإبراهيم وربيعة والقول الأول هو الصحيح وعليه أكثر الفقهاء . وفي الآية دلالة على أنه لا يجوز نكاح الأمة الكتابية لأنه قيد جواز العقد عليهن بالإيمان بقوله ﴿من فتياتكم المؤمنات﴾ وهذا مذهب مالك والشافعي . ﴿والله أعلم بإيمانكم﴾ : أراد بهذا بيان أنه لم يؤخذ علينا إلا بأن نأخذ بالظاهر في هذا الحكم إذ لا سبيل لنا إلى الوقوف على حقيقة الإيمان والله هو المنفرد بعلم ذلك ولا يطلع عليه غيره فإنه العالم بالسرائر المطلع على الضمائر ﴿بعضكم من بعض﴾ : قيل فيه قولان (أحدهما) : أن المراد به كلكم ولد آدم فلا تستنكفوا من نكاح الإماء فإنهن من جنسكم كالحرائر (والآخر) : أن معناه كلكم على الإيمان ودينكم واحد فلا ينبغي أن يعير بعضكم بعضا بالهجنة . نهى الله عن عادة أهل الجاهلية في الطعن والتعيير بالإماء .

 ﴿فانكحوهن﴾ : يعني الفتيات المؤمنات : أي تزوجوهن ﴿بإذن أهلهن﴾ : أي بأمر سادتهن ومواليهن وفي هذا دلالة على أنه لا يجوز نكاح الأمة بغير إذن مالكها ﴿وآتوهن أجورهن﴾ : أي أعطوا مالكهن مهورهن ﴿بالمعروف﴾ : أي بما لا ينكر في الشرع وهو ما تراضى عليه الأهلون ووقع عليه العقد وقيل معناه من غير مطل وضرار ﴿محصنات﴾ : أي عفائف يريد تزوجوهن عفائف ﴿غير مسافحات﴾ : أي غير زوان وقيل معناه متزوجات غير زانيات وقد قرئ ﴿محَصنات﴾ و{محصِنات} بفتح الصاد وكسرها على ما مر ذكره في الآية الأولى ﴿ولا متخذات أخدان﴾ : أي أخلاء في السر لأن الرجل منهم كان يتخذ صديقة فيزني بها والمرأة تتخذ صديقا فتزني به .

وروي عن ابن عباس أنه قال : " كان قوم في الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي منه فنهى الله عن الزنا سرا وجهرا " . فعلى هذا يكون المراد بقوله ﴿غير مسافحات ولا متخذات أخدان﴾ غير زانيات لا سرا ولا جهرا ﴿فإذا أحصن﴾ من قرأ بضم الهمزة معناه فإذا زوجن فأحصنهن أزواجهن وهو بمعنى تزوجن عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة ومن قرأ بالفتح فمعناه أسلمن عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وإبراهيم والشعبي والسدي وقال الحسن : " يحصنها الزوج ويحصنها الإسلام " .

﴿فإن أتين بفاحشة﴾ : أي زنين ﴿فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب﴾ : أي نصف ما على الحرائر من حد الزنا وهو خمسون جلدة نصف حد الحرة و ﴿ذلك﴾ إشارة إلى نكاح الأمة عند عدم الطول ﴿لمن خشي العنت منكم﴾ يعني الزنا وهو أن يخاف أن تحمله شدة الشبق على الزنا فيلقى الحد في الدنيا أو العذاب في الآخرة وعليه أكثر المفسرين . وقيل : معناه لمن يخاف أن يهواه فيزني بها وقيل معنى العنت الضرر الشديد في الدين أو الدنيا لغلبة الشهوة . والأول أصح ﴿وأن تصبروا خير لكم﴾ معناه :  وصبركم عن نكاح الإماء وعن الزنا خير لكم . وأن تصبروا مبتدأ وخير خبره . ﴿والله غفور﴾ لذنوب عباده ﴿ رحيم﴾ بهم وفائدته أن من لم يصبر عما أمر بالصبر عنه ثم تاب غفر الله له ورحمه واستدلت الخوارج بهذه الآية على بطلان الرجم قالوا إن الرجم لا يمكن تبعيضه وقد قال ﴿فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب﴾ فعلمنا أن الرجم لا أصل له والجواب عن ذلك إذا كان المراد بالمحصنات الحرائر سقط هذا القول ويدل على ذلك قوله في أول الآية ﴿ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات﴾ . ولا شك أنه أراد بها الحرائر والعفائف لأن اللاتي لهن أزواج لا يمكن العقد عليهن . على أن في الناس من قال أن المحصنات هنا المراد بها الحرائر دون العفائف لأنه لو كان مختصا بالعفائف لما جاز العقد على غيرهن ومعلوم أن ذلك جائز هذا والرجم أجمعت الأمة على أنه من أحكام الشرع وتواتر المسلمون بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) رجم ماعز بن مالك الأسلمي ورجم يهوديا ويهودية ولم يختلف فيه الفقهاء من عهد الصحابة إلى يومنا هذا فخلاف الخوارج في ذلك شاذ عن الإجماع فلا يعتد به .

________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 63-65 .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{ومَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ} . المراد بالطول هنا المال ، وبالمحصنات الحرائر لمقابلتهن بالإماء المشار إليهن بقوله تعالى : {فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} ، لأن الأمة تدخل في ملك اليمين ، والمعنى من لم يجد من المال ما يمكّنه من الزواج بحرة فليتزوج أمة مؤمنة .

{واللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} . المراد بالإيمان الدين ، والمعنى لا ينبغي للمؤمن أن يستنكف عن زواج الأمة للونها وعنصرها ، لأن الناس جميعا من آدم ، وآدم من تراب ، والتفاضل عند اللَّه بالتقوى ، لا بالأحساب والأنساب ، وربّ أمة هي أكرم عند اللَّه من حرة ، لأنها أبر وأتقى .

{فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} . وأهل الأمة سيدها ومالكها ، والمراد بالأجور المهور {مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ} . أي عفيفات غير زانيات بصورة علنية ، كالمومس ، {ولا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ} أي ولا بصورة سرية ، كالتي تختص بصديق في الخفاء .

{فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ} .

المراد من الإحصان في ( أحصن ) الزواج ، وفي ( المحصنات ) الحرائر ، والمعنى ان الأمة إذا زنت فعليها من العقاب نصف ما على الحرة ، وهذا العقاب هو ما بيّنه سبحانه بقوله : {الزَّانِيَةُ والزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ - 2 النور} .

{ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} . ان اللَّه سبحانه لا يريد أن يشق على عباده ، ولا أن يقعوا في الفتنة ، فمن مالت نفسه إلى المرأة فليتزوج حرة ، فإن لم يجد المال تزوج بأمة مؤمنة ، وان استطاع الصبر عن زواجها ، وكان آمنا على دينه وصحته فالصبر خير وأفضل {وأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ} .

وهذه الآية على طولها تعرضت لحكم زواج الحر بأمة ، ولعقوبتها إذا زنت ، وأوجزنا في التفسير ، لأن الحديث عن الإماء وأحكامهن أصبح بلا جدوى بعد إلغاء الرق .

وغريبة الغرائب إن أول دولة سبقت إلى الدعوة لإلغاء الرق تعامل الملونين في بلدها معاملة الحيوانات ، وتناصر الحكومات العنصرية في كل مكان ، وتضع مخططات جهنمية تهدد العالم بأسره ، ومستقبل الإنسانية ، وأصدق الدلائل على هذه الحقيقة مشاركتها في خلق إسرائيل ، ومساندتها في الاعتداء على البلاد العربية ، وطرد المواطنين من بلادهم ، لا لشيء إلا لتخضع العرب لنفوذها وسياستها . .

أما حشدها الجيوش بمئات الألوف في فييتنام ، وتفننها في التقتيل والتخريب فلا يعرف التاريخ له مثيلا . . وأعتقد انه لا وسيلة للخلاص من شرور هذه الدولة إلا أن يرفض كل إنسان في الشرق والغرب كل ما ينتمي إليها ، ويحمل أثرا من آثارها .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 299-300 .

 

تفسير الفرقان
- ذكر الصادقي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ } ، الطول الغنى والزيادة في القدرة ، وكلا المعنيين يلائمان الآية ، والمراد بالمحصنات الحرائر بقرينة مقابلته بالفتيات ، وهذا بعينه يشهد على أن ليس المراد بها العفائف ، وإلا لم تقابل بالفتيات بل بها وبغير العفائف ، وليس المراد بها ذوات الأزواج إذ لا يقع عليها العقد ولا المسلمات وإلا لاستغنى عن التقييد بالمؤمنات.

والمراد بقوله { فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ } ما ملكته أيمان المؤمنين غير من يريد الازدواج وإلا فتزوج الإنسان بملك يمين نفسه باطل غير مشروع ، وقد نسب ملك اليمين إلى المؤمنين وفيهم المريد للتزوج بعد الجميع واحدا غير مختلف لاتحادهم في الدين ، واتحاد مصالحهم ومنافعهم كأنهم شخص واحد.

وفي تقييد المحصنات وكذا الفتيات بالمؤمنات إشارة إلى عدم جواز تزوج غير المؤمنات من كتابية ومشركة ، ولهذا الكلام تتمة ستمر بك إن شاء الله العزيز في أوائل سورة المائدة.

ومحصل معنى الآية أن من لم يقدر منكم على أن ينكح الحرائر المؤمنات لعدم قدرته على تحمل أثقال المهر والنفقة فله أن ينكح من الفتيات المؤمنات من غير أن يتحرج من فقدان القدرة على الحرائر ، ويعرض نفسه على خطرات الفحشاء ومعترض الشقاء.

فالمراد بهذا النكاح هو النكاح الدائم ، والآية في سياق التنزل أي إن لم يمكنكم كذا فيمكنكم كذا ، وإنما قصر الكلام في صورة التنزل على بعض أفراد المنزل عنه أعني على النكاح الدائم الذي هو بعض أفراد النكاح الجائز لكون النكاح الدائم هو المتعارف المتعين بالطبع في نظر الإنسان المريد تأسيس البيت وإيجاد النسل وتخليف الولد ، ونكاح المتعة تسهيل ديني خفف الله به عن عباده لمصلحة سد طريق الفحشاء ، وقطع منابت الفساد.

وسوق الكلام على الجهة الغالبة أو المعروفة السابقة إلى الذهن وخاصة في مقام تشريع الأحكام والقوانين كثير شائع في القرآن الكريم كقوله تعالى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ، وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } [ البقرة : 185 ] ، مع أن العذر لا ينحصر في المرض والسفر ، وقوله تعالى : { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً } : [ النساء : 43 ] ، والأعذار وقيود الكلام كما ترى مبنية على الغالب المعروف ، إلى غير ذلك من الآيات.

هذا على ما ذكروه من حمل الآية على النكاح الدائم ، ولا يوجب ذلك من حيث اشتماله على معنى التنزل والتوسعة اختصاص الآية السابقة بالنكاح الدائم ، وكون قوله : { فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ } ، غير مسوق لبيان حكم نكاح المتعة كما توهمه بعضهم ، لأن هذا التنزل والتوسعة واقع بطرفيه ( المنزل عنه والمنزل إليه ) في نفس هذه الآية أعني قوله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً } « إلخ ».

على أن الآية بلفظها لا تأبى عن الحمل على مطلق النكاح الشامل للدائم والمنقطع كما سيتضح بالكلام على بقية فقراتها.

قوله تعالى : { وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } لما كان الإيمان المأخوذ في متعلق الحكم أمرا قلبيا لا سبيل إلى العلم بحقيقته بحسب الأسباب ، وربما أوهم تعليقا بالمتعذر أو المتعسر ، وأوجب تحرج المكلفين منه ، بين تعالى أنه هو العالم بإيمان عباده المؤمنين وهو كناية عن أنهم إنما كلفوا الجري على الأسباب الظاهرية الدالة على الإيمان كالشهادتين والدخول في جماعة المسلمين والإتيان بالوظائف العامة الدينية ، فظاهر الإيمان هو الملاك دون باطنه.

وفي هداية هؤلاء المكلفين غير المستطيعين إلى الازدواج بالإماء نقص وقصور آخر في الوقوع موقع التأثير والقبول ، وهو أن عامة الناس يرون لطبقة المملوكين من العبيد والإماء هوانا في الأمر وخسة في الشأن ونوع ذلة وانكسار فيوجب ذلك انقباضهم وجماح نفوسهم من الاختلاط بهم والمعاشرة معهم وخاصة بالازدواج الذي هو اشتراك حيوي وامتزاج باللحم والدم.

فأشار سبحانه بقوله : { بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } إلى حقيقة صريحة يندفع بالتأمل فيها هذا التوهم الفاسد فالرقيق إنسان كما أن الحر إنسان لا يتميزان في ما به يصير الإنسان واجدا لشئون الإنسانية ، وإنما يفترقان بسلسلة من أحكام موضوعة يستقيم بها المجتمع الإنساني في إنتاجه سعادة الناس ، ولا عبرة بهذه التميزات عند الله ، والذي به العبرة هو التقوى الذي به الكرامة عند الله ، فلا ينبغي للمؤمنين أن ينفعلوا عن أمثال هذه الخطرات الوهمية التي تبعدهم عن حقائق المعارف المتضمنة سعادتهم وفلاحهم ، فإن الخروج عن مستوى الطريق المستقيم ، وإن كان حقيرا في بادي أمره لكنه لا يزال يبعد الإنسان من صراط الهداية حتى يورده أودية الهلكة.

ومن هنا يظهر أن الترتيب الواقع في صدر الآية في صورة الاشتراط والتنزل ، أعني قوله : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ } ، إنما هو جرى في الكلام على مجرى الطبع والعادة ، وليس إلزاما للمؤمنين على الترتيب بمعنى أن يتوقف جواز نكاح الأمة على فقدان الاستطاعة على نكاح الحرة بل لكون الناس بحسب طباعهم سالكين هذا المسلك خاطبهم أن لو لم يقدروا على نكاح الحرائر فلهم أن يقدموا على نكاح الفتيات من غير انقباض ، ونبه مع ذلك على أن الحر والرق من نوع واحد بعض أفراده يرجع إلى بعض.

ومن هنا يظهر أيضا فساد ما ذكره بعضهم في قوله تعالى في ذيل الآية : { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ } أن المعنى وصبركم عن نكاح الإماء مع العفة خير لكم من نكاحهن لما فيه من الذل والمهانة والابتذال ، هذا ، فإن قوله : { بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } ينافي ذلك قطعا.

قوله تعالى : { فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } إلى قوله : { أَخْدانٍ } المراد بالمحصنات العفائف فإن ذوات البعولة لا يقع عليهن نكاح ، والمراد بالمسافحات ما يقابل متخذات الأخدان ، الأخدان جمع خدن بكسر الخاء وهو الصديق ، يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والجمع ، وإنما أتى به بصيغة الجمع للدلالة على الكثرة نصا ، فمن يأخذ صديقا للفحشاء لا يقنع بالواحد والاثنين فيه لأن النفس لا تقف على حد إذا أطيعت فيما تهواه.

وبالنظر إلى هذه المقابلة قال من قال : إن المراد بالسفاح الزنا جهرا وباتخاذ الخدن الزنا سرا ، وقد كان اتخاذ الخدن متداولا عند العرب حتى عند الأحرار والحرائر لا يعاب به مع ذمهم زنا العلن لغير الإماء.

فقوله { فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ } إرشاد إلى نكاح الفتيات مشروطا بأن يكون بإذن مواليهن فإن زمام أمرهن إنما هو بيد الموالي لا غير ، وإنما عبر عنهم بقوله { أَهْلِهِنَّ } جريا على ما يقتضيه قوله قبل : { بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ } فالفتاة واحدة من أهل بيت مولاها ومولاها أهلها.

والمراد بإتيانهن أجورهن بالمعروف توفيتهن مهور نكاحهن وإتيان الأجور إياهن إعطاؤها مواليهن ، وقد أرشد إلى الإعطاء بالمعروف عن غير بخس ومماطلة وإيذاء.

قوله تعالى : { فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ } قرئ أحصن بضم الهمزة بالبناء للمفعول وبفتح الهمزة بالبناء للفاعل ، وهو الأرجح.

الإحصان في الآية إن كان هو إحصان الازدواج كان أخذه في الشرط المجرد كون مورد الكلام في ما تقدم ازدواجهن ، وذلك أن الأمة تعذب نصف عذاب الحرة إذا زنت سواء كانت محصنة بالازدواج أو لا من غير أن يؤثر الإحصان فيها شيئا زائدا.

وأما إذا كان إحصان الإسلام كما قيل ـ ويؤيده قراءة فتح الهمزة ـ تم المعنى من غير مئونة زائدة ، وكان عليهن إذا زنين نصف عذاب الحرائر سواء كن ذوات بعولة أو لا.

والمراد بالعذاب هو الجلد دون الرجم لأن الرجم لا يقبل الانتصاف وهو الشاهد على أن المراد بالمحصنات الحرائر غير ذوات الأزواج المذكورة في صدر الآية. واللام للعهد فمعنى الآية بالجملة أن الفتيات المؤمنات إذا أتين بفاحشة وهو الزنا فعليهن نصف حد المحصنات غير ذوات الأزواج ، وهو جلد خمسين سوطا.

ومن الممكن أن يكون المراد بالإحصان إحصان العفة ، وتقريره أن الجواري يومئذ لم يكن لهن الاشتغال بكل ما تهواه أنفسهن من الأعمال بما لهن من اتباع أوامر مواليهن وخاصة في الفاحشة والفجور وكانت الفاحشة فيهن ـ لو اتفقت ـ بأمر من مواليهن في سبيل الاستغلال بهن والاستدرار من عرضهن كما يشعر به النهي الوارد في قوله تعالى : { وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } [ النور : 33 ] فالتماسهن الفجور واشتغالهن بالفحشاء باتخاذها عادة ومكسبا كان فيما كان بأمر مواليهن من دون أن يسع لهن الاستنكاف والتمرد ، وإذا لم يكرههن الموالي على الفجور فالمؤمنات منهن على ظاهر تقوى الإسلام ، وعفة الإيمان ، وحينئذ إن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ، وهو قوله تعالى : { فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ } « إلخ ».

ومن هنا يظهر أن لا مفهوم لهذه الشرطية على هذا المعنى وذلك أنهن إذا لم يحصن ولم يعففن كن مكرهات من قبل مواليهن مؤتمرات لأمرهم كما لا مفهوم لقوله تعالى : { وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً } [ النور : 33 ] حيث إنهن إن لم يردن التحصن لم يكن موضوع لإكراههن من قبل الموالي لرضاهن بذلك فافهم.

قوله تعالى : { ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ } العنت الجهد والشدة والهلاك ، وكان المراد به الزنا الذي هو نتيجة وقوع الإنسان في مشقة الشبق وجهد شهوة النكاح وفيه هلاك الإنسان. والإشارة على ما قيل : إلى نكاح الجواري المذكور في الآية ، وعليه فمعنى قوله { وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ } أن تصبروا عن نكاح الإماء أو عن الزنا خير لكم. ويمكن أن يكون ذلك إشارة إلى وجوب نكاح الإماء أو وجوب مطلق النكاح لو استفيد شيء منهما من سابق سياق الآية والله أعلم.

وكيف كان فكون الصبر خيرا إن كان المراد هو الصبر عن نكاح الإماء إنما هو لما فيه من حقوق مواليهن وفي أولادهن على ما فصل في الفقه ، وإن كان المراد الصبر عن الزنا إنما هو لما في الصبر من تهذيب النفس وتهيئة ملكة التقوى فيها بترك اتباع هواها في الزنا من غير ازدواج أو معه ، والله غفور رحيم يمحو بمغفرته آثار خطرات السوء عن نفوس المتقين من عباده ويرحمهم برحمته.

___________________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 235-238 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

التّزوج بالإِماء :

تعقيباً على الأبحاث السابقة المتعلقة بالزواج نزلت هذه الآية تبيّن شروط التزويج بالإِماء ، فتقول أولا : (ومن لم يستطع منكم طولا (2) أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات) أي من لم يجد قدرة مالية على أن يتزوج بالحرائر من النساء المؤمنات، وليس لديه ما يقدر على مهرهنّ ونفقتهنّ ، فإِن له أن يتزوج ممّا ملكت أيمانكم من الإِماء ، فإِن مهورهنّ أقل ، ومؤنتهنّ أخفّ عادةً .

على أنّ المراد من الأَمة هنا هي أَمة الغير ، إِذ لا يجوز لصاحب الأمة أن يتزوج بأمته ويتعامل معها كما يتعامل مع زوجته بشروط مذكورة في الكتب الفقهية .

كما أن التعبير بـ «المؤمنات» في الآية يستفاد منه أنّه يجب أن تكون «الأمة» التي يراد نكاحها مسلمة حتى يجوز التزوج بها ، وعلى هذا لا يصح التزوج بالإِماء الكتابيات.

ثمّ إنّ الملفت للنظر في المقام هو أنّ القرآن عبر عن الإِماء بالفتيات جمع فتاة ، هو مشعر عادة بالإِحترام الخاص الذي يولي للنساء ، وهي تستخدم غالباً في الشّابات من الإِناث .

ثمّ إن الله سبحانه عقّب على هذا الحكم بقوله : (والله أعلم بإيمانكم) ويريد بذلك أنكم لستم مكلّفين ـ في تشخيص إِيمان الإِماء ـ إِلاّ بالظاهر، وأمّا الباطن فالله هو الذي يعلم ذلك، فهو وحده العالم بالسرائر ، والمطلع على الضمائر.

وحيث إن البعض كان يكره التزوج بالإِماء ويستنكف من نكاحهنّ قال تعالى: (بعضكم من بعض) أي أنّكم جميعاً من أب واحد، وأُمّ واحدة ، فإِذن يجب أن لا تستنكفوا من التزوج بالإِماء اللاتي لا يختلفن من الناحية الإِنسانية عنكم ، واللائي يشبهنّ غيرهنّ من ناحية القيمة المعنوية، فقيمتهنّ تدور مدار التقوى والإِيمان لا غير.

وخلاصة القون إنّ الإِماء من جنسكم ، وكلّكم كأعضاء جسم واحد .

نعم لابدّ أن يكون التزوج بالإِماء بعد إِذن أهلهنّ وإِلاّ كان باطلا ، وإِلى هذا أشار سبحانه بقوله : (فانكحوهن بإِذن أهلهنّ) والتعبير عن المالك بالأهل إِنّما هو للإِشارة إِلى أنّه لا يجوز التعامل مع الإِماء على أنهنّ متاع أو بضاعة، بل يجب أن يكون التعامل معهنّ على أنهنّ من أعضاء العائلة، فلابدّ أن يكون تعاملا إِنسانياً كاملا.

ثمّ إنّه سبحانه قال : (وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف) ومن هذه الجملة يستفاد أن الصّداق الذي يعطى لهنّ يجب أن يكون متناسباً مع شأنهن ومكانتهن، وأن يعطى المهر لهنّ، يعني أن الأمة تكون هي المالكة للصداق ، وإِن ذهب بعض المفسرين إِلى أن في الآية حذفاً ، أي أن الأصل هو (وآتوا مالكهنّ أجورهنّ) (3) غير أن التّفسير لا يوافق ظاهر الآية ، وإِن كانت تؤيده بعض الروايات والأخبار.

هذا ويستفاد أيضاً من ظاهر الآية أنه يمكن للعبيد والإِماء أن يملكوا ما يحصلون عليه بالطرق المشروعة.

كما يستفاد من التعبير بـ «المعروف» أنّه لا يجوز أن تظلم الإِماء في تعيين مقدار المهر، بل هو حقهنّ الطبيعي الحقيقي الذي يجب أن يعطى إِليهنّ بالقدر المتعارف.

ثمّ إن الله سبحانه ذكر شرطاً آخر من شروط هذا الزواج ، وهو أن يختار الرجل للزواج العفائف الطاهرات من الإِماء اللائي لم يرتكبن البغاء إِذ قال : (محصنات) سوآءً بصورة علنية (غير مسافحات) أو بصورة خفية (ولا متخذات أخذان) (4) أي أصدقاء وأخلاء في السرّ.

سؤال : ويمكن أن يرد هنا سؤال هو أنّ النهي عن الزنا بلفظة (غير مسافحات) تكفي وتغني عن النهي عن اتّخاذ الأخدان ، فلماذا الوصف الثاني أيضاً ؟

والجواب : ويجاب على هذا : بأن البعض ـ في عهد الجاهلية ـ كان يرى أنّ المذموم فقط هو الزنا العلني والسفاح الظاهر ، وأمّا اتّخاذ الأخلاء والرفاق أو الرفيقات في السرّ فلا بأس به ، وبهذا يتّضح سبب ذكر القرآن وتصريحه بكلا النوعين .

ثمّ إن الله سبحانه قال : (فإِذا أحصنّ فإِن أتين بفاحشة فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب) .

وتتضمن الآية بحثاً حول عقوبة الإِماء إِذا خرجن عن جادة العفة والطهر ، وذلك بعد أن ذكر قبل هذا بعض أحكام الزواج بالإِماء ، وبعض الأحكام حول حقوقهنّ .

والحكم المذكور في هذا المجال هو أن الإِماء إِذا زنين فجزاؤهنّ نصف جزاء الحرائر إِذا زنين ، أي خمسون جلدة .

ثمّ إِنّ هاهنا نقطة جديرة بالإِنتباه هي أنّ القرآن الكريم يقول في هذا المقام (إِذا أحصنّ) فيكون معناه أنّ الجزاء المذكور إِنّما يترتب على زنا الأمة إِذا أحصنت، فماذا يعني ذلك ؟

لقد احتمل المفسّرون هنا احتمالات عديدة ، فبعضهم ذهب إِلى أنّ المراد هو الأمة ذات بعل (وذلك حسب الإِصطلاح الفقهي المعروف والآية السابقة) .

وذهب آخرون إِلى أنّ المراد هي الأمة المسلمة ، بيد أن تكرار لفظة المحصنة مرتين في الآية يقضي بأن يكون المعنى واحداً في المقامين ، هذا من جهة ، ومن جهة أُخرى فإِن جزاء النساء المحصنات هو الرجم لا الجلد، فيتّضح أنّ التّفسير الأوّل وهو تفسير المحصنة بالأَمة ذات بعل غير مقبول ، كما أنّ التّفسير الثّاني وهو كون المراد من المحصنة هو المسلمة ليس له ما يدل عليه .

فالحقّ هو أنّ مجيء لفظة (المحصنات) في القرآن الكريم بمعنى المرأة العفيفة الطاهرة ـ على الأغلب ـ يجعل من القريب إِلى النظر أن تكون لفظة المحصنة هنا في الآية الحاضرة مشيرة إِلى هذا المعنى نفسه، فيكون المراد أنّ الإِماء اللأتي كن يرتكبن الفاحشة بضغط وإجبار من أوليائهنّ لا يجري عليهنّ الحكم المذكور (أي الجلد) ، أمّا الإِماء اللاتي لم يتعرضن للضغط والإِجبار ، ويمكنهنّ أن يعشن عفيفات نقيات، فإِنهنّ إِذا أتين بالفاحشة عوقبن كما تعاقب الحرائر وإِن كانت عقوبة هذا النوع من الإِماء على النصف من حدّ الحرائر في الزنا.

ثمّ قال سبحانه معقباً على الحكم السابق: (ذلك لمن خشي العنت منكم)و«العنت» (على وزن سند) يقال في الأصل للعظم المجبور ـ بعد الكسر ـ إِذا أصابه ألم وكسر آخر فهضّه قد أعنته ، لأن هذا النوع من الكسر مؤلم جدّاً ، ولهذا يستعمل في المشاكل الباهظة والأعمال المؤلمة.

ويقصد الكتاب العزيز من العبارة الحاضرة أنّ الزواج بالإِماء إِنّما يجوز لمن يعاني من ضغط شديد بسبب شدّة غلبة الغريزة الجنسية عليه ولم يكن قادراً على التزوج بالحرائر من النساء ، وعلى هذا الأساس لا يجوز الزواج بالإِماء لغير هذه الطائفة.

ويمكن أن تكون فلسفة هذا الحكم في أنّ الإِماء خاصّة في تلك العهود لم يحظين بتربية جيدة ، ولهذا كن يعانين من نواقص خلقية ونفسية وعاطفية ، ومن الطبيعي أن يتّخذ الأطفال المتولدون من هذا الزواج صفة الأُمهات ويكتسبوا خصوصياتهنّ الخلقية، ولهذا السبب طرح الإِسلام طريقة دقيقة لتحرير العبيد تدريجاً حتى لا يبتلوا بهذا المصير السيء ، وفي نفس الوقت فسح للأرقاء أنفسهم أن يتزوجوا فيما بينهم.

نعم، هذا الموضوع لا يتنافى مع وضع بعض الإِماء اللائي حظين بوضع استثنائي وخاص من الناحية الخلقية والتربوية ، فالحكم المذكور أعلاه يرتبط بأغلبية الإِماء، وكون بعض أُمهات الأئمّة ، من أهل البيت النبوي (عليهم السلام) من الإِماء هو من هذه الجهة، ولكن لابدّ من الإِنتباه إِلى أنّ ما قيل في مجال الإِماء من «المنع في غير الضرورة» هو الزواج بهنّ ، لا نكاحهنّ بسبب الملك ، فإِنّه لا مانع منه حتى في غير الضرورة.

ثمّ عقب سبحانه على ذلك بقوله : (وإِن تصبروا خير لكم) أي إِن صبركم عن التزوج بالإماء ما استطعتم وما لم تقعوا في الزنا خير لكم ومن مصلحتكم : (والله غفور رحيم) أي يغفر الله لكم ما تقدم منكم بجهل أو غفلة فهو رحيم بكم .

________________

1- تفسير الأمثل ،ج3 ، ص 98-101 .

2ـ «الطول» على وزن «نوع» مأخوذ من الطول (على وزن النور) بمعنى القدرة والإِمكانية المالية وما شابه ذلك .

3- تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث .

4ـ الأخدان جمع «خدن» وهي بمعنى الرفيق والخل في الأصل ، ولكنها تستعمل عادة في الأشخاص الذين يقيمون علاقات جنسية غير مشروعة مع الجنس الآخر ، ولابدّ أن نعرف أن القرآن أطلق لفظة الخدن على المرأة كما أطلقها على الرجل .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .