جدد ممثل المرجعية الدينية العليا حديثه خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (8 /2 /2019) عن الاسرة والمدرسة والجو العام وتأثير ذلك على الفرد والمجتمع.
وسلط السيد احمد الصافي الضوء على الكيفية التي يمكن من خلالها صياغة مجتمع جيد والعوامل التي تؤثر في بناء ذلك المجتمع، لافتا الى وجود مسائل دخيلة في علم الاجتماع والاخلاق والتربية الدينية والتربية الحضارية.
واضاف ان الطالب يقضي حفنه من السنين في اجواء التربية والتعليم من بينها ستة اعوام في مرحلة الابتدائية التي يبدأ فيها بحالة النضوج ومن ثم ستة اعوام اخرى في مرحلة المتوسطة والثانوية ويخرج منها ناضجا ليلتحق بعد ذلك بالجامعة التي يقضي فيها اربع سنوات او اكثر، مستدركا ان الحديث لا علاقة له بوزارة محددة وانما عن التربية والتعليم بعنوانها الاجتماعي العام.
وبين ان السنوات التي يقضيها الطالب في المدرسة يكون في حالة صياغة، مشيرا الى ان هذه الصياغة بحاجة الى رؤيا من الجهة التي تتصدى للتربية والتعليم لان ناتجها سيؤثر على المجتمع.
واوضح ان العوامل السلبية في مهمة التربية والتعليم في الوقت الحالي تتصدرها مشكلة عدم علم المتصدي للتربية والتعليم بخطورة الوظيفة التي يؤديها، مبينا ان الانسان الذي لا يعلم لا يمكن له ان ينتج بشكل صحيح.
واكد السيد الصافي ان مهمة التربية والتعليم من اقدس المهام، كما تقدسها جميع المجتمعات وتتعامل معها كشيء مهم له شأنية ويؤثر على المجتمع، مبينا انه ليس من المعيب ان يتعامل المجتمع مع من يتصدى للتربية والتعليم بشيء من التقديس بل انه امر مطلوب، لافتا الى ان كل المجتمعات فيها اشياء مقدسة يحترمونها سواء أكان مجتمعا دينيا فانه يحترم المقدسات الدينية ولا يسمح بالتجاوز عليها بغض النظر اذا كان ذلك المقدس رمزا او حضارة، كما تتعامل مجتمعات اخرى بتقديس العلماء كقيمة اوصلت ذلك المجتمع الى التحضر.
ويرى ممثل المرجعية الدينية العليا ان اول خطوة بالاتجاه الصحيح حينما يتم التعامل مع التعليم على انه شيء مهم، مبينا ان الخطوة التي تليها تتركز في علم ومعرفة من يتصدى للتربية والتعليم في ان المهمة الملقاة على عاتقه ليست مادية، بل لابد من تحديد المهمة ومن ثم يتم تحديد الاجر.
وقال السيد الصافي ان الاسر تربي اولادها خلال ستة سنوات وتعلمهم المعايير الصحيحة ثم تضعهم أمانة عند المؤسسات المتصدية للتربية والتعليم وتراقبهم خلال مدة 20 سنة لتستردهم بعد هذه الفترة وهم في حالة من التطور الفكري والنضوج، وليس من الصحيح ان تستردهم كما هم عليه في السابق، مبينا ان على الجهة المتصدية لهذه المهمة ان تستشعر ذلك فانها ان لم تستشعر لا قيمة لذلك.
ونبه الى ان المعلم او من يتصدى للتربية والتعليم حينما يشجع التلميذ على الغش فانه ينخر في المجتمع، وحينما يعود التلميذ على الغش فان سيغشه ويغش ولده في المستقبل، مؤكدا ان التربية والتعليم كالزرع، ومن يزرع الغش لا يحصد النصيحة وانما سيحصد الغش، كما انتقد ظاهرة تعلم التلاميذ بعض الالفاظ المرعبة والمقززة التي يستحي الكبير ويعجز على ان يتفوه بها.
وتساءل السيد الصافي عن المستقبل الذي ينتظر المجتمع بهذه الطريقة من التربية، محذرا من تفكيك روابط المجتمع التي تعد رابطة التربية والتعليم وعلاقة المعلم بالتلميذ من اقدسها، مطالبا باعادة الهيبة للجهة التعليمية امام الطلبة، مشيرا الى ان التفريط بالمعلم والجهة التعليمية سيفقد الثقة لدى الطالب.
وجدد مطالبته بضرورة توفر الحصانة المجتمعية بدءا من المراحل التعليمية، محملا الاسرة مهمة مراقبة ولدها في المدرسة وان لا تقتصر مراقبتها على الجانب العلمي فقط وان كانت له الاولوية بل عليها ان تراقب الجانب التربوي، مبينا ان التربية والتعليم عندما يزرعان في نفسية الطالب فان ذلك يؤسس لمجتمع خاص.
واكد ان من حق المعلم بعنوانه العام ان تتوفر له جميع المتطلبات والظروف البيئية المناسبة، لافتا الى ضرورة ان يتصدى المعلم لوظيفته الاولى وان لا يستسلم لأن هذا الاستسلام سيؤثر اجتماعياً على الناس، مبينا ان من الخطر ان يحاصر المجتمع بعد مرور قرابة 12 عاما بجيل من الشباب لا يعرف شيئاً عن محبة بلده ولا يعرف شيئاً عن الاحترام ولا يوجد في لسانه الا الكلمات غير المؤدبة وان النصيحة عند ذلك ستكون متأخرة جداً.
وطالب بقرار ممن وصفهم باهل الشأن فضلا عن ضرورة الالتفات لذلك، موضحا ان المسؤولية تقع على عاتق الجميع وان هذه المسؤولية تُحتّم البدء بالتشديد في الجانب التربوي والعلمي لقداسته، لافتا الى وجود بعض المصطلحات في العملية التربوية كمصطلح الحرم الذي يستخدم للحرم الجامعي او حرم المدرسة .
واختتم حديثه بالتنويه الى ان الاجيال السابقة تربت وتعلمت على احترام المعلم وان التلميذ يخجل اذا رأى المعلم في الشارع واذا رأه المعلم فانه يكون في مشكلة في تلك الليلة.