أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-11
491
التاريخ: 2024-06-05
597
التاريخ: 12-7-2019
1255
التاريخ: 17-12-2015
2391
|
تعد السياسات الاقتصادية والاقتصادية الزراعية من حيث أهدافها وآلياتها وأساليب دعمها للإنتاج والتصنيع والتسويق الزراعي نتاجا طبيعيا للظروف والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقيمة الداخلية منها والخارجية. فهي تهيئ الظروف المناسبة والمحفزة على زيادة الإنتاج العضوي وتوسيعه بصورة متواصلة ليتناسب مع الاحتياجات الغذائية والاقتصادية الداخلية ومع حجم وطبيعة الطلب الخارجي.
وقد حققت الدول العربية خلال العقود الأخيرة نتائج متفاوتة، من خلال سياساتها الزراعية، نحو سد جزء من الفجوة الغذائية أو زيادة مساهمة القطاع الزراعي في تكوين الناتج المحلي وتأمين تدفق الصرف الأجنبي لتخفيض العجز في ميزان المدفوعات وبالتالي تعزيز الأمن الغذائي.
فالسياسات الإنتاجية العربية لم يتم تطويرها بعد لتتوجه ليس فقط نحو آليات زيادة الإنتاج بل وأيضا نحو تطوير مردودية بيئية واجتماعية. ولتحقيق تطوير وتوسيع الإنتاج العضوي ودعمه بهدف المساهمة في تحقيق التنمية العربية المستدامة، فان مقاربة موضوع تطوير ودعم الزراعة العضوية كهدف وأداة في نفس الوقت لتحقيق التنمية الزراعية المستدامة في العالم العربي يكون أولا بالتوفيق بين السياسات وتشريعاتها وآلياتها المنظمة للإنتاج والتسويق والتصنيع العضوي وبين متطلبات النمو الاقتصادي والتنمية العربية على مختلف المستويات الحاكمة لهذا التطور لناحية الإنتاج والتسويق والتمويل والاستثمار والإقراض والبنية الأساسية. فالسياسات العربية الحالية تقارب موضوع تطوير الزراعة العضوية من المنظور الاقتصادي التنافسي بالدرجة الأولى وبدرجة ثانوية كوسيلة للمحافظة على استدامة البيئة والموارد الطبيعية أمام المنظمات الدولية والدول والمؤسسات المانحة.
ولم تتوجه السياسات العربية بعد نحو تطوير ودعم الزراعات العضوية لتحقيق الاكتفاء الاجتماعي والتنمية الريفية والحد من الفقر وتحقيق الأمن الغذائي. فدمج وتكامل هذه التوجهات والسياسات وحده الكفيل بتحقيق توسع واستدامة الزراعة العضوية في العالم العربي وبالتالي استدامة المعطيات البيئية والموارد الطبيعية لتحقيق التنمية الزراعية الاقتصادية المتواصلة. وقد اقتصرت السياسات الزراعية العضوية في البلاد العربية على وضع بعض التشريعات لدعم التسويق والمنتجين. فعملية دعم تحول جمهور الزراع نحو اعتماد أساليب الزراعة العضوية وتأمين العون الفني الضروري لهم يعتبر ذو أهمية، ليس فقط للتحول إلى الأنماط العضوية وإنما أيضا لضمان عدم رجوعهم إلى الأنماط الزراعية التقليدية عند مواجهة المشاكل وخصوصا في الفترات الانتقالية.
ولتحقيق ذلك لا بد من:
* توفير نشر وتعميم معلومات كافية عن الزراعة العضوية والإنتاج والتسويق والخدمات المعاونة.
* تأمين وصول الاستثمارات والتمويل إلى كافة المناطق وعلى كافة المستويات.
* تطوير السياسات الزراعية لتصبح الزراعة العضوية جزءا أساسيا فيها، وكذلك آليات الدعم لتشجيع التحول وتحفيز الاستثمار في المشاريع العضوية، وتنظيم المنوال الحيازي للأراضي الزراعية وللعلاقات بين المنتجين والمالكين لضمان الاستثمار بالمشاريع العضوية على فترات متوسطة على الأقل.
١- السياسات الاقتصادية:-
إن السياسات الاقتصادية مرتبطة بالسياسات التي تعتمد التوسع في الطلب الاستهلاكي والاستثماري. أما الآليات الاقتصادية المطلوبة لدعم وتوسيع الإنتاج العضوي في العالم العربي فإنها تشمل:
1. إلغاء جميع أنواع الدعم الموجه لمستلزمات الإنتاج كالأسمدة والمبيدات الكيماوية والملوثات البيئية عامة.
2. تحويل الدعم المقدم لمدخلات ومستلزمات الإنتاج نحو الاستثمار بمشاريع تهدف لتوسيع الزراعات العضوية واستصلاح وإعادة بناء وصيانة الأراضي.
3. وقف برامج دعم الزراعات الريفية غير العضوية تدريجيا.
4. وضع آليات ضريبية على الإنتاج الزراعي والغذائي الذي يستعمل المدخلات والأنماط التي تهدد التوازن الايكولوجي والقدرة الإنتاجية للموارد الطبيعية والحيوية.
5. وضع آليات ضريبية تحفز نمو قطاع الزراعات العضوية من الاقتصاد الزراعي وتشجيع زيادة الإنتاج والتصدير والاستثمار في المشاريع العضوية.
6. وضع آليات لدعم إنتاج وحماية سلع الغذاء الأساسية العضوية عن طريق الإعانات والإعفاءات ودعم أسعار الفائدة على القروض.
7. تشجيع مساهمة القطاع الخاص والتعاوني في الاستثمارات الزراعية العضوية.
8. وضع آليات لتسهيل استيراد مدخلات الإنتاج التصنيعي العضوي والتي تهدف الإنتاج سلع موجهة للتصدير.
9. تسهيل الانسياب السلعي للمنتجات العضوية بين الأقطار العربية.
10. وضع الخطط والبرامج لبلورة فرص الاستثمار الواعدة لجذب المستثمرين نحو
المشاريع العضوية.
11. تطوير برامج الائتمان الزراعي للمشاريع العضوية الصغيرة ومتوسطة الحجم
في الأرياف.
12. إلغاء سياسات "الكفاءة الإنتاجية" وسياسات "التسعير".
٢- السياسات التسويقية:-
إن السياسات التسويقية للمنتجات العضوية تهدف ليس فقط إلى تشجيع الصادرات عبر وضع وتطبيق معايير السلامة والمطابقة العضوية بل وأيضا إلى بناء والمحافظة على ثقة المستهلك وتطوير النظام السوقي الداخلي، وينبغي على الدول العربية المهتمة بإنتاج وتصدير المنتجات العضوية القيام بالإجراءات التالية:
1. إلغاء حصر تسويق المحاصيل الأساسية وغيرها وتشجيع القطاع الخاص للقيام بالدور الأساسي في مجال التسويق العضوي وإلغاء جميع القيود على تسويق الحاصلات الزراعية العضوية.
2. وضع نظم المواصفات القياسية وضبط جودة المنتجات العضوية ومكافحة الغش
والمستغلين.
3. تطوير البنيات الأساسية التسويقية لجميع العمليات العضوية كالفرز والتخزين والتبريد والتصنيع وإنشاء الأسواق وتطوير النقل.
4. وضع آليات لتشجيع إقامة شركات التسويق الزراعي العضوي داخليا وخارجيا.
5. وضع آليات لتسويق منتجات الأراضي الجديدة والحيازات الصغيرة ومنتجات صغار المزارعين.
6. تطوير برامج تشجيع استهلاك المنتجات العضوية محلية.
7. دراسة تشجيع التخصص الزراعي العضوي والتوجه نحو إنتاج محاصيل عضوية جديدة ذات قيمة تنافسية وتصديرية عالية.
8. التشديد على دور الغرف الزراعية والتجارية العربية في تلبية احتياجات المزارعين وتعزيز العلاقات التسويقية.
9. دعم إنشاء جمعيات للمزارعين العضويين قادرة على الوصول للأسواق المحلية والخارجية.
10. تنشيط جهود الترويج الخارجي.
11. دعم التعاونيات الزراعية لما لها من دور في تسهيل تسويق المنتجات العضوية
وتصنيعها ومعاملة الناتج.
12. تحفيز نشاطات التسويق العربية الإقليمية.
3- سياسات دعم الأبحاث والإرشاد والتعليم الزراعي وتبادل المعلومات:-
إن الدعامة الأساسية لتطوير الزراعة العضوية في العالم العربي تفرض تبني سياسات دعم وتطوير مؤسسات الخدمات المساندة في مجال البحوث الزراعية والإرشاد والتدريب وتبادل المعلومات بهدف تخطي المعوقات الهيكلية والمؤسسية والتحول نحو الزراعة العضوية وتطوير هذا الإنتاج وتوسيع قاعدة الحصول على شهادات السلامة.
ولهذا ينبغي أن يتم ما يلي:-
1. دعم الأبحاث التطوير الإنتاج العضوي الزراعي والحيواني.
2. توسيع قاعدة الإرشاد والتدريب ليشمل اكبر عدد ممكن من صغار المزارعين لكي لا يصبح الإنتاج العضوي تجارة احتكارية على كبار المزارعين.
3. ربط وتنسيق البحوث العضوية بمجالات التعليم والتدريب والإرشاد.
4. توجيه برامج الإرشاد والتدريب نحو تطوير خدمات التسويق والإرشاد الاستهلاكي.
5. تنشيط تنويع التركيب المحصولي نحو المحاصيل العضوية التي تملك الأقطار العربية ميزات نسبية وتنافسية في إنتاجها.
6. توجيه الاستثمارات العامة من دعم مدخلات ومستلزمات الإنتاج في الزراعات التقليدية والمكثفة إلى الاستثمار في الإرشاد والتدريب الزراعي العضوي ونقل المعلومات.
7. توطين أساليب التوسع بالزراعات العضوية بين المزارعين.
8. إشراك الجماعات المستفيدة والقطاع الخاص بالبحوث والأنشطة التسويقية العضوية.
9. تفعيل التعاون العلمي والبحثي العربي وتبادل المعلومات والمشاركة في التكنولوجيا العلمية العضوية وتطويرها لمواجهة المشاكل والتحديات نسبة للظروف المحلية لكل دولة، وربط البحوث والإرشاد بالواقع الحقيقي.
10. تدريب وتأهيل المرشدين والمدربين على مفاهيم وأنماط الزراعة العضوية.
11. وضع آليات للحصول على معلومات عن الأساليب الزراعية العضوية ذات الإنتاجية العالية وتقييمها ونقلها إلى جمهور الزراع لاعتمادها.
12. وضع برامج إرشادية لمساعدة ودعم المزارعين الذين يواجهون مشاكل خلال وبعد التحول مباشرة.
13. القيام بزيارات تعريفية وعقد الندوات المحلية وتطوير البرامج الإعلامية عن الزراعة العضوية وأساليبها وتقنياتها للاستفادة من المعارف المكتسبة.
4- سياسات دعم وتأمين مستلزمات الإنتاج العضوي:-
إن تحفيز التحول إلى الزراعات العضوية وبهدف ضمان النجاح والاستمرارية فان سياسات وبرامج دعم مستلزمات الإنتاج العضوي تصبح قضية أساسية في عملية تنشيط الإنتاج:
1. تامين التوجيه والدعم الفني للمزارعين خصوصا في استعمالات المكافحات الطبيعية والحيوية وفي التسميد العضوي والوقاية.
2. تامين البذور والشتلات والأسمدة العضوية والمبيدات الحيوية.
3. توفير الكوادر التدريبية والعمالة الفنية.
4. تشجيع القطاع الخاص لاستيراد وتوزيع المكافحات الحيوية.
5. تنشيط ودعم التعاونيات الزراعية التي تلعب دورا أساسيا في تامين الدعم الفني ومستلزمات الإنتاج العضوي وتقديم التسهيلات الإقراضية والائتمانية ونشر وتعميم أساليب الإنتاج العضوي المتكاملة.
٥- سياسات دعم العلاقات بين القطاع الخاص والقطاع العام:-
إن دعم وتطوير العلاقات الإنتاجية يساهم في تحقيق الكفاءة في الإنتاج والعدالة الاجتماعية والمشاركة عبر:
1. دعم مشاركة التنظيمات الأهلية والشعبية بفاعلية في تطوير البحث العلمي العضوي ومساعدة الزراع لإنشاء مؤسسات تهتم بجمع ومعالجة وتسويق المنتجات العضوية والتنسيق بينهم ونشر المعرفة وتجارب الأساليب العضوية الإنتاجية ونقل المعلومات وتوطين أنماط الزراعة العضوية.
2. تطوير العلاقات بين تنظيمات المزارعين وبين معاهد التعليم ومراكز الأبحاث لتسهيل نقل التجارب العضوية.
3. تنشيط دور المنظمات غير الحكومية في مساعدة المزارعين للحصول على شهادات السلامة العضوية من مؤسسات القطاع الخاص والمنظمات الدولية.
6- سياسات دعم جمهور المزارعين:-
إن دعم المزارع الذي يعد محور عملية التحول نحو اعتماد الزراعات العضوية في البلاد العربية في فترات التحول الانتقالية وصولا إلى فترات ما بعد التحول يصبح أمرا محورية لتحقيق أهداف سياسات توسيع الزراعات العضوية في البلاد العربية. يتمثل هذه الدعم بالتالي:
1. دعم عملية وتكلفة الحصول على شهادات السلامة العضوية وأنشطة التفتيش والكشف السنوية.
2. تشجيع ودعم المزارعين العضويين غير الحائزين على شهادات السلامة بهدف التوسع في إنتاج منتجات عضوية محلية للتسويق الداخلي.
3. تسهيل حصول المزارعين على المعلومات المطلوبة من خدمات ونظم التسويق والأسواق.
4. دعم صغار المزارعين الذين يوفرون منتجات عضوية مباشرة للمستهلك.
5. إيجاد سبل تسويقية فرعية تسهل على صغار المزارعين الوصول إلى الأسواق الداخلية والخارجية والمنافسة فيها ودعمهم في تحقيق هذه المنافسة.
6. العمل على إيجاد وتطوير أساليب للحصول على شهادات السلامة بكلفة أقل.
7. دعم إصلاح نظم الحيازة الأرضية.
8. إنشاء أجهزة حكومية لضمان الاستثمارات لصغار المنتجين الذين يتحولون للزراعات العضوية ولفترات محددة.
۷- سياسات دعم المزارعين التقليدين المحافظين على البيئة:-
إن تحول الزراع في البلاد العربية نحو اعتماد الزراعات العضوية بشكل واسع هي عملية طويلة المدى وتتطلب جهدا كبيرة وخطوات متواصلة لتحقيق تنمية زراعية عربية مستدامة بأساليب عضوية. وهذا يعتمد على تطوير السياسات لتتلاءم مع سلوكيات وثقافات وتطلعات المزارعين وطرق إدارتهم لأنظمتهم المزرعية. ولحين الوصول لهذه الأهداف، فان دعم الزراع التقليدين وخصوصا في المناطق الريفية الذين يطبقون الأساليب التقليدية غير المكثفة للإنتاج ومن منظور بيئي سليم يصبح أمر ضروري لضمان التقدم التدريجي نحو مجتمع عضوي مستدام ومن منطلق تشجيع الحفاظ على البيئة وصيانة الموارد.
۸- تجارة المنتجات الزراعية العضوية في ظل التكتلات الاقتصادية والعولمة:
شهدت العلاقات التجارية الخارجية وتجارة المنتجات الزراعية العربية وسياسات التبادل التجاري إعادة هيكلة جذرية في ظل المتغيرات العالمية والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية الحاصلة في غمار تطور مناخ التجارة العالمية وظروف العولمة وتحدياتها نحو زيادة معدلات التنافسية العالمية. وانعكس ذلك سلبا في توازنات الأسواق العالمية حيث ارتفعت، بعد تحرير التجارة العالمية، قيمة الفاتورة الصافية لواردات الدول النامية ومنها العربية من السلع الغذائية وخصوصا بعض الدول العربية التي تقترب أن تكون مستوردة صافية.
وتقلصت حركة عناصر الإنتاج والمنتجات بين الدول بسبب النظرة القطرية للتجارة، حيث انعكس ذلك باختلال إضافي في موازين مدفوعات الدول العربية؛ ومع الانتقال من الزراعة التقليدية إلى الزراعة المعتمدة على قواعد علمية وتكنولوجية متطورة شهدت هذه الاختلالات زيادات غير مسبوقة وأفرزت تشوهات حادة في أسواق عناصر الإنتاج والمنتجات. وقدم مدخل الزراعة العضوية كحل تجاري- نقدي يخفف الاعتماد على عناصر ومدخلات الإنتاج المستوردة ويحفز الصادرات. فأصبح إحداث عملية إصلاح مؤسسي وتكييف هيكلي للبنيات الاقتصادية الزراعية في الدول العربية ضرورة حتمية في ظل قيام هذه التكتلات الاقتصادية وتزايد الاتجاه نحو تكوين الشركات العملاقة متعددة الجنسية ومع الاتجاه المتزايد نحو التحرير الكلي للتجارة وانسياب السلع والخدمات ورؤوس الأموال والتكنولوجيا دون عوائق.
كما أن إحداث نظم وإجراءات توجه سياسات الإنتاج ومدخلاته وتحكم التبادل التجاري للسلع الغذائية ومنها العضوية تتطلب تعاونا عربيا حقيقيا ومتكاملا على مستوى قواعد الإنتاجية والأسواق والتسويق وفق الميزة النسبية للأقطار العربية؛ وبإشراك القطاع الخاص بفاعلية في الاستيراد والتصدير وتوزيع المدخلات والخدمات الزراعية، وكذلك تأمين البنيات التحتية والأطر الهيكلية والظروف المواتية لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والكفاءة بشروط الاستدامة، والتوجه نحو المشاريع التي توفر المستلزمات الإنتاجية، وتوجيه الإقراض الزراعي نحو الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتحسين إدارة واستغلال الموارد الطبيعية، وتعزيز تطبيق البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة العربية الحرة لإيجاد تكتل اقتصادي وسوق عربية مشتركة تواجه آثار العولمة والتكتلات الكبرى. وتدفع بالتجارة العضوية العربية والعربية - الدولية قدما.
۹- حركة التبادل التجاري العربي في المنتجات الزراعية العضوية:-
إن العديد من الأقطار العربية، ووفقا لدرجة القيود المفروضة من قبلها على التجارة الزراعية الخارجية، قد اتخذت خلال العقد الأخير، وعلى فترات متفاوتة وبدرجات مختلفة إجراءات لتخفيف القيود على سياسات التجارة الزراعية وأخرى للتكييف الهيكلي والسوقي والتحرر الاقتصادي نحو آليات السوق لمواكبة المتغيرات والتطورات التجارية الدولية تصديرا واستيرادا، ونحو إحداث مزيد من الإعفاءات والتخفيضات على الرسوم الجمركية وفتح أسواق جديدة للصادرات الوطنية وتعزيز العلاقات التجارية مع الدول والتكتلات، والارتباط باتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول العربية إلى جانب اتفاقيات الشراكة مع الاتحاد الأوربي، وإعطاء دور اكبر للقطاع الخاص في التجارة الزراعية الخارجية والتركيز على العمل بمبدأ التخصص والميزة النسبية لبعض المنتجات الزراعية ذات القدرة التنافسية كمنتجات الزراعة العضوية مثلا.
ومع تزايد اتجاه العديد من هذه الدول للاستدانة لتمويل احتياجاتها من السلع الغذائية الضرورية والطاقة، ومع ضعف الاقتصاديات الزراعية العربية ووجود العوائق والمحددات أمام التجارة البينية العربية؛ ومنها الإدارية والاقتصادية والسياسية فقد تطورت الانعكاسات المباشرة لذلك على التبادل التجاري الزراعي وعلى مظاهر النشاط الاقتصادي والتنمية الزراعية العربية، أما على صعيد تقليص السعات السوقية المتاحة أمام المنتجات العربية أو لجهة شروط التبادل التجاري مع الدول العربية. فبلغت التجارة البينية العربية أواخر العقد الماضي حوالي ۸-۹ ٪ من إجمالي الصادرات.
وفي ظل عالم يتسم بالضغط التنافسي المكثف لا بد للبلدان العربية من مواصلة السعي إلى تحرير أنظمة تقنين التجارة على نحو يؤدي إلى تيسير وصول صادراتها إلى الأسواق العالمية. فبقاء القيود على حجم التجارة البينية العربية سوف يؤدي إلى انخفاض حجم التجارة البينية العربية والى عزوف الشركات العالمية الكبرى عن الاستثمار والاستقرار في الدول العربية لصعوبة النفاذ إلى الدول المجاورة. وسيؤثر ذلك حتما على التمويل والاستثمار في مشاريع الإنتاج والتصنيع العضوي في الدول العربية. بالتالي فان تحرير التجارة العربية البينية وتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى سيسهل اندماج الأسواق العربية في المنظومة الدولية ويخلق توازنا من خلال توسيع نطاق السوق وقاعدة الإنتاج والاستفادة من توافر الحجم والكفاءة والتنافسية نظرا للميزات النسبية المتوفرة في الدول العربية. وسينعكس ذلك بالضرورة على المنتجات العضوية العربية وتجارتها الخارجية. كما سيسهل ذلك الانسياب السلعي للمنتجات العضوية بين الأسواق العربية نفسها مما يساهم في خلق أسواق جديدة لهذه المنتجات من جهة، ويوسع قاعدة مدخلات الإنتاج العضوي من جهة أخرى. فحركة التجارة العضوية لا تزال بمعظمها متركزة بين دول الاتحاد الأوروبي نفسها وداخل منظومة النفتا.
كما تصدر الولايات المتحدة ثلث إنتاجها العضوي إلى أوروبا وكندا واليابان. أما بالنسبة للدول العربية، ونظرا لصغر حجم السعات السوقية القطرية، فإن التصدير لا يزال ضيقة ويتركز خصوصا من مصر ودول المغرب العربي (تونس والمغرب) نحو الاتحاد الأوروبي بالمنتجات العضوية الطازجة وخصوصا الفاكهة نظرا لميزة القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية.
۱۰- تأثير تحرير التجارة الدولية على الزراعة العضوية:-
وهنا لا بد من التوقف عند ارتباط موضوع الزراعة العضوية بتحرير التجارة الدولية وأثر ذلك على الدول العربية لجهة الإنتاجية والتبادل التجاري وحجم السعات السوقية للمنتجات العضوية العربية والدخل الزراعي بالنسبة للمنتجين والمعتمدين على الإنتاج الزراعي، والأثر الطويل الأجل على واقع الزراعة العضوية العربية من جهة، وفي ظل الاتفاقيات التجارية الاقتصادية العربية واتفاقيات الشراكة الاقتصادية العربية -الأوربية من جهة أخرى. فما يعنينا هنا هو إلى أي مدى يمكن تعظيم الاستفادة من اتفاقيات تحرير التجارة العالمية على المستوى القطري والقومي العربي؟ وما هي العوامل الحاكمة لذلك؟ وبالتالي، ما هي السياسات والإجراءات المفروض إتباعها لتحقيق ذلك؟
فلا شك أن جميع دول العالم ستتأثر سواء سلبيا أو إيجابية بشكل التجارة العالمية الجديدة. ورغم أن الدراسات تشير إلى أن تحرير التجارة العالمية سيكون لها تأثيرا بالدرجة الأولى لصالح الدول المتقدمة، فان الدول العربية ستتأثر تبعا لمستوى قدرتها على المنافسة والاندماج في السوق العالمي الجديد. فزيادة تكاليف استيراد الغذاء وفرض شروط جديدة للمواصفات سيشكل ضغطا كبيرا على البلاد العربية مما يستوجب حتمية العمل الاقتصادي المشترك وتنسيق السياسات التجارية العربية وتفعيل السوق العربية المشتركة ومنطقة التجارة العربية الحرة لإيجاد تكتل عربي اقتصادي لمواجهة تحديات عولمة التجارة والتمكن من ربط التبادل التجاري بالتكامل الإنتاجي للاستفادة من زيادة الحجم وتوسيع الأسواق والتخصص وتقسيم العمل بين الدول العربية واستغلال الميزات النسبية لرفع الكفاءة الاقتصادية ودعم القدرة على التنافس بحيث تكمل الدول العربية بعضها البعض في قضايا إنتاج وتجارة المنتجات العضوية بدلا من التنافس.
فمع إحلال القيود السعرية محل القيود الكمية في اتفاقية تحرير التجارة الدولية ومع وجود برنامج عمل زمني مرحلي وسقوف التنفيذ فيما يخص قطاع الزراعة؛ وما قد يعنيه ذلك من فائدة تصديرية لصالح الدول العربية التي تتمتع إنتاجيتها من بعض المحاصيل والسلع بميزات نسبية كالمنتجات الزراعية العضوية والذي يأتي في مقدمتها الخضر والفاكهة يحتم تركيز الاهتمام العربي على وضع آليات تسويقية لدعم القدرات التنافسية لهذه المنتجات. فالقيمة الإجمالية للسوق العضوي عالميا بلغت في عام ۲۰۰۰ حوالي 15 مليار دولار، تحتل منتجات الفاكهة والخضر أكثر من ۲۰ ٪ منها أو ۲-۱۰٪ من مجمل مبيعات منتجات الفاكهة والخضر التقليدية.
وباختصار فان تطور الطلب وبالتالي الواردات العضوية يتجه بنفس النمط التصاعدي لمثيلاتها من المنتجات التقليدية. فالسوق العضوي في اليابان مثلا يعتمد بنسبة ۸۰ - ۹۰٪ على الواردات التي بلغت قيمتها عام ۲۰۰۰ حوالي ۲،۳ مليار دولار. وفي المملكة المتحدة يعتمد السوق العضوي بنسبة ۷۰ ٪ على الواردات. ونظرا لارتفاع أسعار بعض السلع المنتجة والمصدرة من الدول المتقدمة بمعدلات أعلى من أسعار مثيلاتها من الدول النامية لأن معدلات تخفيض الدعم عن الزراعة المفروضة على الدول تكون اكبر نسبيا في الدول المتقدمة نظرا لحجم الدعم الكبير لقطاعاتهم الزراعية مقارنة بالدعم في الدول العربية؛ فان الآثار السلبية على الدول العربية المستوردة سيكون كبيرة ومباشرة بينما سيتيح ذلك من ناحية أخرى زيادة حجم الثقل الاستيرادي للسلع العضوية من الدول العربية. كما تجدر الإشارة إلى ضرورة أن لا تقوم الدول المستوردة بجعل معايير السلامة العضوية بمثابة محددات إضافية على التجارة العالمية بما يؤثر سلبية وبشكل مباشر على الدول العربية الموردة.
ففي عام ۲۰۰۲م تم رصد نسبة 40% من موازنة الاتحاد الأوربي المخصصة للتنمية لدعم قطاع الزراعة الذي يمثل ۳% من نسبة العمالة في أوروبا، وخصصت الولايات المتحدة وأوروبا حوالي 400 مليار دولار لدعم قطاعاتها الزراعية في حين أن نسبة من يعيشون من الزراعة في الدول العربية تصل إلى حوالي 40 - 60% ممن لا يحصلون على الدعم اللازم.
ومن ناحية أخرى فالمكاسب الاقتصادية المتمثلة بإيجاد فرص تسويقية جديدة للمزارعين والمنتجين ورجال الأعمال العرب تقوم على فرضية أن بإمكان المكاسب المحققة في ظل ظروف سليمة، ومن خلال تجارة المنتجات الزراعية العضوية، أن تسهم في تحقيق زيادة في دخل المزارعين وبالتالي تعزيز الأمن المعيشي والأمن الغذائي للدول العربية.
وعلى الرغم من أن الزراعة العضوية أخذت تمثل نسبة متزايدة من نظام إنتاج الأغذية في الدول المتقدمة، إلا أنه من غير المتوقع أن تتحول نسبة كبيرة من المزارعين إلى منتجين للأغذية العضوية، فلم تزد النسبة عن ۱۰٪ في النمسا وعن ۸،۷ ٪ في سويسرا في حين تزيد معدلات نمو الزراعة العضوية في الولايات المتحدة وفرنسا واليابان وسنغافورة عن ۲۰٪ سنوية (تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة إلى لجنة الزراعة في ۲۰ يناير ۲۰۰۳م). وقد أخذت بعض دول عربية تستفيد من فرص التصدير المربحة التي يوفرها هذا النمط من الزراعة خصوصا إلى قطاع الصناعات الغذائية وأغذية الأطفال والصناعات الطبية الأوربية. كما أن البعض الدول العربية مثل مصر مثلا، أسواقا محلية لتصريف منتجات الزراعة العضوية.
كما تجدر الإشارة إلى موضوع الشروط والإجراءات الحاكمة للتبادل التجاري بعد تطور التكتلات الاقتصادية الكبرى وتحرير التجارة العالمية والذي قد يؤثر سلبا لغير مصلحة المنتجين العضويين في الدول العربية. فانه ليس من السهل على المنتجين في البلدان العربية الوصول إلى أسواق المنتجات العضوية في البلدان الصناعية خصوصا في الفترات الأولى والانتقالية للتحول نظرة لان هذه الدول تشترط مرور سنتين أو ثلاثة بعد حصول التحول نحو اعتماد أنماط الزراعة العضوية لمنح شهادات السلامة بالمعايير الغذائية العضوية والاعتراف بأهلية هذه المنتجات الزراعية والحيوانية للاستيراد بهدف التأكد من زوال بقايا الكيماويات.
وعلى الرغم من أن لبعض الدول العربية مؤسسات لإصدار شهادات السلامة العضوية فان اعتراف البلدان المتقدمة لا يزال بمراحله الأولى كما أن التعامل مع هذه المؤسسات للتأكد من التزام المزارع بالمعايير الزراعية العضوية لا يزال غير منظم وتقديم خدمات التفتيش السنوية باهظ الثمن. أما التعامل مع مؤسسات دولية في الدول المتقدمة مخولة بإصدار تلك الشهادات فيعاني نقصا في الموارد والتوجيه والإرشاد. كما أن مشاركة الأقطار العربية المنتجة للزراعات العضوية في صياغة المعايير الدولية ذات العلاقة في المعطيات المقبولة لأغراض الإنتاج العضوي ومكوناته لا تزال أمامها معوقات كثيرة. كل ذلك يؤثر بصورة مباشرة على نشاط التجارة العضوية.
ومن ناحية أخرى يبقى الدعم المؤسسي والتنظيمي الهيكلي العامل الأساس الذي قد يمكن الزراعة العربية من استغلال المجالات المتاحة وتعظيم العائد، ومنها دعم نمو التسويق الداخلي للأغذية والمنتجات العضوية إلى جانب ولوج الأسواق الخارجية الكبرى. كما أن الدعم الفني والتمويلي للمزارعين الذين يتحولون إلى الزراعة العضوية أمر هام لتلافي تعرضهم للخسائر بسبب انخفاض خصوبة التربة وتعطل العمليات البيولوجية لإعادة تكوينها والذي قد يتطلب عدة سنوات وخبرات عالية قبل إصلاح النظام الإيكولوجي. وربما يكون تطبيق المناهج المستدامة الأخرى التي تسمح باستخدام المركبات الكيماوية بحكمة في مثل هذه الحالات أكثر ملائمة للبدء بإيجاد حلول مناسبة.
أضف إلى ذلك ضرورة إنشاء وتعزيز أوضاع مؤسسات إصدار شهادات التأييد في الدول العربية والتسريع في وضع المعايير العضوية لكي يتم ضبط هذا القطاع ومحاسبة المستغلين لما لذلك من أثر كبير على السوق الداخلي والتبادل التجاري الخارجي في ظل اتفاقية تحرير التجارة والمحافظة على ثقة المستهلكين السلامة المنتجات العضوية وقيمتها الغذائية ومحاولة الحصول على مزايا تفضيلية للصادرات العضوية العربية. فرفع الإنتاجية الزراعية العضوية وكذلك التسويقية والتصنيعية وترشيد الاستهلاك الغذائي العربي لن يتحقق بدون توفير خدمات مؤسسية عالية في النواحي الرقابية والبحثية والإرشادية وتطوير المؤسسات القطرية المقدمة للخدمات التجارية والتسويقية والداعمة لها.
ويعد تطوير النظم المؤسسية والتشريعية والهياكل التنظيمية وتامين أطر التمويل اللازم للأفراد والشركات التي تقوم بإنتاج وتصنيع وتسويق المنتجات الزراعية والغذائية العضوية وتامين سبل وصولها للأسواق العالمية أمرا حيوية.
مما تقدم يتضح أن محددات كثيرة أدت إلى ارتباط التجارة الزراعية الخارجية العربية بأسواق الدول الصناعية المتقدمة وما تبع ذلك من ضغوط علی ممكنات زيادة القدرة على تفعيل التكامل والتعاون الاقتصادي والتجاري العربي بما في ذلك تجارة المنتجات العضوية كتجارة زراعية وغذائية مستجدة؛ والذي يحتم ضرورة تنمية وتفعيل التجارة البينية العربية وربط الأسواق عبر الاتفاقيات للتجارة الثنائية والإقليمية والقومية.
۱۱- الاتفاقيات التجارية العربية ودورها في تطوير الزراعة العضوية:-
إن الأثر المباشر لاتفاقيات الشراكة العربية مع الاتحاد الأوربي هو زيادة حجم التجارة على حساب الدول خارج الاتفاق. ولا شك أن تحرير التجارة الثنائية لأي من الدول العربية مع الاتحاد الأوربي لن يحقق النتيجة المرجوة مع بقاء القيود على حجم التجارة البينية العربية التي سوف تنخفض حكما. فزيادة فرص النفاذ لمختلف المنتجات ومنها العضوية إلى جميع الأسواق العربية يساهم في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية ويوفر قاعدة إنتاجية وتسويقية واسعة للمنتجات الزراعية العضوية في العالم العربي.
فالاتفاقيات الاقتصادية الموحدة لأقطار الدول العربية ومنها الاتفاقيات بين أقطار مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي والاتفاقيات والبروتوكولات الزراعية الثنائية ومتعددة الأطراف والتي قد تكون زراعية عربية، أو زراعية عربية دولية تفرض جميعها التزامات اقتصادية وتجارية على صادرات الدول العربية ومنها العضوية وتحد من فرص نفاذ المنتجات العضوية من والى الدول العربية المجاورة غير الأعضاء، وبالتالي تقلل من القدرة التنافسية لهذه المنتجات بسبب عدم استفادتها الكلية من الميزات النسبية للأقطار العربية في عمليات الإنتاج والتصنيع والمعالجة والتسويق للمنتجات الزراعية والغذائية العضوية.
فمنطقة التجارة الحرة العربية سوف تسهم في توسيع نطاق السوق وقواعد الإنتاج مما يعود بالنفع على المستهلك العربي، كما أنها تسهم في رفع الكفاءة الاقتصادية بما يدعم القدرة التنافسية للمنتجات العضوية العربية إقليميا وعالمية. فتشابه الهياكل الإنتاجية في الدول العربية وتواجد نفس الزراعات والصناعات تقريبا يؤدي إلى الإضرار بالمنتجين العضويين خصوصا وان إنتاجهم من هذه الزراعات لا يزال محدودة ومتشابها، وبالتالي سوف يصبحون منافسين لبعضهم البعض في التجارة العضوية مع دول الاتحاد الأوربي.
وهنا لا بد من التشديد على دور السياسات التكاملية الزراعية بين الدول العربية وعلى أهمية ودور منطقة التجارة الحرة العربية في زيادة حجم التجارة البينية من خلال زيادة الواردات من المنطقة العربية. ولا بد أن يواكب ذلك إحداث تعديلات جوهرية في السياسات الاقتصادية والاقتصادية الزراعية ووضع التشريعات اللازمة لتحقيق الأهداف الاقتصادية والتجارية والبيئية الحيوية للزراعة العضوية في الدول العربية، إذ أن هذه المتغيرات تعد ضرورية لزيادة قدرة القطاعات الزراعية العربية على الاستجابة لمتغيرات السوقين المحلي والدولي وتعظيم عوائد الانتماء إلى بيئة اقتصادية وزراعية - عضوية دولية.
۱۲- توجهات المنظمة العربية للتنمية الزراعية لتطوير ودعم الزراعة العضوية في الدول العربية:
تعد الزراعة العضوية إحدى أهم الركائز الأساسية لبناء أنماط إنتاجية مستدامة وذات قدرة تنافسية عالية. ولذلك تسعى بعض الأقطار العربية جاهدة إلى تبني البرامج الهادفة لتطوير هذه الزراعة تقنية وتنظيمية. وانطلاقا من دور المنظمة العربية للتنمية الزراعية في العمل نحو تحقيق تنمية زراعية مستدامة في الوطن العربي، والتزاما منها بضرورة دفع الجهود نحو تعاون عربي إنمائي مشترك يسمح بتحقيق الأهداف المرجوة من إدخال وتطوير هذه النظم في الزراعة العربية وصولا لنمو اقتصادي مستديم وتنمية عربية شاملة، فقد أدرجت محور الزراعة العضوية ضمن برنامجها الرئيسي لتنمية الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة وذلك بهدف بناء نظام فعال ومتكامل لتشجيع وتطوير وتوسيع انتشار أساليب الزراعة العضوية وتقنياتها، على الصعيدين القطري والقومي.
ومن أهم مكونات هذا النظام:-
۱- إنشاء شبكة عربية للزراعة العضوية:-
ولا تزال الدول العربية بحاجة إلى الكثير من الجهود من اجل النهوض بالزراعة العضوية، ولبلوغ هذا الهدف يجب معرفة واقع هذه الزراعة والإمكانيات المتوفرة لتنمية هذا القطاع في الاقتصاد العربي. وفي هذا الإطار يمكن المنظمة العربية للتنمية الزراعية القيام بدور محوري عبر المساهمة في إنشاء ودعم شبكة عربية لتفعيل الزراعة العضوية في الوطن العربي بالتعاون مع الأجهزة المختصة في الدول العربية بهدف توسيع قاعدة التعاون والتنسيق بين جميع المهتمين بالزراعة العضوية وتحقيق تكامل في القواعد الإنتاجية والتسويقية العضوية وفقا للميزة النسبية التي يتمتع بها كل قطر من الأقطار العربية بما يحقق الكفاءة الاقتصادية والعدالة في التوزيع وأقصى قدر من تبادل الخبرات المكتسبة.
كما تستهدف جمع وتحليل البيانات والمعلومات عن التكاليف الاقتصادية للمنتجات الزراعية العضوية وعن الأداء السوقي لهذه المنتجات إلى جانب المعلومات المتعلقة بالنظم الهيكلية والمؤسسية وفرص الاستثمار الزراعي والسياسات الزراعية العربية المتبعة في هذا المجال بهدف مواءمتها مع متطلبات الزراعة العضوية ومساعدة الدول الأعضاء في استبعاد اثر التشوهات السعرية وإحداث عمليات تحديث مؤسسي وتكييف هيكلي، بما فيها تطوير الهيكل المؤسسي للقطاع الخاص، ولتطبيق مناهج عملية لتوفير الخدمات والمستلزمات والبنيات التحتية لتوسيع نطاق الزراعة العضوية. وكذلك بهدف تهيئة البيئة الاقتصادية لتحقيق تكامل وتنسيق قومي في مجالات الزراعة العضوية والمساهمة في صياغة التشريعات الاستثمارية والضابطة لعمل هذا القطاع.
۲- تقديم الدعم الفني:-
إن إحراز تقدم ملموس في مجال تطوير تقنيات الزراعة العضوية يتطلب كوادر فنية ذات كفاءة عالية وإمكانيات أو ميزانيات قد لا تكون متاحة بالقدر المناسب في معظم الدول العربية. كما وانه وعلى الرغم من اتفاق الجميع على أهمية تبادل الخبرات المكتسبة في مجالات البحث الزراعي والتطوير التقني، فإنه يمكن القول أن هناك قصورا واضحا في تحقيق ما يمكن تسميته بالخبرة البحثية التراكمية عامة بما في ذلك الزراعات العضوية خاصة، بل أن هناك قصور في هذا المجال على النطاق القطري أيضا في معظم الدول العربية.
إن المنظمة العربية للتنمية الزراعية ومن خلال المشاريع القطرية والقومية التي تقوم بها يمكن ان تساهم في توجيه المنتجين الى استعمال تقنيات زراعية تتلاءم مع التنمية الزراعية المستدامة عامة والزراعة العضوية خاصة. ويمكن تحقيق ذلك عبر:
١. المساهمة في تامين الدعم الفني لمشاريع نموذجية على المستوى القطري تهدف
للخروج بنتائج واستنتاجات خاصة بالظروف القطرية والقومية للزراعة العضوية.
۲. إيجاد آلية مستقرة ومنتظمة لتبادل نتائج البحوث التطبيقية المستهدفة تطوير التقنيات الزراعية العضوية.
٣. وضع خطة عربية متكاملة لتطوير بعض التقنيات الزراعية ذات الأثر الفعال في
الأداء الزراعي العضوي، وتوزيع مهام تنفيذها على مؤسسات ومراكز التطوير التقني العربية.
4. تطوير التشريعات الزراعية والعلاقات الإنتاجية في البلدان العربية.
5. إيجاد نظم تسويقية قادرة على استيعاب متطلبات التوسع في الإنتاج الزراعي محلية وخارجية وربطها بمتطلبات الإنتاج الزراعي العضوي والصناعات الغذائية والتصدير.
۳- المساهمة في دعم البحث والإرشاد الزراعي:
يتركز اهتمام المنظمة العربية للتنمية الزراعية حول دور الإرشاد الزراعي في التنمية المستدامة في الوطن العربي عامة. من هنا تأتي أهمية تعزيز كفاءة الأطر المؤسسية لأجهزة البحث والتطوير الزراعي كخطوة عملية وتقدمية هامة تستهدف تطوير وزيادة فاعلية المؤسسات البحثية والإرشادية بالأقطار العربية في معالجة قضايا ومعوقات الزراعة العضوية وتطبيقاتها. ويمكن للمنظمة في هذا المجال أن تقوم مع الحكومات المعنية بالتعرف على محاور ومعوقات الزراعة العضوية والهياكل التنظيمية المناسبة والبرامج الإرشادية والتدريبية اللازمة لتحقيق هذا الغرض، والاتجاه لتنمية مقدرات المنتجين بوضع برامج إرشادية وإعلامية متكاملة تهدف إلى تعليمهم ومدهم بالأفكار والخبرات المكتسبة والجديدة وإقناعهم بها وتغيير نظرتهم واتجاهاتهم للإقدام على الاستجابة والتحول نحو الزراعات العضوية وصولا للانتقال بالمزارعين التقليديين الهامشيين وزراع الفئات الوسطى نحو مرحلة جديدة في الزراعة العربية، تكون متكاملة في النواحي الإنتاجية والتصنيعية والتسويقية والاستهلاكية.
4- تنظيم منتديات عربية من أجل تبادل الخبرات حول سبل تطوير الزراعة العضوية ودعم الاستثمار:-
يهدف اقتراح عقد هذا المنتدى للاتفاق على وضع المعايير العربية للزراعة والإنتاج والتصنيع العضوي ومنح شعار السلامة الخاص بالمنتجات العضوية.
بالإضافة إلى تحديد المستلزمات المحلية للإنتاج ومتطلبات السوق العالمي والتوسع في التسويق وذلك من منطلقات التركيز على أساليب إحداث التكامل الزراعي والتصنيع الغذائي العضوي.
كما يمكن المساهمة في تأليف فرق من الخبراء للبحث في المشاكل الزراعية المستجدة التي تتعلق بالتحول للزراعات العضوية على نطاق أوسع كالآفات الزراعية وطرق معالجتها وطرق استعمال الأسمدة العضوية وتنمية تقنيات ما بعد القطاف، وذلك لتشابه طبيعة المشاكل الزراعية بين الدول العربية ووجود تماثل وأحيانا تكرار في المشاريع والبرامج البحثية المنفذة.
ويمكن أيضا البحث في إمكانيات إنشاء مؤسسة عربية لمنح شهادات السلامة العضوية وذلك بالتنسيق مع الدول المستوردة ضمن اتفاقيات الشراكة العربية - الدولية وإنشاء عدد من الشركات المشتركة للتسويق الدولي للمنتجات الزراعية العضوية العربية وتكون هذه الشركات بقيادة القطاع الخاص وبدعم الحكومات العربية بهدف تنمية التجارة الزراعية البينية وإكساب المنتجات المزيد من القدرة التنافسية التي تساعدها على النفاذ للأسواق العالمية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|