المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

طرق التحسين الوراثي للموالح (تعدد المجاميع الكروموزومية في الموالح)
28-8-2022
الجرائم التأديبية الإدارية
16-6-2021
الظواهر السياقية
15-4-2019
الاهتمام بالقرآن
16-3-2021
Equilibrium and punctuation
2024-01-19
وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها
25-9-2017


اهداف ادب الطفل / الأهداف التربوية  
  
2074   11:37 صباحاً   التاريخ: 13/11/2022
المؤلف : محمد حسن بريغش
الكتاب أو المصدر : أدب الأطفال أهدافه وسماته
الجزء والصفحة : ص129 ــ 140
القسم : الاسرة و المجتمع / الطفولة /

الجانب التربوي يقوم في الأصل على المسؤولية المنوطة بالوالدين والمربين، وكل مسؤول عن جانب من جوانب الطفولة. فإذا كانت المسؤولية في القديم محصورة ـ إلى حد كبير - بالوالدين، فإنها اليوم تشمل عدداً أكبر من الناس، مع بقاء المسؤولية الأولى والأهم للوالدين، فالمدرسة بما فيها من إدارة ومدرسين، ووسائل الإعلام المختلفة ولا سيما الرائي(1)، لما له من أثر كبير على الناشئة عامة والطفل خاصة(2)، فضلاً عن الجريدة والمجلة والإذاعة، والبيئة الاجتماعية، والنادي، والحديقة.

وكذلك المجتمع عامة مسؤول بما فيه من عادات، وشعارات، ونشاطات كلها ذات تأثير على الطفل، لأن الشارع والحديقة، والمتجر، والمنتزه، كل هذه الأماكن تعكس ما في المجتمع من قيم وعادات وأفكار، وكلها تترك أثرها على الطفل.

والمسؤولية تقوم على نصوص وردت في كتاب الله (عز وجل)، وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله): يقول الله سبحانه وتعالى في ذلك: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]، {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11].

والوصية عامة، وإن كان مضمون الآية فيما بعد عن الإرث، {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: 151]، {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: 31]، {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [التغابن: 15]، والفتنة تقتضي الاهتمام والمسؤولية لنيل الأجر العظيم.

فضلا عن النصوص التي وردت في معرض الحديث عن حضانة الطفل والعطف عليه وكفالته، وتأديبه وتعليمه، والحفاظ على حياته وأمواله(3).

يقول الرسول (صلى الله عليه وآله)، في ذلك أحاديث كثيرة منها: (ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته..)، إلى آخر الحديث، (أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم)(4)، (ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن)(5)، (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو)، وضم أصابعه (كهاتين)، (من ابتلي من هذه البنات شيء فأحسن إليهن كنّ له ستراً من النار)(6).

والهدف التربوي يعني أمرين مهمين: البناء، والحماية:

البناء للنفس الصغيرة، وتعهد الفطرة البريئة على أسس إسلامية صحيحة تتلاءم مع ركائز هذه النفس، ليصبح الطفل بفضل هذه التربية عبداً لله (عز وجل)، صالحاً طائعاً يرتقي ليتشرف بهذه النسبة فيتحرر من العبودية لأي شيء سوى الله (عز وجل)، ويحمل الأمانة، ويتحمل المسؤولية، ويقوم بواجبه خير قيام، وينال كل حقوقه التي يحرص عليها المسلم، ويمنحها بالمحبة والتراحم، والعطف.

والحماية لهذه الفطرة البريئة من الانحراف والعبث والأخطار التي تحيط بها: من مغريات ومفاسد وانحرافات وأهواء وضلالات فكرية وسلوكية.

خطب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال في خطبته: (ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا، كل مالٍ نحلته عبداً حلال(7)، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم(8)، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم(9)، عن دينهم، وحرمت عليهم ما احللتُ لهم، وأمرتهم ان يُشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً)(10).

وأما في الجانب البنائي فيمكن أن نذكر أموراً مهمة في هذا الجانب:

1ـ تكوين العقيدة وتثبيتها في نفس الطفل شيئاً فشيئاً.

2ـ الحرص على غرس شعور المحبة للآخرين والتعاون معهم، والخضوع للحق في كل علاقاته وتصرفاته.

3ـ الحرص على تكوين الشخصية الواعية المتفتحة المتوازنة التي تبعد عن الغلو والشطط والتعصب، والانفعالات العاطفية الشديدة.

4ـ تربية الجانب العملي، وغرس حب العمل والإنتاج، مع الحرص على النظام والترتيب، وعلى الإتقان والإحسان مع ربط ذلك بالخوف من الله (عز وجل)، ومحبة رضائه.

5ـ تفتيق ذهنه ومواهبه لاكتشاف ما حوله، وتنمية إحساسه للبحث والتجربة.

6ـ إشباع حب الاستطلاع عنده، وتوجيه ذلك لتحقيق الآمال المفيدة، ودفعه للطموح والجد والاكتشاف.

7ـ غرس المحبة والإحترام والمودة للوالدين، وتحقيق معاني الطاعة والسكينة لهما.

8ـ غرس محبة الأخوة، وحب التعاون معهم، والتضحية من أجلهم، والشعور بالرباط الأسري، مع محبة ذوي الأرحام، والحرص على صلتهم، ومحبة الناس جميعاً، ومبادلتهم شعور المودة والاحترام(11).

وترسيخ الروابط الإسلامية التي حرص عليها الإسلام مثل: كون المجتمع المسلم كما وصفه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ولا يكون ذلك إلا بالروابط الإسلامية وحب الإخوة، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

والمساواة بين الأفراد: الغني والفقير، وأن ميزان التفاضل بالعمل والتقوى، (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون، فإن كلفتموهم فأعينوهم)، (رواه أحمد وأبو داود).

والحب والبغض في الله، (من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان)، (أبو داود).

ومنزلة المتحابين عظيمة، (على منابر من نور يغبطهم الأنبياء والشهداء، ويناديهم رب العزة والجلال: أين المتحابون فيّ)(12).

وحسن الخلق، والصبر، ومحبة الآخرين، وعدم الثرثرة أو التكبر، واحترام الكبار ورحمة الصغار، وإنزال الناس منازلهم ومعرفة حقوق الآخرين كالجار، ومحاربة الآفات الاجتماعية، والغيبة والكذب(13).

وهناك وسائل كثيرة لتحقيق كل ما سبق، ويمكن الرجوع إلى كتب التربية في ذلك.

أما أدب الطفل فإنه من أهم الوسائل التي تسهم في عملية البناء التربوي، والحماية من الأخطار التي تهدم التربية وتفسد الفطرة السليمة.

وكما فعل أصحاب المذاهب العلمانية في هدم القيم، وتخريب الذمم، وإفساد الفطر عن طريق الأدب بخاصة، والفنون بعامة، فكذلك على الأدباء الإسلاميين النهوض بمسؤولياتهم لتصحيح ما أفسدوه وخربوه، وليبنوا أدباً حراً من ضغوط الواقع أو عقدة النقص.

أدباً يتوجهون به إلى فطرِ الأطفال السليمة أولاً لكي تنشأ أسس قويمة، وتتغذى بالكلمة الطيبة والقدوة الصالحة.

ويتوجهون به إلى من جرفتهم تيارات المادية والانحراف لمساعدتهم على رؤية الحق، وتبين الفساد والعودة إلى الاستقامة.

وإذا كان المسلم جواب آفاق، يرى الدنيا كلها آفاقاً يمكن ارتيادها، يذهب شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً ليلتمس الحق والحكمة.. إذا كان كذلك، فإنه - أيضاً - يحمل رسالة للإنسانية؛ رسالة ناءت عن حملها السماوات والأرض والجبال، ويعرف ثقل الأمانة المنوطة به، ويجوب هذه الآفاق وهو يعرف دينه حق المعرفة ويتبصر الهدى من الضلال ويميز الخبيث من الطيب، يعرف دينه معرفة الواثق البصير، لا معرفة من يلتقط الفتات من هنا وهناك، ويجمع الشتات المتناقض ويدعي المعرفة.

فإذا استوثق من ذلك، وأصبح تصوره واضحاً، ويقينه ثابتا، جاب الآفاق، ونظر إلى الأمور نظرة الخبير المتمكن، القدير على كشف السيئ من الحسن، فلا يغشه غاش، ولا يخدعه ضوء ولا بريق ولا رائحة - وبذلك يعرف كيف يختار وماذا يختار.

أما إن لم يكن كذلك، فإن كثيراً من الضلالات والانحرافات، والأفكار والتصورات ستدخل إلى نفسه وإلى تصوره باسم الفن والأدب وفتح النوافذ على الآخرين، والتماس الحكمة التي هي ضالة المؤمن.

ولما كانت التربية لا تنفصل عن العقيدة، ولا تنفصل عن تنظيمات المجتمع أيضاً، لذا من المهم أن يتفهم الأديب المسلم عقيدته أولاً، وأن يعرف ثانياً خصائص المجتمع المسلم ومميزاته وأخلاقه وحدوده، لتحديد متطلباته من الناحية التربوية التي تعد تشكيلاً لدوافع الأفراد.

وكذلك لا بد له من فهم مراحل نمو الطفل، وخصائص كل مرحلة من هذه المراحل لتحديد ما يناسبها، ولاختيار الأسلوب الذي يصلح لتحقيق الأهداف التربوية الملائمة لها.

وفي هذا الخصوص ينبغي ألا نأخذ تقسيمات الغربيين لمراحل الطفولة بالقبول والتسليم، ولا نعتمد على وصفهم لكل مرحلة من هذه المراحل، أو تخطيطهم لما ينبغي أن يقدم له في كل مرحلة.

بل أصبح مهماً أن نراجع ذلك على أسس إسلامية في نظرتها للنفس الإنسانية عموماً، ونفس الطفل خاصة ليكون الأديب على بصيرة مما ينبغي أن يقوله للصغار، وفق أسس موضوعية تناسب مراحلهم المختلفة، وتحقق أهداف التربية الإسلامية.

وإذا كان مهماً أيضاً أن نستفيد من كل الدراسات التي تصب في هذا الجانب أو غيره من النفس الإنسانية، ومناهج التربية المختلفة؛ إلا أن ذلك يحتاج إلى زاد من التأصيل يمنع عنا حالة التبعية والانسياق وراء ما يأتي من الغرب دون معرفة. ولعل أكثر هذه الحالات شائع عند المتخصصين الذين لم يعرفوا في هذا العلم إلا ما كتب او ترجم عن الغربيين، وأصبح متعذراً عليهم - وقد بنيت في نفوسهم رؤى وأفكار وآراء - أن يتخلوا عنها، لأن ذلك مرتبط بحالة نفسية، ومركز اجتماعي، وشهادات يفتخرون بألقابها، وما لم نتحرر من إسار ذلك كله لا يمكن أن نتبين المنهج الصحيح في استفادتنا من كل الثقافات والشعوب، مع المحافظة على الأساس الذي يمنحنا وجودنا وهويتنا وصبغتنا الإسلامية.

وأقتطف هنا عبارة للكاتب المشهور في أدب الطفل (عبد التواب يوسف)، عن ذلك حيث يقول: (إن الاتصال بالغرب قد أحدث الانفصال بيننا وبين أنفسنا، وبيننا وبين بعضنا البعض في الدول النامية، وإن كتب الغرب وبرامجه رسخت في أبنائنا قيماً غريبة عن أوطاننا).

ويتابع ذلك قائلا: (لسنا في حاجة إلى القول بأن هذا كله - أي الغزو الثقافي أو الفكري، واستخدام المعلومات لإشادة مراكز داخل حدود الدول النامية تابعة للدول صاحبة النفوذ وصاحبة هذه البرامج لتمارس نفوذها على هذه الدول - لسنا في حاجة إلى القول بأن هذا كله ينطبق على كتب الأطفال وبرامجهم، بل إن هناك تركيزاً على الأطفال تمهيداً للسيطرة عليهم مستقبلا. والتخطيط يتم لهذا في دقة؛ في مجلات الأطفال وكتبهم تتدفق مطبوعات ـ ميكي ـ و ـ تان تان ـ وغيرها لتسد الطريق على الإنتاج المحلي، وفي الوقت نفسه تسهم في أمركة الأجيال)(14).

ويدرك هذا الكاتب ظاهرة مهمة تحارب فيها آدابنا، ومنها أدب الأطفال حين يتجه إلى تأصيل التربية الإسلامية وبثها في هذا الأدب، فينعتون هذا الاتجاه بشتى النعوت التي تدل على تخلفه وعجزه، بل يخرجونه من الأدب أحيانا، ويقولون إنه أدب موعظة وحكمة، وكأن الموعظة والحكمة أسلوب يتنافى مع العقل، أو يتعارض مع الخلق، أو لا يتناسب مع الفطرة البشرية ولا يتفق مع الجمال، وقد ينساق وراءهم كثير من المسلمين، بنية حسنة، أو بقصد سيئ في بعض الأحيان، متناسين أن ذلك أسلوب قرآني جميل، وسبيل من سبل التربية المؤثرة.

والموعظة كغيرها من السبل ينبغي استعمالها بحكمة وقدر مناسب، وإلا فقدت التأثير والفاعلية، مثلها مثل الطعام والدواء وكل أمر نافع إذا زاد عن حده أصبح ضاراً، ولذلك يرى هذا الأديب أن هذه السمة - أي الوعظ - من سمات المجتمعات الإسلامية، (والأفضل أن يحاولوا تقييمه على هذا الأساس، لأن استخدام مقاييس النقد الغربية لن يوصلهم لشيء)(15).

ومن يتتبع القصص والكتب الخاصة بالأطفال التي ترجمت من الآداب الغربية، ويخضعها للتحليل الموضوعي يلمس آثار الأفكار الغربية، وفلسفاتهم وقيمهم وتقاليدهم مبثوثة في هذه الكتب، بل يلمس كثيراً من الأساليب التي لا توافق سن الطفل، ولا تتفق مع فطرته في هذه الكتب، ولكنها - مع ذلك - تنتشر ويروج لها، لأنها من الغرب، ويصد عن غيرها لأسباب أقل من هذه لأنها إسلامية!، مثال ذلك: الإسراف في الخيال بدون هدف محدد، وبأسلوب غير محدد ولا مقبول(16)، يتعارض مع العقل والمنطق والواقع.

وكذلك هناك حشد كبير من المعاني والقيم، والأمور الخلقية والتقاليد والعادات البعيدة عن الإسلام، والحياة العربية. فضلا عن الخيالات المريضة، والقصص المبنية على الوهم والخيال والمفاجآت المرعبة.

وأما القصص التاريخية فإنها تربط البطولة والقدوة بأسماء أجنبية ومواقف بعيدة عن تاريخنا، وتصور سماتهم وأعمالهم للنشء بأنها الأسوة الحسنة(17).

من هذا كله ندرك أهمية هذا الأدب من الجانب التربوي، إنه يستطيع أن يزود الطفل بالقيم الثابتة: بالتصوير، والرسم؛ ليرى الطفل واقعاً إسلامياً، وصورة إسلامية، ويرى في ذلك القدوة الحسنة. في صورة الأبوين، وصورة الأسرة المسلمة التي يشيع فيها الحب والوئام، وتظللها الآداب الإسلامية، ويسري في حناياها روح الإيمان؛ لأن طفل اليوم أصبح وسط مؤثرات كثيرة ومتضاربة: البيت، والمدرسة، ووسائل الإعلام، والطريق، والنادي، والأصدقاء والمجتمع بكل ما فيه من تناقضات ومغريات وأصوات وألوان وأضواء. وكلها تشده إلى جهاتها. والطفل موضع نزاع بين هذه المؤثرات لانعدام الانسجام، والتخطيط والتوافق في مجتمعاتنا.

وأدب الطفل يسهم إلى حد كبير في تحقيق صورة من صور الانسجام والتوازن للطفل إذا نجح في رسم الصور المؤثرة الصحيحة.

ويسهم إلى حد كبير في التربية التي أصبحت من أشق الأمور وأصعبها ومن أهم المسؤوليات وأخطرها، ليس على الأبوين أو المدرسة فحسب، بل على كل فرد في المجتمع، والأدباء في طليعة الذين يتحملون المسؤولية في هذا الجانب.

ومن هنا يرتسم الهدف التربوي لهذا الأدب.

وفي سبيل تحقيق هذا الهدف لا بد من معرفة مراحل النمو المختلفة كما قلنا لتحديد المناسب لكل مرحلة من هذه المراحل وفق خصائصها وسماتها.

وإذا أردنا لأدب الأطفال أن يعطي ما ينتظر منه في مجال التربية، ينبغي أن يتوافر له التوافق مع مطالب النمو في المضمون والشكل والأسلوب(18).

وبهذا يحقق أهم أهدافه، لأنه أصبح أداة تربوية تثقيفية، وله أثر فعال في تكوين شخصية أطفالنا، (ولذا ينبغي ألا يترك مشاعاً للترجمات الرخيصة، والاقتباس الرديء، والسعي وراء الربح السريع)، وينبغي ألا نتذرع بتعطش الأطفال إلى المعرفة، فنطلق لهم حرية القراءة.

ويمكن أن نحدد مراحل النمو بما يلي:

1ـ مرحلة ما قبل الميلاد.

2ـ مرحلة المهد.

3ـ مرحلة الطفولة المبكرة (قبل المدرسة 3 ـ 6 سنوات).

4ـ مرحلة الطفولة الوسطى 6 ـ 8 سنوات (المدرسة الابتدائية).

5ـ مرحلة الطفولة المتأخرة 8 - 12 سنوات (المدرسة الابتدائية وبداية المتوسطة).

6ـ مرحلة المراهقة 12 ـ 18.

7ـ مرحلة الرشد(19).

وفي المرحلتين المبكرتين الثانية والثالثة لا يكون لأدب الأطفال صلة مباشرة أو قوية(20)، إلا ما كان من القصص المحسوسة، التي ترافقها الصور والألوان؛ وأما في مرحلة الطفولة المتوسطة فيمكن تقديم ألوان جديدة هادفة للطفل، لأنه يتمكن من استخدام حواسه لاختبار البيئة المحيطة به، ويتأثر بهذه البيئة: كالأسرة والمدرسة وما فيهما من مؤثرات مختلفة، وهنا ندرك أهمية الرائي وتأثيره المباشر على الأطفال.

وفي المراحل الأخرى يصبح أكثر قدرة على الفهم، والتفكير، والتخيل، وتزداد صلته بالمجتمع. ومن هنا يدرك الأديب أهمية التفكير فيما يكتب للأطفال في هذه المرحلة، وكيف يكتب(21).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ الرائي، أو التلفاز.. ولكن التسمية الأولى أقرب للعربية وهي تسمية أطلقها أستاذنا فضيلة الشيخ الأديب علي الطنطاوي.

2ـ انظر مثلاً كتاب: برامج الأطفال التلفزيونية: د / عاطف عدلي العبد، دار الفكر العربي، القاهرة وفيه كثير من البيانات الإحصائية التي تظهر أثر هذا الجهار على الأطفال، وكذلك كتاب: الإعلام المرئي الموجه للطفل العربي: د / عاطف عدلي العبد، وكتاب: بصمات على ولدي: تأليف طيبة اليحيى، وفيه تركيز على الآثار السلبية التي تنعكس على الأطفال من مشاهدة التلفزيون.

3ـ انظر: جامع أحكام الصغار: للأسروشي: تحقيق عبد الحميد عبد الخالق البيزلي / 1 ـ 10.

4ـ رواه ابن ماجه: 2 / 1211 عن أنس.

5ـ رواه الترمذي والحاكم في المستدرك وقال السيوطي: إنه صحيح. انظر فيض القدير 5 / 503، عن جامع أحكام الصغار (1 ـ 12).

6ـ البخاري ومسلم.

7ـ أي قال الله تعالى - وفي هذا الكلام حذف - كل مال نحلته: أعطيته عبداً من عبادي فهو له حلال، والمراد إنكار ما حرموا على أنفسهم، أو حرمه عليهم الناس، وأن ذلك لم يصر حراماً بتحريمهم، (انظر صحيح مسلم / 4 - 2197)، تصحيح محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله - دار الفكر بيروت.

8ـ أي مسلمين، مستقيمين منيبين لقبول الهداية، (المصدر السابق، وشرح النووي لصحيح مسلم أيضاً).

9ـ أي استخفوهم فذهبوا بهم، وأزالوهم عما كانوا عليه من الهدى وجالوا معهم في الباطل.

10ـ رواه مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها، 63، من عدة روايات. ولقد فصل كتاب: تربية الأولاد في الإسلام للشيخ عبد الله علوان رحمه الله، جزءان، في قضايا التربية الاجتماعية للطفل ولا سيما ما بين، (359 - 498)، من الجزء الأول ثم في قضايا التربية الجنسية وغيرها، ط 3، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع.

11ـ وحدة لتنمية الشعور الديني عند الأطفال، 61، ودور الأم في تربية الطفل المسلم، 8، ومنهج التربية النبوية للطفل، 77، وتحفة المودود، 15، والطفل المثالي في الإسلام، 21.

12ـ انظر: قواعد البناء في المجتمع الإسلامي: للدكتور محمد السيد الوكيل، 116 ـ 126، دار الوفاء، ط 1407هـ.

13ـ المصدر السابق.

14ـ كتب الأطفال في عالمنا المعاصر: عبد التواب يوسف، 19 ـ 20.

15ـ المصدر السابق: 36.

16ـ قصة البستان العجيب، من سلسلة (ليديبرد).

17ـ انظر: بحث: في أدب الأطفال، تحليل ودراسة لنماذج من كتب وقصص الأطفال: محمد ديب أبو عابد، منار الإسلام العدد الثاني السنة الرابعة عشرة أيلول سبتمبر، 1988م، صفر، 1409 هـ، ص 106 ـ 111.

ويتناول الكاتب بالتحليل عدداً من القصص المترجمة من سلسلة (ليديبرد)، ويستخلص بأنها تحاول إبراز القيم والعادات الغربية، مع إساءات كثيرة لقيمنا وتاريخنا، ومما يؤسف له أن بعض وزارات التربية والمعارف في الدول العربية قد تبنت هذه الكتب ونشرتها بين أطفال المدارس.

18ـ الاتجاهات الجديدة في ثقافة الأطفال، النادي الثقافي العربي، بحث: أدب الأطفال ومراحل النمو: للكاتبة صبيحة فارس، 79..

19ـ المصدر السابق/ 80، وأدب الأطفال: محمد محمود رضوان، وأحمد نجيب، 71.

20ـ وإن كان بعضهم يرى أن الطفل يبدأ بسماع القصة من سن الثانية من عمره، (في أدب الأطفال)، للحديدي، 81، وأدب الأطفال: محمد محمود رضوان.

21ـ إن الحديث عن مراحل النمو، وما يلائمها من أفكار وصور وألوان وثقافات يحتاج إلى بحث طويل، وأرجو الله (عز وجل)، أن يتيح لي ولغيري البحث في ذلك على أسس إسلامية موضوعية، وانظر (القيم التربوية في ثقافة الطفل)، الحلقة الدراسية الإقليمية لعام 1985م، 39 وما بعدها. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.