أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1549
التاريخ: 8-10-2014
1514
التاريخ: 8-10-2014
1878
التاريخ: ناصركارالشير
1488
|
إنّ من أهمّ ما يستدعي اهتماماً خاصّاً في السياسة الخارجيّة هي التعهّدات بين الدول وهي على نوعين :
1. التعهّد من جانب واحد .
2. التعهّد من جانبين .
أمّا التعهّد من جانب واحد فهو شكل بسيط من التعهّدات ... فإنّ الدولة تلتزم من ناحيتها باُمور اتّجاه دولة اُخرى بصورة ابتدائية ، كأن تعترف بها ، وبأمنها وتتعهّد بعدم العدوان عليها وعدم التعرّض لها ، ونحن نجد ـ في الإسلام ـ نماذج من هذا النوع ، فعندما خرج النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) إلى تبوك في ملاحقة الروم ، فانتهى إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فأعطاه النبيّ كتاباً التزم فيه باُمور وإليك نصّه :
« بسم الله الرّحمن الرّحيم هذه أمنة من الله ومحمّد النبيّ رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيّارتهم في البرّ والبحر لهم ذمّة الله ، وذمّة محمّد النبيّ ، ومن كان معهم من أهل الشّام وأهل اليمن وأهل البحر فمن أحدث منهم حدثاً فإنّه لا يحول ماله دون نفسه وأنّه طيّب لمن أخذه من النّاس وأنّه لا يحلّ أن يمنعوا ماءً يردونه ولا طريقاً يريدونه من برّ أو بحر » (1) .
إنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) يتعهّد لتلك الجماعة بأن يحترم أمنهم في كلّ الحالات والأماكن ويعترف لهم بحقّ الحياة والعيش ، ويضمن سلامة تنقّلاتهم من دون أن يأخذ منهم تعهّداً متقابلا.
وأمّا التعهّدات المتقابلة فهي أيضا على قسمين : فتارة يلتزم الطرفان بالأمور السلبيّة مثل : أن يتعهّدا بأن لا يتعرّض أحدهما للأخر ، وغير ذلك ، وتارة يلتزم الطرفان بالأمور الإيجابيّة مثل التعهّد بالتبادل التجاريّ والثقافيّ ، ونحن نرى نماذج من كلا النوعين في تاريخ الحياة السياسيّة للإسلام.
ونمثّل للنوع الأوّل بقصّة بني ضمرة .
فإنّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) لما بلغ « ودان » وهي غزوة الأبواء يريد قريشاً ، وبني ضمرة بن بكر بن عبد منات بن كنانة فوادعته فيها بنو ضمرة ، وكان الذي وادعه منهم عليه مخشي ابن عمرو الضمري وكان سيّدهم في زمانه ، فلمّا خرج الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) إلى بدر ينتظر أبا سفيان لميعاده فأتاه مخشي بن عمرو الضمري وهو الذي وادعه على بني ضمرة في غزوة ودان فقال : يا محمّد أجئت للقاء قريش على هذا الماء ؟ قال : « نعم يا أخا بني ضمرة وإن شئت مع ذلك رددنا إليك ما كان بيننا وبينك (2) ثُمّ جالدناك حتّى يحكُم الله بيننا وبينك » (3) .
ومن هذا القبيل ما جرى في صلح الحديبيّة الذي مرّ عليك.
ونمثّل للتعهّدات المتقابلة على الاُمور الإيجابيّة بما حصل بين النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وخزاعة في الحديبيّة ، حيث كان من بنود صلح الحديبيّة مع قريش أنّه من أحبّ أن يدخل في عقد محمّد وعهده دخل فيه ، ومن أحبّ أن يدخل في عهد قريش وعهدهم دخل فيه ، فدخلت خزاعة في عقد رسول الله وعهده ، وهو يمثّل التعاون الدفاعيّ الذي يطلق عليه اليوم بالمعاهدات الدفاعيّة.
ويستفاد من حياة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنّ إلغاء المعاهدة كان يتمّ تارة بصورة مباشرة واُخرى بصورة غير مباشرة.
فنرى أنّ قريشاً لمّا عاونت بني كنانة معاونة غير مباشرة بالسلاح عدّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) ذلك نقضاً وذلك عندما تحقّقت الهدنة اغتنمها بنو الديل من بني بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منها ثأراً ، فخرج نوفل بن معاوية وهو يومئذ قائدهم حتّى بيت خزاعة وهم على الوتير ، ماء لهم ، فأصابوا منهم رجلا وتحاوزوا واقتتلوا ورفدت بني بكر قريش بالسلاح وقاتل معهم قريش من قاتل بالليل مستخفيا حتّى حازوا خزاعة إلى الحرم.
فلمّا تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من العهد والميثاق بما استحلّوا من خزاعة وكان في عقده وعهده وعرف النبيّ بذلك اعتبره نقضاً للعهد وإلغاء للمعاهدة ، فخرج (صلى الله عليه واله وسلم) إلى فتح مكّة ملغياً ما كان بينه وبين قريش من وثيقة الصلح (4) .
كل هذا يكشف عن وجود نظام خاصّ لهذه التعهّدات في السياسة الخارجيّة للإسلام يتجلّى خطوطه في مجموعة المواقف النبويّة وغيرها من مصادر الشريعة.
__________________
(1) سيرة ابن هشام 2 : 525.
(2) المقصود هو الموداعة التي تمّت في اللقاء الأول لاحظ سيرة ابن هشام 1 : 591.
(3 و 4) سيرة ابن هشام 2 : 210 و 390 ـ 397.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|