المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



منذر بن سعيد البلُّوطي  
  
4119   03:19 مساءً   التاريخ: 2-3-2018
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج4، ص257-261
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-08-2015 5025
التاريخ: 10-2-2016 2638
التاريخ: 28-12-2015 11608
التاريخ: 11-3-2016 2950

 

هو القاضي أبو الحكم منذر بن سعيد بن عبد اللّه بن عبد الرحمن بن قاسم بن عبد الملك بن نجيح، أصل أهله من برابرة نفزة أحد فروع كزنة، انتقلوا إلى الأندلس و سكنوا في فحص البلّوط (قرب قرطبة) .

ولد منذر بن سعيد، سنة 265(ياقوت 19:174) في محلّة النشّارين بالربض (الضاحية) الشرقي من قرطبة، و قيل كان مولده سنة ٢٧٣.

درس منذر بن سعيد في قرطبة على عبيد اللّه بن يحيى (ت ٢٩٧ ه‍) أحد أئمّة الفقه و على ابن يحيى بن يحيى الليثي (ت 234) .

و في سنة ٣٠٨(٩٢٠ م) رحل منذر بن سعيد إلى المشرق فمرّ بمصر فسمع من أبي جعفر أحمد بن محمّد المصري المعروف بابن النحاس (ت ٣٣٨) و من أبي العبّاس أحمد بن محمد المعروف بابن ولاّد (ت ٣٣٢) . ثمّ إنّه حجّ و سمع في مكّة من محمّد بن المنذر النيسابوري. و طالت رحلته في المشرق أربعين شهرا.

عاد منذر بن سعيد من المشرق و مكث في الأندلس عشرين سنة أو تزيد لا نعلم شيئا من أخباره في أثنائها. و نفهم أنه زار طرطوشة (نفح 2:511) و في سنة 334 (945-946 م) جاء من القسطنطينية إلى قرطبة رسل ملك الروم قسطنطين السابع (٩١٢-959 م) يحملون منه رسالة؛ كما وصل إليها في ذلك الحين وفود ملوك الفرنجة. فاحتفل عبد الرحمن الناصر بهذه الوفود في قصر قرطبة وسط أبّهة عظيمة و أراد من الشعراء و الخطباء أن يقوموا بين يديه أمام الوفود و يذكروا ما قام به في توطيد الخلافة و ما كان له من جلائل الفتوح و الأعمال. فنهض الفقيه محمّد بن عبد البرّ الكسنيانيّ ليتكلّم فأخذته هيبة الموقف و أرتج عليه ثمّ سقط أرضا مغشيّا عليه. فقيل لأبي عليّ القالي (ت 356 ه‍) -ضيف عبد الرحمن الناصر-: «قم فارقع هذا الوهي» . فقام فحمد اللّه و أثنى عليه و صلّى على نبيّه؛ ثمّ انقطع به القول فوقف ساكتا.

فلمّا رأى منذر بن سعيد ذلك «قام من ذاته فوصل افتتاح أبي عليّ لأوّل خطبته بكلام عجيب و فصل مصيب يسحّه سحّا كأنّما يحفظه قبل ذلك بمدّة، و بدأ من المكان الذي (كان قد) وصل إليه أبو علي البغدادي «القالي» (النباهي 66) . فكانت تلك الخطبة سبيل حظوته عند عبد الرحمن الناصر.

بعيد تلك الحادثة، فيما يبدو، عيّنه الناصر قاضيا في مدينة ماردة ثمّ جعله على قضاء الثغور الشرقية. و في ربيع الآخر من سنة ٣٣٩(مطلع خريف 950 م) أصبح منذر بن سعيد قاضي الجماعة في قرطبة. و مع أنّ منذر بن سعيد كان من أتباع المذهب الظاهريّ، فإنّه كان يقضي على مذهب الإمام مالك. و كان عادلا بين الخصوم شديدا في الحقّ لا تأخذه في اللّه لومة لائم. و قد بقي في القضاء ستّ عشرة سنة إلى حين وفاته في ٢٨ من ذي القعدة من سنة 355(15/١١/966 م) . و دفن في الربض الغربي من قرطبة قريبا من داره.

كان منذر بن سعيد البلّوطيّ فقيها متفنّنا في ضروب العلم يعرف المذهب الظاهريّ و مذهب الإمام مالك قادرا في الجدل. و كان أديبا شاعرا مترسّلا له أشعار مطبوعة و خطب عجيبة و رسائل بليغة، كما كان مؤلّفا. و مع متانة خلقه فقد كانت فيه دعابة حسنة. و شعره القليل الباقي في الزهد و الشكوى من الدهر و من الناس حينا و في الفخر بالنفس حينا آخر. و شعره صحيح متين. أما خطبه فبارعة جدّا تغلب عليها السهولة و تتّسم بالتبسّط في القول و الإتيان بالمعاني القليلة اليسيرة القريبة المتناول ممّا يسهّل على السامعين استيعابها فيكون ذلك أدعى إلى تأثيرها فيهم. و يزيد في تأثيرها في السامعين بروز العنصر الدينيّ فيها من الوعظ بالترغيب و الترهيب و إخراج ذلك كلّه مخرج الخطاب للحاضرين مع كثرة الاستشهاد بالآيات.

و لقد كان منذر بن سعيد عظيم الاستيلاء بخطبه على السامعين.

مختارات من آثاره:

- قال منذر بن سعيد البلّوطيّ يذكر الموت:

الموت حوض و كلّنا يردُ... لم ينج ممّا نخافه أحدُ (1)

فلا تكن مغرما برزق غدٍ... فلست تدري بما يجيء غد

و خذ من الدهر ما أتاك به... و يسلم الروح منك و الجسد

و الخير و الشرّ لا تدعه، فما... في الناس إلاّ التشنيع و الحسد

-و قال يشكو من الدهر و الناس (قبل إقبال الدنيا عليه) :

هذا المقال الذي ما عابه فندٌ... لكنّ صاحبه أزرى به البلد (2)

لو كنت فيهم غريبا كنت مطّرفا... لكنّني منهم فاغتالني النكد (3)

لو لا الخلافة-أبقى اللّه بهجتها-... ما كنت أبقى بأرض ما بها أحد

- نتف من خطبته يوم دخلت الوفود على عبد الرحمن الناصر:

أمّا بعد حمد اللّه و الثناء عليه و التعداد لآلائه (4). . . فإنّ لكلّ حادثة مقاما- و لكلّ مقام مقال. و ليس بعد الحقّ إلاّ الضلال. و إنّي قد قمت في مقام كريم، بين يدي ملك عظيم. فأصغوا إليّ-معشر الملإ-بأسماعكم و أيقنوا عنّي بأفئدتكم (5). . . و إنّي أذكّركم بأيام اللّه عندكم و تلافيه لكم بخلافة أمير المؤمنين التي لمّت شعثكم و أمّنت

سربكم و رفعت (6) قوّتكم: كنتم قليلا فكثّركم. . . و مستذلّين فنصركم. ولاّه اللّه رعايتكم و أسند إليه إمامتكم أيام ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق و أحاطت بكم شعل النفاق (7). . .

أنشدكم اللّه-معاشر الملإ-أ لم تكن الدماء مسفوكة فحقنها، و السبل مخوفة فأمّنها (8) و الأموال منتهبة فأحرزها و حصّنها (9) ؟ أ لم تكن البلاد خرابا فعمّرها و ثغور المسلمين مهتضمة فحماها و نصرها (10) ؟ فاذكروا آلاء اللّه عليكم بخلافته و تلافيه جمع كلمتكم بعد افتراقها بإمامته حتّى أذهب عنكم غيظكم و شفى صدوركم و صرتم يدا على عدوّكم بعد أن كان بأسكم بينكم (11). . . فأصبحتم بنعمته إخوانا و بلمّ أمير المؤمنين لشعثكم على أعدائه أعوانا حتّى تواترت (12) لديكم الفتوحات، و فتح اللّه عليكم بخلافته أبواب الخيرات و البركات، و صارت وفود الروم (13) وافدة عليه و عليكم، و آمال الأقصين و الأدنين متّجهة إليه و إليكم: يأتون من كلّ فجّ عميق و بلد سحيق ليأخذوا بحبل (14) بينكم و بينه جملة و تفصيلا ليقضي اللّه أمرا كان مفعولا. و لن يخلف اللّه وعده؛ و لهذا الأمر ما بعده. . .

_____________________

١) يرد: يذهب إلى الماء (ليستقي أو ليشرب) . جميع الناس سيموتون.

٢) الفند: ضعف الرأي من الهرم (التقدّم في السنّ) . الكذب. أزرى به (عابه، خفض منزلته) . البلد (أنه من أهل البلد-أهل البلد لا يحبون النابه منهم، بل يحبّون الغريب عن بلدهم) .

٣) مطرفا: طريفا: جديدا، بهيجا. غاله و اغتاله: قتله، اهلكه. النكد: صعوبة العيش و ضيقه، الشؤم.

4) الآلاء جمع إلى (بكسر الهمزة أو فتحها) : النعمة.

5) الملأ: أشراف القوم. الفؤاد: القلب. أيقنوا عنّي بأفئدتكم: كونوا واثقين ممّا أقول.

6) التلافي: تجنّب الأمور (المؤذية) . لمّ الشعث: جمع القوم و وحّد أمورهم. أمّن السرب (جماعة الغنم أو الابل السارحة) : نشر الأمن في بلدكم.

7) السرادق: الخيمة الكبيرة. ضربت الفتنة سرادقها على الآفاق: انتشرت في كلّ مكان.

8) حقن الدماء: حمى الناس من القتل. مخوفة: يخاف السائرون فيها (من الاعتداء عليهم) .

9) أحرزها: وضعها في حرز (مكان أمين) و حصّنها (أحاطها بما يحفظها) .

10) الثغور جمع ثغر: المكان الذي يخشى منه مجيء العدوّ برّا أو بحرا. مهتضمة: مغتصبة، منقوصة (معتدى عليها) .

11) البأس الشّدة، الحرب. -بأسكم بينكم: كنتم في شقاق و قتال (فيما بينكم) .

12) التواتر: التوالي، التتابع (أن تأتي الأشياء متّفقة من كل مكان و بلا انقطاع) .

13) الروم: النصارى عموما من أي جنس كانوا.

14) الفجّ: الطريق في الجبل. عميق و سحيق (هنا) بمعنى بعيد. ليأخذوا بحبل منكم: ليعقدوا معكم معاهدة، ميثاقا (في سبيل حماية أنفسهم) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.