أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-2-2018
2575
التاريخ: 8-02-2015
4034
التاريخ: 30-3-2019
2560
التاريخ: 10-4-2016
2985
|
لقد كان مجتمع العراق كغيره من بلاد الإسلام في ذلك الحين، يضمّ مجموعات كبرى من المسلمين غير العرب، الّذين أدّى التّوسّع في الفتوح خارج شبه الجزيرة العربيّة إلى احتلال بلادهم في إيران ومستعمرات الإمبراطوريّة البيزنطيّة (مصر وسوريا، وغيرهما)، ومِن ثمّ أدّى إلى دخول كثير منهم في الإسلام.
وقد كان هؤلاء - من الناحية النظريّة - يتمتّعون بحقوق مساوية لحقوق المسلمين العرب، كما يتحمّلون واجبات مساوية. لقد ضمن لهم الإسلام مركزاً حقوقيّاً مساوياً تماماً للمسلمين العرب، ولكنّهم كانوا من الناحية الواقعية يعانون من التمييز العنصري بسبب انطلاق الرّوح القبليّة والعصبيّة العربيّة.
وقد ألغى الإمام علي فور تسلّمه السلطة جميع مظاهر التّمييز العنصري والعصبيّة العنصريّة الّتي كان يُعاني منها - بشكل أو بآخر - المسلمون غير العرب.
وقد أثار ذلك ردود فعل سلبيّة عند زعماء القبائل، فاحتجوا على التسوية في العطاء بينهم وبين الموالي (المسلمين غير العرب)، واندفعوا ينصحون الإمام عليّاً قائلين: يا أمير المؤمنين، أعطِ هذه الأموال، وفضّل هؤلاء الأشراف من العرب وقريش على الموالي والعجم، واستمل مَن تخاف خلافه من النّاس (1).
وكان هؤلاء ينظرون في نصيحتهم هذه وينطلقون في نظريتهم السّياسيّة هذه من التجربة الّتي كان يقوم بها (معاوية بن أبي سفيان).
في هذه الحالات وأمثالها على المسلم المستقيم أنْ يبرأ من الانحراف في قلبه، وأنْ يُدِيْنه عَلَنَاً بلسانه، وأنْ ينخرط في أيّ حركة يقودها الحاكم العادل لتقويم الانحراف بالقوّة إذا اقتضى الأمر ذلك.
قال (عليه السلام) فيما يبدو أنّه تقسيم لمواقف النّاس الّذين كان يقودهم من المنكر المبدئي الخطير الّذي كان يهدّد المجتمع الإسلامي كلّه في استقراره، وتقدّمه، ووحدة بُنْيَتِهِ: فمِنهُمُ المُنكرُ للمُنكرِ بيدِهِ ولسانهِ وقلبهِ، فذلك المُستكمِلُ لِخصالِ الخيرِ.
ومنهُمُ المُنكِرُ بِلسانهِ وقلبهِ والتَّاركُ بيدهِ فَذلِكَ مُتمسِّك بخصلَتَين من خصالِ الخيرِ ومُضيع خصلةً، ومنهُم المُنكِرُ بقلبهِ والتَّاركُ بيدهِ ولسانهِ فذلِكَ الَّذي ضيَّع أشرفَ الخصْلَتَين من الثَّلاثِ وتمسَّك بِواحدةٍ.
ومنهُم تارك لإنكارِ المُنكرِ بلسانهِ وقلبهِ ويدهِ فذلِك ميِّتُ الأحياءِ (2).
ونلاحظ أنّ الإمام سمّى التّارك، في هذه الحالة الخطيرة، لجميع مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر (ميِّتُ الأحياءِ)، ونفهم صدى هذا الوصف إذا لاحظنا أنّ إنساناً لا يستشعر الأخطار المُحْدِقَة بمجتمعه، ولا يستجيب لها أيّ استجابة - حتّى أقل الاستجابات شأناً وأهونها تأثيراً، وأقلّها مؤونةً وهي الإنكار بالقلب الّذي يقتضيه مقاطعة المنكر واعتزال أهله - أنّ إنساناً كهذا بمنزلة الجثّة الّتي لا تستجيب لأيّ مثير؛ لأنّها خالية من الحياة الّتي تشعر وتستجيب.
ويقول (عبد الرحمان بن أبي ليلى الفقيه)، وهو ممّن قاتل مع الإمام في صفّين، أنّ الإمام كان يقول لهم حين لقوا أهل الشّام: أيُّها المؤمنُون إنَّهُ مَن رأى عُدواناً يُعمَلُ بهِ، ومُنكراً يُدْعَى إليه فَأَنْكَرَهُ بِقلبهِ فقد سَلِمَ وبَرِئَ، وَمَنْ أَنْكَرَهُ بِلسانهِ فقد أُجِرَ، وهو أفضلُ من صاحبهِ وَمَنْ أَنْكَرَهُ بالسَّيف لِتكُون كلِمةُ اللّه هي العُليا وكلِمةُ الظّالمين هي السُّفلى فذلك الّذي أصاب سبيل الهُدى وقام على الطَّريقِ، ونوَّر في قلبِه اليقينُ)(3).
ونلاحظ هنا أنّ الإمام وضع للإنكار بالسّيف - وهو أقصى مراتب الإنكار باليد - شرطاً، هو: أنْ تكون الغاية منه إعلاء كلمة اللّه ..
لا العصبيّة العائليّة أو العنصريّة، ولا المصلحة الخاصّة، والعاطفة الشّخصيّة وهذا شرط في جميع أفعال الإنسان، وفي جميع مراتب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، إِلاّ أنّ الإمام (عليه السّلام) صرّح به في هذه المرتبة لخطورة الآثار المترتّبة على القيام بها من حيث إنّها قد تؤدّي إلى الجرح والقتل.
ويقدّر الإمام أنّ كثيراً من الناس يتخاذلون عن ممارسة هذا الواجب الكبير فلا يأمرون بالمعروف تاركه ولا ينهون عن المنكر فاعله بسبب ما يتوهَّمون من أداء ذلك إلى الإضرار بهم: أنْ يُعَرِّضوا حياتهم للخطر، أو يُعَرِّضُوا علاقاتهم الاجتماعيّة للاهتزاز والقلق، أو يُعَرِّضُوا مصادر عَيْشِهِم للانقطاع... وما إلى ذلك من شؤون.
____________________
1 - (ابن أبي الحديد): شرح نهج البلاغة.
2 - نهج البلاغة: باب الحكم / رقم النص: 374.
3 - نهج البلاغة: باب الحكم / رقم النّص: 373.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|