المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

شرح الدعاء (الحادي والعشرون) من الصحيفة السجّاديّة.
2023-10-16
الشكر نعمة يجب شكرها
16-8-2016
بعض سيرة المأمون وأخباره
27-8-2017
تسميد المروج والمراعي
19-11-2017
انحراف deviation
5-8-2018
محلل بالإنفاذ = مُدَيْلِز dialyzer
6-8-2018


ابن حُصن الإشبيلي  
  
4354   01:44 مساءً   التاريخ: 7-2-2018
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج4، ص514-517
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-2-2018 1788
التاريخ: 25-06-2015 2299
التاريخ: 21-2-2018 1679
التاريخ: 5-10-2015 3062

 

هو أبو الحسن عليّ بن غالب بن حصن الإشبيليّ نشأ في إشبيلية و لم يكن فيها من ذوي اليسار. ثمّ إنّه اتّصل بإسماعيل بن المعتضد بن عبّاد؛ و من طريق إسماعيل اتّصل بالمعتضد. و نال ابن حصن حظوة عند المعتضد فولاّه المعتضد الوزارة و الكتابة فحسنت حاله.

و في سنة 44٠ ه‍ أو بعدها بقليل جاء ابن زيدون إلى بلاط بني عبّاد في إشبيلية فأصبح وزيرا للمعتضد. حينئذ نشأت بين ابن حصن و ابن زيدون نفرة فحسد. جعل ابن حصن يعرّض بابن زيدون ثمّ هجاه. و لكنّ ابن زيدون سكت في الظاهر عن ابن حصن. ثمّ كانت محنة ابن حصن: كان المعتضد قد جعل ابنه إسماعيل-و لم يكن إسماعيل بكره-وليّا للعهد. غير أنّ إسماعيل حاول الغدر بأبيه لتولّي الملك قبل أوانه و شايعه على ذلك نفر فيهم ابن حصن.

قال ابن عذاري (البيان المغرب 3:244) : «و في سنة 44٩(1057 م) قتل عبّاد المعتضد باللّه ابنه إسماعيل-و كان خليفته المرشّح لمكانه - بعد أن كان (إسماعيل) همّ بغدره. فأخذه أبوه و ثقّفه (حبسه مقيّدا) في قصره. فذهب (إسماعيل) إلى التدبير عليه ثانية من مكان اعتقاله. فقال عبّاد: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين» (و هذا حديث شريف) فقتله بيده و قتل الوزير الذي واطأه على ذلك (و الراجح أن هذا الوزير كان ابن حصن) -راجع  ص 5٠٧[ من هذا الكتاب].

يبدو أن ابن حصن الإشبيليّ كان شاعرا مكثرا أجاد الوصف و الفخر و المديح و الغزل و الخمر و المجون. و هو متين الأسلوب جزل الألفاظ يطبع على غرار المشارقة. و كان طويل النفس إلاّ أن المعاني المبتكرة في شعره قليلة. و جمال شعره إنّما هو من حيث الصياغة المتينة المعبّرة عمّا يريد.

مختارات من شعره:

- قال ابن حصن الإشبيليّ يصف فرخ حمام:

و ما هاجني إلاّ ابن ورقاء هاتف... على فنن بين الجزيرة و النهرِ (1)

مفستق طوق لازورديّ كلكلٍ... موشّى الطّلا أحوى القوادم و الظهر (2)

أدار على الياقوت أجفان لؤلؤٍ... و صاغ من العقيان طوقا على الثّغر (3)

حديد شبا المنقار داجٍ كأنّه... شبا قلم من فضّة مدّ في حبر (4)

توسّد من فرع الأراك أريكةً... و مال على طيّ الجناح من النّحر (5)

و لمّا رأى دمعي مراقا أرابه... بكائي فاستولى على الغصن النّضر (6)

و حثّ جناحيه و صفّق طائرا... و طار بقلبي حيث طار و لا أدري (7)

- و قال يفتخر بشعره و يعرّض بابن زيدون و يقول في ذلك إنّ قيمة شعره إنّما هي في معانيه و إنّه لا يحسّن معانيه بتفخيم إنشاد الأبيات و ترديدها:

تذكّرت قولي للقوافي (8) فلم تزل... تساعدني عفوا و لم تتعذّرِ

فدونك عذراء المعاني ابتدعتها... عوان القوافي خيرة المتخيّر (9)

إذا ما الرواة استنشدتها تبرقعت... لها أوجه من حشمة و تغيّر (10)

و ينكل عنها شاعر المصر كلّه... ألا فاضحكن من شاعر المصر و افخر(11)

و لست بكاسيها مدى الدهر حلّةً... بنغمة إنشاد و لا بمكرّر

- و كان مرة في قرطبة فذكر إشبيلية (و كان يقال لها حمص تشبيها لها بحمص الشام) :

ذكرتك، يا حمص، ذكرى هوى... أمات الحسود و تعنيته ُ(12)

كأنّك، و الشمس عند الغرو... ب، عروس من الحسن منحوته

غدا النهر عقدك، و الطّود تا... جك و الشمس أعلاه ياقوته

- و قال في الخمر:

قم، يا غلام، فسقّنيها و اطرب... و اشرب-عتبت عليك-إن لم تشربِ

من قهوة صفراء ذات أسرّة... في الكأس تأتلق ائتلاق الكوكب (13)

خضبت بنان مديرها بشعاعها... فعل العرارة في شفاه الربرب (14)

____________________

١) ورقاء: حمامة. فنن: غصن.

٢) مفستق: مائل الى الخضرة. الطوق: العقد (ريش ملوّن حول عنق الحمامة) . لازورديّ: أزرق. الكلكل: أعلى الصدر. موشّى: مطرّز (مختلف الالوان) . الطلا جمع طلاة (بالضمّ) : العنق أو جانب العنق. أحوى: أسمر. القوادم جمع قادمة: ريشة في طرف الجناح.

٣) عيناه حمراوان و أجفانه بيض. العقيان: الذهب الخالص (الأصفر) . يكون على جانبي منقار الحمامة لحيمات مستطيلة حمراء. و يبدو أن الشاعر قد خلط بين العقيان (الذهب الأصفر) و العقيق (الحجر الكريم الأحمر) .

4) حديد: حادّ، ماض، قاطع. الشبا جمع شباة: حدّ السيف. داج: أسود.

5) توسّد: نام (هنا: جثم-وضع بطنه على الغصن) . الفرع: الغصن. الأراك: شجر تصنع منه المساويك له ثم أحمر يؤكل. أريكة: صفّة، مقعد وثير (مريح) . و مال بعنقه الى جانبه (نام) .

6) مراق: مسكوب، سائل. أرابه-رابه: أقلقه و أزعجه. استولى: امتلك، استوى (نهض من مجثمه) . النضر و الناضر: الأخضر الطريّ.

7) حثّ جناحيه: والى تحريكهما.

8) قول القوافي: نظم الشعر.

9) عذراء المعاني: ذات معان جديدة مبتكرة. عون القوافي أو عوانها: مكرّرة القوافي (لأنّ القوافي محدودة لا يستطيع الشاعر أن يبتكر شيئا منها غير الموجود في أحرف الهجاء) . و لكنّها متخيّرة (منتقاة: مختارة) .

10) رواة الشعر و العلماء بالشعر يطلبون أن يسمعوا شعري. و لكنّ نفرا من الشعراء تتبرقع (تتغطّى) وجوههم بالحشمة (بالحياء، لأنّهم لا يستطيعون أن يقولوا مثله) أو بالتغيّر (بالاصفرار، لأنّ شعري يعرّض بهم أو يعجّزهم عن قول مثله) .

11) نكل عن الشيء: جبن و تراجع خوفا أو عجزا. المصر: البلد. شاعر المصر: الشاعر المعترف له رسميّا بأنه شاعر الدولة (ابن زيدون!) سأضحك أنا عليه و أهزأ به ثمّ أفتخر بشعري.

12) في القاموس: عنّته (تعنيتا) شدّد عليه و ألزمه ما يعجز عن ادائه! و الكلمة قلقة هنا، و لعلّها قراءة خاطئة.

13) الأسرّة جمع سرير: صفّة (بضمّ الصاد) أو فراش مرتفع أو مقعد مرتفع (و لا معنى لها هنا) . و لقد قال عنترة في معلّقته: «بزجاجة صفراء ذات أسرة» (و حاول الشرّاح أن يجعلوا الأسرة خطوطا في الكأس؛ (و لكنّ عنترة أيضا ليس حجّة في اللغة) . ائتلق: لمع و أضاء.

14) العرارة: بهار (زهرة صفراء) طيّبة الرائحة. الربرب: القطيع من الظباء أو البقر الوحشي أو الإنسي لا واحد له. الملموح أن الظبي إذا أكل من العرار تلوّنت شفتاه كما تتلوّن كفّ الساقي من لون الخمر من خلال كأسها.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.