المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الايمان بالله سبحانه والتصديق برسوله (صلى الله عليه واله)  
  
3614   05:18 مساءً   التاريخ: 1-11-2017
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ص15-17.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

ان الايمان المبكّر بالله سبحانه وتعالى من قبل الامام علي (عليه السلام) وتصديقه برسالة محمد (صلى الله عليه واله) يعني انه ظلّ (عليه السلام) صافي الفكر والروح ولم يتشرب بالفكر الوثني بالرغم من انه عاش في زمان يعُجُّ بالثقافة الوثنية وممارسات عبادة الاصنام والاعتقاد بها في مكة وطهارة السبق في قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11] تبقى ملازِمة لحياته رغم المحن والمصاعب العظيمة التي تعرّض لها لاحقاً.       

فقد حددت الاسبقية في الاسلام، التي عبّر عنها رسول الله (صلى الله عليه واله) عند مخاطبته علياً (عليه السلام) بالقول: يا علي انت أول المؤمنين ايماناً، وانت أول المسلمين اسلاماً... ، حددت حاجاته الدينية والدنيوية، وتصوراته الذهنية عن الخلق والوجود، وموقفه الثابت من الاحداث والقضايا الخارجية، وخطه في العقيدة والحكم والقرار، وخطط العمل لنصرة الاسلام ضد الشرك والنفاق والقُسُوط والإنتكاث والمُرُوق.

فالقاعدة ان ما يصبُّ في ذهن الانسان من علوم او ملاحظات يختبرها في الخارج تتحول لاحقاً الى صور وأشكال ذهنية، وأفعال لفظية أو مكتوبة، وحركات معبِّرة، ومواقف اجتماعية، وفهم ذاتي واجتماعي، وصفات شخصية متعلقة بالفضيلة أو الرذيلة فالذي يشبُّ على الايمان بالله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه واله) وعلى الانشداد التام بكتابه المجيد منذ نعومة اظفاره، انما يمتلئ من طاقة العلم والمعرفة الدينية حداً بحيث لا تنبثق من فيه الا ينابيع الحكمة والمعرفة والعلم, وتكون صوره الذهنية غنية بأجواء الوحي وبكلام الله المجيد وبالرسالة التي يحتكّ بمصداقها وبصاحبها (صلى الله عليه واله) كل يوم.

فعلي (عليه السلام) عندما يتكلم لا يُخرج من فمه الشريف الا جواهر الافكار الدينية وعندما يخطب تنـزل الكلمات الشرعية النقية كالزلال العذب بين شفتيه الشريفتين؛ لأنه عاش (عليه السلام) جلّ حياته مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يتلقى منه العلم والمعرفة عن النبع الصافي المتصل بالسماء بينما كان البعض يخلط الصور الذهنية للوثنية بالصور الذهنية للاسلام.

والتحقيق، ان علياً (عليه السلام) آمن بالله عزّ وجلّ وبالعقيدة التوحيدية عندما ضمّه رسول الله (صلى الله عليه واله) اليه والاقوى انه لم يتجاوز السادسة، وأعلن اسلامه وهو لم يتجاوز العاشرة ، وقيل الثالثة عشرة من عمره، فآمن قبل الناس بسبع سنوات، وأسلم قبل الناس بفترة زمنية لا نعرف مقدارها على وجه الدقة فكان (عليه السلام) أولهم ايماناً، وكان أولهم اسلاماً كما خاطبه رسول الله (صلى الله عليه واله) بذلك بل كان (عليه السلام) الصّديق الاكبر، ولم يعبد الله سبحانه من هذه الامة قبله أحد غير رسول الله (صلى الله عليه واله)، وصلى مع رسول الله (صلى الله عليه واله) قبل أن تصلي الناس على الاطلاق.

ولا شك أن دعوة علي (عليه السلام) للاسلام من قبل النبي (صلى الله عليه واله) في تلك السن كانت لفضيلة متميزة تخص ذلك الشاب اليافع الذي لم يبلغ الحلم بعد، فعلي (عليه السلام) وقت البعثة لم يكن كباقي الصبيان، بل كان انساناً على اعتاب الرجولة قد امتلئ من علم المصطفى (صلى الله عليه واله)، ورضع من بيت النبوة، واستنشق من عبير الوحي، وكان يسمع الصوت ويرى الضوء قبل الرسالة وجبرئيل في الغار يعلّم رسول الله (صلى الله عليه واله) معاني التوحيد.

 

وكان الامام (عليه السلام) مؤهلاً _ بفضل التربية النبوية _ لتقبل الاسلام والايمان به؛ لأنه كان مؤمناً في الاصل بالتوحيد والعقيدة الابراهيمية، بينما كان الامر يتطلب مع بقية الناس مرحلتين من التغيير:

 الاولى  : الكفر بالوثنية وترك عبادة الاصنام.

والثانية : الايمان بالله الواحد الاحد وبرسالته السماوية الجديدة.

ولذلك قال ابن هشام بشأن اسلام القوم : وما كان (صلى الله عليه واله) يدعو احداً من هؤلاء الى الاسلام الا كانت فيه عنده نظر وتردد وكبوة، أي تأخير وقلّة اجابة.

فإيمان علي (عليه السلام) كان يعني انه وضع ثقته بمحمد (صلى الله عليه واله) وبرسالته السماوية الخاتمة، وبنى جسراً من الثقة والاطمئنان بينه (عليه السلام) وبين السماء فقد كان اعتقاده (عليه السلام) بالحقائق المنـزّلة عن طريق الوحي اعتقاداً يقينيّاً شاملاً وعندما يخاطبه النبي (صلى الله عليه واله) بالقول: أنت أول المؤمنين ايماناً وأنت أول المسلمين اسلاماً، يعني انك أول من اعتقد بالحقائق السماوية المنـزّلة عليَّ وانك أول من وضع ثقته بالرسالة السماوية التي جئتُ بها وبتعبير آخر، ان علياً (عليه السلام) عندما آمن برسول الله (صلى الله عليه واله)، فانه (عليه السلام) آمن بكل ما كان يحمله نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) من احكام وعقائد ومفاهيم وقيم واخلاق.

ولم يكن ايمان علي (عليه السلام) ايماناً لفظياً ظاهرياً، بل كان ايماناً يقينياً قطعياً تمثله المقولة المشهورة عنه: لو كُشف الغطاء ما ازددتُ يقيناً، وارتقاء الايمان بالرسالة الى درجة اليقين يعني اجتيازاً لحدود المعرفة العقلية من أجل الدخول الى عالم آخر يتجرد عن كل الشكوك والاوهام والمخاوف من العقوبة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.