المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9142 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الموازنـة القوميـة كأداة للإدارة الاقتـصاديـة والمـتابـعة
2024-07-31
خلق الارض
14-4-2016
التغيرات التي لاتؤدي الى زوال الدولة
18-6-2018
حق السرعة في التشريع المصري في إجراءات الدعوى الجزائية
2023-03-12
التلوين في الحشرات
18-2-2016
Astronomer
3-1-2016


نماذج من مشاعر أبي طالب  
  
3185   11:18 صباحاً   التاريخ: 4-5-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص516-518.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / آبائه /

ان التاريخ البشريّ يحتفظ في صفحاته بأمثلة كثيرة عن مشاعر تبادَلها الأشخاصُ وعواطف وديّة قويّة أبداها البعض تجاه بعض تدورُ اكثرها حول محور الدوافع المادية كالتي تدور حول معيار الجمال أو المال ولهذا سرعان ما يذهب الحماسُ وتنطفىءُ شعلةُ الحبّ ويتضاءل لهيبُ العاطفةُ في كيانهم حتّى تزول بالمرَّة ولا يبقى منها شيء أبداً لعدم ثبات هذه الدوافع.

ولكنَّ المشاعرَ والعواطفَ الّتي تنبعُ من أواصر الايمان بفضائل شخص ما وكمالاتِه الروحية والمعنوية لا تنمحي ولا تتلاشى بسرعة.

وقد كانت مودة أبي طالب لمحمّد (صـلى الله علـيه وآله) وحبّه الشديد له تنبع من كلا هذين الدافعّين.

فقد كان أبو طالب يؤمن بمحمّد (صـلى الله علـيه وآله) ويرى فيه من جانب الإنسان الكاملَ بل يعتبره في قمة الكمال الانساني ومن جانب آخر كان محمّد ابن أخيه وقد أحلّه ذلك من قلبه محلّ الابن والأخ.

لقد كانت لصفات محمّد وخصاله المعنوية والأخلاقية وطهره مكانة كبرى في قلب عمّه أبي طالب إلى درجة أنه كان يصطحبه معه إلى المصلّى ويستسقي به اي انه يقسم على اللّه بمقامه أن يدفعَ عن الناس القحط والجدب وينزّلَ عليهم الغيث فكانت دعوتُه تستجاب من دون تأخير.

فقد نقل كثيرٌ من المؤرخين الحادثة التالية :

قحط الناسُ في مكة وحواليها سنةً من السنين ومَنعتِ السماء والأرض بركاتها عنهم بشكل عجيب فمشت قريش بعيون باكية إلى أبي طالب تطلب منه بالحاح أن يستسقي لهم وان يذهب إلى المصلى ويدعو ربّه لينزِّلَ عليهم المطر وينقذهم من تلك المحنة الصعبة.

فخرج أبو طالب وقد أخذ بيد غلام كأنه شمسُ دجن تجلّت عنها غمامة فاسند ظهره إلى الكعبة ورفع وجهه نحو السماء وقال : يا رب هذا الغلام اسقنا غيثاً مغيثاً دائماً هاطلا.

ويكتب المؤرخون ان السماء كانت صافية لا غيم فيها أبداً ساعة استسقى أبو طالب برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ولكن ما ان فرغ أبو طالب من دعائه إلاّ وأقبلت السحاب في الحال وغطّت سماء مكة وما حولها من المناطق القريبة اليها وارعدت السماء وأبرقت ثم جرى غيث عظيم سالت به الأودية وروّت القريب والبعيد وَسُرّ به الجميع ورضوا .

وقد اشار أبو طالب في لاميّته المعروفة إلى هذه الحادثة.

وقد أنشأ أبو طالب تلك القصيدة في أحلك الظروف واشدّها يوم زادت قريشٌ من ضغوطها على حامي الرسول (صـلى الله علـيه وآله) ليسلِّمَ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إليها.

وقد ذكَّر فيها أبو طالب قريشاً بحادثة الاستسقاء برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) قبل الإسلام وكيف أنها اُمطِرَت ببركته بعد قحط طويل وجدب مهلِك كاد يبيد الحرث والضرع وذلك عندما يقول :

وابيض يُستسقى الغمامُ بوجهه

                   ربيع اليتامى عصمة للأرامل

تلوذُ به الهُلاك مِن آل هاشم

                   فهم عندَهُ في نعمة وفواضل

وقد نقل ابن هشام في سيرته أربعة وتسعين بيتاً من هذه القصيدة فيما أورد ابن كثير الشامي في تاريخه إثنين وتسعين بيتاً فقط.

وهي قصيدة في منتهى الروعة والعذوبة وفي غاية القوة والجمال وتفوق في هذه الجهات كل المعلقات السبع الّتي كان عرب الجاهلية يفتخرون بها ويُعدونها من ارقى ما قيل في مجال الشعر والنظم.

وقد أورد ابو هفان العبدي الجامع لديوان أبي طالب مائة وواحد وعشرين بيتا من هذه القصيدة في ذلك الديوان ويمكن أن تكون كلُ تلك القصيدة وتمامها.

ونحن نورد هنا أبياتاً متفرقة من هذه القصيدة مما يتصل منها برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بصورة صريحة.

كَذِبتُم وبيتِ اللّه نبزى محمّداً

                   ولما نطاعِن دونه ونناضل

ونُسلِمُه حتّى نُصرَّعَ دونَه

                   ونَذهَل عن أبنائنا والحلائِل

لَعمري لقد كلّفتُ وجداً بأَحمدٍ

                   وإخوته دأبَ المحبِّ المواصل

فلا زال في الدنيا جمالاً لأهلها

                   وزَيناً لمن والاه ربُّ المشاكل

فَمنَ مثلُه في الناس أيُ مؤمَّل

                   إذا قاسَهُ الحُكام عند التفاضل

حليمٌ رشيدٌ عادلٌ غير طائش

                   يُوالي إلاها ليس عنه بِغافِلِ

لقد علِمُوا أنَّ ابْننا لا مكذَّبٌ

                   لدينا ولا يُعنى بقولِ الأباطِل

فأصبَحَ فينا احمدٌ في اُرومة

                   تقصّر عنه سَورة المنظاول

حَدِبْتُ بنفسي دونَه وحميته

                   ودافعتُ عنه بالذُّرا والكلاكل

فَأيّدَهُ ربُّ العباد بنصره

                   وأظهرَ ديناً حقُّه غير باطل

 

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.