المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

تعريف الرأي العام
24-8-2022
التيارات البحرية
2024-09-21
عدد اولاد وبنات الامام الحسن
4-4-2016
Instrumental Errors
20-4-2017
سعيد بن الفرج
25-06-2015
غلة السمسم
13-11-2019


ايمان النبي باللّه وتوحيده قبل البعثة  
  
6529   10:37 صباحاً   التاريخ: 18-4-2017
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيد المرسلين
الجزء والصفحة : ج‏1،ص293-298.
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / حاله قبل البعثة /

هنا سؤالين هما :

1 ـ هل كان (صـلى الله علـيه وآله) قبل البعثة مُوحِّداً؟

2 ـ بماذا وبأيّ دين كان يتعبَّد (صـلى الله علـيه وآله) قبل البعثة؟

واليك الحديث في هاتين الجهتين :

ايمان النبي باللّه وتوحيده قبل البعثة :

إنَ الدلائل التاريخية ـ بالإضافة إلى البراهين العقلية والكلامية ـ تدل على انه (صـلى الله علـيه وآله) كان قبل ان يبعثه اللّه بالإسلام مؤمناً باللّه موحّداً إياه لم يعبد وثناً قط ولم يسجد لصنم أبداً وان ذلك من المسلمات.

وهذا الامر وان كان أمراً مسلماً وواضحاً كوضوح الشمس إلا اننا نذكر بعض ما جاء في التاريخ الثابت الصحيح ليقترن ذلك الاتفاق بأصحّ الدلائل التاريخية :

اما بغضه للأَصنام وتجنبه للأوثان وما يكون من هذا القبيل فإليك بعض ما ذكره التاريخ الصحيح في هذا المجال :

1 ـ جاء في حديث طويل : انَ النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) لما تم له ثلاث سنين قال يوماً لوالدته ( لمرضعته ) حليمة السعدية : ما لي لا أرى أخَويَّ بالنهار قالت له : يا بُنيّ انّهما يرعَيان غُنَيْمات.

قال : فما لي لا أخرج معهما قالت له : أتحبُ ذلك؟ قال : نعم فلما اصبَحَ محمَّد دهّنته ( تقول حليمة ) وكحّلته وعلّقتُ في عنقه خيطاً فيه جِزعٌ يمانيّ فنزعه ثم قال لاُمّه : مَهْلا يا امّاهُ فَاِنَّ مَعِيَّ مَنْ يَحفظني .

2 ـ روي ان بحيرا الراهب قال للنبي (صـلى الله علـيه وآله) في سفرته الاولى مع عمّه أبي طالب إلى الشام : يا غلام اسألك بحق اللات والعزى الا أخبَرْتَني عما اسألك فقال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : لا تسأَلْنِي باللات والعُزّى فواللّه ما ابغَضتُ شَيئاً بغضَهُما .

قال الراهب : باللّه الا أخْبَرْتني عما أسالك عنه قال (صـلى الله علـيه وآله) : سَلْني عمّا بدالك .

3 ـ روي أنه قد وقع بين النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وبين رجل تلاح في سفرته الثانية إلى الشام للتجارة بأموال خديجة مع غلامها ميسرة بعد أن باع (صـلى الله علـيه وآله) سلعته فقال له الرجل : إحلِفْ باللات والعزى فقال رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : ما حلفتُ بهما قطُّ وإنّي لأمُرُّ فاُعرِضُ عنهما .

وفي رواية اُخرى :

إليكَ عَني ثكلتْكَ امُّكُ فما تكلمت العربُ بكلمة اثقلَ عليَّ من هذه الكلمة .

فقال الرجل : القولُ قولك. ثم قال لميسرة : هذا واللّه نبيُّ .

واما عبادته للّه تعالى فقد أجمع المؤرخون على أنه (صـلى الله علـيه وآله) كان يخلو بحراء كل عام شهراً يعبد فيه اللّه تعالى.

وقد قال الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه‌ السلام) في هذا المجال : وَلَقَدْ كانَ يُجاورُ في كلِّ سَنة بحراء فاراه وَلا يراهُ غيري .

حتّى أن جبرئيل وافاهُ بالرسالة في ذلك المكان وفي تلك الحال.

وقد صَرَّح بهذا أصحابُ الصحاح الستة أيضاً إذ قالوا : وَكانَ يخلو بحراء فيتحنّثُ فيه وهو التعبد في الليالي ذوات العدد .

كما ان الإمام اميرالمؤمنين (عليه‌ السلام) وصف هذا المقطع من حياة النبي (صـلى الله علـيه وآله) بقوله : ولقد قرَن اللّه به (صـلى الله علـيه وآله) لدُنْ أنْ كان فطيماً أعظم مَلك من ملائكته يسلكُ به طريق المكارم ومحاسنَ أخلاق العالم ليله ونهاره .

وجاء في الأخبار أنَّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) حجّ قبل البعثة حجات عديدة وكان يأتي بمناسكها على وجه صحيح بعيداً عن أعين قريش.

قال الإمامُ الصادقُ (عليه‌ السلام) : في حديث ابن أبي يعفور : حج رَسُولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عشر حجَّات مُستتراً في كُلِّها .

وفي رواية : عشرين حجة .

والسبب في هذا الاستتار هو أن قريش كانت قد اسقطت بعض مناسك الحج والعمرة فكانت تؤدّي الحج بصورة غير صحيحة وربما غيرت أشهر الحج احياناً لبعض الاعتبارات السياسية والمادية وهو ما سمي بالنسيء وقد مرّ بيانه .

ان هذه الوقائع وغيرها ـ وهي ليست بقليلة اصدق دليل على إيمانه (صـلى الله علـيه وآله) وتوحيده إذ كيف يمكن أن يتنكَّب مثل هذه الشخصية الّتي نشأت وترعرعت في ذلك البيت الطاهر وقرن اللّه به ملكاً يتولاه بالتربية والهداية عن جادة التوحيد.

ثم أن ممّا لا ريب فيه أن الرسول الخاتم (صـلى الله علـيه وآله) هو افضل من جميع الأنبياء والمرسلين بنص القرآن الكريم.

وقد صرح القرآن بان بعض الانبياء بلغوا درجة النبوة في الصغر أو الصبا ونزلت عليهم الكتب في تلك الفترات.

فَمثلا يقول القرآن الكريم عن يحيى بن زكريا : {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12] .

ثم يقول عن عيسى بن مريم عندما كان في المهد وكان وجوه القوم من بني اسرائيل قد استنكروا ولادته من غير اب وطلبوا من مريم البتول ان توضح لهم الامر وتبين لهم كيف حملت بعيسى؟!! فأشارت إلى المسيح (عليه‌ السلام) أن كلِّموه وهو آنذاك في المهد لم يمض على ولادته سوى ايام معدودات ؛ فنطق المسيح بفصاحة كبيرة وقال : {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} [مريم: 30، 31] .

لقد بيَّن وليد مريم للناس اُصول دينه وفُروعه في فترة الطفولة والرضاعة وأعلن لهم عن توحيده وايمانه باللّه سبحانه.

فهل يرضى ضميرك أيها القارئ الكريم أن يكون يحيى و المسيح (عليهما‌ السلام) مؤمنين معلنين عن توحيدهما وإيمانهما منذ طفولتهما وصباهما ويكون أفضل الأنبياء والمرسلين وأشرف الخلق أجمعين إلى سِنّ الأربعين على غير إيمان وتوحيد مع أنه (صـلى الله علـيه وآله) كان مشتغلا بالتعبّد في جبل حراء عند نزول ملاك الوحي عليه لأول مرة؟

واليك بعض ما قاله المؤرخون والعلماء في هذا المجال استكمالا لهذا المبحث : قال ابن هشام : كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يجاور ذلك الشهر من كل سنة يطعم من جاءه من المساكين فاذا قضى رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) جواره من شهره ذلك كان أول ما يبدأ به إذا انصرف من جواره الكعبة قبل أن يدخل بيته فيطوفُ به سبعاً أو ما شاء اللّه من ذلك ثم يرجع إلى بيته حتّى إذا كان الشهر الّذي أراد اللّه تعالى به فيه ما أراد من كرامته من السنة الّتي بعثه اللّه تعالى فيها وذلك الشهر شهر رمضان خرج رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إلى حراء كما كان يخرج لجواره ومعه اهله حتّى إذا كانت الليلة الّتي اكرمه اللّه فيها برسالته ورحم العباد بها جاءه جبرئيل (عليه‌ السلام) بامر اللّه تعالى .

وقال العلامة المجلسي : قد ورد أخبار كثيرة انه (صـلى الله علـيه وآله) كان يطوف وانه كان يعبد اللّه في حراء وانه كان يراعي الآداب المنقولة من التسمية والتحميد عند الاكل وغيره وكيف يجوّز ذو مسكة من العقل على اللّه تعالى ان يهمل افضل انبيائه اربعين سنة بغير عبادة؟ والمكابرة في ذلك سفسطة .

فإيمان النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وتوحيده قبل البعثة اذن أمرٌ مسلمٌ لا شبهة فيه ولا غبار عليه.

ولكن بعض الكُتاب من المسيحيين ومن تبعهم من المستشرقين وغيرهم أبوا إلاّ أن ينتقصوا النبيّ الاكرم (صـلى الله علـيه وآله) فادّعوا ضلالَهُ قبل البعثة

وإنه كان على غير إيمان أو توحيد واستدلّوا لزعمهم الباطل هذا بما توهّموا أنه يدلّ على دعواهم من الآيات القرآنية وأبرزها الآيات التالية :

1 ـ {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 6، 7].

2 ـ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر: 4، 5].

3 ـ {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم} [الشورى: 52].

4 ـ {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [يونس: 16] .

5 ـ {وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [القصص: 86] .

لقد استدل المستشرقون ومن لفّ لفهم ومن سبقهم أو لحقهم من المخطّئة بهذه الآيات على ضلال النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) قبل البعثة وسلب الايمان عنه ولكنها لا تدل على ما يريدون ولأجل تسليط الضوء على مقاصدهم نبحث عنها واحدة واحدة.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.