أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
814
التاريخ: 11-10-2017
1023
التاريخ: 29-3-2017
1022
التاريخ: 8-12-2018
753
|
فيما تمسّك به من قال بالجهة له تعالى وهو من الكتاب وجوه:
أ- الآيات الستّ الواردة بلفظ الاستواء على العرش.
واجيب: بأن الدلائل القطعيّة دلّت على أنّه ليس مختصاً بجهةٍ وحيّز، فلا يكون المراد بالاستواء ما فهموه، وإلّا لزم كونه منقسماً، لأنّ الجزء الحاصل منه في غير العرش، غير الحاصل فيه، ولزم أن يكون محدثاً إن قدر على الحركة والسكون، وإنْ لم يقدر كان كالمربوط، أو كالزمن، بل أسوأ حالًا منهما، ولزم أنْ يكون محمولًا لقوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة: 17] فيكون محفوظاً بحامليه، لكن الخالق يحفظ المخلوق ولا عكس.
وإذا لم يكن كذلك، وجب تأويله، وهو أنّ المراد الاستيلاء والقهر، ونفاذ القدرة، وجريان أحكام الالهية، وهذا جائز في اللغة، قال الشاعر مادحاً:
قد استوى بشر على العراق من غير سيفٍ ودمٍ مهراق(1)
وعلة تخصيص العرش وجهان:
1- إنّه أعظم المخلوقات فخصّ بالذكر لذلك، كما خصّه في قوله: {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [التوبة: 129].
2- ما ذكره الغزالي في كتاب «إلجام العوام» وهو أنّه تعالى يتصرّف في أجزاء العالم بواسطة العرش، وأنّه لا تحدث صورة في العالم ما لم يحدثها في العرش، كما أنّ النقّاش والكاتب لا يحدث صورة ما لم يحدثها في الدماغ بواسطة القلب.
وهذا الكلام مبنيّ على قواعد الحكماء، وفيه ما فيه.
ب- ما يدلّ على الفوقيّة، كقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [الأنعام: 18] {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50].
واجيب: أنّ المراد بالفوقية، الفوقيّة بالقدرة والقهر، قال تعالى: { بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } [البقرة: 26] أي: أزيد منها في صفة الصغر والحقارة، وإذا كان اللفظ محتملًا لذلك تعيّن له، كقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ }.
والفوقية المقرونة بالقهر، هي الفوقية بالقدرة والمكنة لا الجهة، بدليل أنّ الحارس يكون فوق السلطان في الجهة، ولا يقال له فوق السلطان، ولقوله: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: 4] ، {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة: 186] {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ } [المجادلة: 7] وغير ذلك، ولأنّ الفوقيّة بالجهة ليست صفة مدح، لأنّ تلك الفوقية حاصلة للجهة، فلو كانت صفة مدح لزم أنْ تكون الجهة أفضل وأكمل من اللَّه تعالى، لأنّ صفة المدح حصلت له بسببها.
وأمّا قوله في صفة الملائكة: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50] ففيه جواب آخر وهو: يحتمل أن يكون «من فوقهم» صلة لقوله «يخافون» أي: يخافون من فوقهم ربّهم، لأنّهم يخافون نزول العذاب عليهم من جانب فوقهم.
ج- الآيات الدالّة على لفظ العلوّ، كقوله: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255] {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [سبأ: 23] .
واجيب: أنّ المراد العلوّ بسبب القدرة والقهر، فإنّه يقال: السلطان أعلى من غيره، ويكتب في أمالي السلاطين: الديوان الأعلى، ويقال لأوامرهم: الأمر الأعلى والمجلس الأعلى، وليس المراد من ذلك كلّه الجهة.
وأيضاً: قال اللَّه تعالى لموسى: {لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} [طه: 68] {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ } [آل عمران: 139].
د- الآيات الدالّة على لفظ العروج إليه والصعود، وهي كثيرة في القرآن. واجيب: بأنّ المعارج جمع معرج، وهو المصعد، ومنه {مَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ} [الزخرف: 33] وليس في قوله {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: 5] أي شيء يعرج إليه؟ فجاز أنْ يكون معارج نعم اللَّه تعالى، وأمّا قوله تعالى: {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ } [المعارج: 4] فليس المراد من حرف «إلى» المكان، بل المراد انتهاء الامور إلى أمره، كقوله {إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ } [هود: 123] والمراد: إنّها أهل الثواب إلى منازل الكرامة، وكقول ابراهيم عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي} [الصافات: 99].
ه- الآيات المشتملة على لفظ الانزال والتنزيل، وهي كثيرة، تزيد على المائتين، كقوله: {أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ } [آل عمران: 4] وغير ذلك.
واجيب: بأنّ القرآن حروف وأصوات، فيكون الإنتقال عليه محالًا(2) ، فيكون اطلاق لفظ الإنزال على سبيل المجاز، فلا يحسن التمسّك به، وأيضاً قد يضاف الفعل إلى الآمر به كما يضاف إلى المباشر، كقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] وقوله: {يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: 11] وغير ذلك، فيكون الإنزال مضافاً إليه،- أي الآمر به- وهو المطلوب.
و- التمسّك بالآيات المقرونة بحرف (إلى) مع أنّها لانتهاء الغاية، كقوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: 23] {إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [السجدة: 11] {إِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} [آل عمران: 28] {ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ} [الفجر: 28] واجيب بأنّا نبيّن في النوع الثالث الجواب عن الآية الاولى، وأمّا الباقية فمعارضة بقوله تعالى عن الخليل عليه السلام: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الصافات: 99] وليس المراد الجهة، فكذا هنا.
ز- قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] والحجاب إنّما يصحّ في حقّ من يكون في جهة حتّى يصير محجوباً بشيءٍ آخر.
واجيب عنه: بوجوه تأتي.
ح- الآيات الدالّة على أنّه في السماء، كقوله: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: 16] وغيرها.
واجيب: بأ نّه لا يمكن إجراؤها على ظاهرها لوجهين:
1- قوله: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ } [الزخرف: 84] وهذا يقتضي أن يكون المراد بالصورتين معنى واحد، لكنّ كونه في الارض ليس بمعنى الاستقرار، فكذا كونه في السماء ليس بمعنى الاستقرار.
2- إنّه ليس في الآية ما يدلّ على أنّ الذي في السماء هو اللَّه، لجواز أن يكون كناية عن الملائكة لأنّهم أعداء الكفّار والفسّاق، سلّمنا أنّ المراد هو اللَّه، لكن في الكلام إضمار: إمّا «ملكه» وخُصّ بالسماء تفخيماً لشأنها لكونها أعظم من الأرض، وإمّا «عذابه» أو غير ذلك.
ط- ما يدلّ على الارتفاع إليه، كقوله: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } [آل عمران: 55] {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158].
واجيب: بأنّه لمّا رفعه إلى موضع الكرامة، أو مكان آخر، صحّ على سبيل المجاز أنْ يقال: رفعه إليه، كما أنّ المَلِك اذا عظّم منصب إنسان حَسُن أن يقال: أنّه رفعه من تلك الدرجة إلى درجة عليا، وأنّه قرّبه من نفسه، ومنه قوله:
{وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11].
ي- الآيات الدالّة على العندية، كقوله:
{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ} [الأعراف: 206] {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ } [القمر: 55] وغير ذلك.
واجيب: أنّ المراد العنديّة بالشرف، مع أنّه معارض بقوله عليه السلام حكاية عن ربّه: «أنا عند المنكسرة قلوبهم»(3) و «أنا عند ظنّ عبدي بي»(4) بل هذا أقوى، لأنّ الأوّل يدلّ على أنّ الملائكة عند اللَّه، والثاني يدل على أنّ اللَّه عند العبد، وأيضاً قوله: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] ليس المراد بالعندية فيها الجهة، فكذا غيرها.
مع أنّا نقول للكراميّة: إنّكم تساعدون على أنّ ظواهر القرآن وإنّ دلّت على إثبات الأعضاء يجب القطع بنفيها، لما دلّت عليه الدلائل القطعيّة من استحالة الجسميّة عليه، وأنّ مراده تعالى غير ذلك، فكذا نقول في ما ذكرتموه من دلائل الجهة، حذو النعل بالنعل.
_______________
(1) إلجام العوام: 11 مع اختلاف يسير في التعبير.
(2) الظاهر أنّ مراده رحمه الله أنّ الصوت لمكان عرضيته يستحيل انتقاله، لكن لو سلّم الخصم ذلك فلا يسلّم استحالة انتقاله بانتقال الجوهر الحامل له.
(3) وما في بحار الأنوار 73: 157:« اللَّه عند المنكسرة قلوبهم».
(4) بحار الأنوار 71: 146.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
مزارع العتبة العباسية تسهم في تعزيز السوق المحلي بأصناف عالمية من محصول الحنطة
|
|
|