المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

معنى كلمة خنق
4-06-2015
زياد بن عبد الرحمن الهلالي
5-9-2017
الجهاز الدوري في الماشية
2024-11-04
موازنة متعادلة
12-10-2020
تفسير آية (32) من سورة المائدة
28-2-2017
AX2 Molecules: BeH2 (Two Electron Group)
30-4-2019


مضمون حقوق الطفل في القانون الدولي  
  
2301   07:24 صباحاً   التاريخ: 25-3-2017
المؤلف : بشرى سلمان حسين العبيدي .
الكتاب أو المصدر : الانتهاكات الجنائية الدولية لحقوق الطفل
الجزء والصفحة : ص75-82
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدولي العام و المنظمات الدولية / القانون الدولي العام /

قد يكتنف سلوك الدولة الذي يشكل في حدّ ذاته انتهاكاً جنائياً دولياً لقواعد القانون الدولي ظروفاً وملابسات تبرره دولياً، طبقاً لاحكام هذا القانون، ويدفع المسؤولية الجنائية عن هذهِ الدولة. وأهم هذهِ الاسباب هي حالة الدفاع الشرعي وحالة الضرورة والمعاملة بالمثل.

اولا/ الدفاع الشرعي :-

في القانون الدولي الجنائي-مثله مثل القانون الجنائي الداخلي-يعد الدفاع الشرعي –الجماعي او الفردي – الذي تقوم به الدولة ضد المعتدي ،حق مقرر بمقتضى هذا القانون ولامسؤولية او عقاب على السلوك الذي يقع في حدوده. وقد ورد في اتفاقية لاهاي لسنة 1907 الخاصة بحقوق وواجبات الدولة والاشخاص المحايدين وتحديدا في المادة (10)منها بان "لايعد عملا عدائيا كل عمل تقوم به الدولة المحايدة لصد محاولات النيل من حيادها حتى لو كان ذلك بالقوة". كذلك نص بروتوكول جنيف لسنة 1924 في المادة (2)منه على هذا الحق.

واذ كان من المسلم به وقت تحرير ميثاق بريان-كيلوج لسنة 1928 ان الدفاع الشرعي حق للدولة، لذا لم تكن هناك حاجة للنص عليه صراحة. الا ان غالبية الدول الموقعة عليه قد ذكرت في اجابتها الخاصة بالتصديق بان هذا الميثاق لايفيد حق الدفاع الشرعي عن النفس(1). كما ورد هذا الحق في ميثاق الامم المتحدة، فقد نصت المادة (2-4) على تحريم اللجوء الى القوة صراحة ولكن المادة (51) منه تنص على "ليس في هذا الميثاق ما يضعف او ينقص الحق الطبيعي للدول،فرادى او جماعات، في الدفاع عن انفسهم اذا اعتدت قوة مسلحة على احد اعضاء الامم المتحدة …"وهو بذلك يستثني حالة الدفاع الشرعي من تحريم اللجوء الى القوة(2).

كذلك ورد ذكره في مشروع قانون الجرائم ضد امن وسلام الانسانية في المادة (2-1) التي تنص على "الافعال التي تعد جرائم ضد السلام وامن الانسانية هي: 1-كل فعل من  افعال العدوان يتضمن استخدام سلطات الدولة لقواتها المسلحة ضد اخرى لأغراض غير الدفاع الشرعي الوطني او الجماعي او تنفيذ القرار او تطبيقا لقومية احد الاجهزة المختصة لمنظمة الامم المتحدة"(3). ويفترض الدفاع الشرعي دائما وجود خطر اعتداء او هجوم غير مشروع مما يتطلب معه قيام فعل يحول دون وقوع الاعتداء او الهجوم ولكي يتحقق امتناع المسؤولية عن الدولة يتعين توافر عدة شروط في كل من فعل الاعتداء وفعل الدفاع. اذ يشترط في فعل الاعتداء ان يكون ناجما عن عمل غير مشروع ويهدد بوقوع انتهاك جنائي دولي بحيث تثبت له الصفة غير المشروعة طبقا لقواعد التجريم الدولية (المادة 10 من عهد عصبة الامم والمادة 2-4 من ميثاق الامم المتحدة). كما يجب ان يكون هذا الاعتداء على درجة من الجسامة وسابقاً في نشوئه فعل الرد، فالقانون الدولي لايعترف بالدفاع الواقي من عدوان مستقبل.فضلا عن انه يجب ان لاتكون هناك وسيلة لدفع الاعتداء هذا الا باللجوء الى القوة.والمهم في كل ذلك ان يكون هناك خطر وان يكون هذا الخطر حاّلاً. وقد ذهب راي في الفقه الى انه يستوي في ذلك ان لايكون الاعتداء قد بدا بعد وانما هو على وشك الوقوع او يكون قد بدا فعلا ولكنه لم ينته بعد.في حين ذهب راي اخر الى ان الاعتداء يجب ان يكون قد بدا بالفعل-على العكس من القانون الجنائي الداخلي- ويبرر هذا الراي وجهته استنادا الى طبيعة العلاقات الدولية وخطورة الافعال المترتبة على اللجوء الى هذا المبرر والا فان مجرد حيازة الدولة لاسلحة مدمرة يعد منطويا على معنى الاعتداء الذي يبرر حق الدفاع الشرعي ضده(4). ونحن بدورنا نؤيد هذا الراي لان فعل الدفاع، وان كان مشروعا، ولكنه بالتاكيد سوف تترتب عليه خسائر في ارواح المدنيين والممتلكات ولايمكن تفادي هذه الخسائر وان حرصت الدولة المدافعة على عدم وقوعها، من جهة ثانية، حتى لايكون هذا الحق مبررا للدول كي تعتدي على غيرها من الدول وتضر بها بحجة الدفاع الشرعي. اما فعل الدفاع فيشترط فيه ان تكون القوة المبذولة للرد موجهة الى مصدر الاعتداء وان تكون متناسبة مع الاعتداء الحاصل وفي حدود القدر الضروري لرده وايقافه  عند حدّ معين  مع وجوب مماثلة فعل الدفاع لفعل الاعتداء وان توقف التدابير المتخذة للدفاع بمجرد تدخل مجلس الامن بما يراه مناسبا (5). كما يشترط في فعل الدفاع ان يكون لازما بحيث يكون الفعل الذي ياتيه المدافع ضروريا، ويجب ان يوجه الى من يصدر عنه الاعتداء(6).

ويرى الفقيه "جلاسيه" انه من حق الدولة ان تدافع عن غيرها من الدول المعتدى عليها فهذا الحق موجود منذ القدم واتخذ شكلاً محسوساً منذ مبدأ "مونرو"سنة 1823 الذي اعلن فيه انه"سيدفع كل تدخل اوربي في شؤون امريكا "وهذا تطبيق لحق الدفاع الشرعي عن غير اذا ما واجهه هجوم ما غير مشروع(7). كذلك ما جاء في عهد عصبة الامم في المادة (16-1)بان "الدولة التي تلجا الى الحرب اخلالا بالتزاماتها في العهد والخاصة بفض المنازعات بالطرق السليمة تعد وكانها قامت بعمل حربي ضد الدول الاعضاء في العصبة وعلى جميع الاعضاء واجب تقديم المساعدة لدفع العدوان"اما المادة (17) من العهد فقد جاءت بنفس المبدء السابق ولكن بخصوص دولة عضو واخرى غير عضو(8). كما اعترف ميثاق الامم المتحدة بحق الدفاع الشرعي عن الغير من دون اشتراط وجود معاهدة بين الدولة المتدخلة للدفاع والدولة المعتدى عليها تُلِزم بالمساعدة (المواد 31 وما بعدها وكذلك المادة 51 من الميثاق). فضلا عن المعاهدات الثنائية والجماعية حول تقديم المساعدات الضرورية.في احوال الاعتداء(9).

ثانيا /حالة الضرورة:-

"وهي الحالة التي تكون فيها الدولة مهددة بمقتضى تقديرها الموضوعي للامور بخطر حال-او وشيك الحلول –جسيم يهدد وجودها ونظامها الاساسي او شخصيتها او استقلالها بحيث لاتستطيع تفاديه الا باهدار مصالح اجنبية مشروعة  بمقتضى احكام القانون الدولي" (10). ألا أن الفقه الحديث يعارض اتخاذ حالة الضرورة عذراً أياً كان نوعه خشية اتخاذها ذريعة حتى في الأحوال التي  لا تكون فيها هناك ضرورة ملجئة حقاً. فالاسباب التي تبرر بصورة او بأخرى قيام حالة الضرورة في القانون الداخلي تجاه الافراد، لا يمكن ان تقوم في القانون الدولي فيما أذا أردنا ان نربط العذر المستمد من تلك الحالة بمصالح أو أفعال الدولة، فالاساس مختلف. اذ أن حالة الضرورة في القانون الداخلي تقوم على أساسين: الاول مبدأ حب البقاء. وهذا لا يمكن تطبيقه على الدولة في القانون الدولي كونها ليست لها غرائز كما الفرد. أما الثاني فمبدأ المصلحة الراجحة وهذا ايضا لا يمكن تطبيقه في العلاقات الدولية اذ ليس من وظيفة القانون الدولي تقييم المصالح الخاصة بالدول ومن ثم تقرير المصلحة الاقل اهمية التي تستحق الاهدار من أجل حماية المصلحة الاكثر اهمية في ظروف معينة. اذ لكل دولة ذاتيتها واستقلالها في تسيير أمورها لا يفيدها سوى إشتراط عدم تعسفها في استعمال حقوقها على نحو يضر بمصالح غيرها من الدول. فمهمة القانون الدولي كفالة التعايش السلمي بين الدول فإذا ما تم تخويل الدول حق انتهاك مصالح وسيادة غيرها من الدول من أجل حماية مصالحها وسيادتها على أساس المصلحة الراجحة ، فأن ذلك معناه إنكار وجود القانون الدولي(11).

ومع ذلك نجد أن المادة (33) من مشاريع المواد بشأن مسؤولية الدول تنص على حالة الضرورة ولكن قيدتها بعدم جواز لجوء الدولة اليها الا في حدود معينة هي "1- لا يجوز لدولة أن تحتج بحالة الضرورة كمبرر لنفي عدم المشروعية عن فعل صادر عنها غير مطابق لالتزام دولي عليها الا في الحالتين التاليتين: (أ) – اذا كان هذا الفعل هو الوسيلة الوحيدة لصون مصلحة أساسية لهذهِ الدولة من خطر جسيم ووشيك يتهددها. (ب) – أذا كان هذا الفعل لم يؤثر تأثيراً ضاراً بشدة على مصلحة أساسية للدولة التي كان الالتزام قائماً تجاهها. 2- وفي جميع الاحوال لا يجوز للدولة أن تحتج بحالة الضرورة كمبرر لنفي عدم المشروعية (أ)- اذا كان الالتزام الدولي الذي لا يطابقه فعل الدولة ناشئاً عن قاعدة قطعية من القواعد العامة في القانون الدولي. أو (ب)- اذا كان الالتزام الدولي الذي لا يطابقه فعل الدولة غير منصوص عليه في معاهدة تنفي بصورة صريحة أو ضمنية إمكانية الاحتجاج بحالة الضرورة بصدد ذلك الالتزام. أو (جـ)- إذا كانت الدولة المعنية قد أسهمت في حدوث حالة الضرورة".

بناء على كل ما تقدم لا نؤيد أن تكون حالة الضرورة سبباً للدفع بعدم المسؤولية في القانون الدولي الجنائي لاسيما وأن ميثاق الامم المتحدة لم يقرّ بها كما حالة الدفاع الشرعي الذي خصص له المادة(51). بل ومن خلال منطوق المادة (2-4) من الميثاق يمكننا أن نجزم بأن حالة الضرورة تعد مشمولة بالمنع العام عن اللجوء لإستخدام القوة الذي نصت عليه المادة.

ثالثاً /  المعاملة بالمثل: -

"وهو الحق الذي يقرره القانون للدول التي تعرضت لاعتداء ذي صفة إجرامية في أن ترده بأعتداء مماثل يستهدف به الاجبار على إحترام القانون أو على تعويض الضرر المترتب على مخالفته"(12). ويعد نوع من الانتقام الفردي أو العدالة الخاصة التي يلجأ اليها المعتدى عليه لرد عدوان سابق لحق به(13).

وقد ورد هذا الحق في أول وثيقة دبلوماسية وهي "اتفاقية الهدنة المبرمة في Charters "بين فرنسا وانجلترا بتاريخ 7 / حزيران / 1360 غداة التوقيع على إتفاقية السلام بينهما(14).

وأصبح الفقه الدولي الحديث يرى هذا الحق في كل خروج للدولة على قاعدة القانون ، إضراراً بدولة أخرى، رداً على خروج مماثل من جانب الدولة الاخرى. وقد تبنى معهد القانون الدولي هذا المفهوم وأدلى بتعريف للمعاملة بالمثل وذلك في قرار أصدره في تشرين الاول سنة 1934 يقرر فيه بأن هذا الحق هو "تدابير قهرية .. تنطوي على مخالفة للقواعد المادية لقانون الشعوب تتخذها دولة في أعقاب وقوع عدوان عليها يصيبها بالضرر من جانب دولة أخرى مستهدفة بذلك إجبار الدولة المعتدية بالكف عن عدوانها والتزام محارم القانون"(15).

وقد أكدت لجنة القانون الدولي هذا الحق في تقريرها عن مشروع تقنين الجرائم ضد سلام وأمن الانسانية بأن "القصاص أو المعاملة بالمثل حق طالما إنه يُبَاشر وفقاً لأحكام القانون الدولي وأنه لا يترتب على أستعمال هذا الحق تقرير المسؤولية عنه متى التزم حدوده ، وهو حق عرفي دولي" (16). ويعود السبب في عّد مقابلة الشر بالشر أو المعاملة بالمثل كسبب من أسباب منع المسؤولية في المجتمع الدولي المعاصر الى أنعدام سلطة عليا تقتص من المعتدي وتأخذ الحق للمعتدى عليه أو أن تجبره على تعويض الاضرار الناجمة عن إعتدائه، فأساس المعاملة بالمثل هو الضغط على الدولة المعتدية لتلتزم حدود القانون أو أن تعترف بالحقوق المشروعة للدولة التي تباشر وسائل الاكراه. ويتفق حق المعاملة بالمثل مع حق الدفاع الشرعي في أن كلاهما يفترض إعتداء يخضع لقواعد التجريم ، وفعل عنف مجرّم في الظروف العادية يقابل هذا الاعتداء . ولكنهما يختلفان في أن المعاملة بالمثل إجراء انتقامي يفترض إنتهاء الاعتداء فعلاً وتحقق الاضرارالتي من شأنه إحداثها ومن ثم يرتكب المعتدى  عليه فعلاً مماثلاً لا يستهدف منه الحيلولة دون وقوع الاعتداء أو استمراره وانما يستهدف ردع المعتدي عن ان يأتي بمثله مستقبلاً. أما الدفاع الشرعي فهو يفترض إعتداءً حالاً لم يبدأ بعد ، ولكنه على وشك أن يبدأ أو بدأ فعلاً ولكنه لم ينته بعد فيرتكب فعل يستهدف الحيلولة دون البدء بالاعتداء أو دون التمادي فيه(17).

ولكي ينتج هذا الحق أثره القانوني في منع المسؤولية عن الدولة التي تباشره فلابد من توافر الشروط الاتية: -

  1. ان يكون فعل الاعتداء جريمة في القانون الدولي. وهو شرط جوهري فأن لم تثبت الصفة غير المشروعة للفعل فلا يحق لمن ناله ضرره أن يحتج بالمعاملة بالمثل(18).
  2. استنفاذ الوسائل السلمية.
  3. التناسب . بان يكون هناك تناسباً بين الاجراءات المتخذة على أساس المعاملة بالمثل مع جسامة العمل غير المشروع، أي أن تكون في الحدود اللازمة للدفاع عن حقوق الدولة.
  4.  شرعية فعل الرد بالمثل. بان لا يكون الرد بالمثل عن طريق أفعال يقضي القانون الدولي بعدم جوازها لان تكون وسيلة للرد بالمثل وعدم مشروعية الاستعانة بها لرد العدوان. ومن أهم الافعال التي استقر العرف والاتفاقيات الدولية على عدم جواز اللجوء اليها هي قتل المدنيين الابرياء أو الاعتداء عليهم. فحتى لو ان المعتدي استخدم هذه الافعال في إعتداءه فلا يجوز للدولة المعتدى عليها ان ترد بالمثل وتلجأ الى سلوك نفس هذهِ الافعال في ردها على الاعتداء.
  5.  توافر علاقة السببية بين الاعتداء والرد عليه بالمثل.
  6. تنظيم وسائل الرد بالمثل . بان لا يأمر بها الا سلطات الدولة أو قائد الجيش أو قائد الفرقة وذلك لضمان وجود شخص مسؤول وعلى قدر من الدراية والعلم يكفل ان تظل افعال الرد بالمثل في حدودها القانونية.
  7.  يجب أن لا تتعدى اجراءات المعاملة بالمثل الى المدنيين بحجة ان هناك منهم من أسهم في الحرب(19).

          وقد طالب الفقه بوضع حد لمبدأ المعاملة بالمثل في الحالات التي يكون الفرد موضوعاً له . وقد أستجاب مؤتمر الدول المنعقد في لاهاي سنة 1907 لهذا الرأي . اذ نصت المادة (50) من لائحة الحرب البرية على عدم جواز توقيع عقوبات عامة مالية أو غير مالية على السكان من أجل جريمة فردية لا يمكن عدّهم مسؤولين عنها جميعاً (20).

وبموجب اتفاقيات جنيف الانسانية الرابعة لسنة 1949 والخاصة بحماية الاشخاص المدنيين في زمن الحرب، حظرت المواد (33) و(34) أخذ الرهائن كوسيلة للمعاملة بالمثل. كما لا يجوز أن تكون المعاملة بالمثل عن طريق أفعال الانتقام ضد الجرحى والمرضى والغرقى والاسرى وضد الاشخاص المدنيين(21).

واذا كانت القواعد السابقة عادلة ، الا ان التقدم في صناعة اسلحة الحرب الحديثة يجعل من هذهِ القواعد عديمة الجدوى وغير مؤثرة ، بل إنه يستحيل على الجيوش المتحاربة ان تضع هذهِ القواعد موضع التنفيذ عندما تلجأ الى استخدام هذا الحق. ان المعاملة بالمثل هي عمل من اعمال الاخذ بالثأر ومن ثم تعد إجراءاً شاذاً في الحياة الاجتماعية القانونية. الا انها مع ذلك  معترف بها في القانون الدولي كأجراء يتخذ ضد الدول في اثناء الحرب لاجبارها على الرجوع الى النظام ووضع حد لخروجها على القانون . الا ان هذهِ الوسيلة لا يجوز باي حال من الاحوال ان تتخذ ضد رعايا الدولة المعتدية حتى وان كان هناك خرق لاحكام قانون الحرب. ولا نؤيد عدّ هذا الاجراء سبباً من اسباب الدفع بعدم المسؤولية لنتائجه الوخيمة على الشعوب وعلى الابرياء من جهة ، ولعدم إحترام العديد من الدول لقواعد القانون الدولي من جهة أخرى ، لاسيما الدول المهيمنة. فطالما لا توجد سلطة عليا تحمل الدول على احترام قواعد القانون الدولي فان المعاملة بالمثل لن تختفي من الحياة الدولية وستستمر الدول في تمسكها بهذهِ الوسيلة لا سيما في أزمنة النزاعات المسلحة لحمل الدول المعتدية لأن تكون تصرفاتها متسقة مع قواعد القانون الدولي. فسابقاً كان الامل معقوداً على إنشاء محكمة جنائية دولية تختص بعقاب الجرائم الدولية على اساس انها سوف تقلل حتماً من شأن ومن مجال تطبيق المعاملة بالمثل بأعتبار ان الدولة المعتدى عليها يمكنها ان تلجأ لمثل هذه القضاء دونما حاجة الى اللجوء لاجراء الرد بوسائل الاكراه . اليوم انشئت هذهِ المحكمة ، ولكنها جاءت مخيبة للآمال ، فيكفي ان ننظر في نصوص موادها لنعرف ذلك ، فعلى سبيل المثال المادة (16) المعنونة "إرجاء التحقيق او المقاضاة" تنص على "لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الاساسي لمدة اثني عشر شهراً بناء على طلب مجلس الامن الى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة . ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب وبالشروط ذاتها". أي ان بأمكان مجلس الامن ارجاء التحقيق او المقاضاة لمدة 12 شهراً قابلة للتجديد بحسب مصالح الدول أعضائه . وهذا لا يحقق السلطة المرجوة من هذهِ المحكمة لتحقيق العدالة الدولية ضد الجناة والتخلي عن المقابلة بالمثل باعتداء يقابل اعتداء. كما نجد ان مبدأ المعاملة بالمثل ليس بحق بل هو وسيلة لايذاء الابرياء لا يجوز اللجوء اليه دون اجراءات مشددة يكون قرار إتخاذها بيد هيئة الامم المتحدة وبالذات الجمعية العامة للامم المتحدة كونها تمثل كل الدول المنضمّة للهيئة ، ويكون ذلك بموجب تصويت للحصول على أغلبية نسبية بالموافقة على لجوء الدولة المعتدى عليها للرد بالمثل. وان يعّد قرار الرد بالمثل هذا ، اجراء دولي بصيغة عقوبة توجه للدولة المعتدية وان ينفذ باشراف هيئة الامم المتحدة.   وفي كل الاحوال ان لا يلجأ اليه الا في الحالات المستعصية التي لا مجال لمعاقبة الدولة المعتدية الا عن طريقه بشرط عدم المساس بالمدنيين. فاذا ما كان لا مفرّ من تضرر المدنيين فلا يلجأ الى هذا الاجراء والاكتفاء بمعاقبة المسؤولين عن قرار الاعتداء . وهذا يكون الى حين اقرار محكمة جنائية دولية "حقيقية" وليس مجرد وسيلة من وسائل الضغط والسيطرة . ان مجرد القبول بهذا المبدأ كحق شرعي للدولة المعتدى عليها يعني الغاء دور الامم المتحدة وهدم ميثاقها ، الذي يعد قانوناً للمجتمع الدولي يطبق على جميع أعضائه حتى من لم يكن طرفاً في الميثاق أو عضواً في المنظمة الدولية ، كما ويعد بمثابة إصدار حكم بالاعدام على أهدافها الساعية لتحقيق الامن والسلم الدوليين والنهي عن اللجوء للقوة والحرب او التهديد بهما (المادة 2-4) فهذا المبدأ يعني ان على العالم ان يستعد لحرب عالمية ثالثة.

_________________

1- د. محمد محي الدين عوض –دراسات في القانون الدولي الجنائي– مجلة القانون والاقتصاد–العدد الثاني–1966 ص318.

2- يقول مونتسكيو:ان حياة الدول كحياة الافراد ،فكما يحق للناس ان يقتلوا في حالة الدفاع الطبيعي يحق للدول ان تحارب حفظا لنفسها، والدولة تحارب لان بقائها حق ككل بقاء اخر"مونتسكيو-روح الشرائع –ترجمة عادل زعيتر –ج1-دار المعارف بمصر –1953-ص203.

3- د. عبد الواحد محمد الفار–الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها–دار النهضة العربية–القاهرة–-ص53.كما نصت على هذا الحق المادة (34)من مشاريع المواد بشان مسؤولية الدول بقولها "ينتفي عدم المشروعية عن فعل الدولة غير المطابق لالتزام دولي عليها اذا كان الفعل يشكل تدبيرا مشروعا للدفاع عن النفس اتخذ وفقا لميثاق الامم المتحدة".

4- ينظر في تفاصيل هذه الشروط :د.محمد محمود خلف-حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي –مكتبة النهضة المصرية-ط1-1973-ص379 وما بعدها ود. حميد السعدي–مقدمة في دراسة القانون الدولي الجنائي– مطبعة المعارف–بغداد –ط1-1971-ص280 وما بعدها ود.محمد محي الدين عوض-مصدر سابق-ص318 وما بعدها. ومن الجدير بالذكر ان هناك تقسيما آخر لشروط فعل الاعتداء هي: - أن يكون العدوان مسلحاً وغير مشروع وأن يرد على أحد الحقوق الجوهرية الآتية: 1- حق سلامة الاقليم 2- حق الاستقلال السياسي 3-حق تقرير المصير. ولمزيد من التفاصيل ينظر: د. محمد محمود خلف –حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي الجنائي –مكتبة النهضة المصرية –ط1-1973 ص379 وما بعدها. وحيث أن تعريفاً للعدوان في الوقت الحاضر لم يرد الاتفاق عليه وما زال قيد أختلاف بين الدول في ميثاق روما، لذا ارتأينا اللجوء الى التقسيم الوارد في المتن أعلاه لأنه الأقرب إلى المنطق ويتماشى مع تطورات مفهوم القانون الدولي الجنائي.

5 - من امثلة انعدام شرط التناسب ان يكون الاعتداء محدود النطاق فترد الدولة المعتدى عليها بحرب شاملة .كذلك من الامثلة التي اثارت خلافا في الفقه حق الدولة  في الرد باستخدام اسلحة نووية على العدوان عليها باستخدام اسلحة تقليدية .ويذهب الراي الغالب الى عدم جواز ذلك لانعدام شرط التناسب ولما سوف يؤديه السماح بذلك من هلاك للبشرية –د. حسنين ابراهيم صالح عبيد– القضاء الدولي الجنائي–دار النهضة العربية – القاهرة – ط1 – 1977-ص73.وعليه فان استخدام السلاح الذري،الذي لم يظهر الا بمناسبة اطلاق الولايات المتحدة الامريكية القنبلة الذرية سنة 1945 على كل من مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، لايبرره  ادعائها بانه  استخدام  لحقها في الدفاع الشرعي ضد العدوان الياباني الذي لم يتوقف الا بعد هذا  التصرف .نفس المصدر–ص240 هذا وقد ذكر هنري كيسنجر وزير الخارجية الاسبق للولايات المتحدة الامريكية في مناسبة تبريره للاعتداءات الامريكية التي لا علاقة لها بالدفاع الشرعي واخلالها الصريح بشرط التناسب "ان استخدام الاسلحة النووية يتوقف على ما اذا كان الهجوم بالأسلحة التقليدية واسع النطاق وذا قوة تدميرية كبيرة.نفس المصدر –ص73.

6 - ينظر في تفاصيلها د.محمد محي الدين عوض- المصدر السابق-ص320 وما بعدها ود.حميد السعدي-المصدر السابق- ص281 وما بعدها ود. أشرف توفيق شمس الدين–مبادئ القانون الجنائي الدولي–دار النهضة العربية-القاهرة–1998 -ص72 وما بعدها.

7 - د.محمد محي الدين عوض-المصدر السابق-ص321.

8 - د. اشرف توفيق-مصدر سابق-ص74.

9 - ينظر في التفاصيل د.محمد محي الدين عوض-المصدر السابق-ص322.

10 - د.حسنين عبيد-مصدر سابق-ص84.

11 - نفس المصدر السابق – ص85 ولمزيد من التفاصيل وللاطلاع على اسانيد أخرى تؤيد عدم الاعتراف بحالة الضرورة في القانون الدولي ينظر: د. حميد السعدي – مصدر سابق – ص297 وما بعدها ود. عبد الواحد الفار – مصدر سابق – ص284 ود. محمد محمود خلف – مصدر سابق – ص45 وما بعدها ود. أشرف توفيق – مصدر سابق – ص 93 وما بعدها.

12 - مثاله أن تتعرض دولة محاربة لانتهاك قوانين الحرب من الطرف المحارب الاخر بأن يضرب إحدى مدنها المفتوحة (المدن المفتوحة هي المدن غير المدافع عنها، وضربها يعد جريمة حرب بموجب اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 المادة (25) من اللائحة الملحقة بالاتفاقية الرابعة والمادة (1) من الاتفاقية التاسعة) فترد عليه بمثل فعله فتضرب له إحدى مدنه المفتوحة هادفة الى تبصرته بالنتائج التي سببها فعله غير المشروع. د. أشرف توفيق – مصدر سابق – ص57.

13 - عرف البابليون هذا الحق ونص عليه تشريع حمورابي في المواد (196-200). كما عرفه الاغريق والقبائل العربية وأبرموا المعاهدات لتنظيم شكليته . د. محمد محي الدين عوض – مصدر سابق – ص298.

14 - د. حسنين عبيد – مصدر سابق – ص27.

15- نفس المصدر السابق – ص30.

16 - د. اشرف توفيق – المصدر السابق – ص60.

17 -  نفس المصدر السابق – ص58 وما بعدها.

18- وقد قررت المادة (30) من مشاريع المواد بشأن المسؤولية الدولية انه "ينتفي عدم المشروعية عن فعل الدولة غير المطابق لما يتطلبه التزام عليها تجاه دولة اخرى اذا كان ذلك الفعل يمثل تدبيراً مشروعاً بمقتضى القانون الدولي ضد تلك الدولة الاخرى نتيجة لصدور فعل غير مشروع دولياً  عنها" A/51/332 – ص23.

19- ينظر في التفاصيل الشروط د. أشرف توفيق مصدر سابق – ص 62 وما بعدها.

20- وقد شهدت الحرب العالمية الاولى إضراراً بالحقوق الانسانية للاسرى والجرحى والمرضى فقد استخدمت الحكومة الالمانية أسرى الحلفاء لديها في الاعمال العسكرية خروجاً على اتفاقيات لاهاي لسنة 1907 فردت على ذلك قوات الحلفاء باستخدام أسرى الحرب الالمان في الاعمال العسكرية ايضاً . كذلك الامر في الحرب العالمية الثانية ، اذ قامت القوات الالمانية باجراءات غير انسانية في الاراضي المحتلة وضد الاسرى من الحلفاء  بدعوى المعاملة بالمثل . د. اشرف توفيق – المصدر السابق – ص64 وما بعدها.

21-  وتنص المادة (50) من مشاريع المواد بشأن المسؤولية الدولية على التدابير المضادة (المعاملة بالمثل) المحظور على الدولة اللجوء اليها "لا يجوز ان تلجأ الدولة المضرورة عند اتخاذ تدابير مضادة الى ما يلي: (أ) التهديد باستخدام القوة او استخدامها بوجه يحظره ميثاق الامم المتحدة. (ب) الاكراه الاقتصادي او السياسي البالغ الذي يرمي الى تعريض  السلامة الاقليمية او الاستقلال السياسي للدولة التي ارتكبت الفعل غير المشروع دولياً للخطر.(جـ) أي سلوك ينتهك حرمة المعتمدين الدبلوماسيين او القنصليين والمباني والمحفوظات والوثائق الدبلوماسية او القنصلية (د) أي سلوك يخل بحقوق الانسانية الاساسية ، أو (هـ) أي سلوك أخر يكون مخالفاً لقاعدة قطيعة من قواعد القانون الدولي العام" الوثيقة A/51/332 – مصدر سابق – ص33 . وقد نصت المواد (48-50) من هذهِ المشاريع على شروط الرد بالمثل التي أسمتها "الشروط المتصلة باللجوء الى التدابير المضادة".

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .