خدمة الكتان بعد الزرع

تنبت بزور الكتان بعد بذرها في مدة تتراوح بين 8-10 أيام إذا كانت الشروط الجوية موافقة لها، ولا تزيد مدة التفريج والإنبات عن هذه البرهة خصوصاً إذا كانت في الأراضي المسقوية المهيأة تهيئة جيدة والمطوفة بالماء (المريضة) قبل عملية البذر.

وإذا زرع الكتان بعد نقاء البذور وتحضير الأرض لا يحتاج بعدئذ إلى عناية أخرى سوى (السقي) في الأرض المسقوية وإلى (إبادة الأعشاب) باليد في البعلية والمسقوية كما يعمل لليانسون في دمشق.

ذلك لأن الأعشاب الغريبة تشارك النبات في الغذاء وتنافسه فوق سطح الأرض بمنعها النور والشمس عنه هذا إلى أن منها أنواع تضر بذورها بصفات بذر الكتان كما قدمنا.

يبدأ بتعشيب الكتان حينما تصبح بإدارته (شتلاته) على درجة من القوة والنمو وتحتمل معها دوس العمال، أي: حينما يصل طول هذه البادرات إلى 8-10 سم ويحسن ترجيح النساء والأطفال في تعشيب الكتان على الرجال لخفة الأولين ورشاقتهم ورخص أجورهم.

والتأخير بعد ازدياد الطول عن الحد المذكور يجعل الضرر كبيراً من دوس العمال أثناء العملية، وعلى العمال أن يلاحظوا عند مرورهم في الكتان رفع أرجلهم عند نقلها ووضعها على قدر الإمكان في مكان خال وبخطوات واسعة، ويحسن أن يكون سيرهم مضاداً للريح حتى يسهل قيام الكتان فيما بعد بالهواء، وتكون المسافة بين العامل والأخر بقدر ما يسمح بعد امتداد أيديهم للنقاوة وأن يكونوا حفاة الأقدام ويسيروا بعد طيران الندى، ذلك ليقل الكتان الراقد بالدوس إلى أدنى حد.

وأحسن أوان لإبادة الأعشاب هو الطقس اللطيف الذي يأتي بعد مطرة أو سقية، لأن الأعشاب الضارة تقلع وقتئذ بجذورها وبشد خفيف، أما في الطقس الجاف فإن الأعشاب الضارة تنقصم قصماً وتظل جذورها في الأرض وقسم من سوقها فوق الأرض فتنبت من جديد وتذهب أتعاب الإبادة سدى.

هذا ولا بد من نقل الأعشاب المقلوعة إلى خارج الحقول كيلا تعود فتتأصل جذورها وتنبت نباتا جديداً، ولا تنقضي أيام معدودة على عملية الإبادة إذا كان الطقس حاراً إلا ويعود الكتان بهوائه ونضارته فيظهر كأنه لم تطأه قدم إنسان.

وإذا لم تساعد الأحوال الجوية على نمو الكتان نمواً حسناً يجب تسميده بمقدار من نترات الصودا لا يتجاوز 10-12 كغ في الدونم، وإذا رجعت الأعشاب الضارة إلى النبات تُعاد الإبادة مرة ثانية وثالثة كي تظل أرضه نظيفة خالية من كل غريب.

وأهم الأعشاب التي توجد في الكتان وتضره هي الفجل البري والخردل البري الأصفر والكبر، والثلاثة من الفصيلة الصليبية، وبذورها تحتوي على زيت كبريتي حريف يحط من رتبة الزيت الناتج.

ثم السلق وأمثاله من النباتات الضخمة الأوراق التي تغطي الكتان في صغره، ثم الحامول والعليق والهالوك، وهذه تتطفل على سوق الكتان وقضمها.

ويحسن زرع الكتان في أرض كثيرة الأعشاب حتى لا يكثر المصروف ويقل المحصول.

السقي

تحتاج زراعة بذر الكتان في المواسم الاعتيادية إلى 2-3 سقيات من وقت بذره إلى أن ينضج، ومن المهم ألا يعطى الكتان ماء أكثر من اللازم في كل سقية لأنه كما قدمنا نبات بعلي في الأصل، وهو أقل تحملاً للماء من القمح، وحينا يكون بذر الكتان في دور الازهرار فإن نباته يكون سريع التأثر من الرطوبة، لذلك يجب تقسيم أرضه إلى مساكب (ألواح) صغيرة كيما يستطاع اجتناب زيادة الإسقاء عن الحد المأمون. أما أوقات الإسقاء فلا يمكن تعيينها بالضبط لأن ذلك يتوقف على الأمطار وعدمها في الأماكن المزروعة، على أنه في الخريف قد يسقى للمرة الأولى بعد نحو 25 يوماً من زرعه في منتصف تشرين الأول للمرة الثانية بعد 20 يوماً من الأولى إذا تأخرت الأمطار، وإلا فلا.

أما في الربيع فيسقى مرة قبل الازهار فقط وإذا لزم الأمر يسقى مرة أخرى بعد إتمام الازهار حسب حاجة الأرض والطقس.

الازهرار والنضج

يزهر الكتان المبكر في أواخر شهر شباط ويستمر موسم الازهرار في آذار وينتهي في أوائل شهر نيسان.

ويعتبر شهر آذار موسم الازهرار في الزراعات المبكرة غير المتأخرة حيث تكسو الأزهار الأجزاء العلوية في النباتات فتبدو ذات منظر بهيج بلون بنفسجي أو أزرق أو قرنفلي، ثم تأخذ الثمار في التكوين والنضج في أواخر شهر نيسان وأوائل شهر أيار، وقد يمتد كل ذلك في الزراعات المتأخرة، أما الحصاد ففي أوائل حزيران.

وإذن فهو يمكث في الأرض نحو 5-7 أشهر حسب طقس البلاد، ويحسن ترك الكتان المعد للبذور حتى ينضج، ويعرف هذا النضوج متى اصفرت الأجزاء السفلية من النباتات وتساقطت أوراقها وتلونت الثمار باللون الأخضر المصفر والبذور باللون الطبيعي، ويلاحظ عدم ترك الكتان كثيراً خوفاً من جفاف الثمار فوق اللازم فتسقط عند القلع لجفاف الأطراف الحاملة لها، وهى رقيقة الغلاف سهلة التفتت مما يدعو إلى سقوط البذور.

حصاد الكتان

يحصد الكتان كالحبوب، إما قلعاً باليد أو قطعاً بالمنجل أو بماكنات الحصاد العادية والأحسن بالحصادة الدراسة، وإذا حصد بالمناجل يجمع بشكل أكداس ، وإذا نقل من الحقل إلى أرض البيدر ينقل قبل تطاير الندى أو في المساء في عربات الرجاد أو غيرها مع ملاحظة وضع الثمار في الداخل للمحافظة عليها.

وأرض البيدر يجب أن تكون نظيفة خالية من الشقوق، وإذا كان المحصول قليلاً يمكن وضع الحزمة قائمة على قواعدها وتكون بذلك متجهة للأعلى مما يساعد على سرعة جفافها، وإذا كان المحصول كبيراً يحسن أن يوضع في أكوام متباعدة بعضها عن بعض خوف الحريق، خاصة وأن الكتان سريع الالتهاب، على أن تهيا كل كومة على شكل دائرة أو عدة دوائر (حلة) بعضها داخل بعض بحيث تكون الجذور متجهة إلى الخارج والثمار إلى الداخل، وأن تترك دائرة داخلة خالية تكون كافية للشغل فيها مع ترك باب لها. ويبلغ ارتفاع حوائطها من 120-150 سنتيمتراً، ويترك الكتان كذلك نحو 5-8 أيام حتى يتم جفافه، ويعرف ذلك من سهولة انفصال البذور وجفافها، ويمكن خزن المحصول بثماره ولا خطر عليه إلا من الحريق أو مهاجمة الفئران له لأكل بذوره.

الدراس

تفصل حبوب الكتان إما بضرب ثماره بالعصا أو بدوسها بالحيوانات أو بلوح الدراس حسب الطريقة المتبعة في دراس الحبوب أو باستعمال أمشاط حديدية خاصة، والأحسن استعمال ماكنات الدراس، وهذه إذا أريد استعمالها يجب ضبطها بحيث لا تنكسر البذور، لأنها أقل صلابة من حبوب الحنطة أو الشعير ومن المهم في أي عملية دراس أن تبقى بذور الكتان نظيفة وخالية الأوساخ أو بذور الأعشاب والأشواك، لأن الأوساخ أو وجود أنواع غريبة فيها تقلل من قيمة البذور، ونظراً لصغر حجم بذر الكتان يجب تعبئته في أكياس جديدة تكون مسبوكة الحياكة.

غلة الكتان

يغل دونم بذر الكتان في الأراضي المسقوية والزراعة الاعتيادية نحواً من 100 كغ كما هو حاصل في انحاء دمشق وبغداد, ولو اعتنى في انتخاب مكان الزرع وزمانه وإتقان التحضير والخدمة لزادت غلته وبلغت 150-200 كغ.