المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ثقافة الموت في المجتمع الاسلامي (الموت تحفة!)  
  
2780   01:43 مساءً   التاريخ: 2-2-2017
المؤلف : الاستاذ عباس ذهيبات
الكتاب أو المصدر : دور العقيدة في بناء الانسان
الجزء والصفحة : .....
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

ينبّه القرآن الكريم إلى حقيقة أزلية، على الإنسان أن يوطّن نفسه عليها، وهي:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران:185].

وعليه فلا بدَّ مما ليس منه بد ، والموت لا بدَّ أن يدرك الحي يوما ما ، كما أدرك مَنْ قبله ، وهو شيء لا عاصم منه .. قال تعالى : {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}[النساء:78].

وقال : {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ}[الأحزاب:16].

فالقرآن ـ إذن ـ يؤكد أنّ الموت لا بدَّ منه ، ثم أنّه أمرٌ منوط بإذن اللّه تعالى وليس بيد غيره، وهذه حقيقة لها انعكاسات إيحائية على نفس الإنسان ، بأنَّ أي قوة أرضية أو سماوية لا تستطيع ـ مهما أُوتيت من قوة ـ أن تسلب الحياة عن الإنسان قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا}[آل عمران: 145].

ولقد بيّن القرآن الكريم زيفَ مزاعم اليهود الذين كانوا مع حرصهم الشديد على الحياة يتصورون أنهم أولياء اللّه دون غيرهم، فكشف عن زيف مزاعمهم بهذا التحدّي الذي يخاطب دفائن النفوس، ذلك أنَّ المؤمن باللّه حقا لا يخشى الموت إذا حلَّ بساحته، فالموت هو انتقال من دار فانية إلى دار باقية، واليهود بما يمتازون به من نزعة مادية طاغية، يخشون الموت ويتشبثون بالحياة، ومن هنا واجههم القرآن الكريم بهذا التحدي البليغ قال تعالى: { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجمعة:6 - 8].

ويقول الإمام علي (عليه السلام): (... فما ينجو من الموت من خافه، ولا يعطى البقاء من أحبّه)(1). والمثير في الأمر أنّ العقيدة في الوقت الذي تخفف من خوف الإنسان من الموت، تصوّر الموت للمؤمن كأنه تحفة! ينبغي الإقدام عليه، وفي ذلك يقول الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم ): (تحفة المؤمن الموت) وإنّما قال هذا لأنَّ الدنيا سجن المؤمن، إذ لا يزال فيها في عناء من رياضة نفسه ومقاساة شهواته ومدافعة الشيطان، فالموت إطلاق له من العذاب، والإطلاق تحفة في حقّه لما يصل إليه من النعيم الدائم وقال الإمام أبو عبد اللّه الحسين (عليه السلام) لأصحابه يوم عاشوراء: (صبرا يا كرام! فما الموت إلاّ قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضّراء إلى الجنان الواسعة والنّعيم الدائم، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ ..)(2).

من جانب آخر ، تدعو مدرسة آل البيت (عليهم السلام): إلى ضرورة معرفة الموت، فإنّ معرفة الشيء قد تبدّد المخاوف منه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إذا هبت أمرا فقع فيه، فإنَّ شدَّة توقّيه أعظم مما تخاف منه)(3)، وقد روي عن الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) أنّه قال لمريض من أصحابه، عندما دخل عليه فوجده يبكي جزعا من الموت: (يا عبد اللّه ، تخاف من الموت لأنّك لا تعرفه، أرأيتك إذا اتسخت وتقذّرت، وتأذيّت من كثرة القذر والوسخ عليك، وأصابك قروح وجرب، وعلمت أنّ الغسل في حمام يزيل ذلك كلّه، أما تريد أن تدخله، فتغسل ذلك عنك أو تكره أن تدخله فيبقى ذلك عليك؟ قال: بلى يا ابن رسول اللّه ، قال (عليه السلام) : فذاك الموت هو ذلك الحمام، وهو آخر ما بقي عليك من تمحيص ذنوبك، وتنقيتك من سيئاتك، فإذا أنت وردت عليه وجاوزته، فقد نجوت من كلِّ غمٍّ وهمٍّ وأذى ، ووصلت إلى كلِّ سرور وفرح) فسكن الرجل واستسلم ونشط، وغمض عين نفسه، ومضى لسبيله (4).

____________

1ـ نهج البلاغة ، صبحي الصالح : 81 / خطبة 38.

2ـ تنبيه الخواطر ، الأمير ورّام 1 ـ 2 : 268 باب ذكر الموت.

3ـ معاني الاخبار ، للصدوق : 288 ـ منشورات جماعة المدرسين ـ ط 13(ع)9 ه.

4ـ  معاني الاخبار ، للصدوق : 290.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.